الملعب الثاني
الفصل الأول من تاني جزء
في بيت الخواجة سليم
في بيت الخواجة سليم
المنظر الأول
(فرج ثم تريزة – فرج فقط)
فرج
:
دا احنا بقينا تقريبًا الضهر، والجماعة لسة ما صحيوش والساعة دقت أربعة، يا
ترى أدخل أصحي الخواجة والا أخليه مكوَّع، يَخِي لا احسن أصحِّيه خصوصًا النهار
ده اللي عندنا ضيوف؛ لأن الخواجة ليلة امبارح وهو راجع من السهرة قال: يا فرج
اعمل لنا غَدْوَة لبكرة الضهر، لكن تكون عظيمة في هِمِّتك يا وليد؛ لأنه عندنا
العريس معزوم وكام جدع من أصحابه؛ لأنه بكرة بإذن الله نتمِّم خطوبة سِتَّك
لبيبة. أمَّا أنا كان بدِّي اسأله عن اسم العريس، لكن افتكرت لازم إنه يكون
الخواجة يعقوب؛ لأنه يظهر عليه علامات الحب، دا يومي على الله يعطيني جوابات
أوصلهم للسِّت وعليهم شرب الدُّخان، أمَّا احنا في غدا النهار ده، إنشا الله
يطلع بهجة؛ لأن أبو فرج أوسطى عليه الكلام، من صنف السلطات خمسة، والبدنجان
المصقعة والكوسة تسعة، الشاورمة والقاورمة والضلوع المحشية ما لهمش عدد،
الكبابات والمحمَّرات دول خليهم على جنب، الشوربة يَخِي والطماطم، والمكارونة
من غير حساب، ما بديش أقول لكم على المحلى والفواكه، شيء يحيَّر العقول، من صنف
الملانة وطالع، كل دول يستاهلوا البقشيش بس يا خوفي لتشاركني الكماريرا، أقول
لكم، أنا بحب البنت دي، ما تواخذونيش آه، إذا رِضْيِت تتجوزني كنت ابقا أشوف
فيها ليلة القدر، هُس يا واد، آهي جايَه.
تريزة
(تدخل)
:
إنت هنا يا فرج بيعمل إيه، إنت ليه موش يُجْعُد في الأوضة بتاع السفرة يحضَّر
الغدا، إنت موش يعرف إحنا عندنا معزومات النهار دا، وانتي بس أوجدي هنا
تتفسَّخي.
فرج
(في نفسه)
:
أتفسَّخ إيه، فالك في سنانك، يَخِي لا عدوك من التفسيخ (لتريزة) أنا قاعد هنا بينفَّض الكراسي
والموبليَه، أحسن ما يدخلوا المعازيم يلقوا الموبليَه مطرَّبة.
تريزة
:
إنتي تعرفي يا فرج، إن الست الصغيرة رأيها تتجوزي.
فرج
:
أيوا النهار دا الخطوبة، عقبال عندنا.
تريزة
:
موش فهمتوا أُقْبال أَنْدنا يعني إيه؟
فرج
:
يعني إنشالله أنا وإنتي سوى سوى يتجوِّزوا.
تريزة
:
إنتي تتجوِّزي مين؟
فرج
(في نفسه)
:
رايح أقول لها والسلام، يعني رايحة تقطع راسي، دا الخَشْو في الرجال يرث
الفقر (لتريزة) أنا بِدِّي أتجوِّز
إنتي.
تريزة
:
إنتي بدِّك عاوز يتجوِّز أنا، إنتي مجنونة أنا موش يتجوِّز فلَّاخ، أنا تموتي
أخسن.
فرج
:
عدوِّك يموت، أمَّا قولي لي، الفلَّاح مش راجل زي غيره؟ يا ترى ناقص
إيه؟
تريزة
:
الفلَّاخ راجل، لكن موش راجل كويسة، وخِش زَيِّ الكَنزير.
