ظهور رجل غامض!
في كابينة الطائرة، كان الكابتن يضحك، بينما أحد أفراد الطاقم يقود الطائرة، حيَّاهم «أحمد» ثم قال: هل أستأذنُ الكابتن في كلمات؟
ردَّ الكابتن مبتسمًا: اؤمُر!
ابتسم «أحمد» وهو يقول: إنها مسألة سرِّية، وتحتاج أن نكون بمفردنا!
ظهرَت الدهشة على وجه الكابتن، ثم وقف وهو يقول: أمْرُك، سآتِي معك.
صَحِبه خارج الكابينة، وقطعا الطائرة مرورًا في ممرِّها الطويل. ألقى «أحمد» نظرةً سريعة على الشياطين وهو يبتسم في مؤخرة الطائرة، وحيث يجلس بعضُ العاملين فيها، استأذنهم الكابتن، فانصرفوا بسرعة. نظر إلى «أحمد» ثم قال: ماذا هناك؟
شرح له «أحمد» الفكرة. كانت الدهشة ترتسم على وجه الكابتن، وعندما انتهى من كلامه قال الكابتن: هذه مسألة خطيرة، وأظن أنني لن أستطيع تنفيذها!
سأل «أحمد»: لماذا؟!
ردَّ الكابتن: لأن هذا ليس في برنامج الرحلة من جانب، ومن جانب آخر، فإنه سوف يُفزع الركاب، وهذه مسألة يمكن أن تؤثر على طيراننا!
انتظر «أحمد» لحظة، ثم قال: لقد شرحتُ الموقف، وتعرف أنك بذلك تؤدي عملًا عظيمًا … وسأترك لك تقديرَ الأمور.
استغرق الكابتن في تفكيره دقائق، بينما كان «أحمد» يراقبه، وهو يُدرك أنه لن يرفض. نظر الكابتن إلى «أحمد» الذي ابتسم، ثم قال: دعني أفكِّر في الأمر، وأستشير الزملاء.
قال «أحمد» بسرعة: أتمنَّى ألَّا تفوتَ الفرصة، فأظن أننا قد اقتربنا من المكان. ونظر في ساعته ثم أضاف: أمامنا ثلاثة أرباع الساعة بالضبط.
ارتسمَت الدهشةُ على وجه الكابتن، ثم قال متسائلًا: كيف عرفت؟!
ابتسم «أحمد» ابتسامة ماكرة، ثم أجاب: هذه مسألة بسيطة! مدَّ ذراعه أمام الكابتن حتى أصبحت الساعة أمام عينيه، ثم ضغط زرًّا في الساعة، فتحدَّدت المسافة. ضغط زرًّا آخر فظهرَت سرعة الطائرة، ضغط زرًّا ثالثًا فجاء الوقت بالضبط. لم يستطع الكابتن أن يُخفيَ دهشتَه، وقال: سوف أُنفِّذ فكرتك مهما كانت الأمور!
ثم أضاف بعد لحظة: إنني أثق بك تمامًا الآن.
لم يُعلِّق «أحمد» فابتسم الكابتن وهو يقول: لقد أعددتُ كلَّ شيء جيدًا.
ثم تحرَّك وهو يقول: هيَّا بنا.
تَبِعه «أحمد» وعادا يقطعان الطرقة الطويلة، لكن «أحمد» لم يستمرَّ؛ فقد توقَّف عند الشياطين الذين كانوا ينتظرون النتيجة في قلق. حتى إن «عثمان» سأل بسرعة: هل حققت الهدف؟
ابتسم «أحمد» وهو يقول: الشياطين يعرفون دائمًا كيف يحققون الهدف!
وقف «عثمان» بسرعة وهو يقول: إذن، هيَّا بنا.
ضحك «أحمد» ضحكةً صغيرة وهو يقول: لا يزال أمامنا بعض الوقت!
