الأدب للشعب
هناك كلمات تجري على ألسنتنا أو أقلامنا تحمل دلالاتٍ جديدةً لم تكن تعرفها الأمم القديمة، مثل: الشعب، الحرية، المساواة، الشخصية، الديمقراطية، حق الانتخاب، التعليم بالمجان … إلخ.
ودلالة هذه الكلمات أن «الشعب» قد برز إلى الوجدان السياسي والاجتماعي؛ فقد كان الحكم في الأمم القديمة تتولاه طبقة صغيرة حول الملك أو الإمبراطور، وكان الثراء مقصورًا أيضًا على طبقة صغيرة، وكان الشأن كذلك في التعليم والثقافة.
ومن هنا أيضًا اقتصار الأدب القديم على طبقة خاصة، ثم اشتغال الأديب بشئون هذه الطبقة دون الشعب، لذلك نحن نقرأ كتب الأدب العربي القديم، فلا نجد أية عناية بالصانع أو التاجر أو الزارع أو المرأة؛ لأن كل هؤلاء كانوا أميين لم يتعلموا، ولذلك نجد أن المؤلفين كانوا يعنون بقصص الملوك والأمراء، وبما يجب عليهم من الواجبات السياسية للرعية، كما نجد آلاف النصائح والوصايا والحكم، من الملك سليمان إلى أردشير إلى الإسكندر إلى معاوية، وجميعها في شأن الحكم والحرب والولاية والجود والعفو، وهذه كلها وأمثالها شئون كانت تهتم بها طبقة صغيرة حاكمة.
أما الشعب، الباعة والتجار والزارعون والخدم والبناءون والنجارون، كل هؤلاء لم يكونوا قد ارتفعوا بعدُ إلى وجدان الأدباء، فلم يحس هؤلاء بهم.
ولذلك أيضًا نجد أن الأدباء القدماء كانوا يكتبون لأدباء مثلهم، ثم تكون مناقشة ما يكتبون في مجالس الأمراء والملوك وأئمة الدين؛ لأن أئمة الدين كانوا من الحاكمين والولاة، وكانت الحكومات كلها دينية.
ولذلك أيضًا نجد أن الأدب القديم كان على الدوام أسلوبيًّا تقليديًّا، ولم يك ابتكاريًّا مستقبليًّا، وعبارة «قال فلان» ثم عبارة «السلف الصالح» كلتاهما تدل على أن الأديب العربي القديم كان ينشد الحكمة خلفه وليس أمامه، وكان يكتب للخاصة، بل أخص الخاصة، التي تعلمت مثله ودرست ثقافته ونزعت نزعته.
وأخص الخاصة هذه كانت تلتفت إلى الماضي؛ لأن حقوقها التاريخية كانت تستند إلى هذا الماضي وإلى احترام عاداته ولغته، فجذبت إليها الأدباء الذين يؤيدون سلطانها.
وعندما نقرأ «البيان والتبيين» للجاحظ، أو أشعار المتنبي، أو «الكامل» للمبرد، نحس أننا إزاء أدباء، إما يعيشون في بلاط أحد الأمراء، وإما يستندون في حياتهم الذهنية إلى تقاليدَ لغويةٍ وأدبيةٍ ودينيةٍ وسياسيةٍ تمتُّ إلى بلاط أحد الأمراء.
أما الشعب فلا يحسون أي وجدان له.
ولكن هذا القول لا يمكن أن يذهب على إطلاقه؛ ففي فترات من تاريخ الأمم العربية انتشرت التجارة، بل انتشر شيء من الصناعة، وخاصة في مصر والعراق، فظهر كتاب «ألف ليلة وليلة» وهو كتاب للشعب يكبر من شأن التاجر «السندباد» ويزود قراءه الفقراء بأحلام الجائع، أي وصف حياة الأثرياء والملوك والأمراء، ولكن هذه النزعة لم ترتقِ إلى النضج؛ لأن عوامل القوة لم تتوافر للشعب.
