ماك سويني
على ذكر الملك إسكندر أقول إني — ككثيرين غيري — كنتُ أرقبُ الأخبار عنهُ صباح مساء كل مدة مرضه. لم أكن لأهتم بشخصه من حيث هو ملك اليونان «الموافق» الآن لسياسة الدول. لقد أتعستني الطبيعة — أو أسعدتني — بأن جعلت لفافة السياسة في دماغي جافة عقيمة لا تتأثر ولا تتحرَّك. إلا أنه كان مذكورًا بالخير؛ لسحقه تقاليد راسخة وتحطيمه سلاسل وثيقة بزواجه من فتاةٍ من ذوات الدم الأحمر الحيوي الفوَّار، بدلًا من الدم الأزرق «الشريف»، الذي ليس بشريف ولا هو بأزرق في غير دعوى مدَّعيه.
كذلك كنت أهتم لأخبار ماك سويني؛ إذ كاد يدخل العليلان دور النزع معًا، وقد تُوفي أحدهما بعد الآخر بساعات معدودات، وكلٌّ منهما بطلٌ في بابه، ضحية في بابه؛ فهما مختلفان متشابهان.
ملك اليونان يقضي بعضَّة حيوان غاضب، يقضي مرغمًا تمرِّضه امرأة عزيزة. والآخر يقضي ببطءٍ مختارًا لا يداويه عزيز، ولا هو يسير بنشوة الحماسة وجنونها نحو الموت، بل ينتظرهُ انتظارًا رياضيًّا، منظمًا، متتابعًا، متماسكًا عنيدًا. يموت لينفِّذ كلمة قالها عند دخول السجن: «سأخرج من هنا بعد شهر حيًّا أو ميتًا.» ولم يثنِ عزمه ذكر زوجةٍ وأبناء ينتظرون نعيه في البيت الخالي منه حيث لن يعود قط.
أي رجل كان ذلك الرجل؟ حِمل ثقيل أُزيح عن عاتقي عندما علمت بانتهاء آلامه.
لقد طالعت كثيرًا مما كُتب عنه في الصحف الإنجليزية وغير الإنجليزية، وقرأت يوميات دوَّنها في سجنه، وقد تكون مختلفة أو محرفة. وحضرت قداسًا أُقيم في كنيسة القديس يوسف لراحة نفسه. وظهرت هنا بعض الصحف الوطنية مصدرة برسمه، وقد جرت في أعمدتها أنهار النظم تنويهًا بشجاعته وبطولته. أما أنا فلم أفهم بعدُ أية خدمة أدى إلى وطنه، وأي درس ستتلقى أيرلندا من موته سوى درس المثابرة والثبات؟
أليس من الخسارة الفادحة أن يلاقي رجل كهذا حتفه مختارًا، ليعطي وطنه أمثولة كان في وسعه أن يعطيه عشرات لا تنقصها أهمية وإن اختلفت عنها نوعًا في حياته، حتى إذا حانت ساعة الموت رحل عن الدنيا بميتة هي أنبل من الميتة الغبراء وأسمى؟