عن مشاكل الجنس عند الرجال
- (١)
إن الجنس ليس عملية بيولوجية أو كيميائية يمكن تنشيطها بالعقاقير، وإنما هي عملية إنسانية تحتاج إلى أن يشعر الرجل أنه إنسان متكامل الأجزاء لا انفصال بين الجسد والروح والعقل، وأن تشعر المرأة أيضًا أنها إنسانة متكاملة الأجزاء لا انفصال بين جسدها وروحها وعقلها.
هذا الأمر مفقود في معظم الحالات بسبب المأساة التي حدثت في التاريخ البشري منذ انفصال الجسد عن الروح عن العقل. وقد نتج عن هذا الانفصال مشكلة جنسية كبيرة في حياة الرجال والنساء؛ إذ انفصل الجنس عن الحب، ارتبط الجنس بالجسد فقط، بالدنس والرذيلة والمرأة والشيطان، وارتبط الحب بالروح السامية والفضيلة والرجل والإله.
هذه الثنائية ذبحت اللذة الطبيعية الناتجة عن ممارسة الجنس والحب في آنٍ واحد دون تصارع أو إحساس بالإثم.
- (٢)
بسبب هذا الانقسام أو الانفصام في شخصية الإنسان حدث الانقسام بين الجنسين، احتلت المرأة الوضع الأدنى باعتبار أنها تمثل الجسد، واحتل الرجل الوضع الأعلى باعتباره يمثل الروح والعقل. أصبح التناقض هو الأساس؛ فالرجل الأعلى يمكن أن يمارس الجنس الدنس داخل الزواج وخارجه مع عدد من النساء دون أن يعيبه شيء، الرجل لا يعيبه إلا جيبه (يعني الفلوس). ويمكن لرجل في الخامسة والسبعين أن يتزوج فتاة عذراء في الخامسة عشرة، وإذا عجز جنسيًّا بسبب الشيخوخة أو المرض صنعوا له بعض العقاقير مثل الفياجرا التي يمكن أن تنشطه مؤقتًا ليس إلا، أما عروسه الفتاة الصغيرة المحرومة من الجنس فإن أحدًا لا يفكر فيها؛ لأن لذة الرجل الجنسية هي فقط اللذة المشروعة، إن أحدًا لا يتكلم عن لذة المرأة الجنسية، إلا أن هذه اللذة لا يمكن أن تتحقق دون علاقة صحية متساوية بين الزوجين، ينال كلٌّ منهما لذته حتى الإشباع وليس الرجل وحده.
لماذا منعت الرقابة منذ ثلاثين عامًا كتاب الرجل والجنس؟ لأنه ربط بين المشكلات الجنسية في حياة الرجال والنساء والمشكلات النفسية والاجتماعية. لا يمكن فصل النفس عن الجسم بمثل ما لا يمكن فصل الفرد عن المجتمع، تلعب التربية والتعليم والإعلام أدوارها في تشكيل حياة الناس الجنسية والعاطفية بمثل ما تشكل علاقاتهم الاجتماعية والأخلاقية والسياسية.
في العصور الوسطى حين حرَّمت الكنيسة الجنس على القساوسة لم يمتنعوا عن الجنس، بل مارسوه في الخفاء بطرق مشوهة غير طبيعية.
في كتاب الرجل والجنس فصول كاملة عن هذا التشويه الجنسي في حياة الرجال بسبب الحرمان أو الكبت أو الخوف أو الإحساس بالذنب.
خلال يونيو ١٩٩٨ توقفت عند حالتين لرجلين وامرأتين جاءوا لاستشارتي في مشكلتهم النفسية، الرجل الأول تجاوز السبعين من العمر، ترك زوجته وتزوج فتاة في العشرين، والرجل الثاني في الخامسة والعشرين من عمره، يفكر في الانتحار لأن الفتاة التي أحبها تركته وتزوجت رجلًا عجوزًا ثريًّا. كانت الصحف المصرية تنشر كل يوم عن حبوب «الفياجرا» التي تباع في السوق السوداء بأثمان عالية يتنافس عليها الرجال الأثرياء كبار السن لعلاج الضعف الجنسي، وقد روَّج لهذه الحبوب في الولايات المتحدة الأمريكية أحد الرجال المشهورين اسمه «بوب دول»، وهو رجل عجوز ثري يشتغل بالسياسة وله علاقة بالشركات المتعددة الجنسيات مثل معظم رجال السياسة في العالم، وروَّج لها في بلادنا رجل عجوز ثري يشتغل بالصحافة وله علاقة بالشركات المنتجة لهذه الحبوب.
