التجزئة والاستهداف والمَوضعة ودور التمييز بالعلامة التجارية
هل يمكنك بيع منتَجاتك وخدماتك كلها بلا استثناء للسوق كله ولجميع الزبائن؟ يمكن فعل ذلك مع بعض المنتَجات، وخصوصًا بضائع مثل أنابيب وصلات المياه الرئيسية والفاكهة والخضراوات ومِلح الطعام، بل ينبغي ذلك. لكن غالبية المنظمات تدرك أنها غير قادرة على جذب جميع المشترين بالطريقة نفسها، أو حتى كل مشترٍ على حدة، إلى تلك المجموعة من المنتَجات. فالزبائن مختلفون جدًّا فيما بينهم، كما تختلف دوافعهم ورغباتهم؛ ولذا يُمكن تقسيم الزبائن إلى مجموعات محدَّدة، وتصميم استراتيجيات تسويقية تناسب كل مجموعة. وهذا ما يُسمى بتجزئة السوق واستهدافها. ويمكن تسويق بعض المنتَجات مثل المياه الغازية والخدمات المصرفية تسويقًا شاملًا لأسواق عديدة مختلفة بطريقة شِبه واحدة، مع مجرد إجراء بعض التغييرات البسيطة اللازمة على المزيج التسويقي لجعل العرض مناسبًا لمجموعات مختلفة من الزبائن. فعلى سبيل المثال، تجذب شركة تيسكو مجموعة من شرائح الزبائن المختلفة بتقديم أنواع مختلفة من المنتَجات مثل سلسلة «إيفري داي فاليو» للزبائن المهتمين بالتكلفة، ومنتَجات ذات علامات تجارية شهيرة (مثل منتجات «هاينز» المعلبة أو قهوة «كينكو») للزبائن ذوي الولاء للشركة، وأجود منتجات «تيسكو» التي تستهدف من يطلبون أطعمة لمناسبات خاصة. وعليه، يمكن تسويقُ كثير من أنواع المنتَجات بكفاءة أكبر إذا استهدف المزيج تلبية احتياجات شرائح مختلفة من الزبائن. لكن المهم عند إجراء عملية التجزئة تذكُّر أنك تُقسِّم زبائنك أو عملاءك، وليس مجموعات المنتَجات، إلى شرائح.
ويؤكد خبير التسويق فيليب كوتلر استحالة معرفة أسلوب التجزئة المثالي لكل شركة أو قطاع صناعي، ولكن عادةً ما توجد شرائح عامة أو عريضة تناسب معظم الشركات، كالتجزئة السكانية أو التجزئة الجغرافية أو التجزئة السلوكية. ففي قطاع صناعة الملابس مثلًا، من المرجَّح تجزئة الزبائن مبدئيًّا إلى رجال ونساء، ثم تجزئة كلا القِسمَين السكانيين على أساس العمر. ومن ثَم، يمكن للمورِّدين التركيز على ملابس الرجال أو النساء أو الأطفال، وأن يصبحوا متخصصين ومشهورين بتوريدهم إحدى هذه المجموعات. فمع أنَّ متجر «ماركس آند سبنسر» للبيع بالتجزئة يعرض أزياءً رجالية ونسائية وملابس أطفال، فإنَّ سُمعته في الواقع مبنية على أزياء النساء، التي تُعَد أحد أقسامهم الرئيسية. ومن أنواع التجزئة الأخرى التجزئة وَفْق السلوك، كتخصيص ملابس لأنشطة معيَّنة، كالاسترخاء أو الرياضة أو العمل، أو للاحتفالات. وحالما تكمل المنظمة عملية التجزئة الخاصة بها، سيكون بمقدورها عندئذٍ اختيار الشرائح التي ستُحقق فيها النجاح الأكبر؛ لأنها تملك المهارات والموارد اللازمة لتقديم عرض تنافسي.
سنتناول أيضًا في هذا الفصل أهمية إنشاء علامات تجارية تميِّز شركة أو مجموعة منتجات في السوق عن نظائرها المنافسة، وندرك قيمة ذلك للمنظمة بوجه عام. تُعد العلامة التجارية أحد الأصول غير الملموسة للمنظمة، وتجسِّد القيم التي يمثِّلها النشاط التجاري؛ لأنَّ اسم علامته التجارية مدعوم بسمعته، مثل «شانيل» أو «أفيفا». ولكن ليست المنظمات وحدها هي ما تستطيع إنشاء علامة تجارية؛ إذ يمكن لمنتجات مفردة أو مجموعات المنتجات أو الأفراد، مثل ليدي جاجا، أن يكون لهم صورة خاصة بهم تحمل أسماءهم الشخصية وتُستخدَم كعلامة تجارية. توجد ضجة من الاهتمام البالغ بإنشاء علامة تجارية ذات اسم قوي وصورة قوية، بسبب شيوع اعتقاد على ما يبدو بأنَّ المنتج، بدون علامة تجارية قوية، لن يكون له وجود في السوق؛ وبذلك لن يستطيع تمييز نفسه عن المنتجات المنافسة أو جعل الزبائن متعلقين به. وبالطبع يوجد العديد من العلامات التجارية الشهيرة التي ميَّزت نفسها بنجاح كبير. ومن أنجح المنظمات التي ترتكز على العلامات التجارية شركتا أبل وكوكاكولا، ولكن توجد منتَجات كثيرة تُباع بنجاح دون وجود علامة تجارية كبيرة، مثل الملابس التي لا تحمل اسم علامة تجارية أو الحليب (مع أنَّ حتى هذا يُسوَّق الآن على أنه «علامة تجارية خاصة» في المتاجر الكبرى أو الأسواق المتخصصة). سوف نستكشف ماهية العلامة التجارية وكيف يمكن إنشاء علامات تجارية، بالإضافة إلى تناول الروابط بين إنشاء العلامة التجارية وعملية التجزئة.
