الألوان المفضلة للأفراد
إن الألوان المفضلة بوصفها دليلًا على شخصية الفرد من الموضوعات المثيرة للجدل، لكنه ليس بكل تأكيد موضوعًا غير مبحوث أو غير مدروس. ويرجع السبب في ذلك الجدل إلى أمر بسيط هو أن الناس ليسوا متشابهين؛ فحتى التوءمان المتطابقان فسيولوجيًّا لدى كل منهما شخصية مختلفة. وعلى الرغم من وجود مشككين وغير مصدقين، فإن الزيادة الثابتة في الأمراض العقلية في كل أنحاء العالم قد فتحت الباب أمام طرق ونظريات جديدة للتشخيص، وكانت الألوان من بين هذه الطرق والنظريات. وعلى الرغم من أن الحقائق القياسية نادرًا ما يمكن ضمانها في العلوم النفسية، فإن التعميمات العامة والبارزة، حتى لو كانت ذات أساس تجريبي، تسترعي اهتمام الممارسة الطبية والمعالجة النفسية. وكما قلنا، فإن بعض التعميمات ذات الأساس الموثوق تمامًا يمكن أن توضع قيد الاختبار، وتستخدم كوسائل لمعرفة ألغاز الروح البشرية، وتستخلص منها سمات وغرائب عقلية وعاطفية بسيطة، ومعقدة أحيانًا، لا يمكن بالتأكيد أن تكون واضحة في مظهر أو سلوك الفرد. والميزة الكبيرة هي أن اعترافات أو تصريحات الأفراد عن ألوانهم المفضلة تكون عادة على نحو عفوي، وتتطلب قدرًا قليلًا من القرارات العقلانية إذا تطلب الأمر. يمكن القول إن الناس «يحبون» الألوان، وسوف يشتركون بإرادتهم غالبًا في أحد اختبارات الألوان. وعند قيامهم بذلك قد لا يحملون أي شكوك تجاه الاختبار، وقد يتعاونون بحماس بلا تردد. وفي واقع الأمر، فإن تبني توجُّه سلبي تجاه الألوان أو تجاه اختبار الألوان قد يحمل في حد ذاته معنًى مهمًّا.
يراجع هذا الفصل الاختبارات التشخيصية المتعلقة بالألوان؛ وهي: اختبار رورشاخ، واختبار هرم الألوان لماكس فيستر، واختبار لوشر للألوان، وكذلك الاختبار الذي أعددته بنفسي. دعوني أوضح أنه على الرغم من أن اختبارات رورشاخ وفيستر ولوشر هي اختبارات علمية الهدف، وتهتم بالطبائع أو الأمراض العقلية، فإن اختباري للترفيه الصرف، ويرتبط بالأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم لحسن الحظ (أو لسوء الحظ) طبيعيين. لقد كان بحثي مكثفًا، لكنه كان قاصرًا تقريبًا على الأشخاص الطبيعيين الذين قابلتهم في المناسبات الاجتماعية والمهنية العادية. أما اختبار رورشاخ، الذي لا يرتبط بالألوان على نحو رئيسي، فيعود إلى عام ١٩٢١ (وقُدِّم هذا الاختبار إلى أمريكا في عام ١٩٢٨). أما أول اختبار ألوان أعددته ونُشر في هيئة كتاب وموقَّع باسم مستعار هو مارتن لانج، فيعود إلى عام ١٩٤٠، وأول اختبار من اختبارات لوشر يعود إلى عام ١٩٤٧. ويعود اختبار فيستر إلى عام ١٩٥٠. ولنبدأ من البداية.
(١) إي آر ينش
أعمال إي آر ينش مذكورة أيضًا في الفصل الثالث فيما يخص الصور التخيلية. وعلى الرغم من أن كتابه الرائع عن هذا الموضوع يعود إلى عام ١٩٣٠، «بعد» رورشاخ، فإن إحدى ملاحظات ينش يمكن أن تكون حقًّا مقدمة لمظاهر الألوان المفضَّلة والشخصية، وفي الوقت نفسه تقدم نظرية يمكن أن تشكِّل إلى حدٍّ ما أساسًا بصريًّا وفسيولوجيًّا للموضوع برمته.
أصحاب البشرة الشقراء لديهم إلى حدٍّ كبير توجُّهٌ تجاه الألوان مختلف عن توجُّه أصحاب البشرة السمراء. وفي محاولة لتفسير ذلك، يذكر ينش الاختلاف بين انتشار «ضوء الشمس» في مناطق العالم القريبة من خط الاستواء وانتشار «ضوء السماء» في المناطق القريبة من القطبين. عندما يسافر المرء من المناخ البارد إلى المناخ الحار، يزيد ضوء الشمس ويقل ضوء السماء. الضوء الشديد يتطلب التكيف مع الشمس أو «الرؤية الحمراء»، وقد يصاحب ذلك تصبُّغًا في العين. وسبب ذلك — على الأرجح — هو حمايتها من ضوء الشمس الزائد.
الأشخاص أصحاب الرؤية الحمراء هم النموذج التقليدي للسُّمر، مثل الشعوب اللاتينية. وفي الغالب تكون عيونهم داكنة، وشعرهم داكنًا، وبشرتهم داكنة، وألوانهم المفضلة، بطبيعة الحال، هي الأحمر وكل الألوان الدافئة، وهو انحياز ربما لا يكون له أصل روحي، لكنه — على الأرجح — نتيجة لعملية فسيولوجية تتمثل في التأقلم مع الموجات الطويلة من الضوء. أما أصحاب البشرة الشقراء، فهم أصحاب «رؤية خضراء»، وقد يكون لديهم تصبُّغ مختلف؛ فهم من الشعوب النوردية والإسكندنافية، وعيونهم زرقاء، وشعرهم فاتح، وبشرتهم فاتحة، وألوانهم المفضلة هي الأزرق والأخضر.
ودعمًا لنظرية ينش، فإنها لحقيقة واضحة كون أن العامل الحاسم في الألوان المفضلة يبدو أنه ضوء الشمس (أو عدمه)؛ فعندما يكون ضوء الشمس وافرًا، يميل الناس إلى إظهار تفضيلهم للألوان الدافئة الفاقعة، وعندما يكون ضوء الشمس أقل نسبيًّا، فإنهم يميلون إلى تفضيل الألوان الباردة والفاتحة. وقد وجدت أن نظرية ينش صحيحة إلى حد كبير فيما يخص الألوان المفضلة بين الشعوب النوردية والشعوب اللاتينية. وإليكم، إذن، نقطة انطلاق يمكننا من خلالها إجراء المزيد من التحسينات.
(٢) هيرمان رورشاخ
ولد هيرمان رورشاخ في عام ١٨٨٤، وهو ابن مدرس فنون سويسري. درس الطب واهتم مبكرًا بالأمراض العقلية. وعلى الرغم من أنه توفي في سن مبكرة عن ٣٧ عامًا، فقد قدم مجموعة لوحات اختبار لتشخيص الأمراض النفسية، مشهورة ومألوفة في الوقت الحاضر بأنها بُقع حبر تشبه الفراشات؛ عددها في المجمل عشر، خمس منها باللون الأبيض والأسود فقط، واثنتان باللون الأسود والأحمر، وثلاث بالألوان الكاملة. كان يهدف إلى عرضها على مرضى الأمراض العقلية على أمل كشف علامات الأمراض العصابية، وأمراض الذهان، والاضطرابات العقلية العضوية.
