معترك الأهواء
قالها يمثل حالة الصحف في الآستانة عقب الهدنة للحرب العامة.
أرى الأتراك في دار الخلافه
تمادوا في الخصومة والسخافه
غدوا يتطاعنون بكل هُجْرٍ
من القول المخالف للشرافه١
فما عملت رماح الخط فيهم
كما عملته أقلام الصحافه٢
ترى كلًّا تهيَّأ للترامي
وشمَّر عن سواعده لحافه
وأترع كفه حَمأً نتينًا
ليَلطخ وجه من يُبدي خلافه٣
تراهم مُزْبدين لهم شدوقٌ
كشدقي حالبٍ شرِب النشافه٤
لهم صَخَبٌ كعربدة السكارى
وقد شربوا المطامع كالسلافه
على حين العدوُّ بهم محيطٌ
يذيقهم المذلة والمخافه
سفينة ملكهم فيها خروق
وهم لا يحسنون لها القِلافه٥
وقد وقفتْ بِدُرْدورٍ شديدٍ
ولم تأمن من الموج انقذافه٦
وليس لها هنالكَ من عريفٍ
يُقوِّمها بسكان العَرافه
عجِبْت لهم إذ اختلفوا بملكٍ
يكون الإختلاف عليه آفه
كأني إذ أراهم في احترابٍ
بملكٍ يطلب الغرب انتسافه
أرى كبشين ينتطحان جَهْلًا
لدى الجزَّار في دار الضيافه
خِصامٌ يضحك السفهاءُ منه
ويبكي منه أرباب الحصَافه
وإنَّ تدابرَ الأقوام شيء
يئول إلى الندامة والأسافه
١
الشرافة: الشرف، وكلاهما مصدر شرف الرجل؛ إذا علا في الدين
أو الدنيا.
٢
الخط: بلد في البحرين تصنع فيه الرماح الجيدة.
٣
الحمأ: الطين.
٤
المزبد: البعير الذي خرج الزبد حول فمه. والنشافة: الرغوة
التي تعلو لبن الإبل والغنم إذا حلب.
٥
قلف السفينة: خرز ألواحها بالليف، وجعل في خللها القار،
والقلافة اسم تلك الصناعة.
٦
الدردور: موضع في وسط البحر يجيش ماؤه، لا تكاد تسلم منه
سفينة.