دار الأيتام أو مدرسة شنلَّر في القدس
لدار شنلَّرٍ في القدس فضل
به تنسى تيتُّمها اليتامى
ويحمده من الفقراء طفل
يذمُّ لفقد والده الحِماما
بها يجد اليتيم له مقامًا
إذا ما الدهر أفقده المقاما
يرى عن أمه أمًّا عطوفًا
عليه وعن أبيه أبًا هماما
تميت نهارها فيه ليحيا
وتُحيي الليل فيه لكي يناما
فتُشِرب نفسه حبُّ المعالي
وتطعم جسمه منها الطعاما
وترأم كل مَنْ فجعوا بيتم
صغارًا قبل ما بلغوا الفطاما١
ويدخلها يتيم القوم طفلًا
فتخرجه لهم يفعًا غلاما
عليمًا بالحياة يسير فيها
على علم فيخترق الزحاما
وقد لبس الفضيلة وارتداها
وشدَّ عليه من حزْم حزاما
•••
وقفت بها أعاطيها التحايا
وأستسقي لساكنها الغماما
وأشكر فضلها والشكر عجز
إذا هو لم يكن إلا كلاما
أدارَ شنلَّرٍ لا زلت مأوى
لأبناء الأرامل والأيامى
أثابك مالِكُ الملكوت عنهم
مثوبةَ كل مَنْ صلَّى وصاما
ضمِنت لهم رغيد العيش حتى
أخذت على الزمان لهم ذماما
وجارَ الدهر معتديًا عليهم
فكنت لهم من الدهر انتقاما
إذا ما أبكت الدنيا يتيمًا
أعدت بكاءه منه ابتساما
لقد هوَّنت رزء اليتم حتى
غفرنا للزمان بك الأثاما
وكاد إذا رأى مغناك راءٍ
يودُّ بأن يكون من اليتامى
ليمكثَ فيكِ مغتبطًا سعيدًا
ويكسب عندك الشرف الجساما٢
ويعلم كيف يدَّرع المعالي
ويعرف كيف يبتدر المراما
وما فقد المسيحَ الناسُ لَمَّا
أعدت لهم خلائقه الكراما
فنُبت عن المسيح وقمت حتى
لقد شكر المسيحُ لك القياما
ولا عجب فقد جدَّدت منه
عواطف كان عمَّ بها الأناما
شمخت على رُبا القدس اعتلاءً
فكنت لهن من شرف وساما
ولحت بأفقها بدرًا منيرًا
جلا من ليل أبؤسها الظلاما
ألا إنَّ النجومَ بشُعْرَييها
لتحسد من مرابعك الرغاما٣
هززت الطور فهو يكاد يمشي
إليك على تقدُّسه احتراما
وجاذبت الكرامة خير قبر
به دفن المسيح ومنه قاما
تُباهي القدس مكة فيك حتى
تفاخر فيك مشعرها الحراما
فلا برحت ربوعك عامرات
نسلُّ على الشقاء بها حُساما
١
رئمت الأم ولدها: شمته وعطفت عليه.
٢
الشرف الجسام: الجسيم.
٣
الشعريان: الشعرى العبور، والغميصاء؛ كوكبان مضيئان.
والرغام: التراب.