ما المقصود بالتجزئة؟
يمكن تحديد شرائح جديدة حيث توجد فجوات في السوق يمكن استغلالها. فقطاع صناعة السيارات مثلًا حدَّد إحدى وعشرين شريحةً قابلة للتعريف في أوروبا، كالسيارات العائلية، والسيارات الرياضية ذات المقعدَين، وسيارات الدفع الرباعي الصغيرة المتعددة الاستخدامات. لكن العديد من شركات صناعة السيارات الكبرى تختار عدم التنافس في كل شريحة، وتكتفي باختيار الشرائح التي تستطيع أن تنافس فيها منافسة تحقِّق أفضل النتائج. فعلى سبيل المثال، تُركِّز شركة جاجوار/لاند روفر وشركة بورش أساسًا على استهداف شرائح مميزة، لكنها تقسِّم هذه الشريحة المميزة إلى عروض للأعزاب أو العزباوات، والعائلات، وفاحشي الثراء، والمديرين التنفيذيين. وتستهدف كل منظمة هذه المجموعات المحدَّدة بمزيج تسويقي مختلف يتضمن ميزات وفوائد مختلفة تلبِّي احتياجات الشريحة المستهدَفة. فشركة مرسيدس-بنز وشركتا أودي وبي إم دبليو الألمانيتان الأُخريان لتصنيع السيارات نجحت في استهداف جمهور أصغر سنًّا بوضع مزيج تسويقي، وعرضِ منتَج جديد لا يقوض قيمة علامتها التجارية المتميزة، لكنه يروق لسائقي جيل الألفية والجيل إكس. ولفهم كيفية تحقيق ذلك، يلزم الحصول على معلومات دقيقة من أبحاث التسويق لتحديد متطلبات هذه الفئات بدقة.
طرق التجزئة
لقد ذكرنا بالفعل بعض معايير التجزئة السكانية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالنوع والسن. ويمكن أن نضيف إلى هذين التوصيفين شرائح الدخل والمرحلة العمرية للزبائن، مثل المراهقين أو الأسرة الشابة أو من يعيش أبناؤهم البالغون بعيدًا عنهم أو المتقاعدين. ويجب على المسوقين تجنُّب التعميم الزائد، فيمكن مثلًا لقطاع المتقاعدين أن يضم عددًا كبيرًا من الرغبات والحاجات، فيشمل أولئك المهتمين بالسفر إلى الخارج، والذين ما زالوا يعملون بدوام كامل، والذين لهم هوايات تأخذ منهم وقتًا طويلًا. وإذا لزم تجزئة السوق بدرجة أدق، يمكن الاستعانة بأنواع أخرى من التجزئة السكانية، كالتجزئة حسب التعليم أو العرق أو المهنة أو الدين أو عدد أفراد الأسرة.
متغير التجزئة | أمثلة |
---|---|
سكاني (توصيف) | |
النوع والسن | ذكر/أنثى/متحول جنسيًّا؛ والفئة العمرية، تتراوح مثلًا بين ١٨ و٢١، أو بين ٢٢ و٣٠، وما إلى ذلك |
الحالة الاجتماعية | أعزب، في بداية الحياة المهنية، أزواج جدد، أسرة يتزايد عدد أفرادها، في منتصف العمر، متقاعدون |
الطبقة الاجتماعية | عاطل، مهنة لا تتطلب مهارة، مهنة تتطلب مهارة، وظيفة مكتبية، محترف |
التعليم | حتى سن ١٦ عامًا، شهادة جامعية، شهادة دراسات عليا، مؤهلات مهنية |
شريحة الدخل (في السنة) | أقل من ٢٠ ألف جنيه إسترليني، من ٢١ ألف جنيه إسترليني إلى ٣٥ ألف جنيه إسترليني، من ٣٦ ألف جنيه إسترليني إلى ٥٠ ألف جنيه إسترليني، أكثر من ٥١ ألف جنيه إسترليني |
جغرافي | |
المكان | القارة، البلد، المنطقة، حضري أم ريفي |
جيوديموغرافي | نوع السكن السائد؛ كأن يكون مساكن مستأجرة، أو شققًا مملوكة لسكانها، أو منازل صغيرة أو مساكن مستقلة |
سلوكي | |
المزايا المنشودة | سهولة الاستخدام، الجودة، الحالة، الأداء |
المناسبة أو العادة الشرائية | شراء للنفس، شراء متكرر، هدية، تغيير العلامة التجارية |
الاستخدام | استخدام متكرر، استخدام متخصص، استخدام عرَضي |
التصورات والمعتقدات | السمعة، تلبية المتطلبات، الرضا |
سيكوجرافية (على أساس العوامل النفسية) | |
نمط الحياة | رائد لأحدث صيحات الأزياء أو الأفكار، محافظ، مبتكر، مستقر، مصمم |
التصور عن الذات | مُجرِّب، مثقَّف، قائد، مُغامِر |
الشخصية | انبساطي، انطوائي، حازم، سهل الانقياد |
تُستخدم التجزئة الجغرافية عندما يكون من المهم أخذ الظروف الثقافية والبيئية المختلفة في الحسبان لتقديم أفضل عرض للسوق. يمكن أن تكون التجزئة الجغرافية واسعة جدًّا، فيكون التقسيم على مستوى القارات أو المناطق، أو مقصورًا على الدول أو المقاطعات أو المدن. ومن الممكن أيضًا تقسيم الشرائح الجغرافية بحسب الحاجات والرغبات المشتركة؛ فعلى سبيل المثال، قد تُقسِّم منظمة لبيع الملابس الشرائح حسب الظروف الجوية، وتستهدف جميع المناطق المعتدلة المناخ، أو قد تستهدف شركة جوتشي البلدان التي تُقدِّر الطراز الإيطالي مثل اليابان أو الصين أو الولايات المتحدة.
