H
أليكس هيلي HALEY, Alex (١٩٢١–١٩٩٢م)
وقد شغلته رغبة استكشاف تراث السود في أمريكا، عن طريق البحث الذي شمل الأعراف والتقاليد الشفوية في دولة «جامبيا»، فأصَّل هناك تاريخ أسرته عبر سبعة أجيال إلى شخصية «كونتا كنتي»، الذي استعبدوه ونقلوه إلى أمريكا لمدينة «أنابوليس» عام ١٧٦٧م. ومن هذه الوقائع، إلى جانب أحداث وارتجالات قصصية أخرى، أنتج كتابه «جذور» (١٩٧٦م) الذي نال عنه جائزة بوليتزر خاصةً في ١٩٧٧م. وقد نشر عام ١٩٨٨م كتابًا للنشء بعنوان «نوع مختلف من الكريسماس» عن شاب في «نورث كارولينا» عام ١٨٥٥م ينشط في العمل على إلغاء الرق.
داشيل هاميت HAMMETT, Dashiell (١٨٩٤–١٩٦١م)
فرانك هاريس HARRIS, Frank (١٨٥٦–١٩٣١م)
وُلد في آيرلندا وانتقل إلى الولايات المتحدة عام ١٨٧٠م. عمل في مهن متواضعة منها مسح الأحذية، ثم التحق بجامعة «كانساس»، وبعد تخرُّجه عمل بالمحاماة. ثم ارتحل إلى أوروبا طلبًا لمزيد من التجارب والعلم، حيث التقى بكثير من أعلام عصره؛ مثل «برنارد شو»، و«أوسكار وايلد». وأصدر كُتب قصص قصيرة منها «المتادور مونثس» (١٩٠٠م)، ونشر روايته «القنبلة» في عام ١٩٠٨م. أمَّا مسرحيته «مستر ومسز ديفنتري» (١٩٠٠م)، فيُجادل بعض النقاد أن معظمها من تأليف «أوسكار وايلد»! وحين عاد إلى أمريكا، أصدر مجلة «بيرسون ماجازين»، بيد أن أراءه المنحازة إلى الألمان في أثناء الحرب العالمية الأولى اضطرَّته إلى الرحيل إلى مدينة «نيس» الفرنسية. وقد نال شهرةً ذات صيت سيئ بكتبه، مثل «أوسكار وايلد: حياته واعترافاته» في جزءَين (١٩١٦م)، وكتابه ذي الأجزاء الخمسة «صور معاصرة» (١٩١٥–١٩٢٧م)، وهو اسكتشات انطباعية وتشهيرية في الغالب عن معارفه. ثم جاء كتابه البالغ الصراحة والجرأة «حياتي وغرامياتي» في ثلاثة أجزاء (١٩٢٣–١٩٢٧م) الذي تمَّ منعه في بلاد كثيرة لفحشه. بيد أن ذلك لم يمنعه من إصدار كتب أكاديمية عن شكسبير، ودراسات سيكولوجية، وروايات فنية.
جيم هاريسون HARRISON, Jim (١٩٣٧م–…)
من سلالة خليط من السكان الأصليين الهنود والأمريكيين، عاش في المنطقة الريفية في شمال ولاية «وِسْكنسون». واشتهر بكتابه «أساطير الخريف» (١٩٧٩م) الذي يضم ثلاث روايات قصيرة عن موضوع الانتقام العنيف. وقد نشر بعد ذلك الكتب التي تضم ثلاث روايات قصيرة، في «المرأة التي يضيئها الذباب الناري» (١٩٩٠م)، وكتاب «جوليب» (١٩٩٤م). وما زال يصدر رواياته تباعًا وتلقى رواجًا كبيرًا.
