صيف مع توأم
في ذلك الصيف عشتُ مع توأم سيرانو في منزل والديهما الصيفي. قابلتُ التوأم في الكلية، ورغم اتساع الجامعة، يعرفهما الجميع وينادونهما بالتوأم. كان هناك توائم آخرون، مثل حامي وحميد، فَتيان إيرانيان يبتسمان لكل من يقابلهما وهما يمشيان عبر الحرم الجامعي، ويحييانه وينحنيان له، ولم يبالِ أحد بهما. كانتا بنتين، طول الواحدة منهما خمس أقدام وثماني بوصات، بشعر أسمر طويل وناعم يصل إلى منتصف الظهر. كانتا رياضيتين، نجمتي كرة قدم في المدرسة الثانوية، لا يمكن ملاحظة وجهيهما إن لم تكونا معًا، كانا بيضاوين مع بعض نظرات السخط «شفاه ممتلئة، وعيون بُنيَّة قاتمة، وذقنان يَبْرُزان حين تتحدثان». حين التقيتُ بهما أول مرة، تساءلتُ عن سر كل هذه الجلبة، فقد بدتا غبيتين. تحصلان على تقدير سيئ في الاقتصاد رغم أنها المادة الأساسية لهما. اعتقدتا أن سنغافورة مدينة في الصين، وذات مرة مكثتا ساعة تتطلعان إلى إيران في خريطة. لم تكونا جميلتين بشكل لافت، ولا عطوفتين بشكل خاص. تفعلان كل شيء بحماس: إذا تناولتا قضمة من طعام فالطعام لذيذ؛ إذا قبَّلتا ولدًا فالقُبلة طويلة وعميقة؛ وإذا ذهبتا للنوم فالنوم بلا أحلام وسماوي. غضبتُ من حماسهما فقد بدا زائفًا لكنه أسرني فيما بعد وأدركتُ أنه أصيل.
بعد بضعة أسابيع تعلمتُ التمييز بينهما: كان حاجبا جان أكثر قتامة وسُمكًا وقُربًا من عينيها؛ شفتا جيسكا أكبر ووجنتاها مكتنزتان، وجه جميل لغرفة النوم، كأنه مكان تستريح عليه يد أو وجه آخر. كانت أصغر بثلاث دقائق، وأحلى، وأسرع في الغضب وأسرع في العفو. فيما بعد، بعد انتهاء الصداقة بيننا، ربما تفرقت اهتماماتهما، لكن حين عرفتهما كانتا تدرسان المواد نفسها، وتقضيان الوقت كله معًا، تتناقشان في ملابسهما المشتركة، وفيما يتعلق بالسياسة كانتا متفقتين، وبقدر ما أعرف، ستكونان دائمًا: فضَّلتا أصحاب المبادرات الخاصة، الاقتصاد الحر، عدم التدخل الحكومي بأي صورة.
كان أبوهما مصرفيًّا، وخططتا لأن تصبحا مصرفيتين أيضًا، وكانتا تقحمان التعبيرات المالية في كل ما تقولان.
عرفتا أنني في حاجة إلى نقود للكلية، فقالتا لي إن البلدة التي فيها منزل صيفي للوالدين تكتظ بمطاعم فخمة. قالتا إننا جميعًا يمكن أن نعمل نوادل في أحدها، طوال الصيف للحصول على مبلغ كبير. وأنا في المدرسة الثانوية لم يكن المطعم الذي أعد فيه الطاولات يُقدِّم إلا سندوتشات، فوافقتُ. اندهشتُ حين صرتُ والتوأم صديقات لأنني، فيما يتعلق بالكلية، لم أكن موجودة؛ لكنهما اعتقدتا أنني مسلية. في أول يوم التقينا فيه خرجنا لتناول الغداء. على الغداء، شاهدتاني أعصر ليمونة في كوب ماء. وشاهدتاني أفتح مُحَلِّيًا زائفًا ورديًّا وآخر أزرق، وأضعهما في الماء، وأُقلِّب الماء بالماصة. طلبتْ جيسيكا رشفة. أعلنت أنه لذيذ. بعد دقيقة جرَّبت جان رشفة. اتسعت عيناها بهجة.
قالت إنه عصير ليمون الفقراء.
ثم عصرت كل منهما ليمونة في كوب ماء وأضافت محليًا أزرق وآخر ورديًّا. قالت: أنت مسلية! أحبُّ ذلك!
منذ ذلك الوقت، كلما خرجنا لتناول الغداء نشرب جميعًا عصير ليمون الفقراء. قالتا إن عليَّ أن آتي وأمكث الصيف لأنهما تشعران بالوحدة معًا وتشعران بأنهما أفضل في وجود شخص آخر.
حين وصلتُ أصابتني رجفة. لم يكن منزل والدي التوأم الأجمل على البحيرة، لكنه مكون من طابقين من الطوب الأبيض، أرضيته الخلفية واسعة وفناؤه الخلفي يمتد إلى الشاطئ. تسمح نوافذ المنزل بدخول الشمس طوال النهار، وكانت البحيرة عميقة وصافية وقاعها رمليًّا، وفي الجراج سيارة فيات حمراء قديمة، قالتا إنها يمكن أن تسير بسرعة واحد وعشرين ميلًا على الطرق المستقيمة في البلدة.