أمَّا التجزئة السيكوجرافية، فتتناول عناصر الطبقة الاجتماعية والشخصية ونمط الحياة للمساعدة في اختيار مجموعات من العملاء ذوي حاجات مماثلة. وتعتمد المعايير المختارة على القطاع الذي ينتمي إليه المنتَج المُسوَّق وتمييزه بميزة تنافسية، لكن الهدف العام هو تحديد الأشياء المهمة لنمط حياة هذه المجموعة من الزبائن. ولعل أحد الأمثلة على ذلك هو التوجه المتزايد إلى جعل الأنشطة البشرية أكثر حفاظًا على البيئة، وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب على تأجير السيارات ومشاركتها بدلًا من شرائها، وهذا يتيح فرصة لابتكار عروض جديدة لمورِّدي وسائل النقل، لا سيما في المدن. وتتسم شريحة الزبائن المرتبطة بهذا التوجه بأنها تضم زبائن واعين بالنقاشات المعنية بكيفية تعزيز الطابع الأخلاقي و«الحفاظ على البيئة»، ومشاركين فيها، لكنهم أيضًا قادرون على دفع ثمن العروض المتميزة. وتتيح هذه الشريحة المستهدَفة فرصةً جديدة للعديد من قطاعات الصناعة المختلفة، من بينها قطاع صناعة الأغذية والملابس والبناء والنقل بالطبع.
هذا وتعكف شركات السياحة منذ فترة طويلة على تقسيم عملائها حسب سماتهم الشخصية، بما في ذلك الباحثون عن المغامرة، أو أولئك الذين يطلبون مستوًى عاليًا من الراحة، أو الزبائن الذين يحتاجون إلى الترفيه، أو من يفضِّلون الارتجال العفوي فيما يفعلونه أثناء العطلات. وكذلك يجزِّئ المسوِّقون زبائنهم على أساس قيم العلامة التجارية، ويُحدِّدون شرائح قائمة على عوامل نفسية، وهذه أحيانًا ما تُسمَّى بقبائل العلامة التجارية؛ أي الأشخاص المهتمون بأي شيء مرتبط بهذه العلامة التجارية المعيَّنة. فماكدونالدز مثلًا لها أتباعها، وكذلك نايكي ولاكوست، وهؤلاء الزبائن لن يفكروا في العروض المقدَّمة من الشركات المنافِسة. وفي سوق الهواتف المحمولة، تحظى كلٌّ من أبل وسامسونج وهواوي بقبائل مرتبطة بعلامتها التجارية. وفي هذا الصدد، يوجد بحثٌ مثير للاهتمام أجْرَته كيت ديلينباخ بالتعاون مع جوي باركنسون وجين كريسيانوس عن كيفية استجابة السكان للتخطيط للكوارث، وكشف عن وجود أربع شرائح واسعة: (أ) شريحة «غير المستعدين وغير المهتمين» الذين لن يشاركوا في التخطيط للكوارث إلا إذا شُجعوا أو أُجبروا على ذلك من مؤثرين خارجيين، (ب) شريحة «الأمر صعب للغاية» الذين يدركون الحاجة، لكنهم لن يشاركوا إلا إذا خُفِّفت العوائق، (ج) شريحة «مستعدون لكنهم يستطيعون فعل المزيد» الذين يستجيبون للرسائل الموجَّهة، لكنهم لن يأخذوا إجراءً استباقيًّا، (د) شريحة «المُدرِكون المهتمون المستعدون» الذين ينشرون الرسالة ويساعدون في التحضير. ومن ثَم، فتحديد هذه الشرائح وخصائصها سيساعد المخططين في الحصول على استجابة أسرع وأكثر إيجابية من السكان المهدَّدين بكارثة معيَّنة.