•••
ولكن الشعوب العربية في أيامنا عرفت أعظم كلمة من كلمات القرن العشرين، كلمة «الديمقراطية»، ومع أن بعض الساسة في مصر قد عبثوا بها، فإن عبثهم سيذهب زبدًا وجفاءً وتمكث هي في الأرض، وقد مكروا بها، والتاريخ مكر بهم، والعاقبة للشعب.
الديمقراطية، الشعب، المساواة، والتعليم العام … كلمات ميمونة، وإلى هذه الكلمات الميمونة عاد التاجر إلى الظهور، وأوشكنا أن نعرف مقام الصناعة، وظهرت الصحف فأخصبت حياة الشعب، وصار النجار، والكمساري، والبقال، والتلميذ، بل أحيانًا الزارع، هذا الرجعي العريق في رجعيته ووخامته، أصبح كل هؤلاء يقرَءُون، وتنفسح أذهانهم في آفاق متراحبة من السياسة والأدب والاجتماع، وزوَّدتهم الصحف بكل ذلك، ولكن على مستوى منخفض.
وتعلم الصحفيون لغة جديدة يكتبون بها ليست هي لغة أردشير: «الذي أوصى ابنه فقال …».
وإنما هي لغة الشعب.
•••
يقول الفرنسيون، ويحسنون عندما يقولون: «ما ليس واضحًا ليس فرنسيًّا»؛ لأن الوضوح هو المنطق، والكاتب الواضح هو الكاتب الفاهم، وعندما يفهم الكاتب يفهم القارئ، وعندئذ يكون التجاوب ويكون الاختمار الذهني.
وكان فولتير يقول عن نفسه كلمةً أحب أن أقولها عن نفسي، وأفخر بها: «لست عميقًا، ولكني على الدوام واضح.»
لغة الشعب، لغة الصحافة، يجب أن تكون لغة الوضوح، وعلينا — نحن الكتاب — أن نهدف إلى بلاغة شعبية جديدة، فننزل إلى الشعب قبل أن نرفعه إلينا، بل إننا لن نستطيع أن نرفعه إلينا إلا إذا نزلنا إليه، يجب أن نهدم الحاجز الذي يفصل بين الشعب وبين الأدب باتخاذ الأسلوب الميسر والكلمة المألوفة، ويجب أن ننأى به عن «أردشير» ونحدثه عن «أينشتين» وعن إلغاء الفقر والجهل والمرض، وعن حق الشبان في السعادة وحق المرأة في الإنسانية.
ويجب أن نؤلف المقالة والقصة والكتاب للشعب، ونعرض على شبابنا الآداب والفنون التي تخصب حياتهم وترفعهم من الاهتمامات الشخصية الوضيعة إلى المشكلات الاجتماعية والبشرية، حتى يحيوا الحياة التاريخية، وحتى يحس كلٌّ منهم أنه بطل له رسالة وله شرف.
رسالة وشرف، أي شيء في الدنيا أعظم من هذا؟
•••
هو وجدان جديد ذلك الذي حفز رجال الثورة إلى الاحتفال بنقل رفات «الجندي المجهول» إلى ميدان الحرية؛ حيث دفن في المكان الذي كان مخصصًا لإقامة تمثال للملك الأسبق فؤاد.
أصبح الشعب في وجدان الحاكمين، في ضميرهم، أما قبل ذلك فكان المُلك يحتل قلوب الحاكمين وعقولهم، وكان كل شيء.
ولهذا التغير في الوجدان السياسي الاجتماعي قيمة رمزية كبيرة للأدب، ذلك أن الجندي يمثل الشعب في كثرته، بل سواده، ولما كانت الثورة تعتمد على الشعب، فإنها يجب أن تشيد بالجندي كما تشيد بالضابط، بل بالجندي أكثر من الضابط.
لقد ارتفع الشعب عند رجال الثورة إلى مقام جديد، ودخل في وجدانهم، ولذلك تذكروا الجندي المجهول.