كان المطعم الذي اختارته التوأم حانة الكريسماس، على الطريق الرئيسية قرب الشاطئ. غرفة الطعام طويلة مستطيلة في المقدمة، والبار خلفها مساحة ضيقة إلى حد ما ومربعة. في الغرفتين سجاد أخضر بوبر ومفارش خضراء كثيرة للطاولات. لم يكن مكانًا جذَّابًا. كان يقدم أطعمة بحرية وشرائح لحم، بأسعار مُبالَغ فيها. بعد أن ملأنا طلبات العمل، قابلنا بوريس، المالك وكبير الطباخين، رجل ببطن ضخم وضفائر فضية طويلة بعض الشيء على رأسه. له عينان زرقاوان مَرحتان، وأنف بنفسجي منتفخ، وشفتان ورديتان مشقوقتان. يرتدي تي شيرت أبيض وشورت أسمر مائل للاصفرار، ومريلة قصيرة دموية. ذراعاه ممتلئتان، وجسمه مفرود، وبطنه يتدلَّى أمامه مثل سِرب من الإوز مقطوع الرأس. ألقى نظرة على طلبات التوظيف التي قدمناها، ورأى أننا بلا خبرة، وقال إننا نبدو مناسبات. قال إن المطعم يمكن أن يوظف فتيات جميلات. ثم نظر إلى المرأة التي تتحرك في غرفة الطعام، تعد موائد العشاء. ربما في الخامسة والأربعين، شعرها أسود قصير وبشرتها زيتونية وعيناها كئيبتان ومرهقتان.
قال: لدينا دينا بالطبع. لدينا دينا منذ فترة، كم، عشر سنوات؟
قالت المرأة شيئًا ولم تلتفت. ونظر بوريس إلينا. ثم نادى عليها وطلب منها أن تُرينا المطعم.
شكرًا، لقد أريتنا كل شيء، قالت جان، حين انتهت.
لا تشكريني، قالت دينا. أؤدي وظيفتي.
حسنًا، شكرًا لك على أي حال، قالت جان.
قالت دينا: هذا ما نحتاج إليه بالضبط. ثلاث فتيات بلا خبرة.
حين عدتُ مع التوأم إلى البيت، خرجنا لنسبح في المساء في البحيرة ثم جلسنا في غرفة المعيشة نتناول فشارًا بالزبد ونشاهد التليفزيون.
قالت جان: حصلنا على وظيفة.
قالت جيسيكا: مظهر دينا.
قالت جان: النوادل بهذا الشكل حين يكبرن، من ممارسة هذا العمل لفترة طويلة. يكتسبن مظهرًا جامدًا وقذرًا. التفتت ناحيتي: تعرفين ما أقصد؟
لم أكن أعرف حقًّا. لكن أردتُ حقًّا أن أبدو وكأنني أعرف، فأومأتُ وقلت: تقصدين أنها تبدو مثل بغي.
قالت جان: ما البغي؟
قلتُ: مثل القذرة الجامدة.
قالت جان: أوه. ثم قالت: نعم. ذلك بالضبط ما قصدتُ.
عملنا أسبوعين تحت إشراف دينا. كل ليلة، تحت إرشاد دينا، نضع المشروبات على طاولات دينا، ونقوم بالخدمة على طاولات الطعام، وننظف الأطباق القذرة على طاولاتها، ونعيد ترتيب الطاولات كما كانت ونُقدِّم لها البقشيش. نأخذ النقود، نطوي الفواتير، ونضعها في مريلتها. بمرور الوقت تتخدَّر سيقاننا، وتتملَّح أجسادنا من العرق، ويصبح شعرنا مشحمًا منه، وكانت دينا ترتدي معطفًا رقيقا أسود بحافة بالية. تنتظرنا قرب الباب. تشكرنا، وتتأسف لأن المبلغ ليس كبيرًا، وتعطي كلَّ واحدة بضعة دولارات.
حين حدث ذلك أول مرة، قالت التوأم، ونحن في الطريق إلى البيت: يا لها من بغي.
قالت جيسيكا: نقضي آخر صيف ممتع لنا. شعرها يتطاير على المقعد الأمامي في السيارة، والجدائل الياسمينية تضرب وجهي. وراء الطريق عدد هائل من أشجار الأناناس تنحني باتجاه بعضها واللمبات المكورة تومض على قطع الجرانيت. قالت جيسيكا: حين نكون مصرفيات في بنك استثماري لن نأخذ أبدًا هِبَات وسوف نعطي عشرة دولارات للمتشردين.
قالت جان: أموت لو كنتُ نادلة في الأربعين. هل رأيتما الأوردة المنتفخة في ساقيها؟
قالت جيسيكا: يكون الوضع أسوأ إذا حملْتِ صواني. لا نحمل صواني. ونمارس هذا العمل لصيف واحد فقط. في الصيف القادم وراءنا تدريبات عملية.
قالت جان: أوردتها ضخمة.
قلتُ: أشعر بالأسى تجاهها. عندها طفلان.
قالت جان: ربما تعرضت للإجهاض مرتين.
قالت جيسيكا: جان! لا تقولي ذلك!
أدارت جان عينيها. قالت: أمزح.
حين وصلنا إلى البيت شربنا الشاي وشاهدنا بعض الاستعراضات كما نفعل كل ليلة قبل النوم. حين استيقظنا في الصباح، شربنا عصير الماء — لم نكن نتناول شيئًا كل صباح إلا عصير الماء، حفاظًا على صحتنا — ثم نستريح لساعات على الشاطئ الأبيض بجوار المنزل، وننزل أحيانًا إلى البحيرة.