فرج
:
الله يحفظك، بقا ما فيش عَشَم.
تريزة
:
يالله ادخلي أوضة سفرة، وصلَّحي الطاولة كويس على شان فاضل ساعة ونصف منشان
جَدَا.
فرج
(في نفسه)
:
ما فيش فايدة يا واد. (لتريزة) روحي
صَحِّي الخواجة أُمَّال.
تريزة
:
دي موش شغلك.
فرج
(في نفسه)
:
يلعن أبو الكِبْر، أمَّا أنا رايح بيت الخواجة يعقوب أبارك له (ثم يخرج).
تريزة
:
الكَدَّامة دي ما يستِحِيش، هوَّا جُلْتي لي إنه تِحِب أنا، دي مجنونة،
والله أنا في واحد أكتر كبير منه يحبني، لكن واحد كَواجة كبيرة، وكمان يمكن
تتجوزيني، يعني إيه؟ في كَواجات كتير يتجوزوا كمريرات، ها ها، الكَواجة جوم من
النوم، هِيَّا تِجِي هنا.
المنظر التاني
(سليم وتريزة)
سليم
(يدخل)
:
إنتي هنا يا تريزة، ولبيبة لسة نايمة؟
تريزة
:
هيا كُمْتي بتلبس، إنتي عاوز أنا يِنْدَه هيا؟
سليم
:
أيوا بس هاتي لي واحد كافيه قَبْلا، وبعدين اندهي لها.
تريزة
:
هاضر يا سيدي (تخرج).
سليم
:
أمَّا كانت ليلة عظيمة ليلة امبارح بحِس أَلْمَس، كان زَيِّ صوت الكيروان،
صدق من سمَّاها بلبل مصر، أمَّا انجلت في آخر الليل، دا حرام عليها لمَّا قالت:
الفجر أهو لاح، قوموا يا تجار النوم، عجب تناموا الليالي، وجدكم جَتِ النومة
اللي كانت رايحة تزور عيني طارت. داه دي، دانا اسقيت روحي نقط عظيم، وأمَّا
سلامة عيني من الطير (يتتاوب) أمَّا أنا
جيعان نوم، ولا بد لي من غفلة بعد الغدا، تعوَّض قلة نوم ليلة امبارح.
تريزة
(تدخل وتعطيه القهوة)
:
اتفضلي اشربي قهوتك.
سليم
:
شاطرة يا بنتي سلِّم إيدك، أمَّا دي قهوة عظيمة، ابقي فكريني بعد الظهر
أعطيكي ورقة تروحي بها عند الخواجة كموان، تقطعي لك بدلة باريس، حرير، أطلس،
زَيِّ ما يعجبك، تلبسيها يوم حِنِّة لبيبة.
تريزة
:
كتَّر كِيرك يا سيدي، ربنا يكَلِّيكي وِيكَلِّي لك لبيبتك.
سليم
:
روحي اندهي لها؛ لأني بِدِّي أكلِّمها.
تريزة
:
حاضر (تخرج).
سليم
:
ليلة امبارح كل الناس لمَّا سمعت بالخطوبة هنِّتني وشكرت لي كتير في حليم،
أمَّا الكلام على لبيبة؛ لإن نِحْنَ موش من الأبَّهات دُكْهُم اللي يغصبوا
بناتهم بالجواز لمن يريدوه، لا إحنا على افرنكا، أمَّا إن جينا للحق،
الآلافرنكه دي في غير محلها؛ لأن البنت من دول، خصوصًا في أيامنا هذا، اللي
كلهم متقمَّطين، وما يعجبهمش إلا الجدعان المعطَّرين؛ لأن الأب من دول إذا
قدِّم لبنته جدع تمام يكون كامل وشاطر في السوق ما ترضاش به، ويخسرون بَخْتهم
بيدهم، لا لا الخواجة حليم دا يعجبني قوي، ولبيبة لازم تاخده وترضا به، أهي
داخلة لمَّا نشوف بقا رايحة تقول إيه؟ لا بد إنها رايحة تِنْسَر، والا يمكن
تتبغدِّد وتقول لي إنها صغيرة على الجواز، والحال عمرها بلغ ستة عشر سنة،
واللي زيَّها إذا فاتت عليه ستة سنين كمان بارت، وفي أمرها احتارت، ويبقوا
ينزِّلوا لها منادي في الأسواق يفتشوا لها على العُشَّاق.
