صوفيٌّ حتى الرمق
العتمة واسعة في قلبي،
كثقب أسود يبتلع نجوم الكون،
يفترس يقيني،
ويسرقني من ربي،
من نافلة الخلد.
لكني صوفيٌّ حتى رمقي.
أحوم حول حواسي
منغمسًا في الوحل،
لكني أذوب في الرب!
وكل الخطأ
أني خُلقت إنسيًّا من طين،
يتشكل حسب الضوء.
جزوعًا أوجدني الرب،
لكني صوفيٌّ حتى الرمق!
•••
أتأمل في ناري،
تحرقني حتى الدفء.
أتلمس تلك الثمرة،
وتصرخ فيَّ النشوة.
صوفيٌّ حين أعشق،
لكن شيطاني يدرك
أني إنسيٌّ لا ناسك!
•••
من خلق الرغبة
في الطين المفرغ من معنًى؟
من ألقمني أن أتمرد؟
من ألهمني أن أصهل
حين أكون صوفيًّا يتشهد؟
أنا ما كنت أنا
لولا إثمي المنكر،
أنا ما كنت أنا
لو صرت ملاكًا أتعبد.
أنا لست سوى
صورة من صور الرب الأوحد!
•••
في القلب رجاءٌ
لا خشية عبدٍ آبق،
في العين ضياءٌ
لا خوفٌ أجوف،
لكنه في عمق الشهوة
يبصر ما كان خفيًّا.
أنوارٌ ترقص حول التوبة،
وعينان بلون الفجر الأول.
صوفيٌّ حتى الرمق.
وصلاتي أتلوها منتشيًا
في حضرة مولًى مكتملٍ،
لا طينًا ما زال يتشكل!
•••
ما خطبي وأنا في المنفى،
في الأرض الموحلة المسعى؟
ألا أشتاق إلى المُطلق،
وإلى مائي وطيني،
إلى رحمي الأول؟
•••
صوفيٌّ حتى الرمق.
وفي خمري وهذياني،
أبكي إلهي الأول.
قسرًا أُبعدت عنه،
عن خمرٍ يجري
في الشريان والمنحر،
عن عينٍ تقرأ ما لا يُكتب،
عن حورية ليست بأنثى،
عن نشوةٍ ليست تُرى.
يا ويلي ويا ويلي!
كم لهذا الصوفي أن يصبر
حتى يبلغ الرمق!