وعلى الرغم من معارضة وانتقاد البعض لاختبار رورشاخ، فقد أثنى عليه آخرون وقبلوه أيضًا. ما زال هذا الاختبار مستخدمًا حتى وقتنا الحاضر، وكتبت العديد من الكتب والمقالات عنه. ومن المنصف الاعتراف بأن كثيرًا من الحقائق والأدلة التي يوردها اختبار رورشاخ من الممكن الإعراض عنها بسبب ميلها إلى الافتراضات والتعميمات. إن الطبيعة البشرية مراوغة؛ فلا يوجد رجل أو امرأة أو طفل له طابع أو مزاج واحد طوال الوقت. والمرض والظروف والأحداث قد تسبب اضطراب العقل والكثير من التشوهات. كيف إذن يمكن استخدام بقع حبر رورشاخ؟
يتأثر بعض الأشخاص في الغالب بالشكل، والبعض الآخر يتأثر باللون. وعند تفسير هذه اللوحات يُطلب من المرضى التعبير عن مشاعرهم واستجاباتهم وارتباطاتهم. بعضهم يفكر على نحو تجريدي، يهتم بما إذا كانت اللوحات جميلة أم لا، والبعض الآخر يفكر على نحو مادي ويرى أشياء وطيورًا وزهورًا. وتطلبت هذه الاستجابات التفكر والقدرة على التعبير اللفظي، لكن ماذا عن الاستجابات غير المنطوقة؟ وجد رورشاخ وأتباعه ملاحظة أخرى طريفة، مما يؤيد رأي ينش عن الشعوب النوردية والشعوب اللاتينية؛ فعند عرض اللوحات، يستطيع الباحث أو المشخص أن يرى حركات وجه أو جسد المريض. واكتشفوا أن الأشخاص الذين يبدو أنهم متأقلمون جيدًا مع الحياة والعالم، والذين أحبوا الألوان بوضوح — لكنهم كانوا رغم ذلك منزعجين إلى حد ما — يميلون على الأرجح إلى الإصابة بالاكتئاب الهوسي. أما الأشخاص الذين بدوا منزعجين من الألوان، أو بدا أنهم يرفضون الألوان، فلديهم ميول نحو الإصابة بالفصام. واستحضارًا لإشارة كارل يونج عن الأشخاص المنبسطين والأشخاص الانقباضيين (أي الأشخاص أصحاب الاهتمامات المتوجهة نحو الخارج مقارنةً بالأشخاص أصحاب الاهتمامات المتوجهة نحو الداخل)، فمن الممكن أن نقول على نحو منصف إن الشعوب اللاتينية والأشخاص المنبسطين ومرضى الاكتئاب الهوسي ابتهجوا بالألوان، في حين أن الشعوب النوردية والأشخاص الانقباضيين ومرضى الفصام انزعجوا من الألوان. وفي واقع الأمر، وُجدت استجابات إيجابية وسلبية، وكانت معبرة إلى حدٍّ كبير (قد يعارض القارئ ذلك، لكنه يضفي قدرًا من المعقولية على الموضوع وتبريرًا لهذا الفصل).
ولدى برونو كلوبفر ودوجلاس كيلي؛ وهما من الممارسين لاختبار رورشاخ، ملاحظة حول اختبار رورشاخ: «على الأرجح، إن أهم علامة على الاستجابة الدالة على الإصابة بالعصاب هي الصدمة عند رؤية الألوان؛ فكل طلبة هذه الطريقة وجدوا أن مرضى العصاب يظهرون هذه الصدمة دائمًا، وأن نسبة قليلة فقط من الأشخاص الطبيعيين وغيرهم من الأشخاص المصابين بمختلف الأمراض أظهروا هذه الصدمة.» وبذلك فإن قبول الألوان أو رفضها يكشف على نحو كبير الميول الانبساطية أو الانقباضية، كما يشير أيضًا إلى وجود أهمية نفسية في كلٍّ من الألوان المعينة التي قد «يحبها» الشخص، وكذلك في الألوان التي قد «يكرهها». وقد أسهم رورشاخ وأتباعه كثيرًا في تقديم نظام معقول لموضوع هذا الفصل.
بالنسبة لكثير من الأشخاص المصابين بالعصاب، لا سيما مرضى الفصام (حوالي ستين في المائة من مرضى الأمراض العقلية القابعين في المستشفيات)، قد يمثل اللون تطفلًا غير مرغوب فيه في حياتهم الداخلية؛ فهم ببساطة لا يحبونه أو لا يرغبون فيه! أما بالنسبة لمدمن الخمور، على سبيل المثال، ذلك الشخص الذي قد يكون انقباضيًّا عندما لا يكون ثملًا، ويكون منبسطًا عندما يكون مخمورًا، فقد تتغير استجابته للألوان من اللامبالاة إلى الابتهاج. ولاحظ رورشاخ أن الاستجابة للألوان التي قد تكون أكثر وضوحًا من حين لآخر من الممكن اعتبارها مقياسًا لدرجة الخرف في مرضى الصرع. وكان من المحتمل ظهور صدمة الألوان (رفضها) لدى مرضى الفصام والهيستيريا والوسواس القهري، ونادرًا ما كانت تظهر لدى مرضى الاكتئاب الهوسي. وأظهر الأشخاص الذين يعانون من الوهن العصبي (الإنهاك، الانهيار العصبي) استجابة قليلة تجاه الألوان. إذا كان يوجد اهتمام باللون أكثر من الشكل، فقد يعتبر اللون «عدوًّا فتاكًا يهدد باقتحام عالم المريض الداخلي المعزول بعناية، وابتلاعه في دوامات علاقات الواقع الخطيرة التي لا يمكنه التغلب عليها.» ومن الممكن أيضًا ملاحظة وجود اكتئاب حاد إذا فضل الشخص البطاقات السوداء والبيضاء على البطاقات الملونة.
(٣) ماكس فيستر
دعوني أناقش باقتضاب عمل ماكس فيستر. على الرغم من أنه نشر «اختبار هرم الألوان» في عام ١٩٥٠ («بعد» لوشر)، فإنه لم يحظَ بالتأثير الذي حققه اختبار رورشاخ أو اختبار لوشر في الولايات المتحدة. وفي واقع الأمر، فإن اختبار فيستر لم يحظَ بعدُ بالرواج في اللغة الإنجليزية، على الرغم من أن كيه وارنر شايَّه؛ من جامعة جنوب كاليفورنيا، كتب عن بحثه وعن المطبوعات الألمانية التي خصصت لهذا البحث.
يهدف اختبار هرم الألوان إلى كشف «سمات الشخصية المنحرفة»، فيُعطى المرضى مخططًا به خمسة عشر مربعًا مرتَّبة على شكل هرم، بحيث يوجد خمسة مربعات في القاعدة، ومربع واحد على القمة. ويقدم للمرضى مربعات متماثلة في الصغر ملونة بأربعة وعشرين لونًا مختلفًا، ويطالبون بوضع المربعات الملونة في مجموعة من الأهرام. ومطلوب من المرضى الاستجابة من منطلق الحدس، والتعبير عن مجموعات الألوان التي تبدو متناغمة، ومجموعات الألوان التي تبدو قبيحة. وبعد ذلك يقوم مسئولون مدربون بالمراجعات.
