شكر ووداع
أعِرني لسانًا أيها الشعر للشكر
وإن لم تطِق شكرًا فلا كنتَ من شعرِ
وجئني بنور الشمس والبدر كي أرى
بمَعناك نور الشمس يُشرق والبدر
وحُمْ حول أزهار الرياض تطيُّبًا
بها مثلما حام الفراش على الزهر
وقُمْ في مقام الشكر وانشر لواءَه
برأس عمودٍ خذه من غرة الفجر
فإن لبيروتٍ حقوقًا جليلة
عليَّ فنبْ يا شعر عنِّيَ في الشكر
فإني ببيروتٍ أقمتُ لياليًا
ورَبِّك لم أحسب سواهن من عمري
وقضَّيتُ أيامًا إذا ما ذكرتها
غفرت الذنوب الماضيات من الدهر
لئن تكُ في بغداد يا دهر مذنِبًا
عليَّ ففي بيروتَ كم لك من عذر
قرأت بها درسَ المكارمِ مُعجبًا
بكل كبير النفس ذي خُلق حر
فكنت بها من باذخ العِزِّ في الذرا
ومن سروات القوم في أنجمٍ زهر١
وداعًا وداعًا أيها القوم إنني
مُفارقكم لا عن صدودِ ولا هجر
لئن أزِفَ الترحال عنكم فإن بي
إليكم لأشواقًا أحرَّ من الجمر
أوَدِّعكم والشوقُ بالصبر فاتكٌ
كفتك الملوكِ المستبدين بالأمر
أحبكمُ قلبي اعترافًا بفضلكم
وأنكر في يوم النوى حكمة الصبر
ولا غروَ أن أكرمتمُ الضيفَ شِيمةً
توارثتُموها عن جُدود لكم غر
ألستم من العُرب الأُلَى طار صيتهم
إلى حيث يَبقى تحته طائر النسر
أعاريب نهَّاضُون في طلب العُلَا
غطاريف سبَّاقون في حلبة الفخر
سأذكركم ذكر المحبِّ حبيبه
وأشكركم شكر الجدوب ندى القطر
فلا تحرِموني من رضاكم فإنني
إليكم إليكم ما حييت لذو فقر
١
سروات القوم: سادتهم.