إثبات النفس
بيان إثبات النفس على الجملة
تقسيم يظهر فيه مبادئ الأفعال
رسم النفوس الثلاثة
فنرسم النفوس الثلاثة بمراسمها، فإن شرائط الحد الحقيقي متعذر الوجود ها هنا، بل وفي كل الموجودات.
- أما النفس النباتية: فهي الكمال الأول٣ لجسم طبيعي آلي من جهة ما يتغذى وينمو ويولد المثل.
- وأما النفس الحيوانية: فهي الكمال الأول لجسم طبيعيٍّ آليٍّ من جهة ما يدرك الجزيئات ويتحرك بالإرادة.
- وأما النفس الإنسانية: فهي الكمال الأول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يفعل الأفاعيل بالاختيار العقلي، والاستنباط بالرأي، ومن جهة ما يدرك الأمور الكلية.
وقولنا الكمال الأول؛ أي من غير واسطة كمال آخر؛ لأن الكمال قد يكون أولًا وقد يكون ثانيًا.
وقولنا لجسم طبيعي؛ أي غير صناعي، لا في الأذهان بل في الأعيان.
وقولنا آلي؛ أي ذي آلات يستعين بها ذلك الكمال الأول في تحصيل الكمالات الثانية والثالثة، ولفظ الكمال أولى من لفظ القوة؛ لأن القوة تكون بالنسبة إلى ما يصدر عنها من الأفعال، أو بالقياس إلى ما تقبله من الصور المحسوسة والمعقولة. وإطلاق لفظ القوة عليهما يكون باشتراك الاسم، فيكون الحد مشتملًا على لفظ مشترك، وإن عنِي بالحدِّ أحدهما كان الحد ناقصًا.
ولفظ الكمال يشمل القوتين بالتواطؤ فهو أولى، فإن قيل إنه صورة، كان ذلك بالإضافة إلى المادة التي تحلها، فيجتمع منها جوهر نباتي أو حيواني.
ولفظ الكمال بالقياس إلى جملة الجواهر، ولاستكمال الجنس به نوع محصل في الأنواع، وهو نسبة الخاص إلى الشيء العام الغير البعيد من جوهره، فهو أولى من لفظ الصورة، ويجب أن يعلم أنه إذا قيل نفس «أي أطلق» على صورة الفلك وعلى صورة النبات والحيوان والإنسان، فإنما يقال باشتراك الاسم، فإن النفوس الفلكية ليست تفعل بآلات، ولا الحياة فيها حياة التغذي والنمو، ولا إحساسها إحساس الحيوان، ولا نطقها نطق الإنسان.