المعركة الأخيرة مع القرش!
لم يكن أمام الشياطين سوى مغادرة اللنش للوصول إلى الرسالة. قال «أحمد» بسرعة: ينبغي أن ننقسم إلى قسمين؛ اثنان يدخلان الطائرة، وثلاثة خارجها على أن يكون الاتصال مستمرًّا عن طريق الإشارات الضوئية.
في أحد جوانب اللنش، كان هناك بابٌ صغير، تسرَّبوا منه إلى مساحة خالية، فانغلق الباب. ضغط «أحمد» زرًّا فوق باب آخر، فانفتح واندفع الماء، وبسرعة كانوا ينزلقون إلى قاع المحيط. كان «أحمد» يتقدَّمهم، وخلفهم «فهد» فاتجها مباشرة إلى باب الطائرة الذي كان مفتوحًا. ما إن وصل «أحمد» إليه، حتى كان آخرُ يخرج. أعطى الرجل عدة إشارات بيدَيه، لم يفهم منها «أحمد» شيئًا، لكنه فكَّر بسرعة: إذا كانت هذه الإشارات تعني شيئًا، فلا بد أن الرجل ينتمي إلى تنظيم ما، وهذه الإشارات متفق عليها!
ولذلك، فقد أعاد نفس الإشارات للرجل، لكن فجأة كانت يدُ الرجل تأخذ طريقَها إلى «أحمد». غير أنه استطاع أن ينجوَ منها، وقد فَهِم في نفس اللحظة أنه أخطأ التفكير، وأنه لا بد أن تكون هناك إشاراتٌ أخرى يجب أن يردَّ بها، وبسرعة أيضًا أدرك أن الصراع قد بدأ.
استدار بسرعة، ثم وجَّه ضربة عنيفة إلى الرجل، لكنَّ قدمَه اصطدمَت بشيء صُلب يغطِّي جسم الرجل. فجأة، كان هناك عددٌ من الرجال يحوطون «أحمد» و«فهد»، وقد شهروا خناجر لامعة تحت الماء، أعطى «أحمد» إشاراتٍ ضوئيةً إلى بقية الشياطين، ولم تمرَّ لحظة حتى كانت كلُّ التفاصيل قد اختفَت؛ فقد استخدم الشياطين قنابل الأعماق الدخانية، التي صنَعت ستارًا جيدًا، استطاع «أحمد» و«فهد» من خلالها أن يرتفعا بسرعة إلى عمق أقل، في نفس الوقت، كانا يدوران حول الطائرة في الاتجاه الآخر. تحدَّث «أحمد» إلى «فهد» بالإشارات. قال «أحمد»: ينبغي أن نصنع منفذًا إلى الداخل، ما داموا يسيطرون على باب الطائرة.
بسرعة أخرج «فهد» جهازًا دقيقًا يُشبه القلم، ثم ضغط زرًّا فيه، وألصقه بجانب الطائرة. مرَّت لحظات، ثم غاص الجهاز في معدن الطائرة، وكأنه السكين يقطع الزبد. أحدث فتحة كافية في جانب الطائرة، ثم انزلق داخلها، وتَبِعه «أحمد». كان الظلام كثيفًا داخل الطائرة، وكانت هذه هي الحالة المناسبة التي يقومون فيها بعملهم. لكن كيف يمكن البحث عن الرسالة الهامة وسط هذا الظلام. فكَّر «أحمد» بسرعة: لو أنه أضاء أيَّ ضوء، فإن ذلك سوف يلفت نظرَ الآخرين. إن عليهما أن يعملا في الظلام!
شعر «أحمد» بيد تلمسه، وعرف بسرعة أنها يدُ «فهد». تحدَّث «فهد» عن طريق اللمس، فقال: إننا لا نستطيع أن نواصل عملنا في هذا الظلام.
فكر «أحمد»: ينبغي أن يكون للمجموعة الأخرى دورٌ. أسرع بإرسال رسالة إلى المجموعة الثانية، ثم لمس يد «فهد»، وقال له عن طريق اللمس: إن الشياطين سوف يجدون كلَّ شيء.
تساءل «فهد»: كيف؟!
ردَّ «أحمد»: سوف يشاهدون شريط الفيديو، ثم يحدِّدون لنا مكان الرسالة بالضبط، وبهذا نستطيع الوصول إليها، في الظلام.