إذا كانت التجزئة النفسية تقسِّم السوق على أساس سمات الشخصية، فإن التجزئة السلوكية تستخدم استجابات العملاء لمنتَجٍ ما من أجل تقسيم السوق بطريقة مختلفة. وتُعَد التجزئة السلوكية أداة قوية؛ لأنها تسعى إلى تقسيم العملاء إلى مجموعات بناءً على المزايا التي يبحثون عنها والاستخدام والمكانة التي يمنحهم إياها استخدام منتَج معيَّن. فبعض أنواع التجزئة السلوكية مبنية على مناسبات بعينها، مثل اختلاف الطقس، أو المواسم، أو الإجازات، أو الاحتفالات. إذ ترتبط بعض المنتجات بموسم الشتاء، من بينها الحساء، أو الملابس المُدفِّئة، أو منتجات التعامل مع الجليد، أو فرش الرمل على الطرق، بينما ترتبط منتجات أخرى بالمناسبات الخاصة مثل رأس السنة الصينية، أو عيد الميلاد المجيد، أو أعياد الميلاد، أو مناسبات الذكرى السنوية.
وتتضمن أنواع طرق التجزئة السلوكية نوعًا آخر شائعًا جدًّا ومرتبطًا بقبائل العلامات التجارية؛ وهو الولاء. فالعديد من المنظمات بَنَت قاعدة عملاء مخلصة بتقديم بطاقات عضوية تمنح الزبائن المخلصين مزايا، كالهدايا المجانية. يُمكن تجزئة السوق تجزئةً سلوكية، وقد اتجهت العديد من شركات الطيران إلى التجزئة المبنية على درجة الولاء. فشركة الخطوط الجوية البريطانية مثلًا قسَّمت عملاءها إلى شرائح فرعية حسب عدد مرات سفرهم على خطوطها. وصارت تمنح أعضاءها بطاقات ولاء برونزية وفضية وذهبية بناءً على عدد مرات سفرهم على خطوطها والمسافة التي يسافرونها. توفر الشركة مزايا مختلفة لكل مجموعة على أمل إغراء الزبون للانتقال إلى المجموعة الأعلى بإظهار ولاء أكبر.
يستخدم معظم المسوِّقين طرق تجزئة متعددة المستويات لمحاولة تحديد شرائح جديدة أكثر تركيزًا يُحتمل أن تكون مُربحة للغاية، واستهداف تلك الشرائح. ويتضمن قطاع صناعة الملابس مثالًا للتجزئة متعددة المستويات. إذ يمكن أن تكون التجزئة الأولى مبنية على عوامل جغرافية؛ لأنَّ المناطق المختلفة لها ظروف مناخية وثقافات مختلفة تؤثر بشدة في استخدام الملابس. وبعدئذٍ يمكن إجراء تجزئة سكانية بتقسيم السوق حسب الجنس والعمر والدخل. ويمكن أن يُبنى المستوى التالي من التجزئة على أساس الخصائص السلوكية، كالغرض من ارتداء هذه الملابس مثلًا؛ ويمكن إجراء مستوًى آخر من التجزئة على أساس عوامل نفسية، من خلال تحديد سمات الشخصية أو أنماط الحياة التي قد تجذبك إلى أنواع معيَّنة من الملابس. وهكذا تمارس كل منظمة في قطاع صناعة الملابس عملية التجزئة الخاصة بها لتحديد الشرائح الرئيسية التي تتماشى مع نقاط قوتها ومواردها؛ حتى تتمكن من تصميم استراتيجية تسويقية تستهدف كل شريحة على حدة بنجاح، مثلما تُلبِّي شركة كريستيان ديور أو شركة جيفنشي احتياجات زبائن الأزياء الراقية، بخلاف شركة بربري أو باربور التي تستهدف زبائن أكثر اهتمامًا بالملابس ذات الطابع الريفي.
التجزئة في حالة التسويق بين الشركات
في التسويق بين الشركات، تُطبَّق أساليب التجزئة بطريقة مختلفة عن تلك المستخدَمة في الأسواق الاستهلاكية. فأسواق التسويق بين الشركات تتَّسم بعدد صغير نسبيًّا من الزبائن الذين يشترون المنتَجات لاستخدامهم الخاص أو لإعادة بيعها أو لدمجها مع منتَج آخر. وأيًّا كان الغرض، فإنَّ المشترين في العمليات التجارية بين الشركات يشترون نيابةً عن منظمة وليسوا عملاء فرديين؛ ولذا فإن المتغيرات النفسية والسكانية ليست مناسبة هنا. والأهم من ذلك أن قرارات الشراء بين الشركات عادةً ما لا يتخذها شخص واحد أو أسرة صغيرة، بل تتخذها وحدة صنع القرار الرسمية (انظر الفصل الرابع)، التي تتكون من مشاركين ذوي مصلحة في القرار وخبراء في مجالهم. ويقال إنَّ المشترين في العمليات التجارية بين الشركات أكثر عقلانية لأنهم غير مهتمين اهتمامًا شخصيًّا بالقرار، وإن منتجات العمليات التجارية بين الشركات يُمكن أن تكون أكثر تعقيدًا.