جامعة هارفارد HARVARD UNIVERSITY
أول مؤسسة للتعليم العالي في أمريكا الشمالية. أُنشئت عام ١٦٣٦م في نيو تاون (كمبردج) بمنحة من «مستعمرة خليج ماساشوستس». وبعد ذلك بثلاث سنوات، سُميت الكلية هارفارد نسبةً إلى «جون هارفارد» (١٦٠٧–١٦٣٨م) الذي أوصى بنصف ثروته (٧٨٠ جنيهًا إنجليزيًّا) ومكتبته التي تضم ٤٠٠ مجلد إلى المؤسسة الجديدة. وكانت الكلية في بادئ أمرها مرتبطةً بالكنيسة وبالدولة، ولكن بحلول منتصف القرن التاسع عشر، كانت هذه الصلة قد انقطعت تمامًا. وكانت «مدرسة هارفارد لعلوم الإلهيات» التي أُنشئت عام ١٨١٩م في الجامعة، معقلًا لطائفة «التوحيديون»، ولكنها تحوَّلت بعد ذلك إلى مدرسة للدراسات العليا في اللاهوت، وانفصلت تمامًا عن أي طائفة مسيحية. ومن كليات الجامعة المميزة؛ كلية الطب (١٧٨٢م)، والقانون (١٨١٧م)، والعلوم (١٨٤٧م) التي تحوَّلت بعد ذلك للهندسة (١٩٠٧م)، وإدارة الأعمال (١٩٠٨م).
ناثانييل هوثورن HAWTHORNE, Nathaniel (١٨٠٤–١٨٦٤م)
مِن أرومة «تطهُّرية»، ظهرت آثارها في كتبه، جنبًا إلى جنب مع التيارات الفكرية والثقافية المعاصرة له. تُوفي والده في غينيا التي كانت تحت الحكم الهولندي، وترك زوجته وابنه في عزلة حزينة، أثَّرت على «هوثورن» وتركت فيه نزعة الوحدة والتشاؤم. وقد أنفق الابن وقته في قراءة الأدب، وبعد دراسته الجامعية، عاد إلى موطن أسرته مدينة «سالم»، التي شهدت واقعة «مطاردة الساحرات»، وبدأ في كتابة خواطر وقصص ينشرها في الصحف المحلية، ثم كتب بعض القصص والروايات التي تعالج مواضيع الذنب والغموض، والفخر الأخلاقي والفكري.
وفي عام ١٨٣٦م، خرج «هوثورن» من عزلته وعمل مع الناشر «جودريتش» رئيسًا لتحرير مجلة شهرية كان يصدرها، وصنَّف بعدها كتاب «التاريخ العالمي لبيتر بارلي» (١٨٣٧م)، كما أصدر عدة كتب للأطفال. وعمل في الوقت نفسه مفتشًا في جمرك بوسطن. وبرغم زواجه بعد ذلك ونجاح زيجته، فقد واصل عزلته وابتعاده عن أقرانه من المؤلفين، عاكفًا في كتاباته على تحليل العقلية «التطهُّرية» في سلسلة من القصص التي جمعها في كتاب عام ١٨٤٦م.
راندولف هيرست HEARST, Randolph (١٨٦٣–١٩٥١م)
من أبناء سان فرانسيسكو، تولَّى إدارة صحيفة والده عضو مجلس الشيوخ، «إكزامينر» عام ١٨٨٧م. وبعد هذه الصحيفة الصغيرة، شيَّد «هيرست» سلسلةً قوية من الصحف عبر الولايات المتحدة كلها. وبالموازاة مع ذلك، امتلك وسائل إعلاميةً وترفيهية متعدِّدة، من شركات إذاعية وسينمائية، وبلغت الصحف التي يصدرها أكثر من ٣٠ صحيفةً تُوزِّع ملايين من النسخ، ومجلات شهيرة. وقد اختير نائبًا عن نيويورك في الكونجرس (١٩٠٣–١٩٠٧م). وقد عكست وسائل إعلامه وجهات نظره السياسية على نحو يتعمَّد الإثارة، حتى إن معارضيه أطلقوا لقب «الصحافة الصفراء» على صحفه، بعد تناولها الحرب الأمريكية الإسبانية، ومن بعدها الحرب مع المكسيك، بصورة طنانة مُغالًى فيها.
