ضاق الخناق
أَقول لهم وقد جَدَّ الفراقُ:
رويدَكمُ فقد ضاق الخِناقُ
رحلتم بالبدور وما رحِمتم
مَشُوقًا لا يبوح له اشتياق
فقلبي فوق أرؤسكم مُطار
ودمعي تحت أرجلِكم مُراق
أقال الله من قَوَدٍ لِحاظًا
دماءُ العاشقين بها تُراق١
وأبقى أعيُنًا للغيدِ سودًا
ولو نُسيتْ بها البيض الرقاق٢
متى يصحو الفؤاد وقد أديرت
عليه من الهوى كأسٌ دِهاق
وليس الناس إلا من تصابٍ
وإلا من يَشوق ومن يُشاق
مررنا بالمنازل مُوحشات
لِهُوج الرامسات بها اختراق٣
كأن لم تُصْبِني فيها كعاب
ولم يُضرَب بساحتها رِواق
فعُجت على الطلول بها مُكبًّا
أسائلها وقد ذهب الرفاق
كأني بين أطلال المغاني
أسيرٌ عَضَّ ساعده الوِثاق
حديد بارد في اللوم قلبي
فليس له إذا طُرق انطراقُ
١
القود: إعطاء الدية.
٢
البيض الرقاق: كناية عن السيوف.
٣
الرياح الرامسات: التي تأتي بالتراب، فتدفن الأشياء
تحته.