المقدمة في كلمات
بن لادن … شكرًا!
ولعل الأهم فيما حدث بجريمة القاعدة في ١١ سبتمبر ٢٠٠١م، والأشد خطرًا والأبعد أثرًا، هو إفاقة العالم الحر، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية على الخطر الذي يهدد كل مكتسباتها خلال القرون الماضية، وإدراكها أي جناية ارتكبت في حق شعوبنا بتحالفها مع أشد الأنظمة قمعية واستبدادًا، ومع تيار الإسلام السياسي الإجرامي، ومن ثم قرارها التدخل في مواطن الإرهاب لإصلاح شأن هذا الوطن، وخاصة الثقافة السائدة فيه والتي أفرزت لها هذا الإرهاب.
ويصدق هنا المثل العربي «رُبَّ ضارة نافعة» صدقًا عظيمًا؛ لأن ما أصاب أمريكا، رغم بشاعة الفعل وفظاعته، كان السبب في استفاقتها وقطعها تحالفاتها المجرمة ضد شعوبنا، بل وإدراكها ألا سبيل سوى تحديث الثقافات عندنا، بعد أن كنا قد فقدنا كل الآمال في حدوث أي تغيير في مواطننا، بعد أن تحولت لغة الإعلام والتعليم شعبيًّا ورسميًّا إلى لغة طائفية عنصرية بحت، بل إلى أسوأ لغة متخلفة تم اختيارها بين مئات الاختيارات الأخرى والقراءات الأخرى للإسلام، مع سيادةِ ذهنيةٍ خرافية ضاعت معها كل مواصفات التفكير العلمي.
وبين اليأس والقنوط، وصعود نجم الجهلاء والمستفيدين من آلام الوطن وأوجاع الناس، وحصار أنصار الحريات بالتهديد أو القتل، كما حدث مع فرج فودة. أو التكفير والتخوين العلني والمحاكمة أمام محاكم الدولة وأمنها كما حدث مع صاحب هذا الكتاب. أو مصادرة الكلمة وحصار الفكرة كما حدث مع كثيرين … مع استشراء الفساد في كل ركن من بلاد العرب والمسلمين، وضياع هيبة القانون، وارتشاء كل أنواع السلطات، وخراب الضمائر، حتى أشرف الوطن على هلاك … في هذا الوقت الشديد الظلمة يقوم بن لادن بالفعل الهائل ليتغير معه وجه العالم وخط سير التاريخ.