المنظر الثالث
(سليم ولبيبة)
لبيبة
(تدخل)
:
صباح الخير يابا.
سليم
:
يسعد صباحك يا بنتي، ازيِّك صبَّحتي، إن شا الله بخير، خُدي لك كرسي وتعالي
اقعدي جنبي؛ لإني عندي أخبار تسرك.
لبيبة
(تجلس على الكرسي)
:
آديني يا بابا، سمَّعني أخبارك اللي لا شك يسروني؛ لأني ما أجهلش حبك، ولا
يوجد أب في الدنيا يعز بنته مثلك.
سليم
:
صدقتي يا بنتي، ربنا يعلم بالقلوب، أنا ما ليش حد غيرك في الدنيا، إنتي بنتي
حيلتي، وأنا طالب من المَوْلا بأن يخليكي لي، وتفرحي وتتجوزي وتجيبي ولاد، أبقا
أقعَّدهم على حجري دا، وأبوسهم وأشتري لهم لعبات، وأنزل بهم الأزبكية كأني
دادة، يا رب ما تحرمنيش من الفرحة دي، بقا شوفي يا بنتي إحنا لقينا لك عريس،
وإيش من عريس، ما فيش زيُّه، طويل عريض، جميل ولطيف، كل بنات مصر مَيِّتين في
هَواه، أقول لك على اسمه، ولا تحزَّري إنتي؟
لبيبة
:
أنا بطلت أحزَّر يا بابا.
سليم
:
آه يا مكَّارة، لمَّا أقول لك على اسمه.
لبيبة
:
قول لي امال.
سليم
:
حليم، هيه، إزَّيِّ الحال ما هوش لقطة؟
لبيبة
:
موسيو حليم شب ظريف، لكن يا خسارة.
سليم
:
يا خسارة إيه كمان؟
لبيبة
:
يا خسارة إني ما ليش غرض أتجوز.
سليم
:
وعدم رضاكي سببه إيه؟
لبيبة
:
صغر سني.
سليم
:
يَخِي لا، دا يمكن ما عجبكيش والا ما انتيش صغار، اللي نِدِّك جابوا
ولاد.
لبيبة
:
طيب وإذا كان ما عجبنيش آخده بالغصب؟
سليم
:
بالغصب لأ، فقط غلطانه في عدم قبوله، أقول لك، أنا عندي شورة.
لبيبة
:
سمَّعنا شورتك.
سليم
:
الشورة إني أخطبك عليه، ونعمل مَعاد ستة اشهر من الخطوبة للعرس، إذا في
المسافة دي عجبك وحبيتيه ربنا يفرحكم في بعض، وإن ما عجبكيش نكسر الخطوبة، قلتي
إيه ما هيش شورة دي؟
لبيبة
:
طيب ليه تتعب روحك على قد كدا؟ يعني قِلِّة جدعان؟
سليم
:
يا ترى تحت عينك حد؟ قولي لي عليه.
لبيبة
:
تقول إيه في يعقوب؟
سليم
:
شب ابن ناس لكن موش من درجتنا، موش بانكيير، بعدين الناس تحكي في حَقِّنا،
وغير ذلك فرق كبير بينه وبين حليم.
لبيبة
:
أقول لك أنا الفرق إيه؟ يعقوب عالم ومتمدن، وحليم جاهل ورِزِل.
