حفلة استعراضية في برن!
جَلس الشياطين، وهم يستمعون إلى رقم «صفر» وهو يَقرأ تقرير خبير «الكاراتيه» عن مستوى الشياطين الأخير، قرأ رقم «صفر» أن النتيجة النهائية تقول إن هناك ثلاثةً من الشياطين لم يُحقِّقوا المستوى المطلوب، وأن تسعةً ونصفًا من عشرة تعني أن التدريبات الأخيرة لم تكن مطلقًا بالمستوى الذي يجب أن يكون عليه الشياطين.
كانت أنظار الشياطين معلقةً بمصدر الصوت، حتى يعرف كلٌّ منهم مستواه. في النهاية قال رقم «صفر»: لقد حقَّق «خالد» تسعة ونصف من عشرةٍ. ومثله حقَّقه «عثمان»، ومثلهما حققت «إلهام».
ثمَّ صمتَ رقم «صفر» قليلًا. كان الثلاثة «خالد» و«عثمان» و«إلهام» قد اهتزُّوا لسماع هذه النتيجة. قال رقم «صفر» بعد قليلٍ: إن هذا سوف يُؤخِّر موعد مغامرتنا بعض الوقت؛ فالمغامرة الجديدة، من نوعٍ جديدٍ … إنَّها مع عصابة «الكاراتيه»، وأفرادُها قد حقَّقوا مستوياتٍ مخيفةً. وهذا يعني، أن دخولنا في صراع معهم سوف يصل بهؤلاء الثلاثة إلى النهاية.
أُضيئت لمبةٌ صفراء أمام الشياطين، قال على أثرها رقم «صفر»: دقيقة.
انصرف رقم «صفر» وظلَّ الشياطين في أماكنهم. كانوا يُفكِّرون في تلك العصابة الجديدة، الغريبة.
في نفس الوقت، كان الثلاثة «خالد» و«عثمان» و«إلهام» قد التقَت أعينهم في نظراتٍ سريعةٍ، مضت دقائق، ثمَّ عاد بعدها رقم «صفر» قائلًا: جاءنا تقريرٌ جديدٌ عن العصابة. ثم مرَّت لحظاتٌ، توقف رقم «صفر» خلالها عن الكلام. كان الوقت يمرُّ ثقيلًا عليهم. إنَّ هذه أول مرةٍ … ستتعطَّل فيها مغامرتهم، ولا بد … أن يُحقق الشياطين الثلاثة المستوى المطلوب في أسرع وقتٍ مُمكن حتى تبدأ المغامرة …
عاد رقم «صفر» إلى الكلام: إنَّ التقارير التي أرسلها عملاؤنا، قد أعطت معلومات ليست كافيةً عن العصابة. لكن ماذا يُمكن أن تُفيد الآن، وبعض رجالنا ليسوا على استعداد؟!
صمت قليلًا ثم قال: سوف نُؤجِّل اجتماعنا حتى يأتيَ تقريرٌ آخر من خبير مركز «الكاراتيه» لنرى ماذا يمكن أن تفعل.
انفض الاجتماع. وخرج الشياطين إلى أماكنهم. كانت القاعة الفسيحة داخل المقر السري، قد أضيئت حتى يلتقيَ فيها الشياطين. وعندما ضمَّتهم القاعة جلسوا في شبه حلقة. لم يكن أحد منهم يتحدث … غير أن «أحمد» أراد أن يُنهي هذه الحالة، فقال: صحيح أن «عثمان» لم يُحقِّق الدرجة النهائية في حركة اللف الهوائية في التدريب الأخير … لكنَّه أداها بمستوًى عالٍ يُمكن أن يتحسَّن حتى يصل إلى الدرجة النهائية.
قال «عثمان»: أعتقد ذلك. إنَّ ما حدث أنني شردتُ لحظةً خلال التدريب الأخير.
قالت «إلهام»: إنَّ تدريب الغد، سوف يكون هو الفيصل، وأتمنَّى أن نُحقِّق فيه المستوى المطلوب.
انصرف الشياطين، وظلَّ موعد التدريب القادم، هو الكلمة النهائية في بداية المغامرة.
جاء موعد التدريب، والتفَّ الشياطين داخل القاعة. كانت قاعة مكشوفة أرضها من البلاط اللامع … وكانت أعين الشياطين معلَّقةً بباب الدخول إلى القاعة، حيث كانوا في انتظار مستر «نو» خبير الكاراتيه. لحظات وظهر الخبير، كان رجلًا متين البنيان، يابانيَّ الجنسية … لكنه انضم إلى المقر السري منذ سنواتٍ طويلةٍ … حيث ظل يُدرِّب الشياطين، ويُدرب عملاء رقم «صفر» في جميع أنحاء العالم. ومستر «نو» اسمه الحقيقي «نوماهوماهيو».
