بدلًا من الخاتمة

إنَّ قصة مسرح الفنان الروسي والألماني بوصفه شكلًا خاصًّا من أشكال الإبداع المسرحي بحاجةٍ إلى خاتمة. وفيما يلي نُورِد الأسباب:

في ألمانيا لا يزال أخيم فراير، كلاسيكي مسرح الفنان الألماني، يواصل نشاطه الفعَّال. وفي مدينة فيرمونت الأمريكية، يقوم تِربُه بيتر شومان بعرض برامج «سيرك النهضة المنزلي الخاص بنا» في مزرعته. إنَّ جماليات مسرح الفنان التي أرسى قواعدها كلٌّ منهما (بالإضافة إلى ر. ويلسون، الذي توافَرَت له في ألمانيا تحديدًا جميع الظروف المواتية للتحقُّق ذاتيًّا) قد جرى استيعابها من جانب الثقافة الألمانية، وتأكدَت هذه الجماليات باعتبار أنَّ لها القيمة نفسها التي يتمتع بها المسرح الدرامي والموسيقي. وتتسع قائمة الفنانين الألمان الذين يفضِّلون هذه الجماليات بشكلٍ ثابت، ويحمل هذا الاتجاه طابعًا راسخًا، كما أنَّ له مستقبلًا واعدًا للتطوُّر المطَّرد.

وفي الوقت نفسه، لا يمكن الحديث عن خاتمةٍ لمسرح الفنان في روسيا؛ فهذا الشكل من أشكال الإبداع المسرحي عندنا لا يزيد عمره على عَقدٍ واحد وبِضع سنين. وهو مسرحٌ لا يزال في مرحلة التكوين الأُولى. ولكنَّ وجوده يتأكَّد بوصفه ظاهرةً تتساوى وأشكالَ المسرح الأخرى (الدرامي والموسيقي)، سوف نفترق عن الفنانين الذين اختاروا هذا الشكل من أشكال الإبداع المسرحي — ونعني بهم «فناني المسرح الهندسي الروسي»: م. إيسايف، ب. سيمتشينكو، د. كريموف، ف. جاكيفيتش، أ. كاليتشوك — عندما نراهم يعقدون العزم، ويعدُّون مشروعاتٍ جديدة. وهذا يعني أن مسرح الفنان قد بدأ تدريجيًّا في التأقلُم وإعطاء «ثماره» في التربة الثقافية الروسية أيضًا، وهي ثمارٌ تختلف عن تلك التي تنضج هناك في بلادٍ أخرى.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