يقظة الشرق
أنشدت في مأدبة نادي المعلمين؛ لتكريم وفد الجامعة المصرية مساء ٩ شباط سنة ١٩٣١، في أوتيل «كارلتون» ببغداد.
أرى — بعد نوم طال — في الشرق يقظةً
نُهوضيةً فيها طموحٌ إلى المجدِ
ففي «مصر» شِيدَتْ للعلوم معاهد
على أسس التحليل والبحث والنقد
فلم تتخذ غيرَ التجارب منهجًا
لتحقيقها من جوهر العلم ما يجدي
وفي الأُفق «التركي» سارت إلى العلا
جيوش بأعلام التجدُّد تستهدي
وفي «الهند» قامت للتحرُّر ثورة
سياسيَّة عزلاء قائدها «غَندي»
و«فارسُ» حلَّت عقدةً من جمودها
وحنَّت بمسعاها إلى سالف العهد
وفي «الصين» حربٌ نارها وطنية
تزيد بمرِّ الدهر وقدًا على وَقْد
و«بغداد» بين الأجنبي وبينها
مزيدُ صراعٍ في السياسة مشتد
على أن حولَ «النيل» مثلَ صراعنا
ولكنه بين الحكومة و«الوفد»
ولم تخْلُ من أعتابها بتجدُّد
على جدبها أرضُ «الحجاز» ولا «نجد»
زمان أتى من كل قوم بنهضةٍ
سياسية حتى أتت نهضة «الكرد»
تباشيرُ صبح لاح بعد نُحوسَةٍ
مشيرًا إلى ما نرتجيه من السعد
فيا وفدَ مصرٍ أنتمُ خير شاهد
على يقظة في الشرق وَرَّايَة الزَّند
لقد جئتمُ روَّادَ علمٍ وحكمة
فحُييتمُ أزكى التحيات من وفد
ترودون أهلَ العلم مرعًى ومنزلًا
وتجتنبون الهزل في معرض الجِدِّ
وقد زرتمُ «دار السلام» زيارة
ستذكرها الأقلام بالشكر والحمد
ومن ذكرها في كل عصر وموطنٍ
سَتَستَنشِقُ الأيام أطيبَ من ورد
وتمتد بين «النيل» منها و«دجلة»
مدى الدهر أسباب التعارف والودِّ
سلام على «مصرَ» التي أرسلت بكم
فطاحلَ علم لا تحيد عن القَصد
لكم عند أهل «الرافدين» تجلَّة
على قدر ما للرافدين من الرِّفد