كانت ابتسامة رقيقة تُغطِّي وجهَه. نظر إلى الشياطين ثم قال: مستعدون؟ قال «خالد» بلهفة: نعم …
ابتسم «نو» فهو يَعرف السبب … تفرَّق الشياطين في مجموعاتٍ ثنائيةٍ، وبدأ التمرين. كان تمرينًا قاسيًا هذه المرة، ولذلك، فقد كان الْتحام الشياطين حقيقيًّا.
واستمر التمرين ثلاث ساعات متَّصلة … مما جعلهم جميعًا يَغرقون في العرق. وعندما انقضَت الساعات الثلاث، توقف «نو» وأشار بيدِه، وعلَت وجهَه ابتسامة رضا، ثم قال: الآن يُمكن أن أُطمئن رقم «صفر» … ثم تركهم وخرج.
في القاعة الزرقاء، حيث يجتمع الشياطين، دقَّ جرسٌ موسيقيٌّ، قال «أحمد» على أثره: هيَّا. هناك اجتماعٌ سريع.
أسرع الشياطين إلى قاعة الاجتماعات الكبرى في المقر السري. ولم تَمضِ لحظات حتى جاءهم صوت رقم «صفر»: إنني الآن مطمئن تمامًا إلى قراءة التقارير التي وصلتنا من عملائنا في أنحاء العالم. وصمت رقم «صفر» لحظات ثم قال: لقد أخبرني مستر «نو» أن الشياطين الثلاثة قد حققوا المستوى المطلوب.
قال رقم «صفر»: إن عصابة «الكاراتيه» التي تَنشر الرعب في أوروبا، غير معلومة المكان. غير أنَّ أحداثها تقع في أماكن كثيرةٍ مُتفرقةٍ في أنحاء العالم. ويبدو أنها تَنتقِل بسعةٍ كبيرة … حتى لا يُمكن تحديد مكان لها. وهذه ليست مسألة هامَّة. إن مكان هذه العصابة الجديدة يُمكِن كشفُه بسهولةٍ، وهذه مسألة أتركها لكم.
صمَت رقم «صفر»، وسمع الشياطين صوت أوراقٍ تُقلَّب. قال بعد قليلٍ: إنَّ العصابة تُطلق على نفسها اسم «الحزام الأسود»، وهو أعلى حزام يَحصُل عليه لاعب «الكاراتيه»، وهذا يعني أنها حقَّقت مُستوًى مُذهِلًا في هذا النوع من الرياضة. إن خطط عصابة «الحزام الأسود» تقوم على فَرض الإتاوات، على أثرياء العالم، وهذا يجعل مكانها ليسَ ثابتًا، إنها تتحرَّك تبعًا لضربتها في كل مرة. وهي لا تَستخدم أيَّ نوع من الأسلحة. إن سلاحها الوحيد هو اليدان، ويقول تقرير جاء من «لندن» إنها عصابة جديدة، ظهرت منذ سنوات قليلة في حوادث متفرقة … ثم … أخذت هذه الحوادث تزداد، وتنتشر … حتى تأكَّد أنها تُغطي العالم كله.
مرت دقيقة صمتٍ، كان الشياطين خلالها يُركِّزون انتباهَهم تمامًا، لاستيعاب كلِّ كلمةٍ. ثمَّ جاء صوت رقم «صفر» يقول: إنَّ آخر عملية قامت بها عصابة «الحزام الأسود» وقعت في مقاطعة «بافاريا» … الألمانية. لقد هدَّدوا ثريًّا، يَملك عددًا من مصانع الصلب هناك، وقتلوا أربعة من حراسه، ورغم أن البوليس الألمانيَّ قد حاول معرفة أي شيءٍ، إلا أنه لم يُحقِّق أي تقدم في النهاية.
صمت رقم «صفر»، وسمع الشياطين صوت أوراق التقارير. وأخيرًا قال: إنَّ تقرير عميلنا في «بون» يقول: إنَّ العصابة يزداد عددها، وهي تضمُّ أفرادًا جددًا كلَّ مدة … وهذا ما جعلها تنشر الرعب في جميع أنحاء العالم. وهذه المسألة نفسها، هي التي تفتح أمامكم الطريق.
سمع الشياطين صفارات متقطِّعة، قال على أثرها رقم «صفر»: هناك رسالة عاجلة. ابتعدت أقدامه، وكان الشياطين لا يزالون يغرقون في صمتهم … إنَّ هذه مغامرةٌ جديدةٌ رائعة.
مرَّت دقائق. عاد بعدها رقم «صفر» ثم قال: إنَّ عميلَنا في «سويسرا» قد نظَّم حفلة «كاراتيه» … مجرَّد حفلةٍ استعراضيةٍ، والمطلوب منكم … السفر فورًا إلى هناك، إنه يَحتاج إلى أربعة أشخاصٍ فقط.
مرَّت لحظة صمتٍ، ثم قال: الآن، يُمكنكم السفر. فقط، من لديه سؤال، فليتفضَّل.
مرَّت لحظاتٌ أخرى، لم يَنطِق خلالها أحد من الشياطين، فقال: أتمنى لكم التوفيق.
