مليكة غناء العرب
هلُمَّ إلى ذوْقِ طعم الأدبْ
هلُمَّ إلى نيْل أقصى الأرَبْ
هلمَّ إلى ذا الغناء الذي
منيرةُ منه أتت بالعجب
أليست منيرةُ في عصرنا
مليكةَ فنِّ غناء العرب
ولا غروَ أن ملِّكتْ في الغنا
ء [وأن] أحرزتْ فيه أعلى الرتب
فقد أدركتْهُ على رسلِها
ونالت أقاصيَه من كَثب١
وأيدها الله من صوتها
بأكبر عونٍ وأقوى سبب
أرى فمها صِيغَ من حكمةٍ
وأُبخسُه إن أَقُلْ: من ذهب
تلوح فتبتزُّ بدرَ الدجى
وتشدو فيعتزُّ فنُّ الأدب٢
بلحنٍ إذا امتد هزَّ القلوب
وخدَّر أبداننا والعصَب
ترفوف أرواحُنا تحته
كما رفرف الطير لمَّا انقلب
وتخفُق أحشاؤنا دونه
كما خفقت في الرياح العَذَب٣
نكاد إذا هي غنَّت نطير
إليها بأجنحةٍ من طَرَب
وإن هي قامت لإنشادها
جَثَونا لها وثنينا الرُّكَب
فلو سمع القوم ألحانها
لشقوا عمائمهم والجُبب
أرى الهمَّ يُتعب قلب الفتى
وعنه الأغاني تزيل التعب
فبادر إليها ولا تكترثْ
لما جاء من ذمِّها في الكُتب
١
أدركته على رسلها: أي في تمهل ورفق.
٢
تبتز: تغلب وتفوق.
٣
العذب: الأطراف من كل شيء، وما يسدل إلى الخلف من
العمامة.