وتفسيرًا لبعض نتائج شايَّه، فإن الأشخاص الذين «يبعثرون» الألوان تكون الألوان هي المسيطرة لديهم، بينما الأشخاص الذين «ينظمون» الألوان يكون الشكل هو المسيطر لديهم. كما يراعى أيضًا الاستخدام الحر أو المتحفظ لكل لون على حدة؛ فالاستخدام الحر لِلَّون الأحمر قد يشير إلى السمات الانبساطية، وقد يشير اللون البرتقالي إلى الرغبة في «تكوين علاقات اجتماعية جيدة»، وقد يشير اللون الأصفر إلى «علاقات شخصية محددة»، وقد يشير الأخضر إلى «أعراض اضطراب نفسي»، وقد يشير الأزرق إلى العقلانية، والأرجواني إلى القلق، والأبيض إلى ميول نحو الإصابة بالفصام. وكما لاحظ رورشاخ، ولوشر وغيرهم (من بينهم أنا)، فإن الأشخاص الطبيعيين يميلون إلى تفضيل الألوان الأساسية، بينما قد يختار الأشخاص المضطربون اللون الأبيض، والرمادي، والبني، والأسود.
(٤) ماكس لوشر
رورشاخ وفيستر ولوشر كانوا كلهم سويسريين، ونُشرت أبحاثهم في الأصل باللغة الألمانية. وقد تراسل لوشر ومؤلف هذا الكتاب لعدة سنوات (وكان أحد طلبة لوشر على تواصل معي لمدة عامين). نشر أول أبحاث لوشر في عام ١٩٤٧، وتضمن ثلاثة وسبعين لونًا على سبعة ألواح. وظهر لأول مرة اختبار آخر أقصر في الخارج في عام ١٩٥١. تُرجم ذلك الاختبار إلى الإنجليزية على يد إيان سكوت، ونشر في عام ١٩٦٩، وحقق مبيعات كبيرة، وأصبح رائجًا إلى حد كبير في الولايات المتحدة. وكان لدى لوشر مشاكل مع «الحقائقيين»، تمامًا كما هو الحال مع رورشاخ وفيستر (وأنا أيضًا).
في حين يوصف كتاب بيرين لتحليل الشخصيات على أساس الألوان، الذي سنتحدث عنه لاحقًا في هذا الفصل، بأنه مخصص للأشخاص، المفترض أنهم طبيعيون، الذين يرغبون في تسلية أنفسهم ببساطة عن طريق الإخبار والكشف عن ملاحظات عن طبائعهم، يعلن اختبار لوشر في الطبعة الأمريكية أن «اختبار لوشر، على الرغم من السهولة والسرعة الممكن إجراؤه بهما، فإنه اختبار نفسي «عميق»، مخصص لاستخدام الأطباء النفسيين، وعلماء النفس، والأطباء، والأشخاص المرتبطين مهنيًّا بالسمات والدوافع الواعية وغير الواعية لدى الآخرين. هذا الاختبار «ليس» لعبة للتسلية في غرفة الاستقبال بالمنزل، وهو على نحو قاطع تمامًا ليس سلاحًا يستخدم في منافسة عامة لإثبات التفوق على الأقران.» وإذا كان كتاب لوشر مخصصًا للاستخدام في عيادة الطبيب، فإن كتابي مخصص للاستخدام في غرفة معيشة أي شخص!
يضم اختبار لوشر في طبعته القصيرة ثمانية ألوان موصوفة على النحو التالي: أحمر برتقالي، وأصفر فاقع، وأخضر مزرق، وأزرق غامق، وبنفسجي، وبني، ورمادي حيادي، وأسود (يضم كتاب بيرين لتحليل الشخصيات على أساس الألوان اثني عشر لونًا). وعند الخضوع لاختبار لوشر، يرتب الشخص الألوان الثمانية من اليسار إلى اليمين وفقًا للتفضيل، فتكون الألوان الأكثر تفضيلًا ناحية اليسار، والألوان الأقل تفضيلًا (أو التي يبغضها) تكون ناحية اليمين. وبعد ذلك يستشير الشخص الكتاب. والتفسيرات مقدَّمة وفقًا للألوان الأكثر تفضيلًا والأقل تفضيلًا، لأزواج الألوان، ولمجموعات الألوان الأكثر تفضيلًا مع الأقل تفضيلًا. وهذا يكوِّن ما يقرب من ٣٢٠ تعليقًا أو تفسيرًا تشخيصيًّا مختصرًا. وبعض هذه التعليقات أو التفسيرات مختصر للغاية. ورغم ذلك، أوصي بشدة بكتاب لوشر مع التقدير الكامل لغرضه الجاد وليس العفوي. دعوني الآن أصف وجهات نظر لوشر حول الألوان الأكثر تفضيلًا والألوان الأقل تفضيلًا (لمعرفة معنى أزواج الألوان ومعنى مجموعات الألوان يجب الرجوع إلى الكتاب نفسه).
إن تفضيل اللون الأحمر البرتقالي قد يشير إلى القوة الحيوية والرغبة والفاعلية؛ فاللون عفوي وجنسي، ويمكن أن يكون اختيارًا أوليًّا للأشخاص الذين يعانون من الإنهاك الجسدي أو العقلي. أما الأشخاص الذين يكرهون الأحمر البرتقالي فقد يفتقرون إلى الحيوية أو مهمومون بسبب مشاكل في حياتهم.
الأصفر الفاقع هو خيار أولي مستحسن، وفقًا للوشر؛ فهؤلاء الأشخاص يتسمون بالذكاء، ولديهم آمال وتوقعات هائلة، فهم يسعون إلى السعادة «في كل أشكالها التي لا تعد ولا تحصى من المغامرة الجنسية وحتى الفلسفات التي تقدم التنوير والكمال.» وإذا كان الشخص يكره اللون الأصفر، فهذه إشارة على خيبة الأمل في الحياة والعزلة والشك.
اختيار الأخضر المزرق كخيار أولي، مثل اللون نفسه، يشير إلى الثبات الطبيعي والديمومة والمثابرة. قد يرغب هؤلاء الأشخاص في الأمن ويقاومون التغيير. وقد يشير رفض الأخضر المزرق إلى القلق، والخوف من خسارة الثروة أو المكانة، أو الفشل.
يشير الأزرق الغامق إلى الإنجاز، والعزيمة، والنظام، وحالات السلام. وقد يشير رفض الأزرق الغامق إلى الرفض الشخصي. وقد يؤدي هذا إلى رغبة في الهروب أو إلى سلوك غريب.
البنفسجي بالنسبة للوشر يعني «اتحادًا صوفيًّا (بين الأحمر والأزرق)، وسحرًا، أو حلمًا تحول لحقيقة، أو حالة سحرية تتحقق فيها الأمنيات.» أما رفض البنفسجي فقد يدل على أن الشخص يختار تجنب العلاقات القريبة «سواء الشخصية أو المهنية».
البني لون مادي يرتبط بالأمان والتحفظ، ونادرًا ما يوضع في المرتبة الأولى، وعند وضعه في هذه المرتبة، فإننا من الممكن أن نجده مرتبطًا بالأرواح «المنبوذة والعديمة الجذور». والبني في أغلب الأحيان هو اللون الأقل تفضيلًا بين الألوان، وقد يعتبر هذا إشارة جيدة على الرغبة في التفرد والاستقلالية.
