أنا ذرة البوشار
صديقة العائلات في السهرات، وأثناء جلسات الحديث، ومشاهدة التلفاز والمناسبات.
وصديقة الأولاد والبنات في البيوت أثناء مشاهدة برامجهم المفضَّلة، وفي الرحلات، والحدائق، والمتنزَّهات، وفي ساحات المدرسة وأرصفة الطرقات.
إحدى نباتات الفصيلة النجيلية، أتبع جنس الذرة. أحتاج إلى جو مشمس دافئ كي أنمو.
ولذلك يزرعني الفلاح في فصل الربيع (بعد انقضاء خطر الصقيع). يزرعني بذورًا في سطور أو أثلام بعد أن يحرث تربة بستانه، ويجهِّز لي المهد بإضافة السماد العضوي.
وإذا توافرت لي الرطوبة المناسبة داخل التربة، يتنشَّط جنيني مُعطيًا سويقةً وجُذيرًا. تتجه السويقة للأعلى فوق سطح التربة مُكوِّنةً الساق، أمَّا الجُذير فيتجه للأسفل داخل التربة مُكوِّنًا المجموع الجذري الذي يمد نباتي بالمياه والعناصر الغذائية التي يحتاجها.
ويومًا بعد آخر أنمو ويزداد طول ساقي الذي قد يصل حتى المترَين ارتفاعًا، كما يزداد حجم أوراقي.
تستغرق دورة حياتي منذ زراعتي بذرةً وحتى حصادي حوالي ثلاثة أشهر.
وأنا نبات أُحادي المسكن؛ أي أحمل أزهارًا ذكريةً وأنثوية منفصلة. تتوضَّع أزهاري الذكرية في نوَّارات على قمة النبات، وتكون هذه النوَّارات عنقودية الشكل وتحمل سُنيبلات في كلٍّ منها زهرتان. أمَّا النوَّارات المؤنَّثة فتخرج من آباط الأوراق، وتكوِّن كلٌّ منها عرنوسًا مُغطًّى بصفوفٍ من الحبات، يخرج منه شُعيرات ناعمة، ومغلَّف بأوراق تحمي حبَّاته.
نوَّاراتي في قمة النبات عنقودية الشكل، تحمل سُنيبلات فيها الأزهار الذكرية.
أمَّا نوَّاراتي المؤنَّثة فتخرج من آباط الأوراق، وتكوِّن كلٌّ منها عرنوسًا.
تنضج العرانيس بعد حوالي ٢٠ يومًا من ظهور شُعيراتها، وتُحصد عادةً بعد جفاف النباتات.
ومن هذه العرانيس الجافة يتم حصولكم على حبات ذرة البوشار التي تحمِّصونها.
تختلف ألوانُ حبَّاتي وأحجامها باختلاف صِنفها؛ فأصنافي عديدة، وجميعها تُنتِج لكم وجبةً صحية كاملة من البوشار الشَّهِي، مُسلِّية، ومُغذِّية.
يُسعدني أن أُعرِّفكم على بعض أصنافي والتي منها الصنف المسمَّى: بوشار الفراولة ذو اللون القرمزي الجميل.
والصنف المسمَّى بوشار الفطر. يُعطي حباتٍ منفوشةً كروية الشكل.
والصنف المسمَّى الجوهرة الزجاجية؛ حيث تكون حبَّات العرنوس ناعمة، لامعة، بألوان متعدِّدة جميلة.
والصنف المسمَّى إصبع السيدة؛ حيث تكون حبَّاته صغيرة، رفيعة، متطاولة.
والصنف المسمَّى بوشار داكوتا الأسود.
بالإضافة إلى الصنف الأحمر، والصنف الأزرق، والصنف الأرجواني، والأصفر.
وتتسابق شركات إنتاج البذار في إكثار أصنافي وإنتاج أصناف هجينة جديدة تناسب الإضافات التي تُرضي أذواقكم، كأن يضاف إلى حباتي المنفوشة الكراميل، أو الشوكولا أو السكر، أو خلطات من البهارات المتنوِّعة.
من أفضل الوجبات الشعبية التي تحبُّونها؛ فأنا من الحبوب الكاملة، ناتج طبيعي من نبات الذرة الذي تزرعونه في البساتين والحقول الواسعة، ويمكنكم زراعتي في حديقتكم المنزلية.
تحضيري سهلٌ وسريع لا يحتاج زمنًا طويلًا، ولا كثير إضافات؛ فبقليلٍ من الزيت والملح وعلى نار معتدلة، يمكنكم تحميص بذوري والاستمتاع بشم رائحة شوائها، وسماع أصوات فرقعات حباتها المتتالية حبةً بعد أخرى. «٣ ملاعق كبيرة من زيت الزيتون، نصف كوب من الذرة، ونصف ملعقة صغيرة من الملح». ضع الزيت والذرة في وعاء كبير وقم بتغطيته. أشعل النار بين المتوسِّط والعالي حتى تتوقَّف فرقعة الفشار، ثم ضعه في وعاء وأضف إليه بعض الملح.
تحتوي حباتي (بذوري) على كمية من الماء والنشاء داخل النواة التي يحيط بها غلاف صلب، وما إن يتم تعريضها للحرارة وبوجود الزيت، حتى يتمدَّد الماء داخل الحبة، متحوِّلًا إلى بخار، محاولًا التطاير منها، إلا أن الغلاف الخارجي المحيط بالحبة يمنعه من الإفلات، فيتحوَّل النشاء داخل نواة الحبة إلى مادة هلامية بوجود بخار الماء؛ ممَّا يجعله أكثر مرونةً وليونة. ونتيجة ارتفاع الضغط مع ارتفاع درجة الحرارة أثناء التسخين يتمزَّق باطن حبة الفشار فتتحوَّل النواة إلى الداخل، ويتحرَّر الضغط داخلها، مؤدِّيا إلى انتشار وتوسُّع البروتين والنشاء الموجود داخلها على شكل رغوة تنتفش للخارج، وتبرد منتجةً حبة البوشار المعروفة بشكلها المميَّز، ولونها الأبيض، وخفة وزنها، وطراوة ملمسها، وطيب طعمها.
وهكذا تحصلون على وجبة غذائية، صحية، خفيفة، مشبعة، مسلية، ولذيذة، وذات قيمة غذائية كبيرة؛ حيث أحتوي على نسبةٍ من الألياف وبعض الفيتامينات، والعناصر المعدنية ومضادات الأكسدة. أساهم في تنشيط وتعزيز صحة جهازكم الهضمي، والمناعي، وفي تنشيط دورتكم الدموية، وأُساهم في التخسيس من وزن جسمكم الزائد؛ فبعد تناول بضع حبات من بذوري المحمَّصة والمنفوشة تشعرون بالشبع لفترة طويلة؛ ممَّا يقلِّل من تناولكم للسعرات الحرارية طوال اليوم، ويحميكم من أمراض السمنة والبدانة.
أسمائي عديدة تختلف من بلد إلى آخر؛ فأنا الفشار، والبوشار، والنفِّيش، والشوش، والشامية، والفرَّاخ.
ومهما تعدَّدت أسمائي فأنا أحد أجناس الذرة في رتبة القبئيات، من طائفة أُحاديات الفلقة، شعبة مستورات البذور، في المملكة النباتية، نطاق حقيقيات النوى.