إلى عبد اللطيف باشا المنديل
أبا ماجدٍ إني عهدتُك مبصِرًا
خفايا أمور أعجزت كل مُبصرِ
إذا خفيت يومًا عليك حقيقة
نظرتَ إليها من ذكاء بمجهر
وإن ليلةُ الخطب ادلهمَّت كشفتها
بأوضاح صبح من فعالك مُسفر
وتلك مزايا فيك أعلمت الورى
بأن بني المنديل أكرم معشر
فهل أخفيتْ حالي عليك وقد بدا
لكلِّ صديق أنها حال مُقتر
أتيتك من بغداد لم أدرِ ما الذي
أتى بيَ إلا أنني في تحير
وأحمل في جنبيَّ نفسًا غنية
وإن شقيت مني بجثمان معسر
ولو كنت في بغداد أرضي بذلَّةٍ
لما جئت إلا ساحبًا فضلَ مئزري
ولكنني قد عِفتُ أن أرِدَ الغنى
ونفسيَ في قيدٍ من الذل مُقفر
وما عدل السعدون بي عن وفاتهِ
ولكن جرى مجرى القضاء المقدر
ولو أنني بعْتُ الثناء بنائل
لما رضيت نفسي بغيرك مشتري١
وإن حديثي عنك غير مرجَّمٍ
وإنَّ مقالي فيك غير مزوَّر٢
سأرحل عن ديوانك اليوم أو غدًا
بعزمةِ لا وانٍ ولا متقهقر
وسوف ترى مني مدى الدهر شاكرًا
وإن كنتُ أعيا عن تمام التشكُّر
وأكتب للتأريخ ما أنا كاتبٌ
ليجعله أحدوثة كلُّ مخبرِ
١
النائل: العطاء.
٢
الحديث المرجم: حديث الظنون.