ليلة في دمشق
من كان يأرقُ بالهمو
م فقد أرقت من السرورِ
وطربتُ من صوتٍ يجي
ءُ إليَّ من غُرَف القصور
صوت كأن الغانيا
ت أعرْنه هَيف الخصور
ونضحن من ماء الحيا
ة عليه في شنب الثغور
سرَّى الهموم عن الفؤا
د بجوف حالكة الستور
والعود ينطق باللحو
ن بلهجتيْ بَمٍّ وزير
يرمي به الصوت الرخيـ
ـم على الدجى لمعاتِ نور
ملأ الظلام توقدًا
كالكهرباءة في الأثير
يحكي الزلالَ لدى العطا
ش أو الثراء لدى العقير
أصغيتُ منقطعًا إليه
عن المْواطن والعشير
فحسبت نفسي في الجنا
ن بغير وِلدانٍ وحور
وطفِقت أدَّكر العرا
ق فعاد صفوي ذا كدور
فرجعت عن ذاك السما
ع وغبت عن ذاك الشعور
وذكرت من تبكي هنا
ك عليَّ بالدمع الغزير
تستوقف العجلان ثمـَّ
ـة بالرنين عن المسير
وتقول من مضض الفرا
ق مقالَ ذي قلب كسير:
أبُنيَّ سِرْ سير الأما
ن من الطوارق في خفير
يا أم لا تخشي فإن
الله يا أمي مُجيري
ودعي البكاءَ فإن قلـ
ـبي من بكائك في سعير
أعلمتِ أني في دمشـ
ـق أجرُّ أذيال السرور
بين الغطارفةِ الذيـ
ـن تخافهم غِيَر الدهور١
من كل وضَّاح الجبيـ
ـن أغر كالبدر المنير
حرُّ الشمائل والفعا
ئل والظواهر والضمير
١
الغطارفة: جمع غطريف، وهو السيد السخي السري. وغِيَر الدهور:
تقلباتها.