المرأة في الشرق
ألا ما لأهل الشرق في بُرَحاءِ
يعيشون في ذُلٍّ به وشقاءِ١
لقد حكَّموا العادات حتى غدت لهم
بمنزلة الأقياد للأسراء٢
إذا تختبرهم في الحياة تجدْ لهم
حياة تخطت خُطة السعداء
وما ذاك إلا أنهم في أمورهم
أبَوْا أن يسيروا سيرةَ العقلاء
لقد غمطوا حق النساء فشدَّدوا
عليهن في حبْسٍ وطول ثواء
وقد ألزموهن الحجاب وأنكروا
عليهن إلا خَرْجةً بغطاء
أضاقوا عليهن الفضاء كأنهم
يغارون من نورٍ به وهواء
قد انتبذوا عنهنَّ في العيش جانبًا
فما هن في أمر من الخُلطاء
وقد زعموا أن لَسْن يصلحن في الدُّنا
لغير قرار في البُيوت وباء٣
فما هنَّ إلا متعة من متاعهم
وأن صِنَّ عن بيع لهم وشراء
أهانوا بهنَّ الأمهات فأصبحوا
بما فعلوا من ألأم اللؤماء
ولو أنهم أبقوا لهن كرامةً
لكانوا بما أبقوا من الكرماء
ألم ترهم أمسوا عبيدًا لأنهم
على الذل شبُّوا في حجور إماء
وهان عليهم حين هانت نساؤهم
تَحمُّل جور الساسة الغرباء
فيا قوم إن شئتم بقاءً فنازعوا
سواكم من الأقوام حَبل بقاء
أيسعد محياكم بغير نسائكم
وهل سعدتْ أرضٌ بغير سماء؟!
وما العار أن تبدو الفتاة بمسرح
تمثل حاليْ عِزِّةٍ وإباء
ولكنَّ عارًا أن تزيَّا رجالكم
على مسرح التمثيل زِيَّ نساء
أقول لأهل الشرق قول مؤلِّبٍ
وإن كان قولي مُسخِط السفهاء
ألا إن داء الشرق في كبرائهِ
فبُعدًا لهم في الشرق من كبراء
وأقبح جهل في بني الشرق أنهم
يسمُّون أهل الجهل بالعلماء
وأكبر مظلوم هو العلم عندهم
فقد يَدَّعيه أجهل الجهلاء
لو اقتصَّ أهل العلم للعلم منهمُ
لصَبَّ عليهم منه سَوطَ بلاء
ولاستأصل الموتُ الوحيُّ نفوسهم
ونادى عليهم مؤذنا بفناء٤
ولكنَّ حلم اللَّه أبقى عليهمُ
فعاشوا ولو في ذلة وشقاء
لقد مزَّقوا أحكام كل ديانةٍ
وخاطوا لهم منها ثيابَ رياء
وما جعلوا الأديان إلا ذريعةً
إلى كل شغبٍ بينهم وعداء
فما علماء الجهل إلا مَساقمٌ
رمت جهلاء العلم بالقُوَباء٥
ألا يا شباب القوم إني إلى العُلا
لدَاعٍ فهل من يستجيب دعائي
أمَا آن للأوطان أن تنهضوا بها
لإدراك مجد وابتغاء علاء
فقد بحَّ صوتي واستشاطت جوانحي
وقلَّ اصطباري واستطال بكائي
على أن لي فيكم رجاءً وإن يكن
من اليأس مسدودًا طريقُ رجائي
وما أنا في وادي الخيال بهائمٍ
وإن كنت معدودًا من الشعراء
١
البرحاء: الشدة والأذى، أو الشر.
٢
الأقياد: القيود.
٣
الدنا: جمع دنيا.
٤
الموت الوحيُّ: السريع.
٥
القوباء: داء معروف.