في البداية كسبتْ دينا معظم النقود، وبسرعة كسبت التوأم ضِعف ما تكسبه دينا أو ما أكسبه، أو ثلاثة أمثال دينا أو أنا. لا يبدو أن دينا تلاحظ؛ لا يبدو أنها تلاحظ غالبًا. كانت نادلة أفضل من التوأم، وكان مع التوأم سلاح سِرِّي، التشابه بينهما. وسط الوجبة، قد يمد رجل يدًا بدينة قابضًا على كتف في يده الرطبة، ويقول، عسل؟ جان؟ وتقول جيسيكا: أنا جيسيكا. لكن يمكن أن آتي بشيء لك. ماذا تحتاج؟
ترفُّ رموش الرجل، وترتعش زاويتا فمه، وتضغط كل شفة على الأخرى ويصدر صوت اعتراض. وبعد ذلك قد يقول: هل أنتما توأم؟
فتومئ جيسيكا.
أعرف ذلك، ربما يقول شخص آخر بتواضع. شاهدتُهما.
تنتظر جيسيكا، في هذه اللحظات بصبر لا نهاية له، وهي تحفظ توازن الأطباق الفارغة في يد، وتمسك بكأس نبيذ فارغ في الأخرى. ثم قد يقول الرجل الأول، مربتًا على وجه رقيق محترق من الشمس: هل أنتما متماثلتان؟
بانتهاء الليلة، يستطيع نصف الحاضرين على المائدة التمييز بين جان وجيسيكا، لأن الاثنتين قامتا بالخدمة لهم، وربما انتزعوا حكاية طموحات التوأم منهما. وربما قدموا للتوأم أرقام تليفوناتهم، وأذهلهم أن التوأم تحبان الجولف وتحبان التجديف أيضًا، كما تحبان التزلُّج على الماء؛ ويأخذون وعدًا من التوأم بالاتصال بهم، ليمارسوا هذه الأشياء معًا، ويستطيع من في الحفل التمييز — تلك أكبر، لتلك شفتان أكبر قليلًا — وقد يفرضون ذلك على الآخرين قائلين: ذلك واضح إذا عرفْتَ أين تنظر، ثم يتركون للتوأم بقشيشًا كبيرًا.
كانت التوأم تقومان بالخدمة على طاولات مخصصة لهما معًا ويقتسمان البقشيش؛ تسميانه ودائعهما المتبادلة، إناء عسلهما، وثمرة عرقهما. في نهاية كل ليلة، ودينا تنظف المطبخ، تحسبان بصوت عالٍ في القاعة المجاورة.
لم يمضِ وقت طويل قبل أن تنحينا دينا جانبًا. قالت إننا بحاجة إلى بدء العمل في الوقت المحدد. وإنها تقوم بإعداد كل شيء. أيضًا: هل نحن أغبياء؟
لأننا كنا نأخذ وجبات عشاء زبائنها ونُقدِّمها لزبائننا، حين يطلب زبائننا الطلبات نفسها، فيحصل زبائنها على عشائهم في وقت متأخر.
إنها غيُّورة، قالت جيسيكا في السيارة وهُنَّ في الطريق إلى البيت. لأنها تحصل على بقشيش تافه.
قالت جان: أعطيتها بقشيشًا تافهًا أيضًا. أعطيتها صِفرًا من الدولارات.
قالت جيسيكا: لن أفعل. لن أُقدِّم بقشيشًا أبدًا لأي نادلة أقل من عشرين في المائة. لأن عمل النوادل شاق.
قالت جان: هذا كل ما أعرفه، ليس لها الحق في أن تصرخ في وجوهنا.
قلتُ لكن هناك نقطة في صفِّها وهي أننا نأخذ وجبات العشاء التي تعدها.
قالت جيسيكا: آسفة، لكنني لا أعتقد أن تأخير تقديم العشاء مشكلة كبيرة. حين أنتظر طعامي يبدو أشهى!
كانت دينا مُطَلَّقَة وعندها طفلان، ولد وبنت. الولد مريض. لم أعرف بِمَ، لأنني لم أسأل. عرفتُ فقط أن الولد في المستشفى، منذ بضعة شهور. ذات ليلة ونحن في المطبخ نُقَطِّعُ الخضراوات، أخرجتْ محفظتها. ربما كان الطفلان في الثامنة والعاشرة. الولد بدين، شعره أسمر خشن، يرتدي قميصًا أزرق من القطيفة. فقد إحدى أسنانه. شعر الفتاة رمادي، وعينها اليمنى تميل باتجاه أنفها. أردتُ أن أسأل دينا لماذا شعر ابنتها رمادي. وبدلًا من ذلك قلتُ إنهما فاتنتان. ظهر وميض زيتوني على وجه دينا وقالت إنها تعتقد ذلك أيضًا. وأعادت المحفظة إلى موضعها. ربما تحبهما لكنها لا تستطيع قضاء وقت أطول معهما، لأنها في بعض الأيام تعمل فترة الغداء والعشاء، وفي أخرى تعمل فترة العشاء وتُعِدُّ الكوكتيل بعد ذلك في البار وغرفة الانتظار. وهي تُعِدُّ الكوكتيل تضع عقدة حمراء في شعرها. تبدأ طاولتها الأخيرة في غرفة الطعام في الثامنة تقريبًا. ثم تؤدي عملها الجانبي، تذهب إلى التوأم وتسأل إن كانتا تريدان شيئًا آخر، وبعد أن تُنجز خمسة أشياء أو ستة تطلبان منها أن تعمل، تضع بعض أحمر الشفاه والعقدة الحمراء وتدخل البار.
