المدينة الفاضلة عبر التاريخ
«ويحرص القُضاة أشدَّ الحرص على ألَّا يأخذ أحدٌ أكثرَ مما يأخذه غيرُه، أو أكثرَ مما يستحق، ومع ذلك فإن كل فرد يأخذ كلَّ ما يحتاج إليه … ويحرص القُضاة الذين يراقبون كلَّ شيء بعنايةٍ على ألَّا يصيبَ الأخُ أخاه بأي أذًى.»
هل اليوتوبيا هروبٌ من الواقع أم إعادةُ صياغةٍ لواقعٍ مؤلم؟ منذ أن سطَّرَ «أفلاطون» أولَ يوتوبيا في التاريخ الإنساني في كتابه «الجمهورية» — وإن كان مصطلح يوتوبيا لم يظهر إلا مع «توماس مور» — وحتى العصرِ الحديث، يطرح الفلاسفة اليوتوبيا بشروطٍ ومُقوِّمات مختلِفة، غير أن العنصر المشترك فيها جميعًا أنها كلها وليدةُ عصرها؛ فهي انعكاسٌ للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد تجلَّت اليوتوبيا في الشرق كما في الغرب، لكن تحت اسم «المدينة الفاضلة». ولطالما تساءل الإنسان: هل اليوتوبيا فِكرٌ يُمكِن تحقيقه، أم أنه واقعٌ افتراضي يحاول فيه الفلاسفةُ الإطللَ علينا من فوقِ برجٍ عاجي لا يَمُتُّ إلى الواقع بصِلة؟