سليم
:
ومين عرَّفك بالفرق دا؟ قلنا يعقوب نعرفه كونه بِيِجي عندنا بعض امرار،
أمَّا حليم ما شوفتوش إلا ليلة امبارح.
لبيبة
:
وجدت دمه تقيل.
سليم
:
طيب لمَّا وجدتي دمه تقيل.
لبيبة
:
يعني ما اسطلتفوش.
سليم
:
لكن يقولوا الناس إنه من أول مرة إذا الإنسان شاف الثاني، ما يقدرش يرسى عن
حقيقة طبعه إلا لمَّا يعاشره وهو يعاشرهم، ويكشف لهم فضايل وأخلاق لطيفة، إنتي
اسمعي شورتي وما قدَّامك إلا الخير.
لبيبة
(في نفسها)
:
طيب أرضى دلوقت على شان خاطر بابا، وبعدين أعرف شغلي، (لسليم) أمرك يا بابا، أنا ما أقدرش أخالف
كلامك.
سليم
:
أخ يا بنتي فرَّحتيني (يبوسها ثم يتوجه)
أنا رايح أشوف العريس؛ لإني عزمته عندنا للغدا، هوا وأنطون ويوسف وكمان
يعقوب.
المنظر الرابع
(لبيبة ثم فرج ويعقوب)
لبيبة
:
حليم دا إجالنا منين، حقَّا دا كمان ما كنش على البال، إحنا في يعقوب، ما شفتوش ليلة
امبارح في السهرة، يا ترى ماله؟ دا لازم يكون سمع الخبر الرَّدي دا
وانقهر، أمَّا أنا مانيش خايفة عليه، وعمري ما اخد حد غيره.
فرج
(يدخل ومعه جواب)
:
يا ستي لبيبة، إنتي وحدك؟
لبيبة
:
أيوا، أما أنا ما نيش شايفة، وريني إيه اللي في إيدك، دا لازم يكون جواب من
يعقوب؟ هات هنا (تأخذ منه الجواب، ثم تقرأ في
سرها).
فرج
:
صدق من قال: إن القلب دليل. أمَّا ما تواخذينيش يا سِتِّي كوني ما أعطيتكيش
الجواب دا من بدري، والسبب كوني وجدتك نايمة (ويعطيها
الجواب) ماهيش منتبها لي.
لبيبة
:
أمَّا المكتوب دا ريَّح فوادي يا فرج، ودلوقت جاي سيدك يعقوب، اطلع برا
وخلِّي بالك، أول ما يوصل قول له يدخل دوغري لعندي؛ لأني باستناه.
فرج
:
لا أقول له ولا يقول لي، دا الراجل ابن حلال، أهو داخل، أنا رايح أحضر
السفرة (ثم يخرج).
يعقوب
(يدخل مغمومًا)
:
نهارك سعيد ياختي.
لبيبة
:
ونهارك يا حبيبي، شوف إزاي أنا في فِكْرك، أهو جوابك لسة في إيدي، الحمد لله،
موش هاين عليَّ أطويه لأنني ما باشبعش منه.
يعقوب
:
عشتي ياختي، دا بس من لطفك، والَّا الجواب ما يستاهلش على قد كدا، لكن القلوب
عند بعضها، ولا يعلم بها إلا الله وحده، قولي لي، إنتي عارفة مين معزوم عندكم
النهارده؟
لبيبة
:
عريسي وأصحابه.
يعقوب
(بحماقة)
:
وبتضحكي كمان، أبوكي كلِّمك في المعرض دا، وقال لك إنه أعطا استابينا
لحليم؟
لبيبة
:
معلوم.
يعقوب
:
وانتي رضيتي به؟
لبيبة
:
وعدك.
يعقوب
:
بقا نستأذن يا ستي (يعزم على
الخروج).
لبيبة
:
صدق من قال: إن الرجالة هُبْل. خليك قاعد خليك.
