في المستشفى الملكي
عاد الرصافي صديقه الفاضل عبد المجيد بك الشاوي في أثناء مرضه، وقد طال مكثه في المستشفى الملكي ببغداد، فأنشده هذه الأبيات:
أطلتَ أبا سعدون مكثك ها هنا
فحتَّى متى تبقى مقيمًا بمستشفى؟
فدعْ عنك طبًّا ها هنا تستطبه
ففي المجد طبٌّ ضامنٌ لك أن تُشفى
أرى مجلسَ النواب أوحشتَ بهوَه
وقد كاد من صمتٍ تغشَّاه أن يغفى
فها هو مشتاق إليك مزلزل
يكاد إليك الشوقُ يَنسفه نسفا
فإن لم تداركه بوصل معجَّل
تداعت به الجدران أو ألقت السقفا
وما استظرفت بغداد مذ جئت ها هنا
مجالسَ فيها كنت تملؤها ظَرفا
فكم لك في تلك المجالس نكتة
تهزُّ لها الآداب من فرح عطفا!
إذا أنت أرسلت الحديث مخاطبًا
فأيَّة أذن لا تنوط بها شنفا
رأينا صريحَ القول فيك سجية
فلم ترضَ يومًا للحقيقة أن تخفى
إذا عَنَّ تبيان الحقيقة قلتها
ولو أغضبت أهل السياسة والصحفا
هنيئًا لحزب أنت منه فإنه
بمثلك فردًا في النهى يغلب الألفا
تلطَّفت في آدابك الغر ناطقًا
بما قد حوى كل اللطائف واستوفى
فتعرب أحيانًا وتلحن تارةً
ولكن بلحنٍ أعجب النحو والصرفا١
أدامك رب الناس للناس معلنًا
مكارم جلَّت أن نحيط بها وَصْفا
١
الإعراب هنا: الإبانة عن الشيء، واللحن: الكناية عن الشيء أو
التورية عنه بغيره، وليس المراد اللحن الذي هو الخطأ في
الكلام.