يا دار قسطنطين
يا دار قسطنطينَ أنتِ فريدةٌ
في الحسن لولا جوُّك المتقلبُ
لقد اجتويتك لا لفقدِ محاسنِ
لكن هواؤك عارم متذبذب١
أبدًا سماؤك وجهها متلوِّن
فأراه يَبسم تارة ويقطِّب
وأرى هواءَك ناضحًا برطوبة
همم الرجال بها تجف وتنضب
تسري الرطوبة منه بين عروقهم
فتكاد من أعصابهم تتحلب
فتلين شِرَّتهم وليس بهم ضنًى
وتشيب أرؤسهم وما هم شيَّب٢
وترى الفتى منهم يعود محوقِلًا
حتى يروح لِعُنَّةٍ يتطبب٣
ريحان تندفعان فيك فتارة
صِرًا تهبُّ وتارة تتلهب٤
أما الشمالُ فعقرب لسَّاعةٌ
وعن الجنوب وذِكرها أتجنب
لا كانتا من ضرتين على الورى
هذي تجمدهم وتلك تذوب
وأرى بك الأخلاق ذات تلوُّنٍ
كهوائك القلَّاب بل هي أعجب
وطباع كلِّ مَعاشر كهوائهم
سبب الطباع من الهواء مسبب
أمسى التصنع في بنيك صناعة
من كان يحسنها فذاك مهذب
فإذا تلألأت الثغور تبسُّمًا
فالبرق في تلك المباسم خُلَّبُ
ولربما احترم البغيضُ بغيضه
كيما يقال بأنه متأدِّب
عجبًا فكم حَملٍ رأيت ومذ نضا
ثَوْبَيْ تصَنُّعهِ إذا هو ثعلب!
حَلمت نمورك خدعة وتظاهرت
بصداقة الخِرفان فيك الأذؤب
لم أَلقَ شيئًا فيك غير مغشش
حتى المياه تغش فيك وتكذب
هذي صفاتك يا فَرُوقُ برغم من
أثنوا عليك بغير ذاك وأطنبوا٥
١
اجتويتك: كرهتك.
٢
الشرة: الحدة والنشاط.
٣
المحوقل: الضعيف الذي قل أربه في النساء.
٤
الصر: البرد الشديد.
٥
فَروق: هي الآستانة، أو دار قُسطنطين.