يعقوب
:
بقا قلتي له لأ؟
لبيبة
:
أنا أخالف كلام أبويا؟ هوا دا الأدب اللي بتعلمهولي؟
يعقوب
:
إنتي رايحة تجنينيني؟ ما تفهميني زي الناس، قلتي له أيوا ولا لأ؟
لبيبة
:
بس اهدأ، ما تخافش، ورحمة والدتي ما أخد غيرك، بقا شوف، أبويا راغب كتير
لحليم، ولو إني قلت له ما أحبوش، برده غَصَبني، وأخذ مني قول إني أرضا
بالخطوبة.
يعقوب
:
بس، وعاوزة غير كدا إيه؟ يكفي دا إنتي جنِّنتيني، سيبيني لمَّا أروح.
لبيبة
:
أنا رضيت بشرط.
يعقوب
:
والشرط هوا إيه؟
لبيبة
:
إن في مسافة الستة اشهر بتوع الخطوبة، إذا ما قدرش يخليني أعشقه أكسر
الخطوبة.
يعقوب
:
إنكان الأمر كذلك، العبارة موش فالحة.
لبيبة
:
هُس، سامعة حد جاي.
المنظر الخامس
(تريزة والمذكورة ثم يوسف)
تريزة
(تدخل ومعها ورقة زيارة للبيبة)
:
خُد يا مدموازيل، في واهد كَواجه بَرَّا، وهِيَّا عاوز تِدْكُل.
لبيبة
(ليعقوب)
:
أظُنِّي الخواجة يوسف، (ثم لتريزة) قولي
له يتفضل.
تريزة
:
طيب يا مدموازيل (ثم تخرج).
يعقوب
:
يوسف صاحبي في الحقيقة، ودلوقتي تشوفي صداقته ومحبته ليَّ، دا نادر في الأيام
دي كون الإنسان يوجد له صاحب زَيِّ دا؛ لأن في الحالة هذه ما في الدنيا غير
الزُّور وعدم الأمانة، والصاحب لا يماشي صاحبه إلا لِغِيَّة، والخواجة يوسف لله
الحمد صُحبِته معي بغاية الاستقامة والمحبة الكلية، كونه — لا سمح الله — لا هو
عاوزني ولا أنا عاوزه، إلا فقط المعروف.
يوسف
(يدخل)
:
دستور.
لبيبة
:
تفضل يا خواجة يوسف.
يوسف
:
نهارك زَيِّ اللبن، وانتهاه إنشالله زي القشطة، أنا قلبي دليل.
يعقوب
:
طيب خُدْلك كرسي واقعد.
يوسف
:
أنا ما اقعدش إلا بينكم انتم الاثنين، إنت تغير يا يعقوب؟
يعقوب
:
أنا ما أعرفش الغيرة تبقا إيه؛ لأن الغيور سيئ البخت، والغيرة ما لها فايدة؛
لأن ما ينتج منها شيء، والأمان في حق الناس من جهة أزواجهم تمنع وتبعد عن
أفكارهم كل ما لا يليق.
يوسف
:
بَرْدَك فيلسوف ولا يتخافش عليك، إحنا في الجماعة غابوا.
يعقوب
:
إنشالله ما عنهم إجوا.
يوسف
:
إنت ما تقدرش تشوف حليم دا.
يعقوب
:
أشوف العَما ولا هوَّا.
يوسف
:
بتقول إن ما عندكش داء الغيرة؟
يعقوب
:
وأنا أَغِير من النِّسْناس دا الرِّزِل؟
لبيبة
:
أنا سامعه حس مَشْي، يكونش هُمَّا؟
يعقوب
(ينظر للباب)
:
هُمَّ بذاتهم.
المنظر السادس
(سليم وأنطون ويوسف والمذكورين وحليم)
(في الجلوس أول الصف سليم وعلى شماله أنطون ثم حليم ثم يوسف ثم لبيبة وآخر الصف يعقوب.)
