الوزارة المذنبة
دار ذا الدهرُ مَدارَهْ
فرأى الناسُ ازورارهْ
كلُّ فعل الدهر فعلٌ
فيه للحرِّ إثاره
أهل بغدادَ أفيقوا
من كرى هذي الغَراره١
إنَّ ديكَ الدهر قد با
ض ببغدادَ وزاره
شأنها شأنٌ عجيب
قصَّرت عنه العباره
هي للجاهل عزٌّ
ولذي العلم حقاره
مَلك البدوُ بها الأمـ
ـر على أهل الحضاره
كم لها من هفواتٍ
تسلُب الطودَ وقاره
حبَّبت للوطني الـ
ـحُرِّ أن يهجرَ دارَهْ
بيع للأطماع فيها
حقكم بيع الخساره
فكأنَّ الحكم والعد
ل بها قِطٌّ وفارَه
كم وزيرٍ هو كَالْوِزْ
رِ على ظهر الوزاره
مُقحَم لو كان لفظًا
شخصه كان استعاره
ووزير مُلحق كالذ
يل في عَجز الحماره
ذَنَبٌ يستوجب الإخـ
ـلاصُ والصدقُ انبتارَه٢
قل لأرباب الوزاره
عَذَلًا أضرمت ناره
أنتمُ الأصنام لولا
نزقات مستطاره
أحُلومٌ كفراشٍ
وقلوب كحجاره؟!
أم جيوبٌ زرَّها الدهـ
ـر على كل دَعاره؟!٣
أم وجوهٌ لو بدت للشـ
ـمس لم تنشر حراره؟!
أمع الذلَّة كِبْرٌ
أم مع الجبن جساره؟!
كيف لا تخشون للأحـ
ـرار في البطش مهاره؟!
يا بني الأوطان هبُّوا
وانقضوا هذي الغَراره
إن وجه الحق بادٍ
كسراج في مَناره
أدركوا الحق فقد شُلـَّ
ـت على الحق الإغاره
لا تسل عنه وزير الـ
ـقوم واسأل مستشاره
فوزير القوم لا يَعـ
ـمل من غير إشاره
وهو لا يملك أمرًا
غير كرسيِّ الوزاره
يأخذ الراتب إما
بلغ الشهر سِراره٤
ثم لا يعرف من بعـ
ـد: خراب أم عماره
حدِّث الناس الـ
ـلؤم عن هذي الخُشاره٥
فلعلَّ الدهر منهم
بدمٍ يغسل عاره
١
الغرارة: الغفلة وقلة الفطنة للشر.
٢
انبتاره: بتره وقطعه.
٣
الدعارة: الفجور والخيانة.
٤
السرار: الظلام الذي لا يظهر فيه القمر آخر الشهر.
٥
الخشارة والخشار: الرديء من كل شيء، وخصَّ اللحياني به رديء
المتاع، وفي البيت خلل، لكن هكذا ورد في الأصل.