أشعر بالأسى حين أفكر في دينا وطفليها. لكنني لم أكن أفكر فيهما إلَّا وأنا أتحدث معها، ولحسن الحظ لم نكن نتحدث كثيرًا.
في نهاية يونيو قال بوريس: إنه يجب تغيير الأمور. وسألني إن كنتُ أعرف عدد الشكاوى لديه مني، وإن كنتُ أريد أن أخمن.
قلتُ: لا أعرف، ثلاث؟
قال: خمني.
قلتُ: لا أريد.
قال: إذن اعتبري هذا تحذيرًا لك.
ذات يوم في عطلة نهاية الأسبوع ظَهَرَ والدا التوأم في المنزل مع بعض المشويات لأصدقائهما. قابلتُ والدي التوأم في المطبخ، حين دخلتُ لإعداد وجبة خفيفة. عانقاني ورحَّبا بي وعرضا عليَّ أن آخذ ما يحلو لي من الثلاجة. كان الباب المؤدي إلى الفناء الواسع مفتوحًا وكنتُ أستطيع رؤية الأصدقاء في الخارج، يلعبون الكروكيت على العشب. وأنا على وشك توجيه الشكر لوالدي التوأم التفتت السيدة سيرانو وقالت وهما هنا لماذا لا أُسدد الإيجار؟
لا بد أنني بدوتُ مرتبكة، لأن السيد والسيدة سيرانو قالا في نَفَسٍ واحد تقريبًا: إيجار الصيف. حدد السيد سيرانو مبلغًا. ثم وضع يده على كتفي. بدا مرتبكًا من أجلي. قال إنه إيجار متواضع.
لم يكن متواضعًا. لكنني ذهبتُ إلى غرفتي وتناولتُ صندوق البقشيش وجمعتُ ما حصلتُ عليه من بقشيش. حين لم يتبقَّ شيء نزلتُ بما جمعتُ. حدَّق السيد سيرانو فيما جمعتُ وقال إنه توقَّع شِيكًا. ثم قال إنه موافق. أخذ ما جمعتُ وذهب إلى غرفة الشمس، حيث يأكل فطير الخوخ، ليعدَّ. سرتُ إلى الشاطئ. كانتا التوأم تستريحان عليه. جسداهما الأسمران الطويلان يومضان على فوطة بنفسجية كبيرة، وأطراف الشعر الذهبي تضرب في ذقنيهما. جلستُ ووضعتُ يديَّ في الرمل. قلتُ إنني لم أعرف أن عليَّ أن أدفع إيجارًا.
قالت جان: ليس عليك. أقصد أننا لم نكن نريد أن تدفعي. لكن حين عرضنا الفكرة على والدينا، فكرة أن تعيشي معنا، ألقينا بها، وكأنها لتحلية الإناء.
كانت عينا جيسيكا واسعتين. قالت: لجعل الإناء أحلى بعض الشيء.
لا بُدَّ أنهما رأتا نظرة بغيضة على وجهي. أدركتُ أنني لن أُحقق ربحًا فقط، لكنني ربما أُفلِس. وأدركتُ أن شيئًا ما صدمني: سوف تصبح التوأم مصرفيتين في مجال الاستثمار رغم كل شيء. ربما تكونان بارعتين في ذلك.
لمستْ جان كتفي. قالت: كنْتِ ستدفعين إيجارًا في أي مكان آخر.
قالت جان: هكذا، هل تريدين أن نساعدك قليلًا فيما يتعلق بالإيجار؟
قالت جيسيكا: لم نكن نعرف أنه سيكون مشكلة.
سكبتْ جان بعض الزيت على بطنها ودعكتْه. قالت: ربما يمكننا التحدث مع والدينا. لخفضه قليلًا في النصف الثاني. نظرتْ إليَّ. قالت: ماذا عن ذلك؟
بدأتُ أعمل وردية الغداء، إضافة إلى وردية العشاء. وهذا يعني أنني أقضي أيامي مع دينا. لم أهتم بالعمل أثناء الغداء لأن دينا تعيد ملء أكواب الزبائن بالمياه وتُرتب طاولاتي. طلبتُ منها ألا تفعل ذلك لكنها تفعله على أي حال. أدركتُ أنها ترتدي الشورت نفسه يوميًّا. كان أسود مكتوبًا عليه «تيجر وير» بشعار أحمر كبير في الخلف وثنايا من الأمام تجعله يبدو مثل الجيبة، وكان يبرز فخذيها. ولم أشعر بالأسى تجاهها لأنها تحب وظيفتها وتؤديها بشكل جيد. لديها الكثير من الزبائن الذين يأتون بانتظام، المسنين الذين يعطونها عشرة في المائة بقشيشًا. كان أفضل زبائنها زوجين سويديين. لا بُدَّ أنهما في الخامسة والسبعين، يأتيان ظُهر كل يوم يطلبان ست كئوس ويسكي وضلعين مع بيلاف ويأتيان عليها كلها. كانا يتركان لدينا خمسة دولارات مهما يكن الأمر. اعتقدتُ أن ذلك مناسب حتى عرفتُ قيمة الفاتورة التي يدفعانها، فاعتقدتُ أنه إجحاف.