دخل الرجل العجوز العريس الجديد إلى مكتبي في يده علبة داخلها الحبوب الزرقاء «الفياجرا»، كان يعاني حالة اكتئاب؛ لأن الفياجرا لم تعالج الضعف الجنسي، بل أصابته بحالة من الأرق والقلق ومزاج سوداوي يشعر معه باقتراب الموت، وقد قرأ في إحدى المجلات الأجنبية أنني أزاول مهنة الطب النفسي إلى جانب الأدب والكتابة الروائية، وأنني نشرت كتابًا بعنوان «الرجل والجنس» تعرضت فيه لمشاكل الرجال الجنسية. رأيت أمامي رجلًا نحيفًا مع انحناءة في الظهر وشحوب في الوجه وانتفاخ الجفون قليلًا والبشرة المشدودة دون تجاعيد إثر عملية تجميل يسمونها «شد الوجه»، عيناه ذابلتان انطفأ فيهما الضوء، يرتدي بدلة أنيقة، قوي الجسم خفيف الحركة مثل الشباب، يضحك بصوت يقترب من القهقهة الذكورية، كأنما بالضحك والمرح يطرد الشيخوخة والسبعين عامًا الجاثمة فوق ظهره الكامنة تحت نظرة عينيه.
أردت أن أرى عروسه الفتاة التي تصغره بنصف قرن لكنه جاء وحده بدونها ودار الحوار بيننا.
– لا بد أن أقابل العروس أيضًا.
– ليه يا دكتورة؟
– لأن الجنس علاقة بين شخصين لا يمكن فهمها دون معرفة الشخصين.
لكن الرجل العجوز لم يكن متحمسًا لإحضار زوجته، وكنت أنا متحمسة لرؤيتها، وقد أغضبه حماسي لرؤية العروس، لا أعرف لماذا، ربما أثار شكوكه أو أثار غيرته؛ فهو لا يشجع زوجته على مقابلة الناس الرجال أو النساء، وهذا طبيعي لرجل في السبعين اقترن بفتاة تصغره بخمسين عامًا، في أعماقه يدرك أنها تزوجته بسبب أمواله وعماراته في مصر الجديدة، إلا أنه يقنع نفسه أن السبب هو الحب، وربما هي تقنعه أيضًا أنها تحبه.
– الحب يا دكتورة لا علاقة له بالسن، لكن المشكلة في الجنس.
– وهل تفصل بين الحب والجنس يا أستاذ؟
– بالطبع، الحب شيء والجنس شيء آخر، والمشكلة أن قلبي مملوء بالحب لكن جسدي عاجز، وكانت زوجتي مخطوبة لشاب لا يعرف شيئًا عن الحب رغم أنه قوي جنسيًّا مثل الفحل.
– أتعني أن الفحولة شيء والرجولة شيء آخر؟
– مش عارف يا دكتورة، المسألة ملخبطة.
– وهل القوة الجنسية هي الرجولة؟
– لا شك أن الضعف الجنسي يؤثر عليَّ كرجل؛ ولذلك بحثت عن حبوب الفياجرا وغيرها من الحبوب، فأنا لا أتصور نفسي عاجزًا جنسيًّا، وقد ارتبط مفهوم الرجولة في ذهني بالقوة الجنسية منذ وُلدت ذكرًا، لكني منذ فقدت هذه القوة الجنسية وأنا أبحث عن مفهوم جديد للرجولة؛ فالرجل ليس عجلًا فحلًا ولكنه إنسان له قلب يعرف الحب والحنان والعطاء، وأنا مستعد أن أعطي زوجتي أموالي كلها من أجل أن تبادلني الحب والحنان.