جوزيف هِلَر HELLER, Joseph (١٩٢٣–١٩٩٩م)
وفي رواية هِلَر التالية «شيء ما حدث» (١٩٧٤م) يُقدِّم رجل أعمال ناجحًا، ولكن حياته مظلمة، ويُعبِّر عن سخطه ممَّا فعل في عمله وما سيفعله فيه مستقبلًا. وفي رواية «ثمين كالذهب» (١٩٧٩م) يعود المؤلف إلى نبرة السخرية، في معالجته الكوميدية لحياة أسرة يهودية، وللمشهد السياسي في واشنطن العاصمة. وقد أصدر بعد ذلك عديدًا من الروايات، منها ملحق لروايته «بين نارَين»، عام ١٩٩٤م، عنوانها «وقت الإغلاق»، عن شخصية «باساريان» بعد أن طلَّق زوجتَين، يعيش وحده في «مانهاتن»، مؤمنًا الآن أنه لا يمكنه هذه المرة أن يُفلت من الموت كما فعل سابقًا.
ليليان هِلمان HELLMAN, Lillian (١٩٠٥–١٩٨٤م)
مؤلفة مسرحيات، منها «ساعة الأطفال» (١٩٣٤م)، وهي مأساة عن طفلة شريرة تتهم صاحبتَي مدرستها الداخلية بالشذوذ. واشتهرت مسرحيتها «الثعالب الصغيرة» (١٩٣٩م) عن كفاح أسرة رجعية من الجنوب للحفاظ على الثروة والجاه برغم صراعاتهم فيما بينهم وتغيُّر المجتمع من حولهم. ولها مسرحية «رياح ثاقبة» (١٩٤٤م) عن أسرة سفير سابق للولايات المتحدة في واشنطن وأوروبا.
إرنست هِمنجواي HEMINGWAY, Ernest (١٨٩٩–١٩٦١م)
ثم يذهب الكاتب إلى رحلة لأفريقيا مرةً أخرى مع زوجته «ماري ولش»، ولكن الرحلة لم تكن مُوفَّقة، حيث سقطت بهما الطائرة التي نقلتهما بين مدن أفريقيا مرتَين، وكانت الثانية منهما خطيرةً إلى حد أن وكالات الأنباء طيَّرت خبر مصرع همنجواي، إلا أنه نجا بحياته مع إصابته بحروق عديدة أثَّرت فيه أسوأ تأثير.
وبعد فترة نقاهة من الحادث، يعود همنجواي لزيارة إسبانيا، ويراقب مصارعة الثيران التي يتنافس فيها المصارعان الشهيران «أنطونيو أوردونييث» و«لويس ميجيل»، ويشرع همنجواي في كتابة مقال مطوَّل عن تلك المنافسة بعنوان «الصيف الخطير». وكان بعد عودته من هذه الرحلة أن بدأ المقرَّبون منه يلاحظون تغييرات خطيرةً في مسلكه وأفكاره؛ إذ هاجمته الشكوك وفَقَد القدرة على الكتابة والترحال، بما شخَّصه الأطباء بأنه حالة من الاكتئاب الحاد. ولم تُفلح صور العلاج التي تلقَّاها همنجواي في شفائه، فأقدم على الانتحار بطلقة من بندقيته في منزله في مدينة «كيتشوم» بولاية «إيداهو» في يوليو ١٩٦١م.
وقد صدرت بعد وفاة همنجواي بعض الكتب التي لم تنشر في حياته، منها: «الصيف الخطير»، «جنة عدن»، «عيد متنقِّل»، «جزر في تيار الخليج»، «حقيقي عند الوهلة الأولى».
وقد تميَّز السرد القصصي عند همنجواي بالتركيز على الفعل والحركة، والاقتصاد في استخدام الكلمات والأوصاف التي لا تخدم الحدث، ممَّا جعل لغته في القصص القصيرة والرواية تعتمد على الأسلوب البرقي الموجز والابتعاد عن العاطفة والانفعالات. وقد تأثر أدباء كثيرون في مختلِف اللغات بهذا الأسلوب، ولكن لم يُبدعوا فيه ما أبدع همنجواي.