فجأة، جاء صوت كابتن الطائرة يقول في الميكروفون: الكابتن «كريم» يحيِّيكم، ويُعلن أننا نطير على ارتفاع ثلاثة وثلاثين ألف قدم، بسرعة تسعمائة كيلومتر في الساعة، وبعد نصف ساعة سوف نكون فوق جزيرة «برمودا» قريبين من الساحل الشرقي لأمريكا، الطائرة سوف تخفض سرعتها، وتهبط قليلًا، وسوف نتوقف في الجزيرة لدقائق؛ فهناك شخصية هامة، سوف تطير معنا! صمتَ لحظة ثم قال: أتمنى أن نُكمل رحلتنا في سلام، وأن تكون صحبتنا لكم ممتعة!
فجأة لفت نظرَ «فهد» تعبيرُ أحد الركاب؛ فقد ظهرَت عليه الدهشة، ثم ارتسمَت ابتسامةٌ خبيثة على وجهه، وتحرَّك حركةٌ خفيفة تُوحي بأنه يستعد. عندما عاد بعينَيه إلى الشياطين، كان «خالد» يقول: إن الكابتن «كريم» يستحق الشكر على تنفيذه لخُطتنا.
قال «أحمد»: إن طياري الشركات القومية المصرية مشهود لهم عالميًّا، وهناك عشرات الحكايات تحكي عن براعة طيارينا.
كان «فهد» جامدَ الوجه؛ فقد استغرق في التفكير، حتى لفت ذلك نظرَ «قيس»، فقال: هل تشعر بالتعب؟
نظر «فهد» بابتسامة وهو يقول: لا، ولكني لاحظتُ شيئًا.
ثم قال لهم ما لاحظه، فهمس «أحمد»: يجب أن ننتظر ذلك، وربما أكثر، وعندما قال الزعيم إن أفراد العصابة قد يظهرون بشكل رسمي، كان يَعِي ما يقول. ثم أضاف بسرعة: لا بأس، نحن في حاجة لمن يؤنس وحدتنا!
فابتسم الشياطين، بعد دقائق، كانت الطائرة قد بدأت تهبط قليلًا، وتُقلِّل من سرعتها، في نفس الوقت، نظر «أحمد» في ساعته، فعرف أنهم قد اقتربوا. همس: ينبغي أن نستعدَّ، في نفس الوقت، يجب أن نكون حذرين تمامًا، فما لاحظه «فهد» يجعل من الضروري أن نسيطر على هذا الرجل، فهو قد يكتشف مهمتنا.
فجأة، جاء صوت مذيع الطائرة يطلب من الركاب ربْطَ الأحزمة؛ فالطائرة تستعد للهبوط في الجزيرة. ألقى «أحمد» نظرة من النافذة، في نفس الوقت كان «قيس» يُلقي نظرة سريعة على الرجل الذي كان مستغرقًا في النظر من النافذة.
همس «أحمد»: ينبغي ألَّا ننزل قبل أن نرى حركة هذا الرجل.
ظلت الطائرة في هبوطها، بينما بدأت تفاصيل الجزيرة تظهر أكثر فأكثر، كان الشياطين يجلسون متجاورين الآن، لكن «قيس» قام من مكانه، واتجه إلى مقعده، الذي كان يقع خلف الرجل مباشرةً. ألقى عليه نظرة فاحصة، كان يبدو غامضًا بنظارته السوداء الكبيرة، وكأنه يختفي خلفها. عندما جلس قال في نفسه: هل يكون الرجل الغامض أحد أفراد العصابة؟!
نظر في اتجاه «أحمد» فوجده مستغرقًا في التفكير، بينما بقية الشياطين في حالة استرخاء.
فكر «قيس»: ينبغي ألَّا يكشفَنا هذا الرجل الغامض، وإلا فإن مهمتنا سوف تكون شاقة جدًّا وصعبة!
قال في نفسه: هل نستعمل قنابل الدخان حتى … لكنه لم يُكمل جملته؛ فقنابل الدخان سوف تكشف وجودهم أكثر.