– ولكن زوجتك شابة في العشرين في حاجة إلى الحب والجنس معًا، فلماذا تحرمها من الجنس؟
– أنا لا أحرمها ولكنها إرادة الله، وليس لي يد فيما أصابني من عجز جنسي، إنها إرادة الله.
– ولماذا تعارض إرادة الله يا أستاذ وتبتلع حبوب الفياجرا؟
– قال الله «اسعى يا عبد وأنا أسعى معك»، وأنا أومن بقدرة العلم والطب على شفاء هذه الحالات؛ ولهذا جئت إليك يا دكتورة أومن بأن العلم والإيمان لا تناقض بينهما.
دار الحوار بيني وبين العريس العجوز دون أن نصل إلى شيء، طلبت منه أن يذهب إلى آخرين من الأطباء لأن علاجه ليس عندي، ويمكن أن يرسل زوجته العروس الشابة إليَّ إن شاء أو إن شاءت هي، وربما تحتاج إلى مشورة طبية أو نفسية في المستقبل القريب.
وبعد أسابيع قليلة دخلت إلى مكتبي فتاة في العشرين قصيرة القامة بيضاء البشرة ترتدي في أذنيها حلقًا ضخمًا يشبه الكرة الأرضية، شفتاها مصبوغتان باللون الأحمر الفاقع، على وجهها ابتسامة دائمة لا يتغير شكلها، كانت صامتة إلى جوارها أمها تتحدث عنها بصوت مليء بالقلق والتوتر.
– كان لها خطيب عقله طايش لا شغل ولا مشغلة ماحيلتوش لا أبيض ولا أسود، وراح مطرح ما راح، رمى نفسه من فوق السطوح ومات، وربنا رزقنا بعريس الهنا كامل من كل شيء، عنده الخير كتير قلبه كله حنان، وإيده كريمة لا يمكن يبخل عليها بحاجة، وإذا طلبت لبن العصفور يكون عندها، لكن مش عارفة يا دكتورة مالها أهي كده على طول ساكتة ومش عاوزة تكلم حد، حتى أنا أمها حبيبة قلبها مش عاوزة تكلمني.
قبل أيام رأيت في الصحف صورة شاب ألقى بنفسه من الدور العشرين من إحدى العمارات، يشبه الشاب الذي جاءني يشكو من حالة اكتئاب ورغبة في الانتحار بعد أن تركته الفتاة التي أحبها وتزوجت عجوزًا ثريًّا، لم أتصور أنه سينفذ قرار الموت بهذه السرعة، وربما يكون هو أو شاب آخر؛ فالملامح مختلفة قليلًا وإن تشابهت. لقد تخرج في كلية الآداب وأراد أن يكون معلمًا في إحدى المدارس، والمدارس كلها مكتظة بالمعلمين، وأبواب العمل مقفلة تمامًا في وجهه إلا أن يشتغل خادمًا بالبيوت، وأبواب الهجرة إلى بلاد النفط أو غيرها من البلاد مقفلة أيضًا، وقد وقع في حب هذه الفتاة رغم أنه عاطل بلا إيراد، واكتشف أن الحب يحتاج إلى إيراد كل شهر، فألقى نفسه من الدور العشرين وتهشم رأسه فوق سطح من الأسمنت وتناثرت أجزاء مخه وعقله فوق مساحة من الأرض غير صغيرة.
كانت الفتاة صامتة لا تنصت إلى كلام أمها، ترمقني بنظرة شاردة وابتسامة على وجهها لا تتغير، تجمدت عضلات وجهها على هذا الشكل المبتسم الوادع وداعة الملائكة، كأنما طارت روحها خارج جسدها وأصبحت تحلق في الفضاء من حولها على شكل الملاك الطاهر، ترمقني الابتسامة وتقول دون كلمات: أنا هنا في السماء أحلق، أما جسدي فهو في مكان آخر.