هل كان يمكن لفاروق أن يتذكر هذا الجندي المجهول؟
الجواب: لا؛ لأنه لم يكن يعتمد على الشعب، وكان إحساسه ينأى عن إحساس الشعب.
وكذلك لم يكن الشعب في وجدان الأدب القديم، بل لا يزال بعيدًا عن وجدان كثير من أدبائنا الكبار.
أما الأدب الجديد فينبع من إحساسات الشعب، وبكلمة أخرى نقول: إن هم الأدب الجديد واهتمامه هو الإنسان؛ أي الإنسان في ثرائه وفاقته، وسروره وحزنه، وانتصاره وهزيمته، ومعرفته وجهله، وفي جميع مشكلاته الحاضرة والمستقبلة.
•••
إن القارئ للمتنبي لتدهشه قوته الخارقة في استنباط المعاني وتوليدها، بحيث يحس أنه لو وزعت هذه القوة على عشرين شاعرًا لأجاد كلٌّ منهم ولصار له اسم في التاريخ.
وقريب من هذا شوقي، ولكننا نحس أن كليهما غريب عنا، بل إنني أحس بأني أقرب إلى المتنبي مني إلى شوقي؛ لأني أجد في الأول صورة الكفاح بين العرب والرومان في عشرات من قصائده الرائعة، أي أن له قيمة تاريخية عندي أبصر بها حركة التاريخ، ولكنه مع ذلك ينأى عني حين أجد أنه لم يعرف «الجندي المجهول»، فإنه حين يصف معركة إنما يجعل بؤرة القصيدة أميره «سيف الدولة» الذي ربما لم يشترك بشخصه في معركة واحدة، أما الجنود الذين كانوا يُؤسرون ويُقتلون فلم يكن يذكرهم، وصحيح أني أعذره في ذلك؛ لأن الشعب لم يكن قد ارتفع إلى وجدانه، ولكني مع عذري له هنا، بل لعذري له هذا، أجده غريبًا عني.
أما بعد هذا، فهو وشوقي سواء في نظم الأكاذيب التي كان أولهما يمدح بها سيف الدولة والثاني الخديوي عباس.
والأدباء الجدد في مصر قد أصبحوا — بقوة ما تسلل إلى قلوبهم من الثقافة العصرية — يحسون أن الشعب هو الجندي المجهول الذي يجب عليهم أن يرفعوه إلى المستوى الفني والاهتمام الذهني في القصة والشعر والرسم والنحت، ويكتبوا عن حياته ويرسموا أهدافه، وما فيه من عبقرية أو إنسانية، وليس معنى كلمة «الشعب» أولئك البائسين فقط كما هو الوهم العام، فإن الموظف والطبيب والصحفي والمحامي والقاضي، كل هؤلاء عاملون يعملون برءوسهم كما يعمل الصانع بيده في مصنعه أو الفلاح في مزرعته، ومنهم المخترع، كما أن منهم العبقري في حبه أو في صلاحه، والمكافح في فلسفته أو في إنسانيته.
•••
وهنا نحتاج إلى كلمات جديدة تعين لنا المعاني الجديدة في هذا الموضوع.
إن الأدباء الجدد يطلبون أدبًا عضويًّا يرتبط بالمجتمع ويؤدي فيه وظيفة حيوية، بحيث يساعد على أن تسير الحياة الاجتماعية وفق الشرف والإنسانية والخير، ومكافحة الشرور، شرور الاستبداد والاستعمار والفاقة والمرض والخبث والدعارة.
والأدب هنا عضوي، من حيث إنه يؤدي في الجسم الاجتماعي خدمة معينة، كما تؤدي اليد أو القدم خدمة معينة للجسم البشري.
وبمعنى آخر ليس هو أدب الترف أو التسلية الذي يمكن الاستغناء عنه، أي ليس هو أدب البلاغة، كما فهمنا معنى هذه الكلمة في كتب البلاغة العربية، فهو لا يبالي تلك النبرات والنغمات إلا بمقدار ما يستطيع أن يؤدي بها خدمته، أي عضويته، في النشاط الاجتماعي، فالبلاغة هنا وسيلة وليست هدفًا.