سليم
:
آدِحْنا جينا، دا انت سبقتنا يا خواجة يعقوب.
يوسف
:
هوا ما سبقناش بل حضر في الميعاد؛ لأننا نحن تأخرنا.
أنطون
:
الحق معه أنا أعمل إيه في البورصة اللي واخده عقلنا، إحنا خَلِّينا من الكلام
دا، (للبيبة) إئذنيني كوني أقدِّم لك
الخواجة حليم (يقدِّموا لها).
حليم
:
مدموازيل أنا أنجنتيه أعمل الكونتنس بتاعتك.
لبيبة
(تنحني له)
:
مِرْسي (تقول في نفسها)
يَمَرْزَلُه.
حليم
:
إئذنيني أبوس إيدك اللطيفة (يريد يبوس
يدها).
لبيبة
(ثم تَنْتِش يدها، وتقول)
:
بردون يا مسيو (في نفسها) أدي اللي بِدُّه
يقلدهم سبقهم.
يعقوب
(في نفسه)
:
قال بده يبوس إيدها، دا أنا كنت طيَّرت عنيه لو تجاسر.
حليم
(للبيبة)
:
عشمي إن حضرة المدموازيل ما هِيَّش فاشية من اللي كان بدي أعمله ويَّاها، لكن
عندنا نحن يا فرنك إن العريس يبوس إيد العروسة.
يعقوب
:
بس، قال عندنا إحنا يا فرنك، ما كأنه جاي من باريس في علبة مصفَّحة، دا إحنا
نسينا بابا وماما.
سليم
:
إحنا ربنا خلقنا واقفين؟ أمَّا نقعد أُمَّال، اتفظلوا ارتاحوا يا
جماعة.
أنطون
(إلى يعقوب)
:
سَمَّعْنا أخبارك يا خواجة يعقوب، حضرتك تملِّي تقرا الجُنْرَالات البلوتيكا،
إزيَّها فرانسا وبروسيا وإسبانيا وإيطاليا؟ إنشا لله يكونوا هَديين.
يعقوب
(يتوشوش مع لبيبة)
:
أنا موش على بالي منه (يداوم على
الوشوشة).
حليم
:
موش على بالك من مين، على المغفلين السلام، دا الراجل بيسألك في البلوتيكا
تقول له ما على بالك منه.
يوسف
(لحليم)
:
بردون هوا موش بيجاوب أنطون، دا سؤال سألته له سِتِّي لبيبة بيجاوبها عليه
(بصوت خفي لحليم)؛ لأنه كما لا يخفاك
بينهم وبين بعض عشرة قديمة، اصحا تغير.
حليم
(ليوسف)
:
أغير من إيه ياخدوا لهم ستة شهور بالطول ولا بالعرض.
أنطون
(لحليم)
:
معالكش منه، دا لعب صغار، الرَّك كله على الجنيهات، والله ما حد رايح ياخدهم
ويضحك على دقنه غيرك، خلِّيهم يتسايروا.
حليم
(إلى أنطون)
:
معلوم برده رأيك في محله.
سليم
:
داه دا، كل اتنين بيتوشوشوا مع بعض وأنا أفضل قاعد ساكت، يعني قول لي يا
خواجة يوسف، إزاي حال البون النهار دا؟
يوسف
:
متشرف حصَّل عشرة وخمسة أتمان، لكن مع كل ذلك في خوف من تغيير البلوتيكة
خصوصًا اليومين دول من جهة عبارة الابامة، يحتمل كونه ينتج منها حرب مهول ما
بين الأميركا والإنجلترا.
حليم
:
اسكت يا شيخ، فالك يكسر أسنانك، دانا شاري أكتر من خمسين ألف جنيه.
يوسف
:
حقَّا تخسر فيهم الجلد والسقط؛ لأنك شاري بحداشر، وإذا فرقت عليك البيعة خمسة
ستة الماية تروح وشار.
