دار تربية الطفل
أيَّ قدْسٍ يضمُ هذا البناءُ!
حَسدتْ أرضَه عليه السماءُ
إن يكن فوق هذه الأرض شيءٌ
فيه قدْسيَّة فهذا البناء
هو من هذه البنيَّات لكن
شَرُفت بالمقاصد الأشياء
كلما قد رأيته تتجلى
ليَ من تحت أسِّهِ العلياء
هو بكر في ذي البلاد وللأطـ
ـفال فيه حماية عَذراء
لم نكن قبل ذا نُفكِّر فيما
فكَّرت فيه قبلنا الرُّحماء
كان للبؤس في المواطن لفح
من سَموم تذوي به الرضعاء
ربَّ طفل أودت به قلة الدَّر
على أن أمَّه ثدياء
أمُّه من أبيه آمت فأمست
ينهك البؤسُ جسمَها والشقاءُ
فحكى شخصها الخيالة إذ لا
حَ ذبول بجسمها وارتخاء
فهْو إن لم يعش فموتٌ مُريح
وهو إن عاش عاش فيه الداء
هكذا كانت المواليد تحيا
ولها من حياتها إفناء
ومن اللؤم أن ترى عندنا الأطـ
ـفال تفنى لأنهم فقراء
لا غذاءٌ في جوفهم لا كساءٌ
لا وِطاء من تحتهم لا غِطاء
إنهم غير مُعربين ومن حسـ
ـن السجايا أن تُرحمَ العجماء
عَلَّ مَنْ لو يعيش منهم لأضحى
فيه للناس مأمل ورجاء
ربَّ مَنْ مات منهم مات مَعْهُ
شرفٌ باذخ لنا وعلاء
ليس موت الأطفال هيْنًا فقد ينـ
ـبغ منهم نوابغ أذكياء
إنما هم كمثل أصداف بحر
لست تدري: دُرٌّ بها أم خَلاء؟
ولعلَّ الطفل الذي مات منهم
مات عقل بموته ودهاء
شأن هذا البناء شأن عظيم
لم تطاوله في العلا الجوزاء
كلما قد رأيته لمعت لي
فيه من تحت أسِّه العلياء
ولقد دلَّ أن مَنْ شيدوه
سادة في طباعهم كرماء
شكر اللَّه سعيَهم من رجال
بلغوا من فخارهم ما شاءوا
سوف يبقى لهم على الدهر ذكرٌ
فيه حمد لهم وفيه ثناء