وقد تزوَّج همنجواي أربع مرات، وتنقَّل ما بين عدة مدن في أمريكا، وأحبَّ إسبانيا وفرنسا، وعاش في هافانا عاصمة كوبا، وفي ضواحيها منزله الذي حوَّلته السلطات هناك إلى متحف. وكانت أعماله القصصية والروائية مادةً صالحة للسينما، حيث تحوَّلت معظم أعماله إلى أفلام لاقت نجاحًا عظيمًا.
انظر أيضًا:
-
همنجواي، القصص القصيرة.
-
لمن تُقرع الأجراس.
-
وداعًا للسلاح.
-
العجوز والبحر.
-
والشمس تُشرق أيضًا.
القصص القصيرة الكاملة لإرنست همنجواي HEMINGWAY, Ernest: The Complete Short Stories
رغم أن همنجواي قد اشتهر برواياته، فإن قصصه القصيرة تقدِّم هي الأخرى نماذج قصصيةً ذات معمار فني محكَم، ممَّا يجعل من معظم تلك القصص أعمالًا خالدة ضمن إنتاج الكاتب، وجعل عددًا منها يتحوَّل أيضًا إلى أفلام سينمائية وتليفزيونية ناجحة.
وقد صدرت قصص همنجواي القصيرة أول ما صدرت في مجموعات هي: «في زماننا» عام ١٩٢٥م، و«رجال بلا نساء» عام ١٩٢٧م، و«المنتصر لا يربح شيئًا» عام ١٩٣٣م. كما نشر الكاتب عددًا آخر من القصص في الصحف والمجلات بخلاف تلك الكتب الثلاثة. وقد بلغت قصصه القصيرة حوالي الثمانين قصة.
والقصة القصيرة عند همنجواي تتصف بالتركيز الشديد، وتشرك القارئ في مطالعة تجربة إنسانية. وأسلوب الكاتب فيها يمثِّل رأيه في فكرة جبل الثلج العائم الذي لا يظهر للعِيان منه سوى ثُمن حجمه فقط، بينما بقيته مختفية تحت الماء؛ فالرواية عنده يمكن أن تُظهِر من ذلك الجبل الثلجي الكثير ممَّا هو مختفٍ؛ فطبيعتها تسمح بوجود التفاصيل الضرورية التي تكتمل معها الصورة الشاملة التي تقدِّمها الرواية. أمَّا القصة القصيرة فهي تقدِّم الجزء الظاهر فحسب، وتترك للقارئ تشرُّب البقية وفقًا لإحساسه ومقدار تجاربه في الحياة. وقد سمحت له القصة القصيرة أن يتجلَّى في أسلوبه اللغوي المشهور بالاقتصاد في التعبير، وهو أيضًا يستخدم فيها الحوار الذي يتصف بالإيجاز والتكرار المقصود واستخدام المفردات الشائعة المعروفة لمن يتحدَّث من شخصيات القصة.
قطة تحت المطر
لم يكن في الفندق من أمريكي سوى رجل وزوجته، ولم يكونا يعرفان أي شخص يُصادفانه على السلالم في طريقهما من الحجرة وإليها. كانت حجرتهما في الطابق الثاني وتُطل على البحر، وكانت تُطل أيضًا على الحديقة العامة وعلى النُّصب التذكاري المقام لذكرى الحرب. كانت الحديقة العامة تغص بالنُّخيلات الضخام وبالمقاعد الخضراء. وحين يكون الجو صافيًا، كان يَفِد إليها باستمرار أحد الفنانين حاملًا معه لوحة الرسم. وكان الفنانون يحبُّون طريقة نمو النخيل، والألوان الناصعة للفندق المواجه للحدائق وللبحر. وكان الإيطاليون يَفِدون من أقصى البقاع لمشاهدة النُّصب التذكاري، وكان مصنوعًا من البرونز ويلتمع حين تهطل عليه الأمطار. أخذت السماء تُمطر، وطفق ماؤها يقطر من على أفنان النخيل، وتكوَّنت بُحيرات صغيرة من الماء على الممرات المغطاة بالحصباء. وتدفَّقت موجات البحر في خيط طويل تحت الأمطار ثم انحسرت ثانيةً على الشاطئ لتعود مرةً أخرى متدفقةً في خيط طويل تحت الأمطار. وانفضَّت السيارات من حول النصب التذكاري في الميدان. وعبر الميدان، وقف نادل في ممر المقهى، يتطلَّع أمامه إلى الميدان المقفر.
