إلى أم كلثوم
أم كلثوم في فنون الأغاني
أمة وحدها بهذا الزمان
هي في الشرق وحدها ربة الفن
فما أن للفن ربٌّ ثان
ذاع من صوتها لها اليوم صيتٌ
عَمَّ كل الأمصار والبلدان
ما تغنَّت إلا وقد سحرتنا
بافتتانٍ لها وأيُّ افتتان
في الأغاني تمثل الحب تمثيـ
ـلًا صريحًا بصوتها الفتان
يتجلَّى في لحنها مشهد الحب
ولون الوصال والهجران
فتريك المحبَّ عند التنائي
وتريك المحب عند التداني
وتريك الحبيب عند افتراقٍ
وتريك الحبيب عند اقتران
كل هذا في صوتها يتجلَّى
من خلال الأنغام والألحان
صفحات من الغرام تراها
ظاهرات في صوتها للعيان
تنشد الشعر في الغناء فتأتي
بلحون مطابقات المعاني
فإذا أنشدت عن الوصل أبدت
فيه لحن المسرور والجذلان
وإذا أنشدت عن الهجر جاءت
بلحون تدعو إلى الأحزان
كم سقتنا كأس السرور بلحنٍ
وبلحن كأسًا من الأشجانِ
تفهم الروح منطق الحب مما
تتغنى به بلا ترجمان
فكأنَّ الأنغام في الصوت منها
ناطقات لنا بغير لسان
قد سمعنا غناءها فعرفنا
كيف فعل الغناء في الإنسان
حسْن صوت يزينه حسن لحنٍ
فيه للسامعين حسن بيان
نبراتٌ في صوتها مشجيات
تترك السامعين في هيجان
تسترقُّ القلوب منا بصوت
نعبد الحسن منه بالآذان
كل لحن إذا سمعناه منها
دب فينا دبيب بنت الحان
في وقار الحليم تجعلنا طو
رًا وطورًا في خفة النشوان
نتفانى في الاستماع إليها
ونرى لذة لنا في التفاني
وترانا نهتزُّ حين تغني
فكأنَّا في حالة الطيران
وكأن الأرواح — إذ تتعالى
طربًا — جرِّدت من الأبدان
هي في مرتقى الأغاريد تعلو
حين تشدو ونحن في خطران
يشعر المرء حين يصغي إليها
بغرامٍ من صوتها روحاني
بنت فنٍّ غنَّت لنا فسقتنا
من فنون الغناء بنت دنان
هكذا فلتكن يدُ الفن عليا
هكذا فلتكن على الفنَّان