الخدعة الأخيرة!
كانت الساحة خالية … وأقربُ مسكن يبعد عدة كيلومترات … وقد ظهر برجُ إيفل على مسافة بعيدة … لم يكن يبدو أن هناك حياة في المكان … غير السيارة التي تحمل الأرقام الدبلوماسية، وفي الخلف ظهرَت عشرةُ رءوس لرجال مسلحين بالمدافع الرشاشة، وقد اختفوا خلف بعض الصخور، واستعدوا لإطلاق الرصاص عندما يقترب الهدف … وأخيرًا … بدأ الهدف يقترب …
وظهرَت سيارتَا الشياطين قادمتَين على البُعد بأقصى سرعة … وظهر السرور على وجوه المسلحين العشرة … فقد نجحَت خدعتُهم الأخيرة التي رسموها للتخلص من الشياطين … لاصطيادهم في ذلك الخلاء …
وراحَت سيارتَا الشياطين تقتربان بسرعة بالغة … دون أن يهتمَّ ركابُها بالصخور والأرض المتعرجة غير المستوية … وما إن وقعَت أبصار المسلحين العشرة على السيارتَين المقتربتَين بسرعة حتى ظهر فيهما الذهول … كانت السيارتان بلا سائق … وكان لذلك معنى وحيد!
وصرخ قائد المسلحين في رجاله برعب …: إن السيارتَين ملغومتان … فلنُسرع بالهرب … ولكن جاء تحذيرُه متأخرًا … ودوَّى انفجار هائل … ثم تَبِعه انفجارٌ ثانٍ.
وتناثر رجالُ المنظمة المسلحون، وقد أطاح بهم الانفجار، فلم ينجُ منهم غيرُ واحد راح يتألم بشدة من إصابته.
وظهر الشياطين الخمسة من الخلف … فقد قاموا بخدعتهم هذه المرة … بعد أن توقَّعوا ما ينتظرهم في ذلك المكان … فقاموا بتلغيم السيارتَين للقضاء على رجال المنظمة.
واندفع الشياطين نحو المسلَّح الجريح، وأمسكه «أحمد» من ياقته، وهتف به: لقد تعادلنا الآن … وخدعة بخدعة … ومن الأفضل لك أن تدلَّنا على مكان الفتاة والبروفيسور المخطوفَين قبل أن نُجهِز عليك!
ظهر الرعب على وجه الرجل، وقال متوسلًا: سأقودكم إلى هناك، ولكن لا تقتلوني!
عثمان: تأكَّد أننا لن نكتفيَ بإطلاق الرصاص عليك إذا كنت تحاول أن تخدعَنا بأية حيلة أخرى.
وألقى الشياطين بالرجل المصاب في إحدى السيارتَين … ثم انطلقوا بهما صوب قلب باريس مرة أخرى، وباتجاه حدائق برج إيفل خلف النهر الكبير.
ولم تستغرق الرحلة وقتًا طويلًا هذه المرة … وكان الهدف منزلًا قديمًا محاطًا بسورٍ عالٍ … يُطلُّ على نهر السين ويبدو مهجورًا، وقام الشياطين بتقييد المصاب … ثم قفزوا فوق سور المنزل من الخلف … وتسلَّلوا بداخله.
كان المنزل يبدو مهجورًا … ومن ذلك النوع الذي يمتلئ بالسراديب والأقبية … وكان مظلمًا من الداخل، فأخذ الشياطين يتحركون في حذر.
وفجأة اصطدم «خالد» بشيء … فسقطَت المنضدة التي اصطدم بها على الأرض محدثةً صوتًا عاليًا.
وتجمَّدوا في أماكنهم … وسمعوا صوتَ خطوات مهرولة … ثم بدأ إطلاق الرصاص كالمطر …
كان منسوب المياه داخل الحجرة الواسعة يواصل ارتفاعَه بسرعة … وبدأ الماء يرتفع من كتف «إلهام» حتى رقبتها، ويقترب من فمها.
وأفاق البروفيسور من إغمائه، وظهر عليه الخوف من ذلك المصير الذي ينتظره … وظهر القلق على وجه «إلهام». كانت لآخر لحظة متأكدة من وصول الشياطين إليها وإنقاذها … ولكن الأمل تضاءل بمرور الوقت.
ووصل الماء إلى فمها … وراحَت «إلهام» تحاول الوقوف على أطراف أصابعها حتى لا يصلَ الماء إلى فمها أو أنفها.
وأحسَّت أنها تُوشك أن تختنق … وفجأة دوَّت أصوات الطلقات في الخارج … وانتفضَت «إلهام» من الفرحة … فقد كان معنى طلقات الرصاص هي وصول الشياطين.
ولكن هل سيتسع الوقت لهم لإنقاذها هي والبروفيسور؟
فجأة انفتح باب الحجرة … وظهر رأس «أحمد» من فوق سطح الماء … وحييَ الأملُ في قلب «إلهام»، واندفع «أحمد» غائصًا في قلب الماء. وبسرعة قام بتمزيق قيود «إلهام» والبروفيسور … في اللحظة الأخيرة بسكين صغيرة معه.
وصاح «أحمد» بهما: فلنُسرع للخروج من هذا المكان … وإلا غَرِقنا!
وفجأة … ظهر زعيم المنظمة … وقد أطلَّ من نافذة عالية بالحجرة … وقد صوَّب مدفعًا رشاشًا نحو «إلهام» و«أحمد» والبروفيسور وهو يقول: إنكم لن تغادروا هذا المكان أحياء أبدًا!
هتف «أحمد» به: أؤكد لك أنك مخطئ.
وطارَت سكين «أحمد» الصغيرة نحو الزعيم فاستقرَّت في قلبه … ثم انكفأ على وجهه بلا حَراك.
وحمل «أحمد» البروفيسور فوق يدَيه، واندفع يغادر الحجرة مع «إلهام» … وصَعِدَا بضعةَ سلالم قادَتْهما لأعلى.
واتجه «عثمان» نحوهما وهو يقول: لقد قضينا على كلِّ رجال المنظمة في هذا المكان.
أحمد: هذا أفضل ليصير الأشرار في هذا العالم أقلَّ عددًا. دعونا نغادر هذا المكان بسرعة.
واندفعوا خارجين إلى السيارتَين بالخارج … وقد استعاد البروفيسور قوتَه.
وتساءلَت «إلهام» بدهشة عظيمة: ولكن كيف تمكنتم من اكتشاف الخدعة الأخيرة لهؤلاء المجرمين والوصول إلى هنا؟!
أجابها «أحمد» ضاحكًا: إننا أيضًا لدينا خدعة … وإلا ما استحققنا أن يُطلَق علينا الشياطين! وانطلق الجميع يضحكون … والبروفيسور «أدهم» يرمقهم بإعجاب شديد …