للأدب العضوي موضوع وهدف، أما الأدب البلاغي فليس له موضوع أو هدف. (هل كان لشوقي موضوع أو هدف؟)
إني أفهم أنه كان لبيرون، وشيلي، وأندريه جيد، وأناطول فرانس، وبرنارد شو، وﻫ.ج. وِلز، ومكسيم جوركي، وثورو، موضوعات وأهداف.
ولكني حين أقرأ هذه الصفحات التي تبلغ ثلاثة آلاف أو أكثر من كتاب الأغاني لا أجد موضوعًا أو هدفًا، وإنما أجد حلويات لا تغذو الذهن الناضج، ولكنها تروِّح وتسلي بالنبرة والنغمة والنكتة النادرة؛ ذلك لأن المؤلف كان يكتب للأمراء والأثرياء والملوك، وكان يحس أنه يخدمهم ويسليهم ويقدم لهم ترفًا.
أما الأديب العصري فيحس أنه يخدم، ولكن خدمته قيادة وإرشاد ونور، وجد يؤلم، وطرب يرفع نحو الشهامة والنبل.
الأدب العضوي هو محاولة أو محاولات لا تنقطع لزيادة الوجدان حتى يجد القارئ نفسه بعد ذهول، وحتى يتعقل بعد استرسال في عادته الذهنية، أو بعد استسلام لمكانه الاجتماعي، وهو أيضًا محاولة لزيادة الإحساس، حتى يزول التبلد الذي يطغى بقوة الجهل على كثير من أبناء الشعب، ولذلك يحاول الأديب أن يجلو مشكلة اجتماعية غامضة أو يكشف عن شقاء إنساني خفيٍّ قد لا يدريه الأشقياء أنفسهم الذين يعانون هذا الشقاء، أو هو يتناول العادات الاجتماعية أو الذهنية السيئة بالنقد والتوضيح حتى يكف الناس عنها.
أما الأدب البلاغي فهو لعبة للتسلية، ألسنا نقرأ الأغاني والحريري ونوادر الكتب الأربعة التي أوصى بقراءتها القيرواني ونحن نتلمظ بكلماتها الحلوة … ثم لا يترك هذا الأدب شيئًا في نفوسنا، فلا طرب، ولا ألم، ولا برنامج ولا كفاح، ولا ثورة في الروح ولا عزيمة للتغيير؟
الأديب الجديد، الأديب العضوي، هو الذي يدرس الحياة، ويحاول أن يجد نظرة جديدة لشئونها أعمق وأوسع من النظرة المألوفة.
الأدب الجديد هو أدب أولئك الذين كبروا ونضجوا في الذهن والنفس، فلم يعد يغريهم كلام منغم ونكات بارعة بلا هدف من نظمها إلا التسلية، وهم يحسون مسئولية إنسانية وضميرًا عالميًّا؛ ولذلك ليس الأدب عندهم اهتمامًا فقط، بل هو هم يتأكلهم ويعتصر منهم أعمق الأفكار وأحر الإحساسات، وهم مكافحون رأوا رؤيا التطور للخير والشرف؛ ولذلك هم دائبون في مطاردة الحيوان الذي يحرض على الأنانية والقبح والثراء الجنوني والمباراة الوحشية والنهم الجنسي.
هم أعداء فاروق، والمركبات الفاروقية الاجتماعية والسيكولوجية، من الاستبداد إلى الدنس إلى الثراء إلى القسوة إلى الجهل إلى الحيوانية.
•••
الموضوع والهدف يعينان الأسلوب.
ذكرت هذا وأنا أقرأ النقد الحق الذي تقدم به الدكتور طه حسين حين قال إن الأدباء الجدد لم يعودوا يعنون بجمال العبارة ولا بالتأليف الفني.
وهذا حق من وجهة نظره؛ لأنه يعتقد أن الأدب ترف.