قال في نفسه مرة أخرى: فلنتركها للظروف، فهذا الرجل الغامض يمكن الخلاص منه في لحظة.
مرَّ بعض الوقت ثم جاء صوت المذيع يقول: ألفت نظركم إلى منظر الجزيرة الرائع، يجب ألَّا يفوتَكم هذا المنظر؛ فمن الصعب أن ترَوه مرة أخرى بهذه الطريقة.
صمتَ لحظة ثم أضاف: إننا لن نتوقف طويلًا؛ فسوف نُكمل رحلتنا بمجرد أن تركب الشخصية الهامة!
ألقى «قيس» نظرةً سريعة على الركاب. كانت رءوسهم تقترب، وتصدر عنهم بعضُ الهمسات، استطاع أن يلتقط جملة تقول: مَن هو الشخصية الهامة؟!
نظر في اتجاه الشياطين الذين كانوا يجلسون في هدوء. فجأة، لامسَت عجلاتُ الطائرة سطحَ الجزيرة، فاهتزت قليلًا. نظر في اتجاه الشياطين، ثم الرجل الغامض، الذي كان يقف في هذه اللحظة مقتربًا من الباب. فكَّر بسرعة: يجب منع الرجل من النزول!
أسرع إلى «أحمد»، وهمس في أُذُنه، فوقف «أحمد»، واتجه إلى كابينة الطائرة التي كانت لم تتوقف بعدُ. كان الكابتن «كريم» يجلس على عجلة القيادة. انحنى على أُذُنه، وهمس بكلمات. أسرع الكابتن يُصدر أوامره بعدم نزول أحد.
ثم سأل «أحمد» بسرعة: هل تعرف رقم مقعده؟
تذكَّر «أحمد» لحظة، ثم قال: ٤٢ب.
أصدر أمرَه للمذيع باستدعاء الراكب، في نفس الوقت قال ﻟ «أحمد»: انصرف الآن!
أسرع «أحمد» بالانصراف، في الوقت الذي تردَّد فيه صوت المذيع يقول: المسافر … مقعد ٤٢ب ينضم إلى كابينة القيادة.
ظلت الجملة تتردد، في نفس الوقت الذي كانت عينا «قيس» تراقب الرجل الغامض، الذي ظهرَت الدهشةُ على وجهه، ثم أخذ طريقَه إلى كابينة القيادة. وعندما دخلها، كانت الطائرة قد توقَّفت، وظهر أحد ضباط الطائرة، متجهًا إلى الباب، فتَبِعه الشياطين بسرعة، فتح الباب، وفي براعة كان الشياطين يقفزون من هذا الارتفاع، وبسرعة، كان باب الطائرة قد أُغلق، في كابينة القيادة كانت هناك مشادة بين الرجل الغامض وكابتن الطائرة انتهَت بأن أخرج الرجل مسدسًا دقيقَ الحجم، وهدَّد بتحطيم الكابينة، عندما عاد الضابط إلى الكابينة، سمع ما دار، فلم يدخل، أما خارج الطائرة، فقد كان الشياطين قد سقطوا في يد رجال الجزيرة، إلا أن «أحمد» استطاع بسرعة أن يتصرف، ولفت نظرَه أن الطائرة لم تتحرك، قال في نفسه: لا بد أن هناك شيئًا خطيرًا. أخرج جهاز الإرسال، وتحدث إلى الكابتن بالعربية، وجاءه الرد يشرح الموقف.
قال «أحمد»: أنزل سُلَّم البضائع! وبسرعة اتجه إلى مؤخرة الطائرة، في نفس الوقت الذي كان فيه السُّلَّم ينزل ببطء. وعندما أصبح في متناول يد «أحمد» قفز إليه، ثم زحف بسرعة إلى داخل الطائرة، التي كانت تشهد في هذه اللحظة حالةً من الهرج؛ فقد شاهد الركابُ الرجلَ الغامض وهو يُصوِّب المسدس إلى الكابتن، ويدفعه إلى باب الطائرة، لقد كانت لحظةً ساخنة.