تستند الخصائص العامة التي يشيع استخدامها لتجزئة أسواق التعامل بين الشركات إلى خصائص المنظمات (تُسمى أحيانًا التجزئة الكلية) وسلوكياتها الشرائية (تُسمى أحيانًا التجزئة الجزئية). ويمكن للمسوقين اعتماد ثلاثة أنواع من خصائص المنظمات لتقسيم السوق تقسيمًا عامًّا: الموقع الجغرافي، ونوع المجال الذي تتخصص فيه، وحجم الشركة. فاستخدام خصائص الموقع الجغرافي للتجزئة يتيح تشكيل مزيج تسويقي يتوافق مع اختلافات المناطق في ممارسات الشراء والسعر، بناءً على فرضية أن البلدان المتجاورة بينها العديد من السمات والحاجات والسلوكيات المشتركة. ولكن من الممكن أن تختلف بعض البلدان المتجاورة اختلافًا كبيرًا في جوانب أساسية كالثقافة واللغة والاقتصاد. وتظهر هذه الاختلافات في العديد من البلدان في أوروبا؛ لذا من المرجَّح أن تكون متطلبات الشراء وسلوكياته في ألمانيا مثلًا مختلفة تمامًا عن تلك الموجودة في فرنسا أو إسبانيا. وعليه، ينبغي أن تُضاف العوامل الثقافية والاقتصادية إلى التجزئة الجغرافية الأساسية، وهذا يُمكن أن يؤدي إلى الجمع بين عمليات التسويق في دول أمريكا الجنوبية وعمليات التسويق في بعض دول جنوب أوروبا التي تشترك معها في بعض أوجه التشابه (كاللغة والتاريخ).
أمَّا تجزئة السوق حسب نوع المجال فلها فوائد واضحة؛ لأن كل مجال يُشكَّل بما يُلبي احتياجًا معيَّنًا للزبون، كالمعدات الرياضية لصالات الألعاب الرياضية، أو الشركات التي تقدم خدمات السفر لأغراض الأعمال التجارية. وتتوافق متطلبات مشتري المعدات الرياضية مع احتياجات المشترين الآخرين للنوع نفسه من المنتجات. ويمكن استخدام هذه التشابهات لتشكيل العروض المناسبة لكل شريحة. ويُعَد استخدام التجزئة بحسب نوع المجال مفيدًا في تقسيم السوق تقسيمًا أوليًّا، ولكن قد يَلزَم إجراء مزيد من التجزئة للسوق بناءً على نوع المنتج أو استخدامه. ففي مجال صناعة المعدات الرياضية مثلًا، قد يكون المزيج التسويقي الذي يخصِّصه المورِّدون لمشتري المعدات الرياضية من المراكز الرياضية مختلفًا عن المزيج التسويقي المخصص لمشتريها من مراكز الترفيه بالفنادق.
وأمَّا التجزئة على أساس حجم المنظمة، فتسمح للمسوِّق بتكييف تسويقه مع عمليات الشراء ذات القيمة الكبيرة التي تُجريها المنظمات الكبيرة أو السلاسل التي تعمل من مواقع متعدِّدة، على عكس سلوكيات الشراء ذات القيمة الصغيرة التي تمارسها المنظمات الصغرى. وبالإضافة إلى هذه التجزئة الأساسية وفق الحجم، سيتوجَّب على بعض المنظمات تلبية الاحتياجات الفردية لمنظمات كبيرة جدًّا أو متعددة الجنسيات؛ لأن هؤلاء الزبائن سيتطلبون نهجًا مخصصًا لأنهم يشترون منتجات باهظة الثمن ومعقَّدة، أو يشترون كميات كبيرة جدًّا (بل من المحتمل أن يشتروا كل مخزون المورِّد من منتَج معيَّن)، كشراء الصلب لتصنيع السيارات ومركبات أخرى، على سبيل المثال.
عندما تكون التجزئة العامة الكلية لأسواق التعاملات بين منظمات الأعمال غير كافية لتحديد شرائح واضحة ذات حاجات مُحدَّدة، فمن الممكن إضافة معايير التجزئة الجزئية. وتقوم الطريقة الأكثر شيوعًا لإجراء التجزئة الجزئية للمشترين في سوق التعاملات بين منظمات الأعمال على مزيج من المزايا المطلوبة، وسلوكيات الشراء، وشخصية الزبون؛ لأنَّ هذه الخصائص تحدِّد كيفية تعامُل المسوِّق مع الزبون. ولإنشاء شرائح محدَّدة بناءً على معايير التجزئة الجزئية هذه، تطلق بعض المنظمات اسمًا مميزًا على كل شريحة، مثل الأتباع المحافظين (أولئك الذين يحافظون على العلاقات الحالية مع مورِّديهم)، أو الانتهازيين (الذين يتفاوضون مع مجموعة من البائعين للحصول على ميزة مؤقَّتة)، أو المُقيِّمين (الذين يُقيِّمون مورِّديهم بانتظام للتيقن من الكفاءة والجودة). وقد ابتُكر نهج التجزئة المُكوَّن من مرحلتين، الكلية والجزئية، للتعامل مع الحاجة المعقَّدة إلى الاستجابة لمزيج عمليات صنع القرار المنظماتية والفردية في أسواق التعامل التجاري بين الشركات.
