الأمير عمر ومحاضراته الثقافية
الهيئات العلمية التي كان يشترِكُ فيها
- أولًا: المجمع العلمي المصري.
- ثانيًا: الجمعية الجغرافية الملكية.
- ثالثًا: المجمع العلمي العربي (في دمشق).
- رابعًا: جمعية الآثار العربية.
- خامسًا: جمعية الآثار القبطية.
وجهود سموِّهِ في كلِّ جمعيَّةٍ منها واضحة، تتحدَّثُ بفضله وسداد آرائه، وعالي تفكيره في الفنِّ الذي اختصَّت به.
أشهر محاضراته فيها
- أولًا: محاضراته التاريخية الضَّافية التي سَرَدَ فيها بأسلوبٍ مُشوِّقٍ جميلٍ، وبعرضٍ قصصيٍّ رائعٍ، «نهاية المماليك». وقد كَشَفَ فيها سموه عن حقائق التاريخ التي لا يأتيها الشك من بين يديها ولا من خلفها.
- ثانيًا: رحلة إسكندر الأكبر في واحة «جوبتير».
- ثالثًا: طوابي الإسكندرية وضواحيها.
- رابعًا: الاستيلاء على سيوة.
- خامسًا: صحراء مصر.
- سادسًا: قصر القطاجي.
وحسبنا ذكر عنوان كل محاضرة لتغني الكاتب والقارئ معًا عن الإفاضة في تبيان جلالها، وتفصيلِ ما تنطوي عليه من المعلومات العظيمة.
الشيء بالشيءِ يُذكَرُ!
وكان سموه حريصًا على وضع الحقائق في نِصابها، لا يرى خطأً يَرِدُ في مؤلف أو أمرًا يتَّصِلُ بالبحثِ إلَّا ويعملُ على أن تكون الأمانة التاريخية في مكانها الصحيح. وقد ذكر لنا أحد آبائنا من أصحاب النيافة المطارنة، أن سموَّه كان قد لاحظ أن اللوحة الرخامية الموجودة في أحد الجدران الداخلية للكنيسة المرقسية بها خطأٌ تاريخيٌّ؛ إذ جاء فيها: «إن المرقسية تجدَّدَت في عهد خلافة الأنبا بطرس البطريرك التاسع بعد المائة سنة ١٥٢٠ للشهداء.»
ولمَّا كان سموه يعلم أن سنة ١٥٢٠ للشهداء تقع في مدَّة البطريرك الثامن بعد المائة، وهو الأنبا «مُرقص الثامن»، ولا تقعُ في عهد التَّاسع بعد المائة، فقد كَتب سموَّهُ كِتابًا ضافيًا في هذا الشأن إلى صاحب النيافة الأنبا يوساب «قائمقام البطريرك في ذاك الوقت»، يقولُ فيه بعد أن أَوفَدَ سموه مَندوبًا من قِبله ليتحرَّى الحقيقة عن هذه اللوحة، وأن المندوب حمل إليه بدوره رواية جعلته أيضًا في شكٍّ من صحتها؛ نقولُ جَاءَ في كتابه ما يأتي: «المعلوم لدينا أن الأنبا بطرس التاسع بعد المائة، لم يكن من الإسكندرية، وإنما كان من ناحية الجاولي التابعة «لمنفلوط» مديرية أسيوط، ومُدَّة بطركيته كانت من (١٦ كيهك ١٢٥٦–٢٨ برمهات سنة ١٥٦٨)، فلا ندري مَن منَ البطارِكَةِ المقصودُ في هذه العبارة؟ فإذا صححتموها غبطتكم أسديتم إلى التاريخ خدمة جُلَّى، ونكون شاكرين لكم إذا تفضَّلتُم بتصحيحها.»
بطريركية الأقباط الأرثوذكس
القاهرة في ١٤ طوبة سنة ١٦٥٩ / ٢١ يناير سنة ١٩٤٣
حضرة صاحب السمو الأمير الجليل عمر طوسون
نُقدِّمُ لسموِّكُم أطيب التحيَّة وأجزل الإجلال والسلام، ونضرَعُ إلى الله تعالى أن تكونوا، سموكم وحضرتَي صاحبَي المجد النبيلين نجليكم الكريمين، في أتمِّ صحَّةٍ وأكمل هناء.
وبعد، لقد تلقَّينا بيدِ الإجلالِ كتاب سموكم الكريم بشأنِ اللوحة الرخامية الموجودة على الباب الداخلي لبطريركية الإسكندرية، ونرجو أن نستميحَ سموَّكم أولًا في تأخرنا عن الرَّدِّ لأسبابٍ خارِجَةٍ عن إرادتنا، ثمَّ نعرض المعلومات التي تحصَّلنا عليها.
لما استتبَّ الأمنُ في البلاد، واستقرَّ الحكم لساكن الجنان جدِّكُم العظيم محمد علي باشا مُؤسِّس العائلة المالكة الكريمة، وتولَّى البابا بطرس السابع الشهير بالجاولي وهو البطريرك التَّاسع بعد المائة في يوم الأحد ١٦ كيهك سنة ١٥٢٦ش (٢٥ ديسمبر سنة ١٨٠٩) قام بزيارة الإسكندرية، ولا شكَّ في أن هذا البابا عمَّر كنيسة ودير القديس مرقس الإنجيلي بها كما هو مذكورٌ في جزل اللوحة الرخامية الذي عثر عليه «كما علمنا من مُكاتبة جناب وكيل البطريركية بإسكندرية» في جدران المدرسة المرقسيَّة عند وضع أساس بنائها، ويغلبُ على الظنِّ أن هذا التجديد حصل في سنة ١٥٣٠ش. أمَّا التاريخ المكتوب على اللوحة الرخامية — وهو سنة ١٥٣٠ — فهو خطأٌ وقع فيه الحفار؛ حيث خلط بين رقم ٢ ورقم ٣، وستُتَّخَذُ الإجراءات اللازمة لتصويب هذا التاريخ.
هذا وإنَّنَا مع تقديرنا وإكبارنا لفضل سموِّكُم على التاريخ، نرفعُ أكفَّ الضراعة إلى الله أن يُبقي سموكم ويُنعم على البلاد بدوام سموكم خيرًا ونعمةً وبركةً؛ إنَّه السميعُ المجيبُ. وتفضلوا يا صاحب السمو بقبولِ عظيم الإجلال.
علاقاته بمطارنة وبطاركة القبط
وكان سموه — رحمه الله — يجلُّ من صميم قلبه مطارنة وبطاركة القبط، وكان له بتاريخهم من أقدمِ العصورِ إلمامٌ عظيمٌ، وكانت صِلاته بهم على خيرِ ما تكون، وكان له بصاحب الغبطة قداسة الأنبا مكاريوس الثالث — بابا وبطريرك الأقباط الحالي — معرفة وثيقة. ومن سوءِ الحظِّ أن المنيَّة قد عاجلت سموَّه قبل انتخاب غبطته — أطال الله في حياته — بأيَّامٍ قلائل؛ فكان حُزنُ الجميعِ عليه شاملًا عامًّا.