لقد نال تشرشل جائزة نوبل في الأدب، وأنا أعرف تاريخ هذا الرجل الذي لم يحيَ قط حياة أدبية، ولم يهدف قط إلى سلام، ولم يدعُ دعوة الإنسانية … إذ هو إمبراطوري.
ولكن لأنه إمبراطوري يقول بسيادة الإنجليز على غيرهم من البشر، ويشيد بالحرب والاستعمار، أجرى قلمه بأسلوب إمبراطوري كله قعقعة وجلبة ورصانة ورشاقة، كأنه المتنبي في النثر، وهو بليغ، فصيح بحيث لا يستطيع رجل الشعب من الإنجليز أن يفهمه.
ذلك لأن تشرشل ليس من الشعب، وهو لا يكتب للشعب.
تشرشل هو ابن اللورد تشرشل.
هو باشا إنجليزي يكتب للباشوات الإنجليز وأبنائهم؛ لأن هؤلاء هم بيئته ومجتمعه، ولغتهم هي لغة كتبه التي نال بها جائزة نوبل، وفي هذه اللمحة إلى تشرشل ما يبعث على التفكير.
ذلك أن الكاتب الذي امتلأت نفسه بهموم الشعب، والذي يهدف إلى قراء من الشعب، يجب أن يكتب بلغة الشعب، لغة ديمقراطية، ليست بالعامية طبعًا؛ لأن العامية لا تكفي للتعبير، ولكن بلغة ميسَّرة تُشفِي على العامية، يستطيع جمهور الشعب أن يفهمها.
إنه لا يكتب لباشوات أو لوردات قد ورثوا تراث البلاغة مع الضيعة والقصر والسيارة والذهبية.
لا، إنه يكتب للنجار والطبيب والفلاح والبقال والمهندس وغيرهم ممن يعملون وينتجون، وهو يعالج همومهم واهتماماتهم فيضطر إلى أن يكتب بلغتهم.
ومع ذلك هل منا من ينكر قيمة الترف؟
لا، ولكني حين أتحدث عن غذاء للشعب لا تخطر ببالي الشكولاتة؛ لأن اهتمامي عندئذ هو توفير الفول المدمس واللحم والخبز!
وبعد أن تتوافر هذه الضروريات، نشرع في الحديث عن الشكولاتة وأطعمة الترف الأخرى.
هل الأدب الملوكي شكولاتة؟!
•••
-
الأدب طعام يغذو الشعب، وليس حلوى يستطرفها الأمراء والأثرياء والكسالى والمنهوكون.
-
وهو كفاح إيجابي يقوم به الأديب كي يبعث التفكير والعمل؛ أي أنه ليس ترفًا للَّذة والاسترواح، والأديب المصري يجب لذلك أن يخوض غمار الأدب بروح الكفاح.
-
وهو حركة انتهاضية إيجابية نحو المستقبل، وهو ولاء للإنسان وليس ولاء للتقاليد، وهو أكبر من الصنعة، هو بناء الشاهقة التي تصدم السحاب، وهو هندسة المدينة المثلى، أي ليس هو صنع الفسيفساء والمشربية، ومعنى هذا أنه بناء للشخصية الإنسانية، وليس نصائح الملوك على المائدة.
-
والأدب للشعب كله وليس لطبقة منه، أي للإنسانية.
-
ثم هو حياة يحياها الأديب، تحوي التعاسة والسعادة والتضحيات والانتصارات، ثم رؤياه في فنه، ثم التحقيق.
-
ولكن الأدب في مصر يجب أن يضطلع بضع سنوات بمحاربة القرون المظلمة وهدم الأسوار التي تعوق حرية الفكر وبناء الشخصية، هذه الأسوار التي كانت الحكومات الماضية، بل كذلك المجتمعات الماضية، تحرص على استبقائها وحمايتها؛ لأنها تؤيد ألوانًا من الرجعية تحتاج إليها لاستبقاء نظمها الإقطاعية، أي يجب على الأديب أن يهدم دون أن ينسى البناء.