إخفار الذمم أو عبد العزيز شاويش
قالها في الآستانة عندما أسلمت وزارة أحمد مختار باشا الغازي الشيخ عبد العزيز شاويش إلى الحكومة المصرية.
إني عهدتك لا تكون يَئوسا
مهما لقيت مصائبًا ونحوسا
كم قد صَدَمتَ النائبات بهمةٍ
جعلتْ لها الصبر الجميل لبوسا
غدروك يا عبدَ العزيزِ وإنما
غدروا الشهامة فيك والناموسا١
ما أسلموك إلى الخديو إنما
قد أسلموا شرفًا لهم قُدْموسا٢
هدموا بأيديهم قواعدَ مجدهم
فهوى وأصبح رسمه مطموسا
وأحق شيءٍ بالرثاء لدى الورى
شرف بأرجل أهله قد دِيسا
وأقل أبناء الزمان حَمية
من كان بيت نزيلهم مَكبوسا٣
قد أخجلوا علَم الهلال بفعلهم
هذا فأصبحَ رأسه منكوسا
وغدا بنوه وإن تقادم فخرهم
عند الفخار يُطأطئون رءوسا
ما هنتَ أنتَ وإنهم بفعالهم
هانوا لدى أهل الحِفاظ نفوسا
جارتْ سياستهم عليك فأغضبت
أهل العدالة سائسًا ومَسوسا
لو كان هذا الشعب يعرف نفسه
لأقام حربًا من جَراك ضَروسا
ولوَ انَّ أخلاق الرجال صحيحة
ما كان حقك عندهم مبخوسا
إن العلا همست إليك بسرها
ولقد فهمتَ كلامها المهموسا
فنهضتَ بين المسلمين تلمُّهم
وتُجِدُّ منهم مُخلَقًا ودَريسا٤
فرماك منهم حاسدوك بتهمة
ملئوا الفضاء بزُورها تدليسا
إن يمقتوك فإِن حبَّك لم يزل
في قلب كل موَحِّد مغروسا
والشمس تشهدُ أنَّ فضلك مثلها
يحي النفوس ويقتل الحنديسا٥
يا ليت شعري أي كأسٍ مُرة
لك أدهقوا إذ جرَّعوك البوسا!٦
وبأيِّ سلسلةٍ رَمَوك مكبلًا
وبأي سجن غادروك حَبيسا
قد بتُّ من جزعي عليك منجمًا
في الليل عنك أسائل البرجيسا٧
إن يسجنوك فإن ذكرك مطلقٌ
يَجني الثناءَ ويقطف التقديسا
أو يوحشوك بقعر سجنك مفردًا
فالحق عندك قد أقام أنيسا
ولئن لقيت أذًى فكم من مصلح
لقيَ الأذاةَ مفجَّعًا متعوسا
ضحكت وُجوه الترَّهات ولم يزل
وجه الحقيقة في الأنام عبوسا
١
الناموس: وعاء العلم.
٢
القدموس: القديم.
٣
المكبوس: الذي يهجم عليه ويفتش.
٤
وتجِد: تجدد. والمخلق: البالي. الدريس: الدارس
البالي.
٥
الحندس: الظلام، والحنديس؛ الحندس وقد أشبع كسرة الدال،
فوجدت الياء.
٦
البوس: البؤس.
٧
البرجيس: نجم، قيل: هو المشتري.