هزَّت دينا كتفيها. قالت: إنهما عجوزان. بدا أنهما يعرفان دينا جيدًا، يجعلانني أقف بجوار طاولتهما وهما يتحدثان عنها: كم هي جميلة، كيف أن ابنها مريض، وكيف أنها تدفع فواتير ضخمة للمستشفى لأنها ليس لها تأمين صحي. أعطاني الزوجان السويديان محاضرة عن أمريكا انتهت باستنتاج أن السويد أفضل لأن الشوارع في السويد نظيفة بشكل مذهل والجميع يتمتعون بالتأمين الصحي، وأومأتُ لأنني اعتقدت أنني إذا وافقت فسوف يهبانني بقشيشًا كبيرًا. تركا لي ثلاثة دولارات وخمسين سنتًا.
كنتُ قلقة بشأن النقود، لكن عملي نادلة لم يتحسَّن. مهما جريت بسرعة في المطعم، لم أستطع أن أُقدِّم لمجموعاتي ما يحتاجون إليه حين يحتاجون إليه. ذات ليلة قال بوريس إنه يريد التحدث معي في البار بعد الشغل. في البار طلب لي مشروبًا. ثم قال إنني لا أعمل بشكل جيد في المطعم.
قلتُ له إنني أعمل بشكل أفضل. قلتُ إنني أحفظ قائمة الطعام، فهزَّ رأسه. قال إن بعض الناس ليس لديهم مُخ للنادلة. قال إن مطعمه منشأة لتقديم الطعام. قال إنه هو نفسه رآني أمسك بعشاء من شرائح اللحم وأطلب من طاولة عليها اثنا عشر شخصًا تقديمه لمن طلبه.
قلتُ: حسنًا، سأتوقف عن عمل ذلك.
هز رأسه مرة أخرى. وضع ذراعه حول ظهري. قال: أحبك. يبتسم عادة كأنه سمع سرًّا. ابتسم، وكانت أسنانه ضيقة وطويلة. أعتقد أن لثته تقلصت.
قلتُ: وأنا أحبك أيضًا.
قال: التوأم، إنهما مزعجتان، فاسدتان. لا أريد حتى أن تعملا هنا في الصيف القادم.
قلتُ إنني أعتقد أن وراءهما تدريبات عملية.
لم يبدُ أنه يسمع ما أقول. قال إن التوأم بنتان فاسدتان. ثم ضغط على كتفي بقوة وقال إن التوأم بدأتا الحياة على قاعدة ثالثة وأن لا أحد ينظر إليَّ مرتين أبدًا، بالطريقة التي ينظر بها الناس إليهما.
قلتُ إنه ربما لو هناك اثنتان مني لحققتُ ربحًا هائلًا، لكنني أُخمن أنه لم يدرك ذلك، لأنه قال: لا، إنهما لن تحققا حتى الآن. ثم قال إنه يحتاج إلى نادلة كوكتيل. دينا تفعل ذلك. بيني وبينه، إنها أفضل في غرفة الطعام. انتهى من شرب البيرة. قال إن الرب يحبها لكنها أكبر من أن تضع عقدة حمراء في شعرها.
قلتُ إنني لا أريد أن آخذ وظيفة دينا. حدَّق بوريس. قال إنني لا آخذ وظيفتها، لأنه يقدمها لي. ثم قال إنني محظوظة لأنني وجدتُ وظيفة، بالطريقة التي تصرفتُ بها في غرفة الطعام، وأنني لا شأن لي بدينا، إنها من شأنه هو.
قال: على أي حال، إنها تريد أن تقضي وقتًا مع طفليها.
في البار عملتُ بشكل جيد. كان العمل سهلًا، كل ما عليَّ تدوين طلبات الشرب، وحمل المشروبات، وجمع الفوارغ، والحصول على بقشيشي. يواجه النقش الثلاثي على الحوائط الزجاجية للبار البحيرة، امتدادها المظلم والجذور الممتلئة بالأناناس في بُعدها الرمادي، ورغم وصولي غالبًا قبل غروب الشمس كان البار معتمًا دائمًا بشكل ما، وكنتُ أتحرك خلاله بالمرح وقوة الأحلام. عدتُ إلى البيت في الليلة الأولى في الثانية صباحًا، والتوأم تشاهدان التليفزيون.
قالت جيسيكا: لا أريد أن أكون نادلة كوكتيل.
قالتْ جان: لا عيب في ذلك.
قالت جيسيكا: تعرفين أنه طلب منا العمل في البار. لكنه يبدو شاقًّا.
قالت جان: على أي حال، نعرف أنك تحتاجين إليه.
في الليلة التالية رأيتُ دينا في حمام المطعم، في الساعة التاسعة، الوقت الذي أبدأ فيه العمل وتنصرف فيه إلى البيت؛ لم تكن ترتدي الملابس التي تعود بها إلى البيت. ترتدي قميصًا بنفسجيًّا لامعًا وجيبة سوداء ضيقة، تميل على الطاولة لتضع أحمر شفاه بنفسجيًّا. اعتقدتُ أنه ربما لم يخبرها أحدٌ باستبعادها من البار. شعرتُ بارتباك. قبل أن أخرج لوَّحتْ لي.
قلتُ: أتمنى لك حظًّا سعيدًا في الموعد.
