حمار من الشرق
«قالت: ما أعمقَ حكمتَكم! وما أعظمَكم من حكماء! ألغيتم الموتَ عندما سكنتم مع الموتى، أرجوك لا تصرِّح بهذه الأسرار لأحدٍ غيري … سأهزُّ العالَم عندما أُصدر كتابي عن العصر الحَميري، سأُحدِث تحوُّلًا في العالَم أخطرَ بكثيرٍ من التحوُّل الذي أحدَثه «أينشتاين» بنظرية «النسبية»، وسأدخُل التاريخ بنظرية الحَميرية!»
يتسم الأدبُ الساخر بتوافر مساحةٍ أوسعَ لتوجيه النقد إلى الأوضاع داخل المجتمع، وهذا ما استغلَّه «محمود السعدني» في نقد واقع المجتمع العربي بشكلٍ عام، والمصري بشكل خاص؛ متَّخذًا من زيارته لمدينة باريس مناسَبةً لإظهار حجم التفاوت الحضاري بين المجتمعات الشرقية التي لا تزال تَرزَح تحت نِير الفقر والبطالة وسوء أوضاع الصحة والتعليم، وبين المجتمعات الغربية التي تَنعم بالديمقراطية والحرية والاهتمام بالصحة والتعليم. وفي هذا الكتاب تقمَّص «السعدني» شخصيةَ حمارٍ قادم من المجتمع الحَميري، يتحدث مع سنيورة من الغرب، ويتخلَّل الحديثَ الكثيرُ من التهكُّم والسخرية من المجتمعات الشرقية، جاعلًا من الرمز سبيلَه في تحقيق مآربه، ومن الضحك وسيلةً لتخفيف الألم الذي قد ينتابك من هذه المقارَنة، التي لا تكون في صالح مجتمعاتنا التي ما زالت تَئنُّ من سوء أوضاعها.