الحياة الاجتماعية والتعاون
أنشدت في حفلة تأسيس جمعية حماية الأطفال في بغداد سنة ١٩٣٨.
يعيش الناس في حال اجتماعِ
فتحدث بينهم طرق انتفاعِ
وتكثر للتعاون والتفادي
على الأيام بينهم الدواعي
ولو ساروا على طرق انفراد
لما كانوا سوى هَمَجٍ رعاعِ١
رأيت الناس كالبنيان يسمو
بأحجار تسيَّع بالسياعِ٢
فيمسك بعضه بعضًا فيقوى
ويمنع جانبيه من التداعي
كذاك الناس من عَجَمٍ وعُرْبٍ
جميعًا بين مرعيٍّ وراعِ
قد اشتبكت مصالحهم فكلٌّ
لكلٍّ في مجال العيش ساعِ
ولولا سعيُ بعضِهُمُ لبعضٍ
لعاشوا عيش عاديةِ السباع٣
إذا ربُّ الحسام ثناه عجز
تدارك عجزَه ربُّ اليراعِ
وإنْ قلم الأديب عراه زَيْغٌ
تلافى زيغه سيفُ الشجاعِ
وإن صفِرت يدٌ من رَيْع زرع
أعيد ثراؤها بيدٍ صَناعِ٤
بذاك قضى اجتماع الناس لَمَّا
أن اعتصموا بحبل الإجتماع
يساند بعضهم في العيش بعضًا
مساندة ارتفاع وانتفاع
فتعلوا في ديارِهُمُ المباني
وتخصب في بلادهمُ المراعي
وتستعلي الحياة بهم فتمسي
من العيش الرغيد على يفاع٥
وما مدنيَّة الأقوام إلا
تعاونهم على غُرِّ المساعي
ولم يصلَح فساد الناس إلا
بمال من مكاسبهم مُشاعِ
تُشاد به الملاجئ لليتامى
وتُمتار المطاعم للجياعِ
وتُبنى للعلوم به مبانٍ
تفيض العلمَ مؤتلقَ الشعاع
وإلا فالشَّقاء لهم حليفٌ
وما حملُ الشقاء بمستطاعِ
ومما سرني أني أناجي
رجالًا في الفخار ذوي ابتداعِ
سعوا لحماية الأطفال منا
بما أوتوه من كرم الطباع
فقاموا بالذي يُعلي ويُسلي
يصونون الضعاف من الضياع
وما هذي الحياة سوى صراعٍ
يتمُّ بفوز مفتول الذراعِ
وما سادت شعوب الخلق إلا
بتهيئة البنين لذا الصراعِ
إذا لم يُعنَ بالأطفال قومٌ
فهضْبة مجدهم رهن انصداع٦
ولا تزكو الْمَناشئ في أناسٍ
يرون الطفل من سقط المتاعِ٧
وما هاج العواطف في فؤادٍ
كحال الطفل في زمن الرضاعِ
فشكرًا للكرام وكل شكر
لِمَنْ عضدوا الكرام بمدِّ باعِ٨
١
الهمج والرعاع: السفلة من الناس، وأصل الهمج: صغار
البعوض.
٢
تسيع بالسياع: أي تطلى بما يطلى به البناء بعد بنائه، ليجمل
شكله ومنظره.
٣
عادية: أي مفترسة.
٤
صفرت: أي صارت صفرًا خالية. وريع الزرع: يريد ثمرته وفائدته
التي تجنى منه. واليد الصناع: الماهرة، وهي ضد اليد الخرقاء،
وهي التي لا تحسن عملًا.
٥
اليفاع: المرتفع.
٦
انصداع: تشقق وتكسر.
٧
سقط المتاع: أردأ وأرخص ما في البيت من متاع وأدوات كالمكنسة
والكوز ونحوهما.
٨
عضده يعضده، بضم الضاد في المضارع: قوَّى عضده وشد أزره،
يريد عاونوا بمد أيديهم بالمال.