ووقفت الزوجة الأمريكية تتطلَّع إلى الخارج من النافذة. وهناك، وتحت نافذتها تمامًا، كانت ثمة قطة تقبع تحت مائدة خضراء تقطر بمياه المطر. وكانت القطة تحاول أن تُلملم نفسها حتى لا يُصيبها رذاذ الماء.
قالت المرأة الأمريكية: سأهبط إلى أسفل لأُحضر هذه القُطيطة.
فتطوَّع زوجها قائلًا وهو يرقد على الفراش: سأقوم أنا بهذه المهمة.
– كلا .. سأُحضرها أنا بنفسي، تلك القُطيطة المسكينة في الخارج تحاول أن تتقي الأمطار تحت المائدة.
وواصل الزوج قراءته وهو راقد يرتكز على زوج من الحشايا في نهاية الفراش. قال: حاذري أن يصيبك البلل.
وهبطت الزوجة إلى الطابق السفلي، ووقف صاحب الفندق وانحنى لها حين مرَّت أمام غرفته. كان مكتبه في الطرف الأقصى من الغرفة. كان رجلًا مسنًّا بالغ الطول.
قالت الزوجة بالإيطالية: إن المطر يهطل.
وكانت معجبةً بصاحب الفندق.
– أجل، أجل يا سنيورا. إن الجو سيئ للغاية.
ووقف خلف مكتبه في الطرف الأقصى من الغرفة المعتمة. كانت الزوجة معجبةً به؛ معجبةً بالطريقة الصارمة الجادة التي يتلقَّى بها أي شكوى من النزلاء، معجبةً بهيبته، معجبةً بطريقة خدمته لها، معجبةً بالطريقة التي كان يشعر بها بمكانته كصاحب الفندق، معجبةً بوجهه العجوز الثقيل ويدَيه الكبيرتَين.
وفتحت الباب وهي ممتلئة إعجابًا به ونظرت إلى الخارج. كان المطر يهطل بشدة. وكان ثمة رجل يرتدي قبعةً من المطاط يعبر الميدان المقفر متجهًا إلى المقهى. لا بد أن القطة في الناحية اليمنى، وربما تستطيع أن تتجه إليها محتميةً بأفاريز السطح. وإذ كانت تقف في المدخل أحسَّت بمظلة تنفتح إلى جوارها. كانت خادمة غرفتها، وقالت لها بالإيطالية وهي تبتسم: «يجب ألَّا تبلك مياه الأمطار.» لا بد أن صاحب الفندق قد بعث بها خلفها. وسارت على طول الممر المغطَّى بالحصباء والخادمة تُمسك بالمظلة فوقها حتى وصلت إلى أسفل نافذة غرفتها. وعثرت هناك على المائدة، يلتمع سطحها الأخضر مغسولًا بمياه الأمطار، ولكن القطة لم تكن موجودةً تحتها. وغمرتها فجأةً موجة من خيبة الأمل. وتطلَّعت إليها الخادمة، وقالت بالإيطالية: هل ضاع منك شيء يا سنيورا؟
فقالت الزوجة الأمريكية: لقد كانت هنا قطة.
– قطة؟
فقالت بالإيطالية: أجل، القطة.
فضحكت الخادمة وقالت: قطة، قطة تحت المطر؟
– أجل، تحت المائدة. أوه، لقد أردت أن أحصل عليها. أردت أن أحصل على قُطيطة.
واربدَّ وجه الخادمة حين كانت الزوجة تتحدَّث بالإنجليزية، وقالت: هيا يا سنيورا، لا بُدَّ أن نعود إلى الداخل، سوف تصيبك مياه الأمطار.