أما الرمادي الحيادي، مثل البني والأسود، فهو عادة آخر خيار، أو الخيار قرب الأخير بالنسبة لمعظم الأشخاص؛ فالرمادي «ليس فاعلًا ولا مفعولًا، ولا داخليًّا ولا خارجيًّا، ولا توترًا ولا استرخاءً … الرمادي هو سور برلين؛ ستار حديدي.» والأشخاص الذين يضعونه في الصدارة يرغبون في العيش داخل جدران، وأن يُتركوا بمفردهم. وقد يكشف رفض الرمادي عن الملل والرغبة في الانخراط في الحياة بدلًا من الاستمرار في العزلة.
أما الأسود فنادرًا ما يُختار كلون مفضل، وعند اختياره ربما يكون الشخص «متمردًا على القدَر». إنه يحتل المكانة الأخيرة في اختبار لوشر — في أغلب الأحيان — أكثر من أي لون من الألوان السبعة الأخرى، وعند ترتيبه في المكانة الأخيرة، فإنه يشير إلى الإصرار على «عدم الاضطرار إلى التنازل عن أي شيء.»
(٥) الألوان المفضلة لدى الأطفال
أُنجزت كثير من الأعمال باختبار لوشر هنا وفي الخارج، وجمعت الكثير من الوثائق الشاملة، معظمها بالألمانية. واستخدم الاختبار بالطبع في أغراض تشخيصية في مجال علم النفس والعلاج النفسي، كما استخدم أيضًا مهنيًّا في ترتيب المتقدمين لشغل الوظائف. ومن الواضح والحقيقي أن السمات الشخصية المميزة يمكن كشفها ببساطة من خلال المخططات السوداء والبيضاء التي تدوِّن استجابات الشخص دون إجراء مقابلات شخصية. وقد يؤدي هذا إلى اختصارات عملية في الحكم على أعداد كبيرة من الأشخاص وتصنيفهم، والتخلص من أصحاب الإمكانيات الضعيفة. وفي حالة وجود صعوبات تتمثل في الأمية أو عدم معرفة اللغة الأجنبية، فإن اختبار الألوان يعد من أسهل الاختبارات وأكثرها استحبابًا مقارنة بالاختبارات الأخرى التي تتضمن الكلمات.
قبل تفصيل مبادئ ونظريات كتاب بيرين لتحليل الشخصيات على أساس الألوان، إليكم بعض التعليقات على الأهمية العامة للألوان المفضلة والشخصية، وعن استجابات الألوان لدى الأطفال. في عام ١٩٤٩، كتب الهولندي بي جيه كوير كتاب «الألوان والشخصيات المرتبطة بها». وعلى الرغم من أن كوير استخدم الكلمات ولم يستخدم عينات من الألوان أو اللوحات الملونة، فقد كتب بثقة فقال: «إن حقيقة وجود علاقة معينة بين الشخصية واللون المفضل أصبحت واضحة من تجارب كثيرة، لدرجة أنه لم تعد توجد حاجة إلى دليل إضافي.» وبالنسبة له فإن «إدراك اللون لا يتضمن حقًّا الشبكية و«الوعي» فقط، بل يتضمن الجسم ككل.» وكما هو الحال مع ينش ورورشاخ، فقد لاحظ كوير أن صفات الدفء والبرودة في الألوان ترتبط بطبائع مختلفة؛ فالدفء في الألوان يشير إلى التواصل مع البيئة، والبرودة تشير إلى الانسحاب منها.
في عام ١٩٤٧، نُشر كتاب مميز في مجلدين يحمل عنوان «الرسم والشخصية»، من تأليف روز إتش ألشولار ولابيرتا فايس هاتويك. ومنذ ذلك الحين أعيدت طباعة الكتاب بغلاف ورقي من قِبل مطبعة جامعة شيكاجو. وهذا الكتاب يقدم أفضل أطروحة عن استجابات الأطفال للألوان أعرفها حتى الآن. كان اهتمام ألشولار وهاتويك منصبًّا على مهنة وعلم العلاج النفسي بالفن الذي تطور مؤخرًا؛ تلك المهنة المخصصة لدراسة شخصية الإنسان من خلال التعبير الفني. إن الأطفال ليسوا بارعين على الإطلاق في التعبير عن أنفسهم بوضوح، ولديهم حب طبيعي للألوان، ويستجيبون لها بعفوية، واستجاباتهم مهمة إلى حد كبير. وتزعم ألشولار وهاتويك أن «الألوان أكثر من أي عنصر آخر من عناصر الرسم لديها قيمة خاصة في تقديم دلالات عن طبيعة ودرجة الحياة العاطفية للأطفال.» إن الأطفال أكثر استجابة للون عن الشكل، وسوف يستمتعون به بمرح خالص. ومع تقدمهم في العمر وقلة عفويتهم، نظرًا لخضوعهم للتأديب، فمن الممكن أن تفقد الألوان بعضًا من جاذبيتها الفطرية بالنسبة لهم، ومن المحتمل أن يفضل الأطفال الصغار الألوان الدافئة والفاقعة مثل: الأحمر، والبرتقالي، والوردي، والأصفر؛ فمن خلال هذه الألوان، تطلق مشاعرهم الداخلية. والأطفال الذين يستخدمون الألوان الباردة؛ الأزرق والأخضر، قد يكونون أكثر تعمدًا وأقل عفوية. أما استخدام الأسود أو البني أو الرمادي فقد يكشف عن بعض المشاكل الداخلية. وإليكم بعض التعليقات الوثيقة الصلة حول معنى كل لون على حدة بالنسبة للأطفال.
الأحمر، عند استخدامه بِحُرية، قد يشير إلى حب للحياة بسيط وغير متحفظ، وعند استخدام الأحمر بتحدٍّ قد يكشف عن العدوانية أو الرغبة في العطف.
البرتقالي هو اللون الاجتماعي، ويشير إلى تكيف جيد مع الحياة والمجتمع (وهذا الاستنتاج توصل له هينر إيرتل ومذكور في الفصل الرابع).
الاستخدام الحر للأصفر قد يشير إلى الخجل أو حاجة غير واعية إلى إشراف الكبار.
الأخضر، كما هو متوقع، كان علامة التوازن؛ فالأطفال الذين يستخدمونه بِحُرية يميلون إلى «إظهار انعدام ملحوظ للعواطف القوية المُعبَّر عنها علانية.»
الأزرق قد يشير إلى الامتثال والاستعداد للطاعة والسيطرة على المشاعر أو كبتها.
ولاحظت ألشولار وهاتويك أنه لا يوجد عدد كبير من الأطفال يبدو أنهم يهتمون كثيرًا باللون الأرجواني. وهذا الاستنتاج لم يؤكده محققون آخرون؛ فقد أخبر لوشر، على سبيل المثال، بوجود تفضيل قوي للون البنفسجي بين أطفال المدارس في سن ما قبل المراهقة. وبالنسبة لهذا المؤلف، فإن استخدام الأرجواني أو البنفسجي من قِبل طفل صغير (ونادرًا ما قابل مثل هذه الحالة) قد يكشف عن محاولة ساذجة لأن يبدو الطفل ذا مستوًى رفيع.
