الساعة
وخرساءَ لم ينطقْ بحرف لسانها
سوى صوت عِرق نابضٍ بحشاها
حكت لهجة التَّمْتام لفظًا ولم تكن
لِتفصحَ إلا بالزمان لغاها
لها ضَرَبانٌ في الحشا قد حكت به
فؤادًا تغشَّاه الهوى وحكاها١
جرت حركات الدهر في ضَرباتها
وباتت مواقيت الورى بعماها
على وجهها خُطَّت علائم تهتدي
بها الناس في أوقاتها لمناها
مشت بين آنات الزمان تقيسه
وما هو إلا مشيها وخطاها
بها يتقاضى الناس ما يُوعدُونه
ويُرشِدُ ضُلَّالَ الزمان هُداها
غدت كأخي الإيمان تأكل في مِعًى
وما أكلها إلا التواء مِعاها٢
تدور عليها عقرب دَورَ حائرٍ
بتيهاء غمَّت في الظلام صُواها٣
تريك مكان الشمس في دورانها
إذا حجبت عنك الغيومُ ضِياها
فأعجب بها مصحوبةً جاء صنعها
نتيجة أفكار الورى وحِجاها!
بنتها النهى في الغابرين بسيطة
فتمَّ على مر الزمان بناها
تنادي بَني الأيام في نقراتها
أن اسعَوا بجِدٍّ بالغين مداها
ولا تهملوا الأوقاتَ فهي بواترٌ
تقطِّع أوصالَ الحياة شباها
١
ضربان: أي ضرب وخفق.
٢
يشير إلى الحديث الذي معناه: «المؤمن يأكل في مِعًى واحد»؛
أي أنه يتقلل من الطعام والشراب.
٣
تيهاء: صحراء لا يهتدى فيها إلى شيء. وغمت: سترت وحجبت.
والصوى: ما ينصب من الأحجار في الصحاري؛ علامة على
الطريق.