أنطون
:
يَخِي ما تبشَّرش عليه، يا شيخ حرام عليك.
سليم
:
لأ … إن جيت للحق الشغل اللي بلجَهْجَهُوني مخطَّر، ومرة تانية إذا سمعت
شورتي يا خواجة حليم اشتغل بتأمُّل؛ لأن كترة الجسارة عقبها رَدي، إنشا لله
المرة دي تعدي على خير، لكن في المستقبل كون محاذر؛ لأن انت لسه عضمك طري من
غير مؤاخذة.
أنطون
:
كلامك في محله يا خواجة سليم.
حليم
(بصوت خفي إلى أنطون)
:
ما تفتح سيرة الخطوبة بتستنا إيه.
أنطون
(إلى سليم)
:
بقا اتفضل أهو الكونتراتوا بتاع الخطوبة يا خواجة سليم، أنا كتبته وخليت
الأسامي على بياض. (يخرج الكونتراتوا من جيبه ويعطيه
إلى سليم) اقرا كده وشوف.
سليم
(يأخذ ويقرأ سرًّا)
:
لأ دا انت اتجبَّرت عليَّ يا خواجة أنطون.
يوسف
(في نفسه)
:
أمَّا الأيام دي الزواج صار كالمتجر والبنت من دول كأنها بالة مني
فاتورة.
سليم
(إلى أنطون)
:
لأ، ستة آلاف جنيه كتير عليَّ يا أنطون.
أنطون
:
بلاغوش عليك.
يعقوب
(للبيبة بصوت خفي)
:
والله ما يسوي من الستة آلاف جنيه ولا فنتي واحد، إحنا في ملعوب يوسف مانيش
شامم له ريحة، باللهي عليكي تسأليه.
لبيبة
(إلى يوسف)
:
إحنا في انتظار ملعوبك.
يوسف
(في نفسه)
:
من صبر نال ومن لجَّ ما نال.
سليم
(إلى أنطون)
:
أنا قابل بالشروطات دي، فقط مرادي تخفيف المبلغ.
حليم
:
يعني من غير مؤاخذة، إذا صرت أنا غني موش لبنتك؟
يعقوب
:
لا شك أن الستة آلاف جنيه دول يروح منهم ألفين مصاريف، والأربعة آلاف اللي
يبقوا على الألفين اللي عنده يقدر يشتغل به على كل حال.
سليم
:
طيب على شان خاطرك أنا أقبل.
أنطون
(إلى سليم)
:
الله يحفظك يا بو سليم ويفرَّحك ويهنِّيك ويديم عليك الستر.
سليم
:
بعد الغدا نعلم الشروط وليلة بكرة عندنا أَلْمَس.
أنطون
(إلى لبيبة)
:
سامعة يا ستي لبيبة؟
لبيبة
:
لأ؛ لأني كنت باتحدِّت مع الخواجة يعقوب، أنا يعجبني كلامه.
يعقوب
(إلى لبيبة)
:
دا من لطفك يا حبيبتي.
يوسف
(إلى حليم بصوت خفي)
:
شايف الوِد.
حليم
(إلى يوسف ولبيبة)
:
دا موش شغلك. (إلى لبيبة) يا ستي لبيبة،
دا النهار دا يوم مبارك.
لبيبة
:
بارك الله فيك (من غير نفس).
المنظر السابع
(تريزة والمذكورين)
تريزة
(تدخل وفي يدها جواب)
:
في واخد مكتوب من البورصة على شأن الكَواجه السِّمسار اللي بتاكل هنا النهار
دا.
أنطون
:
فرجيني
(ثم يأخذه منها) دا يمكن لي الجواب دا (ينظر
العنوان) دا إلى يوسف تأذنني يا خواجة يوسف أشوف السيرة
إيه؟
يوسف
:
تفضل، دا لازم يكون شريكي بيسألني عن بيعة من دول، وغير إحنا يا سماسرة ما
فيش بيننا أسرار.