البني والأسود والرمادي نادرًا ما تروق للأطفال كألوان مفضلة. وقد تنكشف الشخصية الشرجية التي صنَّفها فرويد عند توزيع البني على نحو عشوائي؛ فربما يدل ذلك على تحدي أحد الأمور الضرورية للبالغين المتمثلة في الحفاظ بشدة على الصحة والنظافة الشخصية. وقد يستخدم الأسود لمجرد التخطيط أو رسم الإطارات. وإذا استخدمه الأطفال على نحو عفوي، فقد يُظهِر هذا تحدِّيًا، أو قد يكشف عن الخوف أو القلق.
(٦) كتاب بيرين لتحليل الشخصية على أساس الألوان
كما ذكرت في بداية هذا الفصل، فإن كتابي الأول عن الألوان المفضلة والشخصية، الذي وقعته باسم مارتن لانج، يعود تاريخه إلى عام ١٩٤٠. وعلى حد علمي، فقد كان هذا الكتاب أول عمل مخصص لهذا الموضوع فحسب. لقد بدأ اهتمامي بهذا المجال في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين عن طريق المصادفة إلى حد ما. لقد أعددت سلسلة دراسات عن الألوان التجريدية حملت التصميم نفسه، لكنها كانت تظهر الألوان الأساسية للطيف من الأحمر إلى البرتقالي، والأصفر، والأخضر، والأزرق، والبنفسجي، والأرجواني، وكانت معروضة على جدران المرسم على صف متعاقب. ولاحظت فجأة أن كثيرًا من الزوار والأصدقاء أعربوا عن الحب والكره الشديدين الموجهين إلى الألوان؛ لأن المرسم كان متماثلًا فيما سوى ذلك، وبدأت أحتفظ بمجموعات المراجع وأطالع مكتشفات الآخرين (رورشاخ وينش). وخلال وقت قصير، كونت مكتبة من المراجع وسير الحالات. واستقبل الجمهور بحفاوة مجموعة من المنشورات الصغيرة حملت عنوان «ما هو لونك المفضل؟» كنت قد أعددتها لأحد العملاء. وبعد ذلك ألَّفت كتاب مارتن لانج. واكتسب بحثي كلًّا من السرعة والحجم. وفي عام ١٩٥٢، ألَّفت كتابًا جديدًا تمامًا بعنوان «لونك وذاتك»، وحقق مبيعات هائلة، وأدى ذلك إلى كتابة المقالات والنقد عنه في داخل إنجلترا وخارجها، وإلى ظهوري عبر أثير الإذاعة وعلى شاشة التليفزيون. واطَّلعت على دراسات حالة أخرى. وفي عام ١٩٦٢، كتبت كتابًا ثالثًا حمل عنوان «لوِّن عالمك»، وكان كتابًا ذا غلاف ورقي، وكانت طبعته مكونة من ٩٠ ألف نسخة. ونشرت طبعته الرابعة والمُراجعة بالكامل على يد مؤسسة ماكميلان (١٩٧٨). ويقدم الكتاب بيانات أكثر حداثة معتمدة على مزيد من الأبحاث وسير الحالات المتعلقة بالأهمية العاطفية للألوان المفضلة.
(٧) الاستجابة العامة للألوان
يمكن للقارئ الرجوع للكتاب المذكور سابقًا. أما في هذا الفصل فسوف أتناول في الغالب خبراتي، ومقابلاتي الشخصية، وكيف توصلت إلى استنتاجاتي حول دلالة كل لون من الألوان. لا يوجد شيء ثابت أو أكاديمي، وأزعم ببساطة أن ما سيقوله الناس عن الألوان التي يحبونها (ويكرهونها) يقول الكثير عن شخصياتهم، وأنه إذا جُمع قدر هائل من البيانات، فمن الممكن التوصل لاستنتاجات دقيقة وكاشفة إلى حد مدهش، لدرجة أنها إن لم تنطبق على كل الأشخاص فإنها قطعًا سوف تنطبق على غالبيتهم!
فيما يتعلق بالاستجابة «العامة» للألوان، من الطبيعي تمامًا بالنسبة للبشر أن يحبوا أي لون، وكذلك كل الألوان. إن الرفض، أو التشكيك، أو الإنكار الصريح للمحتوى العاطفي للألوان يشير — على الأرجح — إلى إنسان مضطرب، أو محبط، أو غير سعيد. أما الابتهاج غير المستحق بالألوان، فقد يكون علامة على التشوش العقلي، وعلى تقلُّب الرأي، وعلى أن الشخص ينتقل من خيال أو لهو إلى آخر، ويتسم بضعف التوجه والثقة بالنفس. ومن الحكمة الوضع في الاعتبار أن الألوان المفضلة قد تتغير عبر السنوات. وإذا اعترف الشخص بذلك، فقد يدل هذا بالفعل على أن شخصيته قد خضعت للتغيير. وهذا من المحتمل وجوده إلى حد كبير بين الأشخاص الانقباضيين مقارنةً بالأشخاص المنبسطين.
يوجد فرق كبير بين الأشخاص المنبسطين، الذين يحبون الألوان الدافئة، والأشخاص الانقباضيين، الذين يحبون الألوان الباردة. واقتباسًا لكلام الدكتور ماريا ريكيرز-أوفزيانكينا: «أخيرًا، توصل ينش مرة أخرى، بمفرده تقريبًا، إلى الفرق نفسه [الذي توصل إليه رورشاخ] بين الأصفر المحمر والأخضر المزرق. لقد وجد أن كل الناس يمكن تصنيفهم بطريقة مشابهة إلى أشخاص مصابين بعمى الألوان الذي لا يميز الأحمر والأخضر؛ أي يمكن تصنيفهم إلى أشخاص أكثر حساسية للطرف الدافئ من الطيف، وإلى الأشخاص الأكثر حساسية للطرف البارد منه. ويتسم الأشخاص الذين تسيطر عليهم الألوان الدافئة بعلاقة حميمة مع العالم المدرَك بصريًّا؛ فهم منفتحون ومتقبلون للتأثيرات الخارجية، ويبدو أنهم ينخرطون بسهولة كبيرة في محيطهم الاجتماعي، وتتسم حياتهم العاطفية بالمشاعر الدافئة، وقابلية الإيحاء، والمشاعر القوية، وتتسم كل وظائفهم العقلية بالسرعة والتكامل الشديد بعضها مع بعض. وفيما يخص علاقة الفاعل والمفعول، فإن تركيزهم منصبٌّ على المفعول.
أما الأشخاص الذين تسيطر عليهم الألوان الباردة في تجارب ينش، فلديهم توجه منعزل «منفصل» عن العالم الخارجي؛ فهم يجدون صعوبة في تكييف أنفسهم مع الظروف الجديدة والتعبير عن أنفسهم بحرية. أما على الصعيد العاطفي، فهم باردون ومتحفظون. وفي علاقة الفاعل والمفعول، فإن تركيزهم ينصب على الفاعل. باختصار، الأشخاص الذين تسيطر عليهم الألوان الدافئة هم من النوع المتكامل خارجيًّا في رأي ينش. أما الأشخاص الذين تسيطر عليهم الألوان الباردة، فيعتبرهم من النوع المتكامل داخليًّا.» ويوجد قدر كبير من الحقيقة في ذلك، وهو قدر كافٍ لاعتبار هذه الملاحظة «حقيقية». وكحقيقة إضافية، فإن الأشخاص أصحاب الشخصية المنفتحة والطبع المنفتح من المحتمل أن يفضلوا الألوان البسيطة. أما الأشخاص الأكثر تعقيدًا وتمييزًا فقد يعبرون عن خيارات لونية تتسم بقدر كبير من الفروق الصعبة التمييز.