شكرتْني. ثم دفعت أشياءها في محفظتها وسألتني إن كنتُ أعمل في البار. قلتُ لها إنني أعمل. قالت: كل ما قاله لي بوريس لم يكن صحيحًا. اعتذرتُ، لكنها طلبت، قبل أن أُنهي اعتذاري، أن أنسى. قالتْ إنه ليس إلا طفلًا على أي حال، لم أقرر هذا الخرا.
من دون دوريات مشتركة، من النادر أن أتحدث مع التوأم. أتجول في المنزل أثناء ساعات العشاء، والتوأم في المطعم، وقد انتابني شعور بأنني لصة أو ضيفة. نظرتُ في خزائنهما، جرَّبتُ ملابسهما، وأكلتُ قضمات صغيرة من طعامهما. أدخن سجائر وأشاهد التليفزيون، حتى يحين موعد ذهابي إلى المطعم وموعد وصولهما إلى البيت لتشاهدا التليفزيون.
في منتصف يوليو ذهبت التوأم بالسيارة إلى مجمع تجاري جنوب الولاية، قرب الكلية، وصرفتا بضعة آلاف من الدولارات على ملابس الخريف. حين عادتا إلى البيت، أخذتا الملابس إلى غرفتهما، ووضعتاها على السرير وطلبتا مني الدخول لرؤيتها. أعجبتُ بشكل خاص بسويتر، سويتر رمادي من الكشمير بياقة طرية، وأخذتُ أفرك القماش بين أصابعي، متظاهرة بأن السويتر على وشك أن يصيبني بالذهول حين رأيت السعر.
قلتُ شيئًا غبيًّا.
بدت جان منزعجة. قالت إن الملابس استثمار لأنهما يمكن أن يلبساها للعمل في التدريب العملي. وأضافت يجدر بك صرف النقود على ملابس تحبينها. قالت جان إذا ارتديتِ سويتر بمائتي دولار عشرين مرة، فذلك يعني أن المرة بعشرة دولارات. وهكذا تكون السويترات الغالية أرخص من السويترات الرخيصة.
لمستُ السويتر بأصابعي، ذكَّرتني روعته الفائقة بأنني ليس معي مصاريف التعليم لهذا الخريف. لم أكن متفوقة في الكلية — لا في الجانب الاجتماعي ولا في الجانب الأكاديمي — لكنني أريد أن أعود وأواصل.
قلتُ هاي. هل طلبتما من أبيكما تخفيض الإيجار؟
نظرت التوأم كل منهما إلى الأخرى.
قالت جان إن الوقت غير مناسب.
قالت جيسيكا إن التوقيت أهم شيء.
قالت جان لا نريد أن نقول لك ذلك، لكن أسهم أبينا ليست على ما يرام.
وصلته أنباء سيئة.
وهذا هو السبب الذي حالَ بينه وبين قضاء هذا الصيف هنا؛ لأنه يريد حقًّا أن يركز في أسهمه.
قالت جيسيكا: لا شيء مؤكد.
قالت جان: لن نحصل على عربتنا الجديدة هذا الصيف. هذا مؤكد.
قالت جيسيكا: إننا نختصر.
قالت جان: نعمل بجد. نتسوق حقًّا بسبب التخفيضات.
أخذت جيسيكا السويتر مني ووضعته على صدرها. الاهتمام بالنقود أمر بشع. لا أستطيع أن أنتظر حتى نعمل في بنك! سنساعد الناس على الاستثمار!
نقرتْ جان على كتفي. قالت: ليست هناك طريقة أفضل لمساعدة الناس من مساعدتهم في الاستثمار.
طلبتُ من بوريس أن أعمل ورديات أكثر، فقال إنه يفضِّل ذلك، وسمح لي بالعمل في فترات العشاء مرة أخرى. ذات ليلة لم يكن هناك كثير من الزبائن على العشاء، وقد قضيتُ أنا والتوأم ودينا معظم الليل ندخن السجائر على السلَّم الخلفي. انتابنا شعور طيب بالحديث عن صعوبة العمل في المطعم. حين تبدد الشعور الطيب، حدَّقت التوأم في الظلام باستغراق. ثم لمستْ جيسيكا شعر دينا.
قالت إنني لا أصدق أنك تعملين نادلة منذ خمسة عشر عامًا.
قالت دينا إن ذلك ليس أمرًا سيئًا.
قالت جيسكا إنه أمر سيئ بشكل ما. أقصد أننا لا نحصل إلا على دولارين وخمسة وعشرين سنتًا في الساعة.
قالت دينا بالإضافة إلى البقشيش.
قالت جان: نعم. لكن علينا أن نُغني عيد ميلاد سعيد للحمقى، والحصول على مكاسب.
قالت جيسيكا: ليست هناك مكاسب.
هزَّت دينا كتفيها. قالت: ذات مرة حصلت على علاوة الكريسماس.
قالتْ جيسيكا: كم؟ فوكزتها جان.
قالت جيسيكا: أوو.
كان كوعا دينا على ركبتيها، وكانت تحدق في الأرض. قالت: كان سخيًّا.
فيما بعد في تلك الليلة، وأنا والتوأم نشاهد التليفزيون، أخبرتُ التوأم أن طفل دينا مريض. حدثتهما عن فواتير المستشفى وعن غضبها حين أخذتُ مكانها في البار.
قالت جان: آسفة، لكن إذا احتاج شخص إلى منافع صحية، فعليه أن يعمل حقًّا في سوق فولمان، لأن سوق فولمان يقدم منافع صحية.