أنطون
(يفتح الجواب ويقرأ)
:
حضرة شريكنا العزيز.
يعقوب
(بصوت خفي إلى لبيبة)
:
يكنش الملعوب في الجواب دا؟
لبيبة
:
ما أظنيش.
أنطون
(يقرأ وحده)
:
احضروا حالًا؛ لأن البورصة قايمة قاعدة، ورد تلغراف من لوندرة إلى إخوان
وردان، بيورِّي فيه نزول الفوندي وإشهار الحرب من جهة الأميركا، وهنا البون نزل
خمسة الماية مرة واحدة.
يوسف
:
يا سلام حقَّا الفرق دا جاب خَبَرك يا حليم، دا ولا مهر العروسة ما يسدِّش في
الخسارة دي.
حليم
(يزعل على أنطون)
:
أنا ما كنش لي غرض في بيعة الخمس آلاف جنيه، إنت اللي غاويتني (يقوم) عن إذنك
يا خواجة سليم.
(يخرج.)
أنطون
:
دا لازم يكون خبر كذب، إحنا نرجع حالًا يا خواجة سليم (ثم يخرج).
سليم
:
مسكين الجدع، خايف لا يكون قدم الخطوبة ما جاش عليه.
يوسف
:
ما تقولش كده، قول: أحسن، اللي ما يشتغلش على قدر حاله دايمًا خسارته قريبة،
وحليم لا بد له أن يفلس؛ لأنه وحياتك ما عندوش ولا ماية جنيه، أهو فَشْر
بالكدب، باللهي عليك الخواجة يعقوب ليه ما بيشتغلش الشغل دا، ألف مرة خواجته
قال له: اشتغل وأنا أساعدك. أمَّا هو صاحب شرف ويخاف على عَرْضه.
سليم
:
أيوا الحق هوا حليم مجنون.
يوسف
:
قلنا كدا من الصبح قالوا اطلعوا من البلد.
لبيبة
:
شفت يا بابا، دا ربنا ستر.
يعقوب
(يأخذ لبيبة من يدها ثم يركعوا أمام والدها)
:
باركنا يا بابا.
يوسف
:
أيوا، أيوا، باركهم وحُط لنا فيرمتك على الكونتراتوا دا اللي نِسْيوه
الجماعة.
سليم
:
يا ولادي انتم قطَّعتوا قلبي، أقول لكم قوموا ربنا يفرَّحكم ويهنِّيكم
ببعض.
لبيبة
(تقبِّل أيادي والدها)
:
الله يفرحك يا بابا زي ما فرَّحتني.
يعقوب
(إلى لبيبة)
:
ويجعل حياتنا في هنا وسرور، ويجبر بخاطر عمي زي ما جبر بخاطرنا.
يوسف
:
يالله حط لنا فيرمتك وخلينا نكسب السمسرة إحنا التانيين.
سليم
:
بارول دونير بتاعتي تكفي.
يعقوب
:
وأنا قابل بها؛ لأن كلام الأُمَرا تمام.
أنطون
(يدخل وصحبته حليم)
:
دا الخبر كذب والبون برده متشرف.
يوسف
:
خلُّونا من البون وباركوا للعِرْسان.
حليم
:
الكلام دا إيه؟ (ثم يتغيَّر ويصير بحالة
مكرهة.)
يعقوب
:
كلام جَد.
يوسف
:
عقبال عندك يا مسيو حليم، ابقا اعرف ونقِّي سماسرتك.
يعقوب
:
المرجو من حضراتكم تشرفونا ليلة السبت في الفرح.
(ثم يخرجوا جميعهم وتنقفل الستارة.)
غنوة تاني فصل
يوسف
:
آدحنا فَلَحْنا في الملعوب
وجوِّزنا لبيبة
ليعقوب
وكِدْنا أنطون وغِظْنا حليم
ومن غفلته
صَحِّينا سليم