تجاه الريحاني
شكواي الخاصة
لهذا اليوم في التاريخ ذكر
به الآناف يَفعَمهُنَّ طيبُ
ويحسن في المسامع منه صوتٌ
له تهتز بالطرب القلوب
ففي ذا اليوم نحن قد احتفينا
بريحانيِّنا وهو الأديب
فتًى كثرت مناقبه فأضحى
له في كل مكرمة نصيب
نجالس منه ذا خُلقٍ كريم
له بجليسه أثرٌ عجيب
وأقسم لو يجالسه سفيهٌ
فَواقًا لاغتدى وهو الأريب١
كذاك يكون زهرُ الروض لَمَّا
تمرُّ عليه ناسمة تطيب
ولم يُنسب إلى الريحان إلَّا
وريحان الرياض له نسيب
له قلَمٌ به تحيا المعاني
كما يحيا من المطر الجديب
وتُشرق في سماء الشعر منه
كواكب ليس يُدركها مَغيب
لقد طارت بشهرته شَمالٌ
كما طارت بشهرته جَنوب
وطبَّق صِيته الآفاقَ حتى
تعرَّفه القبائل والشعوب
فديتك! هل تُصيخ؟ فإن عندي
شَكاة لا تُصيخ لها الخطوب
إلى كم أستغيث ولا مغيث
وأدعو مَنْ أراه فلا يجيب؟!
أقمتُ ببلدة مُلئتْ حُقودًا
عليَّ فكل ما فيها مُريب
أمرُّ فتنظر الأبصار شزْرًا
إليَّ كأنما قد مَرَّ ذيب
وكم من أوجهٍ تُبدي ابتسامًا
وفي طيِّ ابتسامتها قُطوب!
سكنت الخانَ في بلدي كأني
أخو سفَرٍ تقاذَفه الدروب
وعشت معيشة الغرباء فيه
لأني اليوم في وطني غريب
وما هذا وإن آذى بدائي
ولا هو أمره أمر عصيب
ولكني أرى أبناء قومي
يدبر أمرهم مَنْ لا يُصيب
يُقدَّم فيهم الشرِّير دفعًا
لشرَّته ويُحتقَر الأديب
فهذا الداء منتشِب بقلبي
وفي قلب العُلا منه وجيب
فكيف شفاؤه ومتى يُرجَّى؟
وأين دواؤهُ ومَنِ الطبيب؟
وإن أَكُ قد شكوت فما شكاتي
إلى ذي خُلَّةٍ شيء معيب
سأنصِبُ للهواجر حُرَّ وجه
يعود إلى الشروق به الغروب
وأضرب في البلاد بغير مُكث
أجوب من الْمَهامِهِ ما أجوب
إلى أن أستظلَّ بظلِّ قوم
حياة الحر عندهمُ تطيب
وإلا فالحياة أمرُّ شيءٍ
وخيرٌ من مرارتها شَعوبُ
١
فواقًا: أي قدر فواق، وهو مدة ما بين الحلبتين.