المدارس ونهجها
أنشدت في حفلة وضع الحجر الأساسي لبناية مدرسة التفيض الأهلية التي أقيمت عصر ١٨ كانون الثاني سنة ١٩٢٩.
ابْنُوا المدارسَ واستقصوا بها الأمَلا
حتى نُطاولَ في بنيانها زُحَلا
جودوا عليها بما درَّت مكاسبكم
وقابلوا باحتقارٍ كلَّ مَنْ بخلا
إن كان للجهل في أحوالنا عِللٌ
فالعلم كالطب يشفي تلكمُ العللا
سيروا إلى العلم فيها سير معتزمٍ
ثم اركبوا الليل في تحصيله جَملا
لا تجعلوا العلم فيها كلَّ غايتكم
بل علِّموا النَّشءَ علمًا ينتج العمَلا١
هذي مدارسكم شرْوَى مزارعكم
فأنبتوا في ثراها ما عَلا وغَلا٢
لا تتركوا الشوك ينمو في منابتها
أعني بذلكُمُ الأهواءَ والنِّحَلا
وأسِّسوها على الأعمال قائمة
ممهِّدين إلى المحيا بها سُبُلا
يلقى بها النشء للأعمال مختَبرًا
ولِلطباع من الأدران مُغْتَسلا
وأمطروا روضها علمًا ومقدرة
حتى تفتَّح من أزهارها الأمَلا
فتنبت العالم الفنان مخترعًا
وتنبت الفارسَ المِغوار والبَطلا
وتنبت الحارس الفلَّاح مزدرعًا
وتنبت الْمِدره المنطيق مرتجلا
واسقوا المتلمذ فيها خمرَ مكرمةٍ
عن خمرة الكرم تمسي عنده بدلا
حتى إذا ما غدا خِرِّيجها طربًا
من عزة النفسِ خيلَ الشارب الثمِلا
ربُّوا البنين مع التعليم تربية
يمسي بها ناطق الأخلاق مكتملا
وثقفوهم بتدريب وتبصرةٍ
ثقافة تجعل المعوَجَّ معتدلا
وجنبوهم على فعل معاقبة
إن العقاب إذا كرَّرته قتلا
إن العقاب يزيد النفس شرَّتها
وليس ينكر هذا غير مَنْ جهلا
بل أنشئوا ناشِئ الأحداث وهو على
حبِّ الفضيلة في محياه قد جبلا
بحيث يمشي إذا شانَتْه شائنة
من فعله احمرَّ منها وجهه خجلا
مَنْ يترك الشرَّ خوفًا من معاقبةٍ
فليس يُحسَب ذا فضل وإن فضلا
فجيِّشوا جيشَ علم من شبيبتنا
عَرَمْرَمًا تضرب الدنيا به المثلا
إن قام للحرث ردَّ الأرض مُمْرعةً
أو قام للحرب دكَّ السهلَ والجبلا
وإن غزا مستظلًّا ظلَّ رايته
هزَّ البلاد وأحيا الأعصر الأوَلا
إنَّا لمن أمَّةٍ في عهد نهضتها
بالعلم والسيف قبلًا أنشأت دوَلا
هذا هو العلم لا ما تأدبون له
مما تكون به عُقباكم الفَشلا
ماذا تقولون في نقدي مناهجَكم
وقد كفيتكمُ التفصيل والجملا؟
وأيُّ نفع لِمَنْ يأتي مدارسَكم
إن كان يخرج منها مثلما دخلا؟!
فأجمعوا الرأيَ فيما تعلمون به
ثم اعملوا بنشاط ينكر المللا
ثم انهجوا في بلاد العُرب أجمعها
نهجًا على وحدة التعليم مشتملا
حتى إذا ما انتدبنا العُربَ قاطبة
كنا كأنا انتدبنا واحدًا رجلا
١
يريد لا توجهوا كل اهتمامكم إلى التعليم القولي النظري، بل
وجهوا عنايتكم إلى الشئون العملية، كالعلوم التطبيقية التي
تفيد في ترقية الزراعة والصناعة والتجارة وما إليها.
٢
شروى: مثل.