ختام
قد رأيت فيما مَرَّ بك من أطوار الماسونية ما مَرَّ عليها من أيام البؤس والنعيم، وما رافق سيرها أثناء ستة وعشرين قرنًا ونيف من اضطهاد قادة الأديان ومقاومة أولي الأمر، وما قاسته في سبيل نصرة مبادئها الحقة من المشاق وشق الأنفس، ولا نزيدك علمًا أنها لم تحرم في كل حال ممَّن كان يأخذ بناصرها ويسعى إلى تأييد مبدئها، من ولاة الأمور ورجال الدين، الذين أخذوا على أنفسهم إدارة سياستها والترؤُّس على أعمالها، إلى أن بلغت ما هي عليه الآن من سعة النطاق وتعميم الانتشار، فأصبحت محافلها لا تُعَدُّ إلا بعشرات الآلاف، ويبلغ عدد المنتظمين في سلكها نحوًا من خمسة عشر مليونًا، وبينهم الملوك والفلاسفة والعلماء ورجال الفضيلة على اختلاف التبعات والنزعات.
ولا يليق بنا أن نختتم هذا المختصر من تاريخها قبل أن نبيِّن شيئًا من أسباب ذلك الاختلاف على مقتضى ما يقودنا إليه القياس ويجلوه لنا الاختبار، وقيامًا بواجب الإخلاص والحرية التي هي أفضل دعائمها الثلاث.
وكما أننا نعتقد بصحة مبدأ هذه الجمعية الشريفة، يجب أيضًا أن نعترف بما أقيمت عليه الأديان الصحيحة من المبادئ الحقة والتعاليم المقدسة، التي رقت شأن الهيئة الاجتماعية وهذَّبت عقول أفرادها، ولا يفوتنا أيضًا أن الذين أخذوا على أنفسهم بث تلك المبادئ وتعليم تلك التعاليم — مع ما يعلمون بما يحول دون ذلك من خشونة الطبيعة ووعرة المسلك — هم من نخبة الأنام المخلصين في العمل، لا يهمهم إلا تعضيد كل مشروع أُقِيم لما أقيموا من أجله.
لكننا لا نتغافل عن أن الطبيعة البشرية ميَّالة بكليتها إلى الفساد، وأن الكمال معدوم منها، فقد يكون بين نصراء المبادئ الدينية مَن قد جهلوا أو تجاهلوا السبيل الذي يجب أن يسلكوه، والغاية التي هم سائرون إليها، كما أننا لا ننكر مثل ذلك في نصراء الماسونية، الذين هم كسائر البشر عُرْضة لجواذب الأميال الطبيعية، التي لم تُبْقِ على فئة من الناس إلا وتخلَّلت أعمالها، فقلما نجا عمل منها.
فإذا تذكرنا هذه الحالات في البشرية، تتجلى لنا الأسباب التي من أجلها قامت الاختلافات والمقاومات بين نصراء الدين ونصراء الماسونية، وإلا فما معنى اضطهاد رجال الدين للماسونية أمس وانتصارهم لها اليوم. أَلَمْ يكن ذلك لاختلاف في طبيعة القابضين على زمام الفئتين؟ أما إذا كان الاختلاف متطرِّقًا إلى مبادئ وتعليم تينك الفئتين، لَوجب اختلافهما دائمًا، ولما اتفق توافقهما يومًا. فإن مبادئ كلٍّ منهما واحدة على اختلاف الزمان والمكان، وأما المغير فالرجال الذين يتولون بث تلك المبادئ.
على أننا لو تتبعنا سير كلٍّ من تينك الفئتين على حدة، لَرأينا لكلٍّ منهما أزمنة تتأيد فيها مبادئها وتنتشر تعاليمها، ويكون فيها روح العمران، وأزمنة تنحط إلى الحضيض وتكون أول مفسد لجسم هذا العمران. ولو جئنا إلى تعاليمها ومبادئها لرأيناها هي هي في الحالين مسطورة لم يلحقها تغيير البتة.
فإذا اتضح ما تقدَّمَ لا نعجب لما قام ويقوم بين رجال الدين والماسونيين من الأخذ والرد بين تفنيد وتعيير وإنكار وإثبات، وإنما يُطلَب من كلٍّ من الجانبين أن يسلم بما هو الحق، سواء كان في جانبه أو في الجانب الآخَر.
فقد اتَّهَم بعضُ رجال الدين الماسونيةَ بالكفر، وأنها إنما تسعى لهد أركان الدين وتشتيت شمل الفضيلة، أما نحن فمع إجلالنا هذه الجمعية عن تلك التهمة، ومع يقيننا أنها براء منها، لا يسعنا الإنكار أن بين أعضائها أفرادًا قليلين ربما تصح عليهم تلك التهمة، وقِسْ عليه ما ربما يقوله الماسون في رجال الدين.
على أننا نخطئ إذا جعلنا مقابلة بين مبادئ هاتين الفئتين؛ لأننا بمقابلتنا نثبت على نوعٍ ما أن المبادئ الماسونية مناقضة أو مخالفة لمبادئ الدين، والحال خلاف ذلك؛ إذ ليس بين الأمرين تناقض ولا تخالف كما قد علمت ممَّا مَرَّ بك؛ لأن الفئتين ساعيتان معًا نحو غاية واحدة، إنما كلٌّ منهما ساعٍ إليها من جهة، وعلى سبيل مخالِف لما تسعى إليه الأخرى، فيظهر لغير المتمعِّن أنهما متخالفتان وهما على وفاقٍ تامٍّ.