(٧-١) الأحمر
اللونان الأكثر شيوعًا كلونين مفضلين هما الأحمر والأزرق، ويرتبطان عادةً بالأشخاص أصحاب الميول الانبساطية أو الانقباضية، سواء من الناحية الطبيعية أو من ناحية الاختيار المتعمد. وتوجد أنواع مختلفة من الشخصيات الحمراء. والنوع الأول يختار اللون حقيقةً من منطلق اهتمامات متوجهة للخارج، فالشخص عفوي، ومن الممكن أن يكون رياضيًّا، جذابًا، سريعًا في الإفصاح عن آرائه، سواء أكانت صحيحة أم خاطئة. والسمة الظاهرة للنوع الأحمر الحقيقي هو ميله إلى التقلبات العاطفية، ولوم الآخرين، أو لوم الدنيا على أي مضايقات تحدث له؛ فالحياة بالنسبة له لا بد أن تكون مثيرة وسعيدة، وإن لم تكن كذلك، ظن أنه توجد مشكلة على نحو مؤكد. وقد يميلون إلى الإصابة بذهانات الاكتئاب الهوسي؛ ولذلك لا بد من تعزيز السيطرة على النفس.
أما النوع المكمل من الشخصيات الحمراء (يُلاحظ على نحو أفضل في التعاملات الشخصية)، فهو الشخص الخانع والخجول الذي قد يختار هذا اللون لأنه يرمز إلى صفات الشجاعة التي يفتقر إليها. ابحث عن تلبية الرغبة، عن التسامي، عن رغبات خفية تتمنى امتلاك شجاعة اللون الأحمر.
وإذا كان الأحمر مكروهًا — وهذا شائع إلى حد ما — فابحث عن شخص تعرض لخيبة الأمل والهزيمة بطريقة ما، ويشعر بالسخط والغضب بسبب عدم تحقق رغباته. وهذا الشخص ربما حرم من الحياة السعيدة أو الناجحة بشكل أو بآخر، وهو شديد الاضطراب، ومريض عقليًّا — على الأرجح — إن لم يكن مريضًا جسمانيًّا أيضًا.
(٧-٢) الوردي
عقب برنامج إذاعي في منطقة كونتيكيت التي تنتمي للطبقة فوق المتوسطة؛ ذلك البرنامج الذي سألني فيه المحاور عن مجموعة من الألوان، تساءلت الكثير من المكالمات الهاتفية والخطابات عن سبب عدم ذكر أي إشارة إلى اللون الوردي. وأجرى مذيع البرنامج الإذاعي حلقات أخرى عن هذا الموضوع. كانت الشخصيات الوردية هواة إلى حد كبير؛ فقد كانوا يسكنون الأحياء الشديدة الثراء، وعلى قدر عالٍ من التعليم والترف والحماية. لقد كانوا أرواحًا حمراء، بسبب الوصاية الشديدة التي يخضعون لها؛ لم يمتلكوا الشجاعة لاختيار اللون الأحمر بكامل قوته. وقد يرمز الوردي أيضًا إلى تذكُّر الشباب والرقة والعطف، وربما يكون لونًا مفضلًا مصطنعًا أو مكتسبًا من قبل بعض الأشخاص الذين عايشوا فترة عصيبة من حياتهم، والذين تعرضوا لسوء المعاملة، والذين يشتاقون إلى رقة الوردي.
وماذا عن كُره الوردي؟ لا أحد ذو شخصية سليمة ومثيرة للإعجاب يمكن أن يتضايق من لون غير مؤذٍ مثل اللون الوردي! إن هذا الكُره يمكن أن يدل على الضيق إن لم يكن الغضب من الأشخاص المدللين والمترفين والأثرياء، وأصحاب الثقافة الرفيعة، والمغرورين.
(٧-٣) البرتقالي
البرتقالي لون اجتماعي، ومبهج، وفاقع، ودافئ مقارنةً باللون الأحمر الساخن. إنه يمثل الشخصية الأيرلندية (البرتقالي موجود في العلم الأيرلندي)، فهم أشخاص يتسمون بمرح رائع يُحسدون عليه، وبقدرة فريدة على التعامل مع أي شخص، غني أو فقير، ذكي أو غبي، من طبقة عليا أو من طبقة دنيا. أصحاب الشخصية البرتقالية يتسمون بالمودة، والابتسامة الحاضرة، وسرعة البديهة، وبالفصاحة، إن لم يكن عمق الكلام. وتتسم هذه الشخصيات بأنها حلوة المعشر واجتماعية، ولا تحب البقاء بمفردها. وقد أشرتُ في مواقف نادرة إلى أن الشخصية البرتقالية ربما تظل من دون زواج. وإذا كنت مخطئًا في هذا الصدد أكثر من كوني مصيبًا، فقد حظيت في مرات قليلة بهذا الاعتراف المدهش؛ حيث أفصح عنه لي العزاب والعوانس بأنفسهم، أو أخبرني أصدقاؤهم بذلك نيابةً عنهم.
البرتقالي لون مكروه في كثير من الأحيان؛ فيوجد أشخاص لا «يطيقون» الأشخاص المتملقين اجتماعيًّا، والسياسيين، والوعاظ، والمبالغين في التودد، ومرددي الأقوال المأثورة والقصائد المبتذلة. الحياة عمل جاد. وفي كثير من الأحيان يتضح أن كاره البرتقالي كان شخصًا متقلب الرأي بذل مجهودًا اتسم بقوة الإرادة للإقلاع عن الأساليب السطحية، واستبدالها بمزيد من الانتباه والاجتهاد.
(٧-٤) الأصفر
يهتم هذا اللون بالأمور العقلية والروحية، ويختاره كلٌّ من أصحاب العقول النجيبة والأذكياء، ويختاره أيضًا المتأخرون عقليًّا (ولا أقصد المزاح). كتبت مارجريت إيمري عن المضطربين عقليًّا واستنتجت أن: «كل المرضى، تقريبًا بلا استثناء، الذين تخلفوا، أو فشلوا في إحراز تقدم عن مستوًى طفولي واضح يختارون اللون الأصفر.» من الناحية الجيدة، فإن الأصفر يفضله في الغالب الأشخاص أصحاب الذكاء فوق المتوسط. وهو بالطبع مرتبط بالفلسفات الشرقية. والشخصية الصفراء تحب الابتكار والحداثة والحكمة. ويميل هذا النوع من الشخصيات إلى التأمل العميق لذاته، والقدرة على التمييز بين الغث والسمين، ويتعاملون بقدرات عقلية عالية وجادة مع العالم ومَن فيه من أشخاص موهوبين.
والأصفر في العالم الغربي يرمز إلى الجبن والهوى والاضطهاد. والبعض قد يبغض هذا اللون لهذا السبب المشروع. وقد يروق هذا اللون للمضطربين عقليًّا، وللأشخاص الذين يمقتون، سواء عن وعي أو دون وعي، كل ما هو مرتبط بالفكر أو بالتعقيد. وقد يكون ذلك مجرد دفاع عن افتقار الشخص للاتزان العقلي.