قالت جيسيكا أحب دينا كثيرًا، لكن أحدًا لا يرغمها على أن تكون نادلة.
قلتُ ماذا يدفعون في سوق فولمان. ألا يدفعون خمسة دولارات في الساعة تقريبًا؟
حوَّلت جيسيكا القناة إلى استعراض جديد.
قالت جان على كل واحد أن يبدأ من مكان ما؟
مضى على عملي في البار بضعة أسابيع حين قال بوريس إنه يريد التحدث معي بعد العمل. كانت السجادة في حاجة إلى تنظيف في تلك الليلة، ولم أكن نظفتها حتى الثانية والنصف. وحين نظفتُها شعرتُ بالتعب وتمنيتُ أن ينسى موضوع الحديث، لكنه أتى بمجرد أن انتهيتُ من العمل وجلس في البار.
قال إنني أفكر.
جلس بالقرب مني.
قال ما أفكر فيه. وضع يده على ساقي. قال: يمكنك أن تقضي الليل معي على قاربي، ليلة غد. ثم قال، وهو ينأى ببصره عني، لن يكون هناك شيء مهم. سيكون وقت استرخاء، وسنُحضر شمبانيا. تطلع إليَّ. كانت تجاعيده البيضاء رطبة، ووجهه ظلَّا ورديًّا حارًّا. قال يمكن أن أطلق عليها صحبة. وسأعطيك شيئًا مقابل ذلك. أعرف أنك تحتاجين مزيدًا من النقود.
قلتُ لا أعرف. أقصد لا. شعرتُ بأن الكأس الذي في يدي سيسقط. أريد المزيد من النقود لكنني لا أعتقد أنني أستطيع ذلك.
قال سأدفع لك ألف دولار.
قلتُ أوه. المبلغ مذهل. لكن لا سبيل لذلك.
قلتُ حسنًا.
في العاشرة من الليلة التالية كنتُ أطوي المناديل في موضع النوادل حين أتى بوريس خلفي، وضغط بطنه على ظهري، ولف ذراعيه حول صدري. بدا ظلمًا، لأننا لم نكن في القارب. غادرت التوأم إلى البيت — أخبرتهما بأنني على موعد مع رجل قابلتُه، فحدَّقتا ثم هزتا أكتافهما وانصرفتا — كانت دينا في المطبخ، تُنظف كل المعدات التي يُفترض أن تنظفها التوأم. همس بوريس بشيء عن أننا سنقضي وقتًا طيبًا. حين همس، التفتُّ ورأيتُ الشعر الأبيض متجمعًا في خصلات على قطع من الدهن تحت ذقنه. كان يبتسم برقة وفمه نصف مفتوح. تفوح منه رائحة تشبه رائحة النعناع واللبن الرائب.
قلتُ اعذرني. سرتُ إلى الحمَّام. أغلقتُ الباب وجلستُ على قاعدة التواليت. في التواليت حاولتُ التفكير في الدولارات الألف. ألف دولار، فكرتُ، ألف دولار. لكن لا يجوز. لا أريد الذهاب إلى قاربه. أعرف أنني أتصرف على نحو سيئ. تعلمتُ ألا أتراجع عن تعهداتي. لم أكن متأكدة من سبب موافقتي في البداية. بدا غباءً. إذا لم أعد إلى المدرسة هذا الخريف يمكن العودة في الخريف القادم. عضضتُ أظافري. أعدتُ عد بقشيش وردية العشاء. عددتُه ثلاث مرات. لم يكن كثيرًا. لكن شعرتُ بأنني أتقدم في عملي كنادلة. وضعتُ البقشيش في مريلتي وخرجتُ إلى غرفة الطعام. كان بوريس يجلس إلى مائدة.
قلتُ لا أعتقد أنني أستطيع ذلك.
غضب. وصاح في غرفة الطعام الخاوية بأنني أضعتُ عليه ليلته، ولن يتركني أُضَيِّعُ عليه ليلته. وقال أشياء أخرى عن أنه أحضر شمبانيا من البيت واشترى راديو جديدًا. كان يترنح، وسُكِبتْ بيرة على قميصه. قلتُ إنني آسفة. قال إنه لا يبالي إن كنتُ آسفة أم لا. عدتُ إلى الحمَّام. بقيتُ هناك بعض الوقت. عددتُ بقشيشي مرات أخرى. ذهبتُ إلى المطبخ لأطلب من دينا توصيلي في عربتها. كان الوقت متأخرًا، اعتقدتُ أنها انصرفتْ، لكنها هناك. ترتدي معطفها الأسود وكل أشيائها في حقيبة. حين طلبتُ منها أن توصلني حدَّقتْ. كان شعرها الأسود للخلف، وبدا وجهها مُنْهَكًا وقد وضعت أحمر الشفاه البنفسجي. لم ترد على الفور. حين ردت لم تقل سوى اطلبي سيارة أجرة.
في صباح اليوم التالي وأنا أنزل السلَّم كانت جان تأكل فطيرة على طاولة المطبخ وجيسيكا تعد الشاي. قالتا، بصوت رقيق، إنهما سعدتا بعودتي إلى البيت. ثم قالتا إنه قد يكون عليها أن تعيش في مكان آخر.
كان النهار مشرقًا، وفي الساعة الثالثة لوجودنا على الشاطئ معًا، عانقتاني وطلبتا مني أن أسامحهما وقالتا إنهما لا تريدان أن أتركهما.