وعندما ابتعدت أقدام رقم «صفر» أخذ الشياطين طريقهم إلى القاعة الزرقاء، حيث عقدوا اجتماعًا سريعًا.
قال «بو عمير»: يجب أن نبدأ فورًا.
إلهام: ترى مَن يُسافر؟
خالد: أرجو ترشيحي.
أحمد: سوف أسافر أولًا أنا، و«بو عمير» و«رشيد» و… «قيس».
زبيدة: أعتقد أنه ما دامت الحفلة استعراضيةً فقط، فإنَّ سفري و«ريما» يُمكن أن يجعل للحفل طعمًا خاصًّا.
صمت الشياطين قليلًا أمام اقتراح «زبيدة»، كان اقتراحًا طيبًا فعلًا، حتى إن «أحمد» قال: إنني أوافق على اقتراح «زبيدة».
قالت «إلهام»: وأنا أيضًا؛ إنَّها فكرةٌ جيدةٌ.
أحمد: من يوافق على اقتراحي يرفع يده.
ورفع الشياطين جميعًا أيديهم. لقد كان اقتراحًا ناجحًا. لم تمرَّ نصف ساعةٍ حتى كان الشياطين الأربعة، يتَّجهون إلى سيارتهم، وعندما فُتحت أبواب السيارة، جلس «بو عمير» إلى عجلة القيادة، وبجواره «أحمد»، وجلست «زبيدة» و«ريما» في المقعد الخلفي. ثم … تحركت السيارة، وتحركت معها الأبواب الصخرية للمقر السري … وانطلقت السيارة في طريقها إلى المطار القريب، ثم منه إلى «القاهرة».
ومع آخر النهار كانت الطائرة، تُقلُّ الشياطين الأربعة من «القاهرة»، في طريقهم إلى «برن» عاصمة «سويسرا».
وفي الطائرة كان «أحمد» يُفكر: ولماذا سويسرا … بالذات؟ … وجاءته الإجابة بسرعةٍ، بينه وبين نفسه: إنَّ «سويسرا» هي بلد المال، حيث تَمتلئ خزائن البنوك بمليارات الدولارات، من جميع أنحاء العالم. وهناك، يُمكن أن تُفكر عصابة «الحزام الأسود» في تنفيذ إحدى عملياتها.
كان على الطائرة أن تنزل أولًا في «روما» … ثم منها إلى «برن» … وفكَّر «أحمد»: هل هذه إحدى عصابات «المافيا» الإيطالية المشهورة، وقد أبدلت أسلحتها من المسدسات والخناجر إلى «الكاراتيه»؟
قالت مذيعة الطائرة: نرجو ربط الأحزمة، سوف ننزل في مطار «روما» بعد دقائق.
ربط الشياطين أحزمتهم … وبعد قليل، كانت الطائرة تأخُذ طريقها إلى الأرض، كانت أضواء المطار تلمع في الليل … وعندما استقرَّت تمامًا … وفُتح بابها … دخل عدد من الركاب … كانوا يتحدَّثون بطريقة لفتَت سمع الشياطين. كان اثنان يتحدثان:
الأول: يقال إنها حفلة رائعة.
الثاني: إنني أهوى هذا النوع من الحفلات.
الأول: يقولون إن اللاعبين فيها من أرفع مستويات اللاعبين في العالم!
الثاني: إنَّ ما لفت نظري، أن اللاعبين من الشباب، لقد تصوَّرتُ أنها ما دامت حفلةً استعراضيةً، فسوف تكون للمُحترفين.
اجتاز الراكبان مقاعد الشياطين، وكانت نهايات الحديث بينهما تصل إلى الشياطين. مال «أحمد» في اتجاه «ريما» وقال: يبدو أن الحفلة قد لاقت نجاحًا كبيرًا.
ريما: أو أن الدعاية … لها … ضخمة.
بعد نصف ساعة، بدأت الطائرة تأخذ طريقها مرةً أخرى إلى الفضاء، في طريقها إلى «برن».
قالت «ريما» بصوت هامس: سأقترب قليلًا من الراكبَين ربما سمعتُ شيئًا آخر.
قامت «ريما» وأخذت طريقها إلى حيث يجلس الراكبان. في نفس اللحظة قام «بو عمير» هو الآخر وأخذ طريقه إلى الاتجاه المعاكس. كان الشياطين قد اهتمُّوا بهذا الحديث عن حفلتهم الاستعراضية. مرَّ بأحد الركاب، يقرأ في صحيفةٍ، ولفت نظرَه فيها إعلانٌ يتحدَّث عن الحفلة. كانت عناوين الإعلان: «معجزات الكاراتيه» … عرضٌ مثيرٌ لأربعةٍ من الشباب، في فنون اللعبة … الأربعة حصلوا على «الحزام الأسود» …
قرأ «بو عمير» هذه العناوين بسرعة، ثم استمرَّ في طريقه … حتى نهاية الطائرة وعندما عاد، كاد يتسمَّر في مكانه … لقد سمع حديثًا غريبًا.