ملقى السبيل

بسم الله الرحمن الرحيم

أخبَرني بمَلْقَى السبيل هذه الشيخُ أبُو المظَفَّرِ سَعْدُ بنُ أحمد بن حماد المعري — رحمه الله — عن أبيه، عن أبي العلاء نَاظِمها، وكَتَبَ عبدُ الله بن عبد الرحمن العثماني.

قال الشيخ الإمامُ أبُو العَلاء أحمدُ بن عبد الله بن سُلَيمان المعري، رهين المحبسين:

الهمزة

كم يجني الرجل ويخطئ، ويَعْلَمُ أن حتفه لا يبطئ!

نظمه «مخلع البسيط»

الألف

ابن آدم في سَيْرٍ وسُرًى، يهجر بحرصه الكَرَى، وطَالما كَذَبَ وافترى، ليصل إلى خسيس القِرَى، وإنما يحصُلُ على الثَّرى، كأنه لا يسمع ولا يرى.

نظمه «سريع»

الباء

يفتقر إلى الله الأربابُ، وبالكافر يحلُّ التَّباب، وتنقطع بالموت الأسباب، وفي الخالق تحارُ الألبابُ.

نظمه «رجز»

التاء

النفس تَصَرَّفَتْ وانصَرَفَتْ، والأعضَاءُ تَأَلَّفَتْ ثم تلفت، والأقضيةُ بحقٍّ هتفتْ، ما أَعْفِيَت المحلةُ لكن عَفَتْ، كم شفيت المُدَنَّفَةُ فما اشتفت.

نَظْمُه «مجزوء الرجز»

الثاء

من أَعْظَمِ الحَدَث، سُكنى الجدث.

نظمه «متقارب»

الجيم

العَجَبُ بجاهل مُدَاجٍ، يَأْسَفُ لبين الأحداج، ويَعْصي الملك والليل داج، وما هو من الحتف بناج.

نظمه «مُخَلَّعُ البَسِيط»

الحاء

إن ابن آدم لشحيحٌ، سوف يمرض من القوم صحيحٌ، تعصف بعقله ريحٌ، فإذا هو لقي طريحٌ، ثم يُحْفَر له ضريحٌ، إن ذلك لَهُوَ التبريحُ.

نظمه «مخلع البسيط»

الخاء

بكى على الميت مُوَاخٍ، كان أجَلُه في تَرَاخٍ، فلتُنْهَ الصارخةُ عن الصراخ.

نظمه «مخلع البسيط»

الدال

أما بصرُك فحديدٌ، وأما ثوبُك فجديدٌ، وظلك بقضاء الله مديد، وحولك العدد والعديد، ولكنَّك سواك السديد، طرقك وعدٌ ووعيد، فهل تُبدئُ وهل تعيد، أم غَرْيُك، هو السعيد.

نظمه «وافر»

الذال

أمَّا العيش الناعم فيَلَذُّ، ولكن سببه يُجَذُّ.

نظمه «متقارب»

العاجلة سبيلٌ منفوذة، وهي عند أهل الرُّشد منبوذةٌ، والأنفسُ بحق مأخوذة، لا الدرع تنفع ولا الخوذة.

نظمه «سريع»

الراء

لقد هُجِرَت الخدُورُ، وغَدَرَ بها الزَّمَانُ الغَدُورُ، فإذا الخدر عِوَضُهُ قبرٌ، هل ينفعك جزعٌ أو صبرٌ، من بارئك يجري المقدور، وتفنى الشُّهُبُ والبدور.

نظمه «مخلع البسيط»

الزاي

لا تبرُزِي يا غانيَةُ؛ فإنَّها الدُّنيا الفانية، سَتَرَكِ بكِلَّةٍ والدَاك، فلتمسك بالنُّسك يداك، الورعُ ذهبٌ إبريزٌ، والجدَثُ حِرزٌ حَرِيزٌ، قد تهلك فتاةٌ رَوْدٌ، وتلبث مسنة ترود.

نظمه «مخلع البسيط»

السين

يا ابنَ آدم كم تحرُسُ وتحتَرِسُ، والموْتُ أسَدٌ يَفْتَرِسُ، إنْ كُنْتَ بجبَلٍ أوْ وَادٍ، فإِنَّ الأودية مثلُ الأطواد، يسمعها من الله داع، جَلُّ رَبُّ العظمة والابتداع.

نظمه «متقارب»

الشين

لا تَكُ ذا طَيْشٍ، واعجب لما وَهَبَ من العيش، ما فعل آدم وبنوه، كم أدرك النمر مجتنوه، يبدي التَّوَفُّر أخُو المعِيشَةِ، والجبَلُ مثلُ الرِّيشَةِ، المنزلُ لأمرٍ مَعْرُوشٍ، وبالقدر تثل العروش.

نظمه «مخلع البسيط»

الصاد

المرءُ عَمَّا وَجَبَ نَاكِصٌ، والشَّخْصُ للْحَدَثِ شَاخِصٌ، إنَّ ظِلَّ الفَانِيَةِ لقَالِصٌ، فهل خلص إلى الله خالص؟ إن دينك لوديعة في المحار، إنما يدرك بغوص البحار، وعُدِمَ دين في الأنام. وكان كالحلم في المنام.

نظمه «سريع»

الضاد

دينك عَنَاه المرَضُ، ضاعت النَّافلة والمفترض، وخدعك هذا العَرَض، وجسمك ضعيفٌ حَرَضٌ، لقد بَعُدَ منكَ الغَرَضُ، وسَوْفَ يُطْلَبُ المُقْتَرَضُ.