(٧-٥) الأخضر المصفر
لم أفسح بعدُ مجالًا كبيرًا في كتبي لمناقشة هذا اللون؛ لأنه اختيار نادرًا ما يخبرني به الأشخاص. ومن الحالات القليلة التي صادفتها في تجربتي أستنتج أن شخصية الأخضر المصفر شخصية لمَّاحة، تعيش منطوية على ذاتها، لكنها تمقت أن ينظر لها الناس على أنها منعزلة. ويرغب هذا الشخص في أن يحظى بإعجاب الآخرين بصفاته الذهنية والسلوكية الجيدة، لكنه يجد صعوبة في مقابلة الناس بسبب خجله الفطري وشعوره بالارتباك في حضرة الآخرين.
وقد يشير كره الأخضر المصفر إلى التحيز العرقي والاجتماعي، وازدراء الناس بسبب دينهم، أو لونهم، أو جنسيتهم.
(٧-٦) الأخضر
الأخضر هو — على الأرجح — اللون الأكثر أمريكية بين الألوان. إنه رمز الطبيعة والتوازن والاعتيادية. إن الأشخاص الذين يفضلون اللون الأخضر يكونون دائمًا في الغالب متكيفين جيدًا من الناحية الاجتماعية، ومتحضرين، وتقليديين. إنهم أشخاص ينتمون إلى النوادي، ويشتركون في الأنشطة المدنية مثل: الجولف، وأوراق اللعب، والمسرح. إنهم شخصيات يفضلون الضواحي، بينما تفضل الشخصيات البرتقالية المدن. وربما تعد تعبيرًا عن الشخصية الفموية التي وصفها فرويد؛ فهذه الشخصيات الخضراء منشغلة باستمرار، وتستمتع بالأشياء الجميلة في الحياة، كما يتَّسمون في الغالب تقريبًا بزيادة الوزن. إنهم مواطنو العالم الذين يعتمد عليهم، ويتَّسمون بالسلوكيات الودِّيَّة، وليسوا عفويين مثل الشخصيات الحمراء، ولا منسحبين مثل الشخصيات الزرقاء.
وقد صادفت في بعض الأحيان شخصيات تكره اللون الأخضر. وقد يشير هذا إلى قدر من الاضطراب الذهني. وقد يقاوم نمط الشخصية الخضراء السلبيةِ المشاركةَ الاجتماعية، ويغضب من محبي اللون الأخضر، ومن ناحية أخرى يفتقر إلى التوازن الذي يمثله الأخضر. إن مثل هذا الشخص يعيش حياة معقدة ومنعزلة في الغالب، أو قد يكره اللون الأخضر بسبب صفاته الواقعية وتقليدية الأشخاص الذين يفضلون ذلك اللون.
(٧-٧) الأخضر المزرق
كان اكتشاف تفضيل بعض الأشخاص للون الأخضر المزرق من أكثر الاكتشافات إثارةً بالنسبة لي؛ فقد كان يوجد أشخاص يقولون على نحو قاطع — إلى حد كبير — أنهم لا يحبون الأزرق ولا الأخضر، لكنهم يحبون «الأخضر المزرق». وسرعان ما ربط هذا النوع بالنرجسية أو حب الذات الذي وصفه فرويد. وهنا يوجد في الغالب أشخاص معقدون، ويميلون إلى التمييز، ويتسمون بالذوق الرفيع، وأناقة الملبس، والتركيز على الذات على نحو جذاب، والحساسية، والتحضر. لقد أصبحت دلالة ذلك واضحة إلى حد كبير؛ فعندما كانوا أطفالًا منبسطين موجهين اهتماماتهم خارجيًّا أحبوا الألوان البسيطة مثل الأزرق أو الأخضر دون تحفظ. وكشف التدقيق الشديد على الألوان وتنويعات الألوان عن طبيعة صعبة الإرضاء. وعندما أصبحوا ناضجين ومغرورين ومختالين، أصبح من الممكن استنتاج سمات واضحة معينة متعلقة بشخصيات الأخضر المزرق. وعلى الأرجح أنهم كانوا باردين جنسيًّا (وهذا يتفق مع النرجسية)، ومطلَّقين على الأرجح (وهذا يحدث غالبًا مع الأشخاص الشديدي التدقيق والتكلُّف). ولدي تاريخ أكثر من معقول — إلى حد كبير — يشهد بصدقي في هذا الحكم.
وعندما وجدت أشخاصًا يكرهون اللون الأخضر المزرق، رغم أن هذا كان نادرًا، فقد وجدته ينكر على الآخرين الغرور بشدة، فضلًا عن وجود توجه: «أنا جيد مثلك» أو «مَن تظن نفسك؟!» لكن محبي وكارهي اللون الأخضر المزرق يشتركون في سمة واحدة؛ ألا وهي أن كلًّا منهما يحرص على صب تركيزه على ذاته، سواء بأسلوب لطيف أو بأسلوب فظ.
(٧-٨) الأزرق
الأزرق لون التحفظ، والإنجاز، والتفاني، والتأني، والتأمل النفسي؛ ولذلك فهو يناسب الأشخاص الذين نجحوا من خلال الاجتهاد، وأولئك الذين يعلمون كيف يكسبون المال، وكيف يكونون علاقات صحيحة في الحياة، ونادرًا ما يفعلون أي شيء عفوي. لديهم — على الأرجح — حافز جنسي قوي، لكنه حافز تحت السيطرة الدقيقة والإدارة الدقيقة. من الممكن أن يكونوا مسئولين تنفيذيين ولاعبي جولف أكفاء، ويتجولون عادةً في الأحياء التي يوجد بها غيرهم من محبي اللون الأزرق. إنهم يتبنون الرجعية السياسية، وإذا ذكروا بالمصادفة تفضيلهم للأزرق «القاتم»، فهذا يعني شدة الرجعية. ونظرًا لاتسامهم بالعقلانية، فإنهم في الغالب يعتبرون أنفسهم وحياتهم قدوة لغيرهم، وقد يكون هذا غير صحيح. الشخصيات الزرقاء حذرة، ورصينة، ومثيرة للإعجاب في الغالب، وعادةً تكون مدركة إلى حد كبير لتلك الفضائل.
يوجد أيضًا نوع متمم من الشخصيات الزرقاء، وهو الشخص العفوي الذي يتوق إلى رصانة الأزرق. الأزرق لون مريم العذراء، الأم، الحامية، المليئة بالحب والصبر. وفي بعض الأحيان، عبر الإيطاليون والإسبان العفويون عن تفضيلهم للون الأزرق على الرغم من طبيعتهم الحمراء؛ وبذلك اعترفوا برغبتهم الداخلية في الحياة الوديعة التي حرموا منها، أو التي حاولوا تحقيقها بأنفسهم.