فقالت الزوجة الأمريكية: أظن ذلك.
وعادا مرةً أخرى عبر الممر المغطَّى بالحصباء ودخلا من الباب، وبقيت الخادمة في الخارج لتُغلق المظلة. وحين مرَّت الزوجة الأمريكية بغرفة صاحب الفندق انحنى لها الرجل من وراء مكتبه، وأحسَّت الزوجة بشيء ضئيل ومحكم في داخلها. لقد جعلها صاحب الفندق تشعر بشدة ضآلتها وأهميتها الحقيقية في ذات الوقت. وشعرت شعورًا وقتيًّا بأهميتها القصوى. وصعدت السلالم، وفتحت باب الغرفة. وكان زوجها «جورج» راقدًا على الفراش، يقرأ.
وسألها وهو يضع الكتاب جانبًا: هل حصلت على القطة؟
– لقد اختفت.
فقال وهو يرفع عينَيه من القراءة: إني لأعجب أين ذهبت.
وجلست هي على الفراش إلى جواره.
قالت: لقد كنت أرغب جدًّا فيها. لا أعرف لماذا أُريدها بهذه الطريقة. لقد أردتُ تلك القطيطة المسكينة. لم يكن مناسبًا ترك مثل هذه القُطيطة المسكينة، هناك تحت المطر.
وواصل «جورج» قراءته.
وسارت الزوجة عبر الغرفة وجلست أمام التسريحة تتطلَّع إلى نفسها في مرآة اليد. ودرست صورة وجهها الجانبي، الجانب الأيمن أولًا ثم الجانب الأيسر، ثم درست خلفية رأسها ثم عنقها.
قالت وهي تنظر مرةً أخرى إلى جانب وجهها: ألَا تظن أنه من الأفضل أن أُطيل شعري قليلًا؟
ونظر «جورج» إليها ورأى عنقها من الخلف وقد بدا واضحًا كأنه عنق صبي.
– إني أُحبه هكذا.
فقالت: لقد مَلِلت ذلك .. مَلِلت أن أبدو وكأنني صبيٌّ صغير.
اعتدل «جورج» في رقدته على الفراش، ولم يكن قد أزاح عنها بصره منذ أن بدأت تتحدَّث. وقال: إنكِ تبدين لطيفةً جميلة رائعة.
ووضعت المرآة على التسريحة، وسارت إلى النافذة ونظرت منها. كان الظلام قد بدأ ينسدل.
قالت: أريد أن أُسدل شعري على ظهري مسترسلًا ناعمًا، وأجعل منه ضفيرةً كبيرة أستطيع أن أتحسَّسها، وأُريد أن يكون لي قُطيطة أُجلسها على حِجْري وتهر حين أربتُ على ظهرها.
فقال «جورج» من على الفراش: ماذا؟
– وأُريد أن آكل على مائدة بملاعقي الفضية الخاصة، وأُريد شموعًا على المائدة، وأُريد أن نكون في فصل الربيع، وأُريد أن أُنسِّق شعري أمام مرآة، وأُريد قُطيطة، وأُريد بعض الملابس.
فقال «جورج» وهو يُعاود القراءة: أوه، اصمتي وخذي شيئًا فاقرئيه.
كانت زوجته تتطلَّع من النافذة، وكان الظلام قد لفَّ الآن كل شيءٍ وما زال المطر يتساقط فوق النخيل.
قالت: على كل حال، أُريد قطة .. أُريد قطة .. أُريد قطةً الآن .. فإذا لم يكن باستطاعتي أن أُطيل شعري أو أن أحصل على أي متعة أخرى، فباستطاعتي الحصول على قطة.
ولم يكن «جورج» يُنصت إليها؛ كان يقرأ في كتابه، وتطلَّعت زوجته خارج النافذة حيث بدأ الضوء يسطع على الميدان.
ودقَّ أحدهم الباب.
قال «جورج»: ادخل! ورفع عينَيه من الكتاب.
