اهتمَّ بيدا المكرَّم (توفي ٧٣٥م)
Bede the
Venerable بالمد والجزر الكبير حول بريطانية، حيث تعلم الرهبنة
الإنكليزية. في بداية القرن الثامن اكتشف بيدا الطور الأخير لمدي المحيط، مُدركًا
بأن كل ميناء كان لدَيه طور مدِّي خاص به. أما بالنسبة لسبب المد والجزر فقد كان
الرأي بأن الجزر يحدُث من خلال نفخ القمر على الماء، وأما المد فمن خلال تدفُّقٍ
عندما يتحرك القمر قليلًا.
٤ وقد كتب بيدا في القسم التاسع والعشرين من «أوبرا تيبو ريبوس
Opera de Temporibus» (عام ٧٠٣م)، تحت عنوان
«حول تجانس البحر والقمر والنجوم»: «إن الشيء الأكثر روعةً من كل ذلك هو اتحاد
المحيط مع مدار القمر. عند كل بزوغ وكل أُفول للقمر يُغطي البحر بعنفٍ الساحل
البعيد والعريض، إنه فجأةً يُرسل تيارًا شديدًا يدعوه اليونانيون «ريوما
reuma»، وعندما يتراجع هذا التيار الشديد نفسه فإنه
يُعري الشواطئ، وفي آنٍ واحد يمزج التدفُّقات في حالتها وكميتها الأصلية من النقاء.
إنه كما لو أن القمر تنفَّس قليلًا فراح يسحب المياه بشكلٍ غير مُتعمد، ومن ثم يعود
إلى مستواه العادي عندما يتوقف نَفَسُ هذا التأثير.» يتبع تفسير بيدا حول سلوك المد
والجزر عبر الزمن نمط العبارات اليونانية والرومانية، لكن دون أخطاء واقعية وبشكلٍ
سردي أكثر. على سبيل المثال: يُشير بأنه خلال اثني عشر شهرًا قمريًّا من ٣٥٤ يومًا
يرتفع المد وينحسر ٦٨٤ مرة. إلا أن مساهمة بيدا الأكثر أصالة الجديرة بالملاحظة، هي
التفسيرات المحلية عن حالتَي المدِّ والجزر حول بريطانية، حيث إن المد العالي لا
يحدُث في آنٍ واحد في جميع السواحل: «لأننا نحن نستوطِن مختلف سواحل البحر
البريطاني نعرف أي مدٍّ يبدأ بالانتفاخ، وأي جزر يتراجع في آنٍ واحد.» ويُضيف «لكن
بخصوص المدِّ نفسه على الشريط الساحلي، فإن الذين يقطنون إلى الشمال منَّا سيرَون
كل مدٍّ وجزر بحري يبدأ كلاهما وينتهيان أبكرَ بكثيرٍ مما أرى أنا، بينما في
الحقيقة أولئك الذين في الجنوب سيرَونه متأخرًا كثيرًا.» هذا الاعتراف عن الخاصية
ذات الشبَه بالموجة التقدُّمية للمد والجزر، تكون واضحةً أكثر في شواطئ البحار حول
بريطانية مما هي عليه حول الساحل المحيطي لشبه الجزيرة الإيبرية
Iberain (إسبانيا والبرتغال)، وهو بذلك يُبطل
افتراض بعض المؤلِّفين اليونانيين واللاتين بأن المياه تنتفخ في آن واحد في جميع
البحار. كما طرح أيضًا مسألة: متى يحدث «المد العالي» في مكان مُعين لدى مرور القمر؟
٥