الاستهداف أو التوجيه
يتمثل التسويق الموجَّه في اختيار الشرائح التي تتيح أكبر فرصة ممكنة للربح، ووضع استراتيجية تسويقية تكتيكية لكل مجموعة. فعلى سبيل المثال، ابتكرت شركة جان بول جوتييه عطرَين موجَّهين بوضوح إلى شريحتين مختلفتين، أحدهما للرجال (لو مال)، والآخر للنساء (كلاسيك). وقد صُمِّم المزيج التسويقي لكلٍّ من هذين المنتَجين بهدف جذب شريحة معيَّنة. فشكل الزجاجة إمَّا رجالي وإما نسائي، ومحتواها له رائحة مناسبة؛ لذا فإن الاستهداف يركِّز على تقديم عرضين واضحين من عروض القيمة المقترَحة. لكنَّ بحث الشركة توصل إلى أنَّ احتياجات شريحة الأزواج الشباب كانت غير مُلبَّاة؛ لذا فمع أن الشركة تبيع منتجين، فإنها في الواقع تستهدف شريحة واحدة؛ الأزواج الشباب. وهكذا فإن عملية التسعير والتوزيع والإعلانات مشتركة؛ لأن المنتجين يُسعَّران ويُروَّج لهما ويُعرَضان معًا، وهو ما يجعل المنتَجَين سلعةً مزدوِجة.
هذا ويوجد أربعة أنواع من استراتيجيات التوجيه، وهي غير المتمايز والمتمايز والمركز والمخصص (يُسْتَخدم في الغالب في التسويق بين الشركات). يتمثل التسويق غير المتمايز في أن تستهدف الحملة التسويقية السوق بالكامل، وتركز على تلبية الحاجات المشتركة لدى جميع عملائها. ومن الأمثلة الجيدة على التسويق غير المتمايز الحملة التسويقية العالمية لشركة كوكاكولا. فالمنتَج يُقدَّم إلى جميع الأسواق والشرائح بالطريقة نفسها. ويُوزَّع المنتَج من خلال قنوات متعدِّدة (في أي مكان قد يحتاج الناس فيه إلى مشروبات غازية)، في شكل عبوات فردية، أو ست عبوات معًا، أو زجاجات كبيرة، أو من خلال مِضخَّة. وتُعَد بنية التسعير متشابهة جدًّا في كل الأسواق مع بعض الاختلافات نتيجةً للظروف الاقتصادية المحلية. وكذلك تستخدم الشركة نفس الرسائل الترويجية، على غرار جملة («طريقة ممتعة لإرواء عطشك»)، والشعارات والقصص في كل أنحاء العالم.
أما حملات التسويق المتمايز، فهي مصمَّمة لبيع المنتَج بطريقة تجتذب كل شريحة من الشرائح المستهدَفة المحدَّدة. ومن الواضح أن مضاعفة جهود التسويق تؤدي إلى تكاليف تسويقية أعلى من تكاليف التسويق غير المتمايز أو المركز، ولكن من شأنها أن تُسفر عن عائدات وأرباح أعلى في المجمل. ويتضمن قطاع صناعة السيارات مثالًا جيدًا للعروض المتمايزة. فشركة فورد تُصنِّع مجموعة مختلفة من السيارات قائمة على منصة عامة. فسيارة «فورد فيستا» وسيارة «إيكو-سبورت» مصمَّمتان لتلبية احتياجات شريحتين مختلفتين من الزبائن. إذ تستهدف «فيستا» السائقين العزاب أو الأصغر سنًّا أو الأُسر الشابَّة، بينما تستهدف «إيكو سبورت» الزبائن الذين يتسم نمط حياتهم بأنه «حضري تنافسي صاخب»؛ وذلك بأنها أعلى ارتفاعًا عن الأرض، ولها مظهر حيوي حماسي. هذا وتتبنى بعض المنظمات استراتيجية مركزة لعرض منتجاتها. فسيارات شركة بنتلي مثلًا تخدم المستهلكين الأثرياء أصحاب الدخل العالي فقط؛ وبذلك لا تخدم المستهلكين المهتمين بالأسعار أو الباحثين عن القيمة. ويتضح هذا من استراتيجيتها التسويقية وأنواع المنتجات التي تُقدَّم إلى السوق.
وأمَّا التسويق المخصص، فهو تصميم المزيج التسويقي لجذب عملاء فرديين. وعادةً ما يُستخدم هذا النوع من الحملات التسويقية في أسواق التعامل التجاري بين الشركات، حيث تكون الطلبات المُكتسَبة تعاقدية، وغالبًا ما تكون طويلة الأجل، وعادةً ما تكون عالية القيمة. فعلى سبيل المثال، تصمِّم شركة سيمنز أجزاء مكونات إلكترونية وتُشكِّلها لجذب كبار مصنعي السيارات، لكنها بعدئذٍ تسوِّق عرضها لكل زبون على حدة، بناءً على احتياجات الزبون، لتوفير حل يتماشى مع متطلباته.