وعلى عتبة الغرفة كانت الخادمة تقف ممسكةً بقطة كبيرة مصنوعة من البلاستيك وهي تضمُّها إليها في إحكام وتحملها على صدرها.
وقالت: عفوًا يا سيدي. لقد طلب مني صاحب الفندق أن أُحضر هذه القطة للسنيورا.
روبرت هِرِيك HERRICK, Robert (١٨٦٨–١٩٣٨م)
تخرَّج في جامعة هارفرد عام ١٩٨٠م، وعمل أستاذًا للأدب الإنجليزي في جامعة شيكاغو من ١٨٩٣م إلى ١٩٢٣م. تُظهر رواياته اهتمامه بالتناقضات بين الصفات الشخصية والمتطلَّبات العملية، وهو يناصر الحرية الفردية والمسئولية الأدبية في مواجهة مجتمع مادي فاسد. ومن رواياته المُعبِّرة عن ذلك الاتجاه: «الرجل الرابح» (١٨٩٧م) عن أحد العلماء الذي تُؤثِّر حياته الأسرية والمالية في عمله، رغم إيمانه بحرية الإرادة عند الإنسان. وفي نفس الاتجاه رواية «إنجيل الحرية» (١٨٩٨م) و«شبكة الحياة» (١٩٠٠م)، و«العالم الحقيقي» (١٩٠١م).
وكتب بعد ذلك روايات ناجحة عن صراع شخصيات مُعينة بين الرغبة في النجاح المادي والمحافظة على النزاهة الشخصية، وزاد عليها تناول وضع المرأة في المجتمع. ومن هذه الروايات «مذكرات مواطن أمريكي» (١٩٠٥م)، و«معًا» (١٩٠٨م) التي تُحلِّل مشكلات الزواج الحديث. واستبانت في رواياته التالية نظرة تشاؤمية أكثر تجاه أساليب المجتمع في أيامه، فكتب عن الفساد في المؤسسات الصناعية الكبرى مُوجِّهًا لها انتقادات حادة. وجاءت رواياته مَعنيةً بالتركيب الاجتماعي أكثر منها بالتركيب الفني للرواية.
جون هيرسي HERSEY, John (١٩١٤–١٩٩٣م)
أوسكار إخويلوس HIJUELOS, Oscar (١٩٥١م–…)
من مواليد نيويورك من أسرة كوبية، ورغم أنه معروف بأنه أديب أمريكا الإسباني، فإن أسلوبه يفتقر إلى الاتجاهات والصفات المرتبطة عادةً بأدب اللغة الإسبانية؛ فهو يستخدم في رواياته تقنيات قصصية مستحدثة، مُصوِّرًا الشخصيات الكوبية التي تعيش في أمريكا.
تشستر هايمز HIMES, Chester (١٩٠٩–١٩٨٤م)
وُلد لأبوَين من السود؛ أب حالك السواد، وأم ذات بشرة تقارب البياض؛ ولذلك كانا دائمًا في شقاق؛ إذ الأم تعتبر نفسها مختلفةً عن الأب! وقد حفلت كتب «هايمز» الأولى بوقائع حياته عن العلاقات بين السود والبيض، وعن العلاقة بين شديدي سواد البشرة وأولئك ذوي البشرة الفاتحة. ثم تحوَّل إلى كتابة الروايات البوليسية التي راجت في فرنسا، وتحوَّلت روايتان منها إلى فيلمَين، ولكنه ليس معروفًا على نطاق واسع في أمريكا.
وقد درس هايمز في جامعة «أوهايو»، ولكنه دخل السجن من ١٩٢٩م حتى ١٩٣٦م في جريمة سطو مسلح. وبدأ الكتابة عام ١٩٤٥م، وله روايات: «الحملة المنفردة» (١٩٤٧م)، «أَلْقِ أول حجر» (١٩٥٢م)، «الجيل الثالث» (١٩٥٤م). وقد رحل إلى أوروبا بعد ذلك، ونشر في فرنسا رواياته البوليسية، ومنها «غضب في هارلم» (١٩٥٧م)، «كلهم قُتلوا بالرصاص» (١٩٦٠م)، «كوتون في هارلم» (١٩٦٥م). وقد نشر أيضًا كتابًا يضم قصصه الأقل طولًا، وكذلك سيرةً ذاتية في جزءَين.