نظمه «منسرح»

الطاء

فَوْدُكَ عَلَاه الشَّمَطُ، والمرْءُ يَنْقُصُ ويُغْمَطُ، كالطِّفْلِ كَهْلُكَ فَهَلَّا يُقْمَطُ، لَقَد عُرِفَ هذا النمط، والنفس تُطْعَنُ ولا تَضْبِطُ، وأجْرُ من كَفَرَ يُحبط، أينَ مُوَفَّقٌ لا يَغْلَطُ، والموت في العالم مسلط، وعائد الملك لا يقنط.

نظمه «هزج»

الظاء

أما دينك فمُتَشَظٍّ، وأنت على الفانية مُتَلَظٍّ، مُتَقَرِّبٌ بِالْمَيْنِ مُتَحَظٍّ.

نظمُه «مخلع البسيط»

العين

المرء خَدَعَه الطَّمَعُ، مَرْأًى في الزمن أو مَسْمَعٌ، يدأبُ الرَّجُلُ ويجمَعُ، خُلبَ وَمِيضٌ يَلْمَعُ، والعَيْنُ للحذر تدمع، والسُّحُبُ بالأقضية هَمِعٌ، وفي الآخرة يكون المجمع.

نظمه «سريع»

الغين

إنَّك إلى الدُّنيا مُصْغٍ، وحُبُّها للبَشَر مُطْغٍ، لو أنك لشأنها مُلْغٍ، أبْغَاكَ ما تأمله مبغ.

نظمه «خفيف»

الفاء

طال الكَلَفُ والكُلَفُ فأينَ الخَلَفُ والسَّلَفُ؟! إنَّ العافية هي التَّلَف، وعند البارئ تكون الزُّلَف، إلام تَكْذبُ وتحلف، وللإثم لو ظهر أَكْلَفُ.

نظمه «متقارب»

القاف

قَلْبُكَ مَعْنًى يَخْفِقُ، يَخَافُ من عاجلتك ويُشْفِقُ، وبارئُكَ هو الموفِّقُ، أصبحت من عمرك تنفق، تُرَقِّعُ العُذْرَ وتُلَفِّقُ، وأنت في مطلبك مُخْفِق، يطول تَعَبُكَ فهَلَّا تَرْفُقُ.

نظمه «سريع»

الكاف

سَبَّحَ إلهَنَا الفَلَكُ، وقَدَّس البَشَرُ والملَكُ، والجسْمُ في العَفْر يُسْتَهْلَكُ، والمرء بالعارفة يملك، والنَّهج للآخرة يَسْلُك.

نظمه «مجزوء الرجز»

اللام

غَرَّكَ تفصيلٌ وجمل، والحيُّ خَدَعَه الأمل، سعْيُك فَسَدَ والْعمل، ما نَفَعَك حِجٌّ ولا رَمَلٌ، كأنك بين الجهل همل.

نظمه «سريع»

الميم

أفي مَسْمَعِكَ حَلَّ الصَّمَمُ؟ أم لُبَّكَ أصَابَ اللَّمَمُ؟ وتحسُنُ للأنيس الهمم، وفي التراب تُطوَى الرمم، وفي الباطن تُخان الذمم، على ذلك تَمُرُّ الأُمَم.

نظمه «سريع»

النون

لله الكَرَمُ والمننُ، وعن بَارئك تَزُول الظُّنَنُ، لا يَسْتُرُكَ من الموتِ الجنَنُ، وبالعاصف يُراع الفنن، لا تعصمك تلك القنن.

نظمه «سريع»

الهاء

المرءُ نُهِي فما انْتَهى، ما زال في العاجلة يزدهي، إن قيل ما أحسَنَ وما أَبْهَى، فأينَ صاحبك لما وَهَى، وطال ما نعم ولها، ونَالَ في العُمْر ما اشتهى، ما بين غزلان ومَهًى، دَهاه الزَّمَنُ فيمن دها، وألهى عمرًا باللهى، مُصَوِّرُ القمر والسُّها.

نظمه «سريع»

الواو

أمَّا صَحْبُكَ فَقد غَوَوْا، عَبُّوا في المورد فما ارتَوَوْا، أبادتْهمُ الأقضيةُ حتى تَوَوْا، خلُّوا للوارث ما احتووا، طواهم القدر فانطووا، ولاقتهم الآخرة بما نَوَوْا.

نظمه «سريع»

اللام والأَلِفُ

كل غد يخدم أملًا، يُسيءُ في ما بَطَنَ عملًا، يُصْبِحُ بسَيْفِهِ مُشْتَمِلًا، لا يَطْلُبُ رزقه محتفلًا، والرزق لا يترك متوكلًا، لم يرد في العالم حيلًا.

نظمه «بسيط»

الياء

الحي بعد العيشة رُدِيَ، وجاءه القَدَرُ فَمَا فُدِيَ، وشَخْصُه بالقَاضِيَةِ رُدِيَ، لم يُرْزَق النَّهْلَ إن صُدِيَ، لكنه عن ذلك عُدِيَ، أَظَلَّتْهُ العَاجِلَةُ فما هُدِيَ، وجَادَتْه الاسْمِيَّةُ فما نُدِيَ، وقَتَلَتْه الحادثاتُ فما وُدِيَ.

نظمه «سريع»

نجزت، والحمد لله.