وقد يشير كره اللون الأزرق إلى التمرد، والشعور بالذنب، والإحساس بالفشل، والغضب من إنجازات الأشخاص الذين ربما لم يبذلوا الجهد المضني الذي بذله كاره اللون الأزرق. قد يستاء هذا الشخص من نجاح الآخرين؛ فقد حظوا بالفرص الجيدة والحظ الجيد. وقد يشعر هذا الشخص بالضجر؛ لأنه لطالما عمل جاهدًا ولم يحصل إلا على قدر قليل من المكافأة. وفي واقع الأمر، فإن كره الأزرق شيء سيندم عليه ذلك الشخص؛ لأنه من الممكن أن يؤدي إلى تعاسة كبيرة، بل من الممكن أن يؤدي إلى سلوك عصابي.
(٧-٩) الأرجواني والبنفسجي
الأرجواني والبنفسجي ألوان معقدة، وعادةً يعتبرها الشخص العادي ألوانًا أنيقة. قد يروق الأرجواني من ناحية إلى الفنانين والأشخاص أصحاب الثقافة، وقد يروق إلى الآخرين من ناحية أخرى من باب تصنُّع الرومانسية تأثرًا برواية الخزامى والدانتيل القديم. ومن الناحية الإيجابية، فالأشخاص الذين يختارون الأرجواني كلون مفضل يكونون في العادة حسَّاسين وأصحاب ذوق فوق المتوسط. وعلى الرغم من إمكانية شعورهم بالغرور، فإن محبي الأرجواني يتمتعون بمواهب استثنائية، ومولعين بكل أنواع الفنون، والفلسفة، والباليه، والسيمفونيات، وغيرها من هذه النشاطات الرفيعة. وقد يكونون مزاجيين، لكن من السهل العيش معهم إذا قبلوا الشخص. وهم يتجنبون جيدًا أشكال الحياة المنطوية على جانب كبير من التدني الأخلاقي والسوقية، ولديهم مُثُل عليا لأنفسهم ولغيرهم، لكنها خاضعة لمعاييرهم. وكتعليق جانبي، فبعض الأشخاص الذين يقولون إنهم يحبون الأرجواني من المحتمل أن يكونوا كاذبين ومُتصنِّعين، ومن الممكن أن يكونوا أبعد ما يكون عن الثقافة والتحضر، وأن يكونوا وقحين فحسب.
الأشخاص الذين يكرهون الأرجواني هم أعداء التصنع والزهو والغرور، وسوف يستخفون بسهولة بالأمور الثقافية التي قد تبدو بالنسبة لهم مصطنعة تمامًا. يجب أن يكون الناس أصلاء، ويجب ألا يتخلوا عن الجوانب الدنيوية والبسيطة في الحياة. ويجد الأشخاص الذين يكرهون الأرجواني صعوبة في الفصل بين الصفات الروحانية في الآخرين وبين الصفات الدنيوية. ويبدو وجود مزيج بين الأمرين مستحيلًا بالنسبة لهم.
(٧-١٠) البني
البني لون الأرض، ويفضله الأشخاص الذين يتسمون بصفات البساطة. إنهم حازمون، ويعتمد عليهم، وحاذقون، وبخلاء، يبدون كبارًا وهم صغار، ويبدون صغارًا وهم كبار. وفي هؤلاء الأشخاص يتجسد التحفظ في أكثر صوره تطرفًا، وكذلك الإحساس بالواجب والمسئولية الذي قد يقود إلى ميول ارتيابية. ونظرًا لكونهم عقلانيين إلى الأبد؛ فالأشخاص المولعون بالبني قد يكرهون أي شكل من أشكال الطيش والتقلب في الآخرين، لكنهم رغم ذلك قد ينجذبون إلى التقلب. إنهم يجلسون في المدرجات، ونادرًا ما يلعبون دورًا فعَّالًا على أرض الملعب.
إن الذين يكرهون اللون البني أكثر من الذين يحبونه. وفي الواقع، فإن اللون البني يفضله غالبًا الأشخاص المضطربون عقليًّا مقارنةً بالأشخاص المتعايشين في سلام مع أنفسهم. ما يمكن أن نكتشفه من عدم حب اللون البني هو الضجر من الأشياء الرتيبة والمملة. وقد يعني هذا حياة الريف في مقابل إثارة المدينة الكبيرة. من السهل جدًّا كراهية البني. وفي العموم، فإن التوجه السلبي والعدائي تجاه البني يعد سمة جيدة في أي شخص، والأمر نفسه ينطبق على العداء للأبيض والرمادي والأسود.
(٧-١١) الأبيض، والرمادي، والأسود
الأبيض ليس موجودًا في اختبار لوشر، ولم يضمه كاتب هذا الكتاب في أول ثلاثة كتب من مؤلفاته. وفي واقع الأمر، لا أحد مطلقًا يختار الأبيض «كأول» خيار مفضل بالنسبة له؛ فهذا اللون كئيب، وبلا مشاعر، وعقيم، لكن الأبيض والرمادي والأسود ألوان تظهر كثيرًا في إجابات اختبارات الأشخاص المضطربين. وقد لاحظ كيه وارنر شايَّه عند مناقشة اختبار هرم الألوان الموضوعة فيه مجموعات كبيرة من الألوان في مخططات سوداء وبيضاء، أن معدل استخدام الأبيض من قِبل مرضى الفصام كان ٧٦٫٦ في المائة مقابل ٢٩٫١ في المائة من الأشخاص المفترض أنهم طبيعيون! ومن ثم فإن أي شخص يضع الأبيض كخيار أول، فإنه قد يكون في حاجة إلى اهتمام من قبل اختصاصي علاج نفسي. وقد يكون من الأفضل كراهية الأبيض، لكننا وجدنا مرة أخرى بعض الأشخاص الذين عبروا عن أنفسهم على هذا النحو.
إن اختيار الرمادي يمثل دائمًا اختيارًا متعمدًا ومتحضرًا؛ فالشخص يسعى إلى الأمان والنجاة من أي تقلبات. وربما يكون الشخص قد أعاد صياغة شخصيته؛ فالرمادي لون جاد، ويشير إلى الرغبة في الحفاظ على الاستقرار، والرغبة في أن يكون المرء عقلانيًّا، ومحل استحسان، ومفيدًا على نحو متحفظ. إن كراهية الرمادي أقل احتمالًا من عدم المبالاة به. ومن المحتمل أن يكون كاره الرمادي ضجرًا من حياة غير مثيرة، أو منزعجًا من الشعور الداخلي بأنه شخص عادي، وربما يتوق إلى الخروج من كل زنزانة، أو سجن رمادي، وأن يحصل على حياة تتَّسم بقدر أكبر من المتعة.
وبالنسبة للأسود، فعادةً يبهر الأشخاص المضطربين عقليًّا فقط، على الرغم من وجود استثناءات لذلك. وعدد قليل من الأشخاص قد يختارون هذا اللون بسبب تعقيده، لكنهم بهذا الاختيار قد يحاولون إخفاء طبائعهم الحقيقية، فربما يرغبون في الظهور بمظهر غامض، لكن هذه الرغبة في حد ذاتها تكون واضحة، والأشخاص الذين يكرهون الأسود كثيرون، فالأسود هو الموت؛ لون اليأس. وفي كل الحالات تقريبًا، يتجنب هؤلاء الأشخاص موضوعات المرض أو الموت، ولن يفصحوا عن تواريخ ميلادهم، ولن يعترفوا أبدًا بأعمارهم. إنهم يكرهون الأمور المحتومة، وسوف يتمسكون بالحاضر إلى الأبد إن استطاعوا.