أوليفر وِنْدِل هولمز HOLMES, Oliver Wendell (١٨٠٩–١٨٩٤م)
وليام دين هاولز HOWELLS, William Dean (١٨٣٧–١٩٢٠م)
وُلد في ولاية «أوهايو»، وبدأ في سن التاسعة في مساعدة أبيه في صف ألواح الحروف في مطبعته. وقد وصف «هاولز» حياته المبكِّرة في ثلاثة كتب من السيرة الذاتية. وحين استقرَّت الأسرة في مدينة «كولومبس» بالولاية، شارك «هاولز» في صحيفة «ولاية أوهايو» في الفترة من ١٨٥٦م إلى ١٨٦١م، وأصدر مع «ج. بيات» ديوان شعر بعنوان «قصائد صديقَين» (١٨٦٠م). وقد عمد في هذه الفترة إلى دراسة اللغات وقراءة الكتب الأوروبية التي تقع عليها يده، ووصف ذلك في كتب مثل «شغفي الأدبي» (١٨٩٥م)، و«أصدقاء ومعارف أدبيون» (١٩٠٠م)، و«سنوات شبابي» (١٩١٦م).
وبعد أن كتب «هاولز» سيرةً شخصية لإبراهام لنكولن لاستخدامها في حملته الانتخابية كرئيس للولايات المتحدة، اختير للعمل قنصلًا في فينيسيا (البندقية)، وأثمرت سنواته الأربع فيها كتبًا عن الحياة هناك وعن الشعراء الإيطاليين. وبعد عودته إلى أمريكا، عمل مساعدًا للتحرير في المجلة الأدبية «أتلانتك منثلي» ثم رئيسًا لتحريرها لمدة كلية قدرها خمسة عشر عامًا حتى ١٨٨١م. وقد كتب «هاولز» الرواية بدءًا من عام ١٨٧٢م برواية «رحلة الزفاف»، وله أيضًا «مسئولية مخيفة» (١٨٨١م)، ويصف فيهما شخصيات إيطالية وأمريكية ويعالج الصراع بين الحب والطبقة الاجتماعية للمحبين.
عواء HOWL
وقد أحدثت القصيدة ردة فعل مناوئة لدى المتزمِّتين لِمَا تحويه من كلمات وعبارات صريحة، إلا أنها صمدت للنقد والزمن، وأصبحت من العلامات الفارقة في الأدب الأمريكي الحديث.
لانجستون هيوز HUGHES, Langston (١٩٠٢–١٩٦٧م)
أحد أعضاء جماعة «نهضة هارلم» المُبرَّزين، قضى وقته في الترحال في أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا، إلى أن بدأ في إصدار كتبه العديدة بدءًا بديوان «الألحان الحزينة المرهقة» عام ١٩٢٦م، الذي جمع فيه قصائد عن السود ذات إيقاع ولغة نغمات الجاز. وقد أتاح له نجاح هذا الكتاب إتمام تعليمه الجامعي في جامعة لنكولن ببنسلفانيا. وقد كتب في فنون أدبية مختلفة، إلا أنه اشتهر بالشعر، الذي أصدر فيه أكثر من عشرة دواوين، أشهرها «شكسبير في هارلم» (١٩٤١م)، «حقول الدهشة» (١٩٤٧م). ويظهر في قصيدته اهتمامه بعنصر السود وحياتهم في المدن، ووعيه الاجتماعي. وكتب أيضًا روايتَين، وقصصًا قصيرة، ولكن أشهر أعماله النثرية هي المتصلة بشخصية «جيسي ب. سِمْبل»، وهي اسكتشات ساخرة عن أحد سُكان «هارلم». وكتب «هيوز» عدة مسرحيات، منها مسرحيات غنائية ناجحة.