أيتها الكعاب
فتنتِ الملائك قبل البشرْ
وهامت بك الشمسُ قبل القمر
وسرَّ بك السمع قبل البصرْ
وغنَّى بك الشعر قبل الوَتر
فأنت بحسنكِ بنت العِبَرْ
ترفُّ لِمرآك روحُ الغرام
ويهوَى طلوعَك بدرُ التمام
ليطلعَ مثلك في الاحتشام
ويرْقبَ خَطرَة هذا القوام
لكيما يَهبُّ نسيم السحر
تميلُ بقدِّك خمرُ الدلالْ
فيضحكُ في مَيله الاعتدال
وفيه ارتقى الحسنُ عرش الجلال
ومنه العقول غدت في عقال
وكم قد نهاها وكم قد أمَر
إذا الوجه منك بدا للعيان
له سَجَد العشقُ يرجو الأمان
ويخجل من نوره النَّيِّران
ويَعْنو له جبروت الزمان
ويخضع حتى القضا والقدر
بك الحُسن أُلبِس ثوبَ الكمال
فأنتِ الحقيقة وَهْوَ الخيال
وأنت مَليكة ملك الجمال
ولو صوروك بلوح المثال
لكنت مليكة كلِّ الصور
يروح الشتاء وتصحو السَّما
ويأتي الربيع بما نَمنمَا
فيطلعُ فوق الثرى أنجُما
ويبتسم الزهر بعد النما
فأنت ابتسامة ذاك الزَّهَرْ
فطرْفك بالفَتْر كم قد روى
نشيدَ غرامٍ يَهُدُّ القوَى١
وما أنت شاعرة في الهوى
ولكنما الشعر فيك انطوى
فآية حسنك إحدى الكُبَر
لسانكِ يسحَرُ في ظَرفِه
وجفنكِ يفتن في ضعفه
وقدُّكِ يخطِر في لطفه
فيطنِب رِدفك في وصفه
ويوجزه خَصُرك المختصَرْ
سقتكِ الكعابةُ صَفوَ الشبابْ
وغطى محيَّاك منها نقاب٢
فأنت إذا قمت للإنسياب
تبخترتِ في خَفَرٍ والكعاب
تضيء كعابتها بالخَفَر
١
الفتر: السكون والضعف.
٢
الكعابة: بروز ثدي الفتاة.