فحبذا اليوم الذي نقترب فيه من الكمال، فيمكننا إدراك حقيقة واجباتنا، ونتعلم كيف نعترف بقصورنا ونذعن للحق ولو كان علينا.
تاريخ ظهور الماسونية الرمزية في كلٍّ من الممالك الآتي ذِكْرها:
أوروبا | سنة |
---|---|
إنكلترا | ١٧١٧ |
أيرلندا | ١٧٢٠ |
اسكوتلاندا | ١٧٢١ |
فرنسا | ١٧٢١ |
بلجيكا | ١٧٢١ |
هولاندا | ١٧٢٥ |
جبل طارق | ١٧٢٦ |
إسبانيا | ١٧٢٨ |
همبورج | ١٧٣٠ |
أسوج | ١٧٣١ |
نابولي | ١٧٣١ |
توسكانا | ١٧٣٢ |
روسيا | ١٧٣٢ |
فلورانسا | ١٧٣٣ |
البورتغال | ١٧٣٣ |
سويسرا | ١٧٣٦ |
سردينيا | ١٧٣٧ |
ساكسونيا | ١٧٣٨ |
بافاريا | ١٧٣٨ |
بروسيا | ١٧٣٨ |
أوستريا | ١٧٣٨ |
تركيا | ١٧٣٨ |
بولونيا | ١٧٣٩ |
مالطا | ١٧٤١ |
دنمارك | ١٧٤٢ |
رومية | ١٧٤٢ |
بوهيميا | ١٧٤٤ |
هونجاريا | ١٧٤٤ |
نروج | ١٧٤٧ |
غورنس | ١٧٥٣ |
جرسي | ١٧٥٣ |
هنوفر | ١٧٥٤ |
آسيا | سنة |
---|---|
بنغال | ١٧٢٧ |
بومباي | ١٧٢٨ |
تركيا | ١٧٣٨ |
مدراس | ١٧٥٢ |
سيلان | ١٧٧١ |
سورات | ١٧٧١ |
جزائر برنس دي غال | ١٧٨٠ |
غرناطة | ١٧٨٠ |
العجم | ١٨٠٠ |
بونديشري | ١٨٢٠ |
سوريا | ١٨٦٢ |
أوسيانيا | سنة |
---|---|
يافا | ١٧٣٠ |
سومطرا | ١٧٧٢ |
نيوغال الجنوبية | ١٨٢٨ |
نيوزيلاند | ١٨٤٠ |
أفريقيا | سنة |
---|---|
رأس الرجاء الصالح | ١٧٣٣ |
شطوط رأس الرجاء | ١٧٣٦ |
غمبيا | ١٧٣٦ |
جزيرة بوربون | ١٧٧٤ |
جزيرة فرنسا | ١٧٧٨ |
جزيرة القديسة هيلانة | ١٧٩٨ |
مصر | ١٧٩٨ |
سيراليون | ١٨١٩ |
سينيغال | ١٨٢٢ |
جزائر كناريا | ١٨٢٣ |
جزائر الغرب | ١٨٣٠ |
أميركا | سنة |
---|---|
كندا | ١٧٢١ |
ماساشوستس | ١٧٣٣ |
جورجيا | ١٧٣٤ |
كارولين الجنوبية | ١٧٣٦ |
نيويورك | ١٧٣٧ |
سان كريستوف | ١٧٣٨ |
مارتينيك | ١٧٣٨ |
انتيغوا | ١٧٤٢ |
جامايكا | ١٧٤٣ |
الجزيرة الملوكية | ١٧٤٥ |
سان فنسان | ١٧٤٥ |
بورتوريكو | ١٧٤٦ |
سان دومينكو | ١٧٤٦ |
بنسلفاينا | ١٧٥٣ |
بارباد | ١٧٥٠ |
غاديلوب | ١٧٥١ |
سان أوستاش | ١٧٥٣ |
الثالوث | ١٧٦٠ |
اسكوتلاندا الجديدة | ١٧٦٢ |
غرناطا | ١٧٦٤ |
فرجينيا | ١٧٦٤ |
الأرض الجديدة | ١٧٦٥ |
غيان الهولندية | ١٧٧٠ |
برمود | ١٧٧١ |
لوسيانا | ١٧٨٠ |
ماري لاند | ١٧٨١ |
كارولين الشمالية | ١٧٧٨ |
فرمونت | ١٧٧ |
القديس توما | ١٨١٥ |
هوندوراس | ١٨١٩ |
كوبا | ١٨٢١ |
دومينيك | ١٨٢٢ |
برازيل | ١٨٢٢ |
هايتي | ١٨٢٣ |
كولومبيا | ١٨٢٤ |
المكسيك | ١٨٢٥ |
غيانا الفرنساوية | ١٨٢٧ |
نيوغال الجنوبية | ١٢٢٨ |
نيوزيلاند | ١٨٤٠ |