إنه نوع من الموت إذا كان الموت هو انفصال الروح عن الجسد، وهو يصيب النساء والرجال بدرجات متفاوتة، منذ نشوء الفكرة القائلة بأن الجسد شيء والروح شيء آخر «مناقض للجسد» مثل الضوء يناقض الظلام، والليل يناقض النهار، والرجولة تناقض الأنوثة، والدين يناقض الفلسفة.
في التاريخ قاومت النساء هذا الموت بطرق مختلفة، شهرزاد قاومت الموت بالكلام وخلق حكايات جديدة كل يوم وكلمات جديدة، لكن بعض النساء يلجأن إلى الصمت كنوع من المقاومة، الصمت نوع من الحجاب يفصل المرأة عن عالمها الخارجي.
في العشرين عامًا الأخيرة حدثت طفرة جديدة في العلوم الخاصة بعلاقة المرأة والرجل، ومنها علم النفس وعلم الجنس، إلا أن هذه الطفرة لم تحدث في بلادنا؛ بسبب تصاعد التيارات الدينية السياسية التي تفصل بين علم الجنس وعلم النفس، إن علم النفس مشروع في بلادنا، أما علم الجنس فهو غير مشروع ولا يناسب القيم والتقاليد في مجتمعاتنا، هكذا يقولون.
لكن حبوب الفياجرا وغيرها من الحبوب التي تقوي الرجال العجائز جنسيًّا فهي مشروعة تمامًا، تتحدث عنها الصحف دون حرج، تنشر عنها المقالات والإعلانات دون أن تعترض عليها التيارات الدينية السياسية أو غيرها من القوى المسيطرة في المجتمع، ولم نسمع أبدًا منذ نشوء العبودية (أو النظام الطبقي الأبوي) عن حبوب لتقوية النساء جنسيًّا، بل العكس هو الصحيح، محاولات لإضعاف هذه القوة، وإحداها عمليات الختان للإناث.
كانت الفتاة ترمقني بابتسامتها الصامتة المتجمدة فوق وجهها، وروحها المحلقة فوق رأسها تقول لي: أنا حرة، لا علاقة لي بهذا الجسد الجالس أمامك، أنا في مكان آخر لا ينالني فيه أحد. انتصرت الفتاة على قسوة الحياة. نوع من المقاومة ضد الأذى تلجأ إليه بعض الفتيات في شهر العسل، محاولة يائسة للهرب من العريس، كلمة صامتة تضربها في وجه أمها وأبيها وعائلتها والمجتمع، رصاصة تطلقها بلا صوت على كل شيء في حياتها.
نوع من المقاومة خطير رغم الصمت، يهدد النظام بأسره، يرعب الأم والأب، والزوج أكثر المرعوبين، يحاول أن يرغمها على الكلام دون جدوى، يهددها بكتاب الله دون جدوى، يحاول إغراءها بالمال والجواهر دون جدوى، إنها لم تَعد موجودة، بل أصبحت هناك في مكان آخر لا يصل إليه.
العريس العجوز في الثالثة والسبعين من عمره، يمسك بين أصابعه سبحة، يتمسك بكتاب الله ويهددني: يا دكتورة ألا تؤمنين بشرع الله؟ إن الله لا يمنع الرجل من الزواج في أي عمر، ألم تقرئي كتاب الله يا دكتورة؟ لا يوجد نص واحد يمنع الرجل من الزواج في أي عمر، وقد تزوج الرسول ﷺ من السيدة عائشة وكانت تصغره بخمسين عامًا.
كان الرجل غاضبًا يلوِّح في وجهي بكتاب الله، وكنت هادئة تمامًا، أدرك كطبيبة نفسية أن صوت الرجل يرتفع ويزداد ارتفاعًا بانخفاض ثقته في نفسه.
– لماذا تزعق بهذا الشكل يا أستاذ؟
– أنا لا أزعق، هذا صوتي الطبيعي، صوت الرجل!
– وهل الرجولة هي الصوت العالي والزعيق؟!
– أيوة صوت الرجل كده!
كان الغضب قد تملكه وليس لديه إلا كتاب الله يقبض عليه بأصابعه ويلوِّح به في وجهي غاضبًا زاعقًا.
– ألا تؤمنين بكتاب الله يا دكتورة؟!