قالت جيسيكا لسنا غبيتين كما تعرفين. خاصة حين يبدو أن شخصًا بذيئًا يطلب منك شيئًا بذيئًا، وبدا أنك وافقتِ، ثم يبدو أنك غيرتِ رأيك.
قالت جان كنتُ أعرف أنك لن تفعلي ذلك. جُنِنتُ فقط لأنك فكرت في الأمر. لم أجن، لكنني انشغلتُ أكثر بصحتك.
قالت جيسيكا صحتك العقلية.
قالت جان إذا لم نذكر روحك.
قالت جان إن الأمور تكون صعبة أحيانًا. لكن يبقى أن عليك أن تلعبي المباراة بشكل صحيح.
أومأتُ. تمددتُ على فوطة من فوطهما، وشربتُ زجاجة من ماء العصير الذي معهما، ووضعتُ بعضًا من غسول بقع الشمس الخاص بهما.
في الثالثة ذهبت جان إلى المنزل وحين عادت كانت تصيح: ياهو! ياهو.
نهضت جيسيكا على كوعيها وظلَّلتْ عينيها، وقالت أختي فقدتْ عقلها.
صاحت جان، أَسْهُم أبي عادت إلى وضعها الصحيح مرة أخرى!
قالت جيسيكا: ياهو!
في وضع أفضل مما كانت عليه في أي وقت!
التفتتْ جيسيكا إليَّ. قالت: قلق حقًّا. قلق لدرجة أنه كان يعد اثنين بالكاد.
قالت جان: وسنحصل على سيارتنا!
اندفعت يدا جيسيكا. صاحت: ياهو. ياهو!
قالت جان: ادخرت الأفضل للنهاية. تطلعتْ إليَّ، وقالت: هل أنت مستعدة؟
أومأتُ.
خفضت النصف الثاني من إيجار الصيف! خفضته إلى النصف ثم خفضته إلى النصف مرة أخرى.
قلتُ: هذا مذهل.
لمستْ جان ذراعي. قالتْ: قلتُ لك لا تقلقي.
في تلك الليلة، في الرابعة وخمس وخمسين دقيقة، وصلنا متأخرات إلى المطعم. دينا تعد الموائد للعشاء، وقميصها الأبيض به البقعة ذاتها من عصير الرمان الجاف على الجيب التي كانت عليه في الليلة السابقة. كانت تسير مبتهجة، تخطو خطوات قصيرة في الغرفة، تسير ولا تحرك وركيها. أيضًا كانت تبدو وكأن أحدًا لكمها في فمها.
في المطبخ اتسعت عينا جيسيكا. قالت: ووو.
أومأتْ جان. همستْ: لا أشعر بالأسى من أجلها.
وضعتْ جيسيكا يدها على يد جان.
في تلك الليلة كانت دينا تقوم بخدمة الزبائن ببطء، وتوترت مرتين. وبقي بوريس في المطبخ، لم يكن يشرب وهو يطبخ أو يصيح فينا حين لا نأخذ وجباتنا على الفور. بقي معظم الأحيان في الخلف يُقطِّع بعض الأشياء.
في اليوم التالي أصيبت بنزلة برد. بقيت مريضة لمدة أسبوع. حين شُفيت، أخبرتني التوأم بأن الزوجين السويديين جاءا لتناول الغداء في المطعم وأنا غائبة فطلبت دينا منهما أن يخرجا. طبقًا لما قالته غسالة الأطباق، دخل الزوجان السويديان إلى المطعم ببساطة وطلبتْ دينا منهما أن يخرجا. وقالت أشياء أخرى أيضًا. كان بوريس يسمع من المطبخ، خرج وطلب من دينا أن تستريح بقية اليوم. ثم قدَّم للزوجين السويديين وجبتيهما بنفسه وقدَّم لهما الشراب مجانًا. كانت غسالة الأطباق تسمع من الردهة وقالت إن الزوجين السويديين لم يغضبا من دينا، حتى إنهما كان يجادلان في صف دينا، قالا إن مرض طفل يمكن أن يصيب أي أحد بالجنون، وإنهما قد جُنَّا مرات عديدة لأسباب أقل أهمية، ومن ثَم يجب العفو عن دينا. طلب منهما بوريس ألا يفكرا في الأمر.
بعد أن تركتْ دينا المطعم بقليل، أخذني بوريس جانبًا. عادت التوأم إلى الكلية، وبقيتُ وحدي لأُنهي الأسابيع القليلة المتبقية من الموسم، وبدا المطعم مختلفًا بدونهما، أليفًا. حكى بوريس كثيرًا مما حدث في ذلك الصيف، وتمنَّى أن أكون أنا وهو على ما يرام معًا. أومأتُ. قال إن دينا كانت تريد ترك المطعم. أومأتُ مرة أخرى. دفع مظروفًا في يدى. في المظروف بعض الأوراق، لم أعرف إن كانت نقودًا أم رسالة طويلة. تمنَّى لي بوريس حظًّا طيبًا في الكلية. كان على التي شيرت الذي يرتديه بقع صفراء تحت الإبطين، وبدا مرهَقًا. لكنه ابتسم. قال آمل أن تعرفي أيضًا أنه بصرف النظر عما يحدث في المدرسة يمكن أن تعودي دائمًا إلى هنا. وضع ذراعه حولي وضغط. قال سوف نجهز مكانًا.