نساؤنا
إلى صاحبة مجلة الخدر
ألا خلِّياني في الكلام من السَّجْعِ
ولا تجريا في القول إلا على الطبعِ
وإن أنا أرسلت الحديث فأصغيا
وإلا فما يجدي لسمعكما قرعي
فإني ما أطلعتُ شمسَ حقيقة
لمستمع إلا لتغرب في السمع
ولست أبالي بعد إفهام سامعي
أكان بخَفضِ لفظ ما قلت أم رفع١
وإني إذا قبَّلت رأسًا ولم أجد
به فضل عقل كان أجدر بالصفع
إذا كان علم الأصل عنديَ حاصلًا
ففيمَ اهتمامي بعد ذلك بالفرع
فإن بانَ لي سير الكواكب لم أبلْ
أكان بجذبِ ذلك السير أم دَفع
شكوت إلى ربِّ السموات أرضه
وما الأرض إلا من سمواته السبع
فقد جار في الأرض البسيطة خَلقُه
على خلقه جَوْرًا إلى الحزن يستدعي
وإن السموات العلا لكثيرةٌ
وإن لم نَعُدَّ اليوم منها سوى تسع
وإني لأشكو عادةً في بلادنا
رمى الدهر منها هضْبة المجد بالصدع
وذلك أنَّا لا تزال نساؤنا
تعيش بجهلٍ وانفصالٍ عن الجمع
وأكبر ما أشكو من القوم أنهم
يَعُدُّون تشديد الحجاب من الشرع
أفي الشرع إعدام الحمامة ريشَها
وإسكاتُها فوق الغصون عن السجْع؟!
وقد أطلق الخلَّاق منها جناحها
وعلَّمها كيف الوقوع على الزرع
فتلك التي ما زلت أبكي لأجلها
بكاء إذا ما اشتد أدَّى إلى الصرْع
بكيتُ بلا دمع ومن كان حزنه
شديدًا بكى من غير صوتٍ ولا دمع
فيا ربَّةَ الخدر اسمعي ما أقوله
لعل مقالي فيه شيءٌ من النفع
أيا ابنة «فندي» إن للمجد غايةً
وإنَّيَ في إدراكها باذلٌ وُسْعي
وإني أرى في القوم بعض مخايل
وأحذر من أن ينقَشِعن بلا همع٢
فقد لا يُروِّينا السحاب بمائه
وإن كان فيه البرق متصلَ اللمع
يقولون لي: إن النساء نواقصٌ
ويُدْلون فيما هم يقولون بالسمع
فأنكرت ما قالوه والعقل شاهدي
وما أنا في إنكار ذلك بالبِدْع
إذا النخلة العَيْطاء أصبح طلعها
ضعيفًا فليس اللوم عندي على الطلع٣
ولكن على الجِذع الذي هو نابتٌ
بمنبت سوء فالنقيصة في الجذع
ووالله ما أن ضقتُ ذرعًا بقولهم
ولكنما قد ضاق من فعلهم ذرعي
أمزِّق دعواهم إذا ما طعنتها
ولو أنها كانت من الدين في درع
ألا فاصدعي يا ربَّةَ الخدر بالذي
ترَيْنَ من الآراء في الرد والردع
فأنتِ مثالٌ للكمال الذي حوى
من العلمِ أسبابًا تجلُّ عن القطع
أدامك ربُّ الناس للناس حجة
على من نَمى نقصَ النساء إلى الطبعْ
١
الخفض والرفع: من مصطلحات النحو ومراد الشاعر أنه لا يتأنق
ولا يعرب في عبارته.
٢
المخايل: جمع مخيلة وهي السَّحابة المبشرة بالخير، ضربها
مثلًا للصفات التي تنبئ عن حسن الاستعداد في الإنسان. والهمع:
الأمطار.
٣
العيطاء: المرتفعة. والطلع: الثمر.