أبو الملوك
بدا وجه العروبة في حُلوكِ
غداةَ قضى الحسين أبو الملوك
قضى متنازلًا بعد اعتلاءٍ
كذاك الشمس تجنح للدلوك١
قضى في المجد ليس بذي نظير
وفي العزَمات ليس بذي شريك
مليكٌ واصَل الإقدام حتى
أتاه بهلكه يوم الهلوك
لقد سلك الطريق إلى المعالي
إلى أن مات محمود السلوك
وجدَّد للعروبة غرس مجدٍ
قديمٍ كان كالعِذق التريك٢
وأحدث نهضة في العرب هزَّت
جنوب الأرض كالريح السَّهوك٣
وأثبت بالسيوف لهم حقوقًا
مؤيدة بكل دمٍ سفيك
ولكن غشَّه الحلفاء حتى
أتوه من الثعالب في مسوك٤
وخانوا لم يفوا بعد انتصار
بما كتبوه في بطن الصكوك
خطبنا ودَّهم فتقبَّلونا
بعاطفةٍ كعاطفة الفَرُوك٥
وكم وعدوا بني قحطان وعدًا
به انقلب اليقين إلى شكوك
لقد ستروا شنيع الغدر منهم
بثوبٍ من سياستهم مَحوك
فساستهم إذا وقعوا بضنك
أرونا الودَّ في وجه ضحوك
وأبدوا في الرخاء لنا عبوسًا
وهذا عُدَّ من شيم الهَلوك٦
ونحنُ العُرْبَ نأبى غيرَ عزٍّ
ونطمح في الحياة إلى السُّموك٧
ويومَ الروع تنتظم المنايا
ولم تكن السيوف سوى سلوك
ونمضغ في الهياج الموت دون الـ
ـعُلا مضغ الأوانس للعُلوك٨
وما عاب الفتى جسمٌ هزيل
إذا ما كان ذا شرفٍ وديك٩
وما الشرف الحميد سوى فَعالٍ
حميد من معادننا سبيك
قرينَ القبلتين عليك نبكي
دمًا بالدمع من طَرف مَسيك١٠
فقدنا منك خير زعيم قومٍ
وخير نضيج تجربةٍ حنيكِ
لقد ناح العراق عليك حزنًا
وضجَّ من الخليج إلى تبوك
لقد نُزِّهتَ من غمزٍ وَلمْزٍ
كما نُزِّهتَ من شعرٍ ركيك
١
الدلوك: الغروب.
٢
العذق: عنقود العنب، أو ما يشبهه من النخلة. والتريك:
المتروك؛ أي الذي أكل كل ما عليه أو بقي فيه شيء قليل.
٣
الريح السهوك: العاصفة الشديدة.
٤
المسوك: جمع مسك بفتح الميم، وهو الجلد.
٥
الفروك: المبغضة للناس عامة، أو التي تبغض زوجها.
٦
الهلوك: الفاجرة ذات الشهوة الشديدة.
٧
السموك: جمع سمك، وهو السقف أو أعلى الشيء.
٨
العلوك: جمع علك، وهو اللبان.
٩
وديك: سمين.
١٠
الطرف المسيك: العين التي لا تدمع كثيرًا.