تمهيد
هذا الكتاب مقدمة إلى الأفكار والوسائل والنتائج المتعلقة بالدراسة العلمية للكون.
يشمل نطاق دراسة علم الكونيات كل ما في الوجود. فمنظومة الأشياء التي نسميها الكون تشتمل على ما هو كبير للغاية وما هو صغير للغاية؛ النطاق الفلكي للنجوم والمجرات، والعالم المجهري للجسيمات الأساسية. وبين هذين الحدَّين يكمن تدرُّج معقد من البِنى والأنماط ينتج عن تفاعل القوى والمادة. ونحن — البشرَ — موجودون في وسط كل هذا.
إن هدف علم الكونيات هو وضع كل الظواهر الفيزيائية المعروفة داخل هيكل واحد محكَم. وهذا هدف طموح، ولا تزال ثمة فجوات كبيرة في معارفنا الحالية. ومع هذا، فقد حدث تقدم سريع لدرجة أن الكثير من علماء الكونيات يطلقون على هذا العصر اسم «العصر الذهبي». ولقد انتهجتُ نهجًا تاريخيًّا بالأساس في دراسة هذا الموضوع؛ كي أبيِّنَ الكيفية التي تطوَّر بها، والكيفية التي جمع بها بين العديد من المناحي المفاهيمية على مَرِّ مسيرته، والكيفية التي مهَّدت بها التحسينات التكنولوجية طرقًا جديدة في الاستكشاف.
هذا وقت ملائم لتأليف كتاب من هذا النوع. فالإجماع المتزايد حول شكل وتوزيع المادة والطاقة في الكون يوحي بأن الفهم الكامل لكل ما في الكون قد صار في المتناول. لكن تظل أمامنا ألغاز مثيرة، ومن الدروس التي علَّمَنا التاريخ إياها أنه ينبغي لنا أن نتوقع حدوث مفاجآت!