بعد أيام قليلة جاءتني الفتاة مع أمها. كانت الأم هذه المرة هي التي في حاجة إلى المشورة الطبية، أصابتها حالة مفاجئة من الاكتئاب، وأرق في الليل مع الأحلام المزعجة، تذكرت أباها الميت، كان يمسك شيئًا في يده يشبه الفأس يحاول أن يقتلها به، كانت تهرب إلى أمها التي تدفعها بعيدًا عنها (نحو زوجها) وتقول لها: هو أبوكي ولازم يؤدبك.
خلال الحوار مع الأم قالت إنها كانت امرأة مثالية مطيعة لزوجها تخشى عقاب الله، تفرغت لدورها في البيت وخدمة أطفالها وأبيهم، لم تفعل شيئًا يغضب الله، ابنتها ترمقها بالابتسامة الملائكية الصامتة، والأم ترتعد أمام هذا الصوت كأنما تَحوَّل الصمت إلى سكين تغمده الابنة في صدر أمها، تَحوَّل الصمت إلى سلاح تشهره الفتاة في وجه أمها وزوجها والمجتمع كله، أصبح الصمت سلاحًا سياسيًّا أكثر قوةً من الأحزاب المعارضة في بلادنا.
وقال لي أحد رجال الدين ذات يوم إن الزوجة التي تمنع نفسها عن زوجها لا تدخل الجنة، إن واجب المرأة الزوجي أو الجنسي مفروض عليها بأمر الله سبحانه وتعالى، إن المرأة يجب أن تلبي رغبة زوجها في أي وقت من النهار أو الليل؛ لأن رغبة الرجل الجنسية غير قابلة للتأجيل أو الكبت، والزوجة التي تُشبع رغبة زوجها لها ثوابها عند الله؛ فهي تحمي النظام من الخلل، وتفرغ عقل الرجل من الجنس فيتفرغ لعبادة الله وخدمة الدين، ولا شيء يدمر علاقة الرجل بالله إلا المرأة العاصية لزوجها، إن طاعة المرأة لزوجها هي الأساس الذي يقوم عليه الدين وعلاقة الله بعبيده من الرجال، الله هو الرحمن الرحيم، وكلمة الرحيم في أصلها تشبه كلمة الرحم، وهو رحم المرأة الذي من صلبه جاء كل الرجال؛ مما يدل على كرامة المرأة واقترابها أكثر من الرجل إلى الله، وفي يوم القيامة يتم تجاهل اسم الرجل أو الأب أو الزوج ويحمل الناس أسماء أمهاتهم. لماذا إذن يرتبط الإثم أو الرذيلة بالنساء وليس الرجال؟ وهل هناك رذيلة أكثر من رجل في الثالثة والسبعين من العمر يستدرج بماله وثرائه فتاة صغيرة يتزوجها ويحرمها من شبابها وصحتها النفسية، ويسعى وراء الوهم باستعادة الشباب عن طريق حبوب الفياجرا أو غيرها؟! ما علاقة الرجولة بهذا الرجل؟! إنه يستند في حجته إلى كتاب الله، وإلى الإمام الغزالي الذي قال: إن الزواج «رق» والزوجة هي «رقيقة» زوجها أي «عبدته». وما علاقة الرجولة بحبوب الفياجرا؟ أيمكن لرجل أن يستعيد رجولته عن طريق ابتلاع الحبوب؟
لعل أجمل ما قرأت عن مفهوم الرجولة الجديد هو مقال كتبته الأديبة الدكتورة منى حلمي في مجلة المصور (٢٩ مايو ١٩٩٨) بعنوان: الرجولة ليست قرصًا، قالت فيه: «إن الرجل الذي يعجز عن الانتصاب الجسدي هو في الأساس عاجز عن الانتصاب العاطفي. كيف تصل الحماقة برجل فيعتقد أن أزمة التواصل بينه وبين المرأة يمكن اختصارها إلى حبة زرقاء أو خضراء؟ إن أقراص العجز الجنسي للرجال أوهام تبيع لهم الذكورة في عالم يخلو من العدل والإنسانية أو الرجولة الحقيقية.»