دمعة على صديق
قالها في رثاء صديقه الحميم عبد الوهاب المحمد أغا.
مضى عبدُ وهَّابِ الهبات لرَبِّهِ
فَلِلَّهِ من ماضٍ إلى ربِّه حُرِّ
مضى وهو محمود الخصال مخلفًا
له عندنا آثار أخلاقه الغُرِّ
مضى وله في كل قلب مكانةٌ
نديم له ذكراه بالحمد والشكر
كذلك كنا معْه قبل وفاته
نبجِّله في السر منا وفي الجهر
وما زادنا إلا أسًى بفراقه
فأمسى الأسى فينا له مالئ الصدر
إذا ما ذكرناه تفوح خلالُه
فننشق من تَذكارها أطيب النشر
ونلجأ عند الإدَّكار إلى البِكا
ونفزع من بعد البكاء إلى الصبر
أخا سالم ما زلت عنديَ سالمًا
وإن كان منك الشخص غيِّب في القبر
تمثلُك الذكرى لعينيَّ جالسًا
تحدثِّنا عمَّا أهمَّ من الأمر
وتمزح طورًا ثم تنصاع ذاهبًا
إلى الجِدِّ تُغري بالحقيقةِ مَن تغري
فتغضب أحيانًا وتطرب تارة
فتطرب من ذكر الحقيقة في شعري
طواك الردى عني وشخصك لم يزل
بذكراك بعد الطيِّ متصل النشر
فما أنت ميتًا إذ خيالك سانح
مدى العمر نصب العين في سانح الفكر
ولا عجب، إن الحياة خيالة
فلا فرق عندي بين شخصك والذكر
سأنثر دمعي فيك نثر لآلئٍ
وأنظم شعري في رثائك من درِّ
لعلِّي بذا أقضي إخاءَك حقه
وإن كان لا يُقضى بنظم ولا نثر