المَوضعة
لوضع المنتَج في مكانته المنشودة داخل ذهن الزبون بنجاح، يحتاج المسوِّقون إلى بناء صورة واضحة للعرض وفوائده ومميزاته. وتُبرِز عملية المَوضعة اختلاف هذا المنتج عن منتجات المنافسين. فعلى سبيل المثال، اتخذت شركة نورث فيس موضع التخصص في إنتاج الملابس العصرية الأنيقة في سوق الملابس المصنوعة من خامات متينة مناسبة للطقس الرطب، على خلاف شركتَي روهان وماونتن إكويبمنت المنافستين لها. وفور ترسيخ الموضع المنشود، يصبح هذا الموضع مفهومًا تسويقيًّا قويًّا وأساسًا لجميع الرسائل التسويقية ورسائل العلامة التجارية ذات الصلة. وتكون هذه العملية مصحوبة ببيان قوي يوضح قيمة المنتج للسوق، والقيمة التي يُتوَقَّع أن يقدِّمها هذا المنتج مقارنةً بالمنتجات المنافسة. لكن ما يعيب إنشاء بيان قوي هو أنَّ تغييره يصبح صعبًا جدًّا حالما يُرسَّخ. فعلى سبيل المثال، أرادت شركة الخطوط الجوية البريطانية تغيير صورتها إلى صورةٍ أبهج وأزهى ألوانًا؛ لذا طلت ذيول طائراتها بتصميمات مبهجة، وغيَّرت بيانات الدعاية الخاصة بها. فجاء رد فعل جميع زبائنها سلبيًّا؛ لأنهم شعروا بأن ذلك يضر «الطابع البريطاني» للعلامة التجارية.
تتسم المَوضعة الناجحة بأربع خصائص:
-
الوضوح: مجموعة مميزة من القيم المرتبطة بهذا العرض فقط.
-
الاتساق: دائمًا ما تكون القيم واضحةً طوال تفاعلات الزبائن مع النشاط التجاري.
-
المصداقية: أن تكون عملية المَوضعة والقيم قابلة للتصديق.
-
التنافسية: تتفوق قيمك على قيم منافسيك من حيث تلبية احتياجات الشريحة.
يُعَد عرض القيمة المقترَحة وعدًا بالمزايا التي سيجري تقديمها وإيصالها والحصول عليها من خلال التفاعل مع منتج أو علامة تجارية معيَّنة، ويكون مدعومًا ببيان المَوضعة. ويعتمد وضع عرض القيمة المقترَحة على تقييم الفوائد المحتمَلة للعرض مقابل التكاليف المرتبطة به (القيمة = الفوائد − التكاليف). وفي هذا الصدد، أوضح مايكل لانينج وإدوارد مايكلز، اللذان كانا يعملان في شركة ماكينزي، أنَّ عرض القيمة المُقترَحة عبارة عن بيان ينقل مزايا واضحة وقابلة للقياس، ويمكن إثباتها إلى زبون عَرض النشاط التجاري، ويمكن إيصال ذلك أيضًا من خلال العلامة التجارية للمنظمة (انظر الفصل الرابع). ولذلك، يربط المُسوِّق العروض بالحلول التي يبحث عنها الزبائن، ويكون ذلك مدعومًا بالعلامة التجارية للمنظمة أو مجموعة المنتجات. فعلى سبيل المثال، يشير اسم العلامة التجارية لشركة إنتل إلى أن الشريحة الداخلية التي توفرها إنتل داخل الكمبيوتر تتفوق على المنتجات المنافسة لها؛ ومن ثَم فهي إضافة منشودة إلى منتج الشركة المُصنِّعة.
ما هو التمييز بالعلامة التجارية؟
يرتبط إنشاء العلامة التجارية بخلق سمة ثلاثية الأبعاد للنشاط التجاري أو السلع أو الخدمات يصعُب على المنافسين تقليدها أو الإضرار بها، وإيصال تلك السمة إلى الزبائن. والعلامة التجارية ليست مجرد شعار أو اسم، بل هي كل ما تفعله المنظمة. وهي أيضًا وعد والتزام تجاه العملاء؛ ولذا يجب أن تكون الشغل الشاغل للمنظمة ككلٍّ. وتُمثِّل العلامة التجارية ثقافة المنظمة؛ لأنها مبنية على القيم المهمة لها. وكذلك فالعلامة التجارية تساعد المنتج أو المنظمة على التميز في السوق، وتخلق انطباعًا دائمًا في أذهان زبائنها من أجل تعزيز ظهور المنظمة. والهدف من التمييز بعلامة تجارية هو الإشارة إلى التجربة والمزايا التي سيتمتع بها الزبون أثناء التعامل مع عروض تلك المنظمة.
