في المدرسة: دار التفيض
نِعْمَتِ الدار للتفيُّضِ دارا!
قد أقيمت للطالبين منارا
هي دارٌ ينتابها ولْد قوم
جعلوا العلم للحياة مدارا
نحن قوم نرى المفاخر إلا
من طريق العلوم ثوبًا معارا
ما قصدنا بسلِّنا السيف إلا
ردَّ ليلِ الجهل المميت نهارا
هل شددنا الرحال في الأرض للأسـ
ـفار إلا لنكتب الأسفارا؟!١
كم طوينا من قبلُ في طلب العلـ
ـم فِجاجًا وكم شققنا بحارا!
واقتحمنا لأجله كلَّ هول
وركبنا لأجله الأخطارا
ولقد هانت النوائب فيه
إذ لبسنا الصبر الجميل شعارا
إنما تصغر الخطوب لدى القو
م إذا كانت النفوس كبارا
سل بنا العلم والفنون جميعًا
هل ملكنا بغيرها الأقطارا٢
سل بنا العدل في جميع الرعايا
هل عمرنا بغيره الأمصارا؟
سلْ بنا الغرَّ من كبار المساعي
هل طلبنا بغيرهن فخارا؟
سل بنا هذه الدماء الدوامي
هل غسلنا بغيرهن العارا؟
سل بنا هذه النجوم الدراري
هل رضينا تحت النجوم قرارا؟
كم رفعنا للعلم في الأرض برجًا
وبنينا له كغمْدانَ دارا!
لا يكن منك في الذي قلت شكٌّ
وإذا شئت فانظر الآثارا
يعلم اللَّه ذو الجلالة أنَّا
لسوى اللَّه ما رجونا وقارا
إنما هذه المدارس روضٌ
ينبت المجد والعُلا والفخارا
تتغذى بها النفوس غذاء
هو يُنمي العقول والأفكارا
جلَّ فعلًا إكسيرها المتعالي
كيف يجلو القلوب والأبصارا؟!
يدخل الناشئون فيها من النا
س نحاسًا ويخرجون نضارا
ربَّ نفس كَدِرْهَمٍ قد جلاها الـ
ـعلم حتى أعادها دينارا
نضرت هذه المدارس روضًا
من بني القوم منبتًا أزهارا
تمنح العاجز الضعيف اقتدارًا
مُوشكًا أن يغالب الأقدارا
كانت الناس في القديم عبيدًا
وبها اليوم أصبحوا أحرارا
فعليكم فيها بتحصيل علمٍ
يُرغد العيش، يُسعد الأعمارا
١
الأسفار الأولى: جمع سفر بفتح الفاء، والثانية: جمع سفر بكسر
السين وسكون الفاء، وهو الكتاب.
٢
سل بنا: سل عنا، وفي الكتاب العزيز: فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا.