الحمد للمعلم
إلى المعلم نخلة زريق
وليلٍ به قد بِتُّ أختلس الكرى
وأرَّقت فيه النجم أن يتغورا١
تمطى على الآكام منه بغَيهبٍ
تكاثَف حتى خِلته قد تحجَّرا
وكاد دُجاه يمكن الكفَّ لمسُهُ
فلو سار سارٍ في دُجاه تعثَّرا
لقد بِتُّهُ والهمُّ مُعْتلِجٌ به
إذا زاد طُولًا زدت فيه تضجُّرا
يقلِّبني فيه الجَوى وتهزُّني
لواعج شوقٍ في الفؤاد تسعُّرا
أرى الزُّهْر فيه يضطربْنَ كخابطٍ
بتيهاء يجتاب الدُّجَى متحيِّرا
كأنَّ نجوم الليل غَضْبى على الدُّجى
تُردِّد لحظًا في الدُّجنة أشزرا
إلى أن بدا لي الصُّبح يحكي عمودُه
لنخلة رأيًا بالذكاء مُنَوِّرا
فتى كنت قبل اليوم خُبِّرت فضله
كبيرًا ومذ شاهدته كان أكبرا
له خُلُقٌ بادٍ إباءً ونخوةً
وعقلٌ رزين بالعلوم تحضُّرا
ترى منه إن لايَنْتَهُ ذا دماثةٍ
أديبًا وإن خاشنتَه فغَضَنْفرا
لقد علمت هذي المدارس فضله
لَدُنْ كان للتدريس فيها تصدَّرا
تقضَّتْ له فيها ثلاثون حِجة
بها قرَّط الآذانَ دُرًّا وجوهرا
وجهَّز بالآداب أبناء قطره
أماليَ أملاها عليهم وقرَّرا
بذلك أحيا للأعاريبِ لهجةً
خلا رَبعُها من ساكنيه وأقفرا
إذا استبهمتْ طُرْقُ الفصاحة مازَها
بما في كتاب اللَّه منها تقرَّرا
لنا اليوم جيش من تلاميذ علمه
به الجهل ولَّى مدبرًا وتقهقرا
هم الجيش سدُّوا ثغرَ كلِّ جهالةٍ
إذا اتخذوا في كل ثغر معسكرا
له الفضلُ في تعليمهم أفصحَ اللغا
وغرَّ القوافي والكلامَ المحبَّرا
فكلُّ فتى منهم أديبٌ نقيمُه
لِيلقيَ درسًا أو ليقرع مِنبرَا
لك ابنَ زُرَيْقٍ مِنَّةٌ سَرْمديةٌ
سيذكرها في دهره مَنْ تذكرا
إذا ما سمعنا ناطقًا بفصاحةٍ
من الناس أثنينا عليك تشكُّرا
كفى بالسكاكيني في القدس شاهدًا
بما لك من فضل عميم على الورَى
فقد كان قبل اليوم تلميذَك الذي
غدا اليوم أستاذًا كبيرًا مفكِّرا
١
يتغور: يميل للمغيب.