يكمُن هدف العلامة التجارية في إنشاء هُوية وشخصية للعلامة التجارية، مدعومتَين بالمزيج التسويقي. وتتكون هُوية العلامة التجارية من عناصر تُسهِّل التعرف عليها كالشعار والألوان والشعارات اللفظية. أما شخصية العلامة التجارية، فهي صفاتها المميزة، كأن تكون دافئة، أو ودودة، أو اجتماعية، أو مبتكرة. وتُعد شركة «كوكاكولا» واحدة من أكفأ منظمات العالم في التسويق القائم على العلامة التجارية. صحيح أنَّ منتج الكولا (أو المشروب الغازي) الأساسي لا يحمل سوى اختلاف طفيف. لكن «كوكاكولا» مميزة تمامًا من خلال هوية علامتها التجارية، التي تتمثل في الاسم واللون الأحمر والحروف المميزة على العبوة والشعار وشكل الزجاجة، وما يصاحبها من إعلان عن شخصيتها (صورتها) الاحتفالية، وتعبيرها عن قيم المجتمع الأمريكي. وكذلك يُجسِّد مشروب «إيرن برو» الغازي مثالًا جيدًا آخر لهوية العلامة التجارية. فهو يوصِّل قيمه إلى الزبائن من خلال إبراز مذاقه المميز وشعاره ولونه البرتقالي الزاهي، بالإضافة إلى شخصيته وتراثه الاسكتلنديين، وإيحائه بأنه يمنح القوة من خلال كلمة «إيرن» (التي تعني الحديد) في اسمه. ويمكن أن تساعد العلامات التجارية الناجحة على التعريف بالمنتج، وخَلْق ولاء لدى الزبائن، وتسهيل التسعير المتميز، بالإضافة إلى المساعدة على الدفاع عن وضع المنظمة وسط منافسيها.
الترتيب | العلامة التجارية | القيمة (مليون دولار أمريكي) |
---|---|---|
١ | أبل | ٢٣٤٢٤٠ |
٢ | جوجل | ١٦٧٧١٣ |
٣ | أمازون | ١٢٥٢٦٣ |
٤ | مايكروسوفت | ١٠٨٨٤٧ |
٥ | كوكاكولا | ٦٣٣٦٥ |
٦ | سامسونج | ٦١٠٩٨ |
٧ | تويوتا | ٥٦٢٤٦ |
٨ | مرسيدس-بنز | ٥٠٨٣٢ |
٩ | ماكدونالدز | ٤٥٣٦٢ |
١٠ | ديزني | ٤٤٣٥٢ |
وكذلك فالعلامة التجارية القوية تتيح فرصة لتوسيع نطاقها؛ إذ تُضاف مجموعات منتجات أخرى إلى محفظة العلامة التجارية. فعلى سبيل المثال، اشتهرت شركة كولجيت بإنتاج معجون الأسنان، لكنها الآن أصبحت تُصنِّع أيضًا غسول الفم وفرش الأسنان باستخدام اسم العلامة التجارية نفسه. وفي هذا الصدد، يدور جدلٌ حول أقصى حدٍّ مناسب لتوسُّع العلامة التجارية. فشركة دايسون مثلًا نجحت في توسيع علامتها التجارية من المكانس الكهربائية لتشمل مجفِّفات الأيدي ومجفِّفات الشعر والمراوح المحمولة. وتقع جميع هذه المنتجات في مجال تصنيعي واحد، وهو إدارة الهواء؛ لذا يبدو التوسع ناجحًا، ولكن ماذا سيحدث إذا أنتجت الشركة ملابس «دايسون» أو دراجات «دايسون»؟ سيتعين على دايسون أن تقرِّر ما إذا كانت العلامة التجارية مناسبة لهذه المجموعات من المنتجات أم لا، وإذا واصلت استخدام اسم العلامة التجارية نفسه، فهل ستقل قيمتها أم لا؟
وفقًا لفيليب كوتلر، توصِّل هوية العلامة التجارية معنًى له أربعة مستويات مختلفة:
-
(١)
السمات؛ هذه هي العلامات التي ترغب الشركة في الارتباط بها، كاللون الأحمر والكتابة بخط معيَّن بالنسبة لشركة كوكاكولا.
-
(٢)
الفوائد؛ هذه هي الروابط العاطفية التي أنشأتها العلامة التجارية بين المنظمة والزبون أو المستهلِك. وفي حالة شركة «كوكاكولا»، تتمثل تلك الرابطة في مشروب مُنعِش ومُمتِع.
-
(٣)
القيم؛ هذه هي القيم الأساسية للعلامة التجارية أو المنظمة، مثل الكفاءة، أو الجدارة بالثقة، أو دعم القضايا البيئية، أو اتخاذ موقف أخلاقي. وفي حالة شركة كوكاكولا مثلًا، فهي جديرة بالثقة وأمريكية.
-
(٤)
الشخصية؛ هذه هي الشكل الذي كانت العلامة التجارية ستظهر به لو كانت شخصًا، كأن تكون مثيرة، أو جادة، أو مجتهدة، أو مثقفة، أو مبتكرة. وفي حالة شركة كوكاكولا، تتسم الشخصية بأنها احتفالية.
وهكذا فعندما تُستخدم هذه الجوانب الأربعة معًا، تبعث برسالة فعالة إلى الزبائن والمنافسين عمَّا تمثِّله المنظمة أو المنتج، وسبب أفضليته على العروض الأخرى في السوق. لكنَّ فيليب كوتلر نوَّه أيضًا إلى أنَّ المنظمة حالما تُنشئ علامةً تجارية قوية، فإن هذه العلامة تحتاج إلى عناية مستمرة وتحديث حتى لا تتضاءل قيمها بمرور الوقت، وتظل جذَّابةً في مواجهة المنافسات الجديدة والمزعزعة. لمزيدٍ من المعلومات عن إنشاء العلامة التجارية، طالِع كتاب «إنشاء العلامة التجارية: مقدمة قصيرة جدًّا».