حِكَمٌ لابن المقفع
إليك رِسَالَةً أُخرى من كلام ابن المقفع، محفوظة في دار الكُتب المصرية بالقاهرة، كتبها علي بن أبي أحمد الحلبي (سنة ٤٤٨ﻫ). وقال في أولها: إنها كتاب الأدب، وذكر أنها كتبت برسم خزانة المقر الأشرف الكريم العالي الجمالي ناظر الخواص الشريفة بالممالك الإسلامية — عظَّمَ الله شأنه وصانه عما شانه.
عمل البِرِّ خيرُ صَاحِبٍ، أحَقُّ ما صَانَ الرَّجُلُ أمرُ دينه، الآلف للدنيا مُغترٌّ، مَنْ ألزم نفسه ذكر الآخرة اشتغل بالعمل، المغبون من طلب ثواب الآخرة في الدُّنيا، القلبُ أسْرَعُ تقلُّبًا من الطرف. أحسن العفو ما كان عن عظيم الجرم، الاعتراف يؤدي إلى التوبة، الإصرار وعاء للذنوب، الجواد من بذل ما يضن به، المتكلف لما لا يعنيه متعرض لما يكره، الفكر مفتاح القلب، الاستماع أسلم من القول، كمون الحقود، ككمون النار في العود، أكرم الأخلاق التواضع، التواضع يورث المحبة، الكِبْرُ مقرون به سوء الظن، مَنْ عَذُبَ لِسَانُه كثر إخوانُهُ، من استبعد الآخِرَةَ ركن إلى الدنيا، سُرُورُ الدنيا كأحلام النائم، المغبُونُ من طلب الدنيا بعمل الآخرة، المصيبة العظمى الرزية في الدِّين، سرور الدنيا مخوف المغبة، من أهلك نفسَه في مرضاة غيره عظمت جنايته، أنفعُ الكنوز العمل الصالح، أحقُّ الناس بالبر أعلمهم بالعاقبة، من أبصر العاقبة فآثرها أمن الندامة، الوالي من وزرائه بمنزلة الرَّأس في أعضائه، مَنْ عَرَف ثمار الأعمال كان حَقِيقًا ألَّا يَغْرِس مُرًّا، أَهِنْ دُنيا بائدة تستكمل كرامة، أبقى الجروح مضضًا جُرْحُ الآثام، ائت إلى النَّاس ما تُحِبُّ أن يُؤْتَى إليك، استصغر المشَقَّة إذا أدت إلى منفعة، رأسُ البِرِّ الوَرَعُ، اطلب الرحمة بالرحمة، خير الأعمال ما دبر بالتقوى، بالحزم يتم الظفر، من أحب التزكية تعرض للضحكة، الدنيا نوم نائم، والدولة حلم حالم، من سالم الناس ربح السلامة، ومن تعدى عليهم كسب الندامة، بادر لعمل الخير إذا أمكنك، من حصَّن سره أمن ضرر ذلك، الدُّنيا قد تدرك بالجهل كما تدرك بالعقل، أحسن العمل الصالح ما كان بصدق النية، خسر من أنفق حياته في غير حقها، طوبى لمن ترك دنياه لآخرته، من الحق على السلطان رفع ذي الفضيلة وأن يسد فاقته، لا تحمد نفسك على ما تركت من الذنوب عجزًا، بالرَّسُول يُعْرَف قدر المرسل، رفق الرسول يُلين القلب الصَّعب، لا رَأْي لمن انفرد برأيه، من ترك رأي ذي النَّصيحة اتباعًا لما يهوى استوخم العاقبة، المشاورة أوثق ظهير، المستشار مؤتمن، اعتبر عقل الوالي بإصابته موضع أصحابه، مَنْ صَحِبَ السُّلطان لم يزل مروعًا، كثرةُ أعوان السوء مضرة بالعمل «بالحزم يتم الظفر»، بإجالة الرأي تظفر بالحزم، استوجب الطاعة من ذوي الرَّأي بالمودة، الصنيعة عند الكفور لا تثمر إلا مُرًّا، الملِك الحازم من استمسك برأي الحزمة من ذوي الرأي، لا صلاح لرعية واليها فاسد، خير مستفاد الهدى، أكثر مُحادثة من يصدقك عن عيوبك، حلية الملوك وزراؤهم، أكمل النصحاء من لم يكتم صاحبه نصيحة وإن استقلها، فساد الوالي أضرُّ بالرعية من جدب الزمان، استعن بالصمت على إطفاء الغضب، لا تجنين على نفسك عَدَاوَةً وبُغْضةً اتكالًا على ما عندك من العمل والقوة والمنعة، كن في الحرص على مَعْرِفَةِ عيبك بمنزلة عدوك في معرفة ذلك، البصير من عرف ضُرَّه من نفعه «التواضع يورث المحبة، أكرم الأخلاق التواضع، الكبر مقرون به سُوءُ الظَّنِّ»، رُبَّما تحوَّلَت البَغْضَاءُ مودة والمودة بغضاء، قربُ الصالحين داعٍ للصَّلاح «أحسَنُ العَفْوِ ما كان عن عظيم الجرم» المال عون قوي على المروءة، وإنفاقه مهلكة المروءة، من عدم ماله أنكره أهله.
خير الملوك من يرى أنه لا يضبط مُلْكَه إلا بالعدل بين رعيته، وأضيعُهم الفظُّ المتهاونُ، لا يغتر الأقوياء بفضل قوتهم على الضعفاء، الضعيف المحترس من العداوة أقربُ إلى السلامة من القوي المغتر، أخوف الأحقاد أحقاد الملوك، أبصر الوزراء من بَصَّرَ صاحبًا عيبَه بالأمثال، مَنْ قَلَّ كلامه حمد عقله، مَنْ عَرَفَ قدره قَلَّ إفراطُهُ، أحسنْ والدولةُ لك يُحسَن إليك والدولة عليك «كُمُونُ الحقود ككمون النار في العود» من حرم العقل رُزِئ دُنياه وآخرته، آفة العقل العجب، الهمُّ مرض العقل، احذر صَوْلَةَ اللئيم إذا أشبِعَ، أحسنُ المدح أصدقُهُ، الإحسان يقطع اللسان.