فجأة، لمسَت يدٌ قدمَ «أحمد» ثم أطبقت عليها بقوة، عرف أنها يدُ عدوٍّ، وليست يدَ صديق. ضرب اليدَ بقدمِه الأخرى في عنفٍ، في نفس اللحظة أعطى إشارة ﻟ «فهد» حتى يكون حذرًا، سبَح في حذر، لكن يده اصطدمَت بمقاعد الطائرة، في نفس الوقت جاءته إشارة من «فهد» أنه مُشتبك مع أحدهم، وأنه يبدو أن بعض الرجال داخل الطائرة. فجأة، لمع ضوء قوي فأضاء المكان، وظهر كلُّ شيء، كان هناك ستة رجال يمشون بين مقاعد الطائرة، وكان «فهد» يبدو متعبًا. فَهِم «أحمد» أن اشتباكه مع الرجل قد أجهده فعلًا. سبح الرجال فوق المقاعد، متجهين ﻟ «أحمد». فكر بسرعة: ماذا يستطيع أن يفعل الآن؟ إن عدد العدو كبير، وهو لا يستطيع أن يشتبك معهم، مهما كانت قوته! فجأة، جاءَته رسالة من «عثمان» يحدِّد له مكان الرسالة بالضبط، لكنه لم يستطع أن يتقدَّم إلى المكان الذي كان قد أصبح خلف الرجال. قال في نفسه: هل أَخْرجُ من الطائرة حتى آخذَهم خلفي، فيبتعدوا عن مكان الرسالة؟
نظر إلى «فهد» مرة أخرى، فعرف أنه قد استعاد قوته، وعن طريق الإشارات اتفقا على الخروج، مع استدعاء بقية الشياطين. وفي هدوء، اندفعا إلى الطاقة المفتوحة في جانب الطائرة، والتي لم يكن الرجال يعرفون عنها شيئًا. في نفس اللحظة كان «فهد» يتقدم في نفس الاتجاه. وبسهولة انزلقا من الطاقة إلى خارجها، ولم تمرَّ دقيقتان حتى كانت إشارة من الشياطين تحدِّد مكانهم من جسم الطائرة؛ فقد كانوا عند بابها. فجأة، ظهر أحد الرجال وهو يخرج من الطاقة المفتوحة، وكانت فرصة؛ فقد تلقَّاه «أحمد» بضربة عنيفة جعلَته يهتزُّ بشدة، ثم يتهاوى في القاع. في نفس الوقت كان آخرُ يخرج من نفس المكان. تلقَّاه «فهد» بسرعة، فجذبه جذبةً عنيفة ثم عاجلَه بضربة قوية، لكن يبدو أن الرجل كان قويًّا؛ فقد تلقَّى الضربة واهتزَّ معها، لكنه بسرعة كان يندفع إلى «فهد» كالسهم، لكن «فهد» استطاع أن يبتعد عن مكانه، فاندفع إلى الأمام، وقبل أن يستدير كان «أحمد» قد تقدَّم منه وعاجلَه بضربة قوية، ثم انقضَّ عليه، وأمسك بكتفَيه وضربَه ضربةً قوية جعلَت الرجل يتهاوى، في حين كان «فهد» عند الطاقة في انتظار مَن يخرج، إلا أن أحدًا لم يظهر. أرسل «أحمد» رسالة إلى الشياطين من الجانب الآخر، يطلب منهم أن يقوموا بسحب مَن بداخل الطائرة إلى خارجها.
مرَّت دقائق، ولم يتلقَّ ردًّا، قال في نفسه: لا بد أنهم في معركة.
تحدَّث إلى «فهد» بالإشارة ثم اندفع حول الطائرة إلى الجانب الآخر. كان الضوء الذي غطَّى داخل الطائرة تسرَّب إلى خارجها وانطفأ، وغَرِق عمقُ المحيط في الظلام من جديد، ولم يكَد يظهر شيء. فكر «أحمد» في أن يُضيءَ المكان بالبطارية الإلكترونية التي يحملها، لكنه تردَّد، أرسل إشارة أخرى إلى الشياطين يطلب منهم الانسحاب والتوجُّه إلى اللنش، في نفس الوقت، لمس يدَ «فهد» وأخبره بالرسالة، ثم سبحا بسرعة إلى حيث يقف اللنش الذي لم يكن يظهر، لكن تخرج منه ذبذبات تستقبلها أجهزة مع الشياطين حتى يعرفوا مكانه. دخل «أحمد» وخلفه «فهد» إلى داخل اللنش، ومرة أخرى أرسل رسالة إلى الشياطين، فجاءه الرد هذه المرة: نحن في الطريق.
بعد دقائق كان بقية الشياطين قد انضموا إلى اللنش. قال «عثمان»: إن عدد أفراد العصابة ضخم جدًّا، ويبدو أنه لا يوجد غيرهم.
قال «خالد»: كيف يمكن أن نتخلص منهم؟
مرَّت لحظات صامتة. كان كلٌّ منهم يفكر في طريقة. فجأة، كان الحلُّ في الطريق إليهم، كانت سمكة قرش صغيرة تحوم حول اللنش. هتف «قيس»: هذا هو الحل.
ابتسم «أحمد» وضحك الآخرون؛ فقد كانوا يفكرون بطريقة واحدة. أسرع «أحمد» إلى عجلة القيادة، ثم ضغط عدة أزرار وبدأ اللنش يتحرك.
قال «قيس»: كان ينبغي أن تفكِّر في ذلك من البداية؛ فالسمكة المخيفة التي قابلَتنا في الطريق كانت هي الحل، وكان ينبغي أن نتعلم من هجومها، ماذا يمكن أن نفعل!
كان «أحمد» قد بدأ يدفع باللون الأحمر إلى الماء، ذلك اللون الذي له رائحةُ الدماء. كان يقول لنفسه: إن دورة كاملة حول الطائرة بذلك السائل المثير سوف يجعل عشرات القروش من سمك الماء تأتي إلينا، ويمكن أن تقوم هي بالصراع مع أفراد العصابة.
كان اللنش يندفع بسرعة، وكان السائل الأحمر يندفع بسرعة أيضًا، وتحت الضوء الصادر من اللنش والذي ينعكس في أعماق المحيط، تحوَّل الظلام الأسود إلى ظلام أحمر؛ فقد اصطبغ الماء باللون المثير. فجأة، كانت عشرات من أسماك القرش تندفع ناحية السائل.
قال «عثمان»: الآن ينبغي أن نُضيءَ المكان حتى نرى ماذا يدور!
ضغط «أحمد» زرًّا في تابلوه اللنش، فصدر ضوء قوي، أحال الظلام إلى نهار، ووسط الضوء ظهرَت كلُّ التفاصيل، كانت هناك معركة رهيبة بين الأسماك الضخمة وأفراد العصابة الذين كانوا يستخدمون خناجرهم، فاختلطت … الإصابات بين الاثنين، رجال العصابة وأسماك القرش.
قال «خالد»: علينا نحن أن ننتهز الفرصة، وأثناء هذه المعركة ننتهي من مهمتنا.
تساءل «قيس»: كيف؟!
قال «خالد»: نُغلق باب الطائرة من جانب، ويدخل أحدُنا في حراستنا للوصول إلى الرسالة.
وافق الشياطين على الفكرة، وبسرعة اقترب «أحمد» من باب الطائرة المفتوح، ثم دفعَه بمقدمة اللنش حتى أغلقه، ثم أسرع إلى الاتجاه الآخر، الذي يوجد فيه الطاقة المفتوحة، وبسرعة كان «قيس» يغادر مكانه، حتى انزلق من الطاقة إلى داخل الطائرة، وبواسطة البطارية الصغيرة التي يحملها، استطاع أن يرى طريقَه إلى حيث المقعد الثاني في الصف السادس، حيث أخفى «جان بوكر» الرسالة في ظهر المقعد، عندما وصل «قيس» إلى المقعد، أدخل أصابعه في المكان، فاصطدمَت يدُه بالرسالة. جذبها في رفقٍ، ثم سلط الضوء عليها، فظهر الخاتم الأزرق، وبسرعة اندفع إلى حيث الطاقة، وإلى حيث يقف اللنش، ثم انزلق من جديد إلى داخله، وبعد لحظات، كان يضع الرسالة أمام الشياطين.
فهتف «خالد»: أخيرًا!
دار الشياطين باللنش حول الطائرة، كانت المعركة الرهيبة لا تزال دائرة بين رجال العصابة وأسماك القرش المفترسة.
قال «عثمان»: ما رأيكم لو سجَّلناها على شريط فيديو!
وبسرعة كان «أحمد» يدور من جديد حول الطائرة، وسجلت الكاميرات السرية معركة أسماك القرش مع أفراد العصابة، ثم أخذ اللنش طريقَه إلى جزيرة «برمودا» فقد انتهت المهمة.
هناك، وما إن وصلوا إلى فندق «السمكة» حتى جاءتهم رسالة من رقم «صفر» عرفوا منها أن «جان بوكر» قد تم إنقاذه بعد أن سبح إلى الجزيرة، وكان قد أخفى الرسالة في ظهر مقعده، حتى لا يعثرَ عليها أحد.
وردَّ «أحمد» بأن المهمة انتهت، وأن الرسالة في جيبه.
طلب منهم الزعيم العودةَ سريعًا، لكن كان عليهم أن يبقَوا الليلة في فندق «السمكة»، وفي الصباح غادروا الفندق إلى حيث يوجد اللنش للعودة به إلى «فيلادلفيا» … لكن …
هل وصلوا إلى الساحل الأمريكي؟!
اقرأ إجابة هذا السؤال في العدد القادم إن شاء الله.